موقع 24:
2025-06-17@07:49:10 GMT

الدُّول الرَّخْوة.. وأكْل الأسود

تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT

الدُّول الرَّخْوة.. وأكْل الأسود

تنتابُ دول كثيرة ـ خاصَّة المنتميّة للعالم الثالث ـ مخاوف من أن تصبح دولاً رخوة، نتيجة التحولات الاقتصادية والسياسية الكبرى والمفاجئة على المستوى العالمي، وتلك المخاوف مشروعة لكنها ليست مبررة، ذلك لأن تلك الدول كانت قادرة على تفاديها بتوفير الاحتياجات الأساسيّة لشعوبها، وتجنّب الفساد أو القضاء عليه، وعدم السماح باحتكار الموارد من جانب طبقة رجال الأعمال، ورفض احتكار السلطة لدى فئة من السياسيين، وبالعمل على سيادة القانون، واستنهاض وتشجيع مؤسسات الدولة للقيام بدورها.

نجد الفساد في الدول المتخلّفة مهدّداَ لوجود الدولة نفسها

على صعيد الخطاب السياسي، وما يتبعه من ترويج إعلامي، تعترف الدول، بما فيها المتقدمة منها، بانتشار الفساد على نطاق واسع، لكن يقع الاختلاف بينها في نسبته والنظر إليه، ففي الوقت الذي نجده مهدّداً في الدول المتقدمة لتطبيق القانون والعدالة وحقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية بشكل عام، نجد الفساد في الدول المتخلّفة مهدّداَ لوجود الدولة نفسها، التي غالبا ما تنتهي بسبب ذلك إلى انهيار كامل، على النحو الذي آل إليها بعض الدول الأفريقية والآسيوية، ودول في أمريكا اللاتينية، وحتى دول عربية. 

وتعرف الدول الرخوة، أو التي ستصبح كذلك قريباً، أن فشلها نابع من أمرين، الأول: داخلي، ويتمثل في انتشار الفساد، كما سبق الذكر، والذي يتسبب غالباً في الفقر والجوع والمرض، لعدم توفر الغذاء والدواء، الأمر الذي يحول دون الوصول إلى مجتمعات الكفاية.

والثاني: خارجي، يظهر في سيطرة الأقوياء على أسواق العالم، وهذا من خلال تحكمهم في رأس المال والسلع والتقدم العلمي والتكنولوجي، ووسائل الاتصال المتطورة، أي أنهم يتحكمون في كل شيء تقريبا.

ويحدث هذا كله في ظل رؤى عالمية، تنظر إلى دول العالم من زاوية انهاء الحدود الجغرافية نتيجة العولمة، على أن يكون التداخل الجغرافي لصالح المجتمعات الرأسمالية، كونها هي القادرة على فرض قيمها ومشاريعها ورؤيتها ضمن تنظير يطرحه كتابها، ومنهم على سبيل المثال الكاتب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، الذي تحدث منذ سنوات في كتابه "العالم المسطّح" The World Is Flat‏ عن آفاق الحرية الاقتصادية العالمية،  حيث رأى أن العالم أصبح مسطّحاً، وأن الحدود بين الدول لم تعد ذات أهمية، وأن التداخل بين الحدود أصبح كاملاً، وصارت كل الشعوب تعيش في عالمٍ واحد.

رؤية فريدمان هذه، إذا نظرنا إليها من زاوية الواقع سنجدها تشكل حضوراً إجباريّاً للعولمة، والتي بدت بعد سنوات من تعميمها لصالح الاقتصادات الكبرى، وفي الوقت ذاته تدفع الدول الرخوة نحو ضياع أكيد، وهذا يظهر في رصده لأسباب رؤيته للعالم اليوم على أنه مسطح، ومنها، قوله: "الانتقال إلى ما وراء الشواطئ، الركض كالغزلان والأكل كالأسود"، وتلك إحدى التجليات الكبرى للتوحش الرأسمالي العابر للحدود.

وبالعودة إلى تفسير عبارة "الركض كالغزلان والأكل كالأسود"، نجد توماس فريدمان يوضح لنا ما يقصده، بقوله:".. حيث يمكن لصاحب أيّ مشروع أن ينشئ مشروعه في البلاد ذات التكلفة الرخيصة في العمل والموارد، لكي يكسب ويحقق أرباحاً كبيرة، وهو ما يكشفه توجه كبرى الشركات العالمية إلى الصين".

الحال تلك موجودة اليوم، وإن كانت لا تزال في بدايتها، حيت توجه عدد من دول العالم الثالث إلى الخروج من دائرة "الدولة الرخوة"، باستغلال العمالة الرخيصة في الدول القريبة منها جغرافيّاً وثقافيّاً وقوميّاً، والتي تعاني تغير الاقتصاد العالمي، وشروط المؤسسات المالية، ومنها بوجه خاص البنك الدولي.

إذن، نحن أمام سيادة "تجربة أكل الأسود الرأسمالية"، والتي لم تُجْدِ معها المحاولات المبذولة في زمن السلم لتفادي مصير الدولة الرخوة، فما بالك ونحن في زمن الحرب، وما يرافقه من فساد في ظل مواصلة الدعوة إلى أمان يصعب تحقيقه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الاقتصاد فی الدول

إقرأ أيضاً:

كابوس لوجستي..أمريكي يزور جميع بلدان العالم للتأقلم مع الوسواس القهري

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عانى كاميرون مفيد من اضطراب الوسواس القهري (OCD) منذ طفولته، لكن ساعده السفر حول العالم على التأقلم مع ذلك.

وجد مفيد، وهو من مدينة سان دييغو الأمريكية، أنه كان يُعيد تشغيل المحادثات في ذهنه، ويُحللها بشكلٍ مُفرط، أو يشعر بحاجة كبيرة إلى الشعور باليقين.

لكن الشعور "بالتحرّر" الذي رافقه عند ركوب طائرة والسفر إلى وجهة جديدة جعله يؤمن بأنّه يستطيع "التعايش مع عدم اليقين".

قال مفيد لـCNN : "يتغذى اضطراب الوسواس القهري على التحكم في بيئتك، وروتينك، ونتائجك، لكن عندما تُواجه حدودًا فوضوية، أو تنام على الأرض، أو تُحاول فهم الأمور في بلدان لا تتحدث لغتها، كل هذه الأمور تُجبرك على التخلي عن السيطرة. إنه أمر مُزعج، ولكنه مُحرِّر في الوقت ذاته".

هدف ضخم ختم كاميرون مفيد رحلته إلى كل دول العالم في كوريا الشمالية، حيث التُقطت له هذه الصورة.Credit: Courtesy Cameron Mofid

ذَكَر مفيد أنّ الحالة النفسية التي يعاني منها، وتُعرِّفها "مايو كلينك" بأنّها "نمط من الأفكار والمخاوف غير المرغوب فيها تُعرف بالهواجس"، يمكن أن تهيمن على أفكاره وأفعاله بطرق مُرهقة ويصعب تفسيرها، إذ قال إنّ "السفر أصبح طريقتي للتأقلم. كان مهربًا في البداية، لكنه تحول لاحقًا لشكلٍ من أشكال الشفاء".

من ثمّ حوّل السفر الشاب إلى مُحطم أرقام قياسية عالمية، إذ خطرت له فكرة السفر إلى جميع دول العالم أثناء التعامل مع اضطراب الوسواس القهري خلال جائحة "كوفيد-19".

صورة لمفيد في أفغانستان.Credit: Courtesy Cameron Mofid

في أبريل/نيسان عام 2025، أكمل الأمريكي، وهو من أصول إيرانية ومصرية، رحلته لزيارة جميع الدول والأقاليم الـ 195 المُعترف بها من قِبل الأمم المتحدة، بعد أن سافر على متن طائرة إلى كوريا الشمالية مع بعض أصدقائه المُقربين.

أوضح مفيد أنّ قرار زيارة جميع الدول كان بمثابة طوق نجاة خلال فترة عصيبة عندما كان اضطراب الوسواس القهري لديه "خارجًا عن السيطرة".

وقال: "كنتُ أستخدم حاسوبي وأبحث عشوائيًا عن عدد الأشخاص الذين زاروا جميع الدول".

سرعان ما أدرك أن الرقم القياسي العالمي المُسجّل في موسوعة "غينيس" كأصغر شخص يُنجِز هذا المغامرة كان بحوزة شاب يبلغ من العمر 21 عامًا، لكنه كان مؤهّلًا لتجاوز الرقم القياسي المُعتمد من منصة " NomadMania" على الإنترنت، والتي تشترط التفاعل مع السكان المحليين وزيارة معالم ثقافية أو جغرافية في كل دولة حتى تُحتسب ضمن الإنجاز.

شعرَ مفيد، الذي عمل سابقًا في مجال التسويق، بالإلهام، فأنشأ شركةً لتسويق الفعاليات لكسب ما يكفي من المال لتحقيق هدفه، ومَنَح نفسه مهلةً مدتها ثلاث سنوات لبدء التحدي.

"كابوس لوجستي"

أنشأ مفيد "جدول بيانات ضخمًا" ضمّ تفاصيل لا حصر لها للرحلات الجوية والمسارات العديدة الممكنة، بالإضافة إلى التأشيرات العديدة التي سيحتاج إلى الحصول عليها.

وصف الشاب الأمريكي الأمر بـ"كابوس لوجستي"، موضحًا أنّه اختار مجموعة الرحلات الجوية والمسارات "التي كانت الأنسب من الناحية المالية".

بدأ مفيد رحلته بالدول المحيطة بأوروبا، إذ اعترف بأنّه أراد أن يصل تدريجيًا إلى "الدول شديدة الخطورة"، من خلال البدء بالدول التي يشعر براحة أكبر في السفر إليها.

بعد زيارته لنيجيريا في عام 2023، أسّس مفيد منظمة غير ربحية تحمل اسم "Humanity Effect" لدعم الأطفال في مجتمع قرية "ماكوكو" العائمة. Credit: Courtesy Cameron Mofid

بهدف خفض التكاليف قدر الإمكان، استخدم مفيد الحافلات الليلية، وأقام في أماكن سكن منخفضة التكلفة.

خلال زيارته إلى نيجيريا، الدولة رقم 115 ضمن قائمته، في يناير/كانون الثاني من عام 2023، زار الأمريكي قرية عائمة تُدعى "ماكوكو"، وتأثر بتجربته للغاية لدرجة أنه أسّس منظمة غير ربحية تُدعى "Humanity Effect"، لدعم الأطفال في المجتمع.

لم تخلُ رحلته من التحديات بالتأكيد.

بعد سفره إلى الجزائر على سبيل المثال في أبريل/نيسان من عام 2024، أصابه مرض شديد لدرجة أنّه لم يستطع النهوض من سريره لمدة 15 ساعة.

يُقر مفيد بأنّ هذه كانت على الأرجح اللحظة الوحيدة خلال الرحلة التي فكّر فيها جديًا بالاستسلام.

النجاحات والإخفاقات كانت الجزائر من بين وجهات مفيد المفضّلة.Credit: Courtesy Cameron Mofid

مقالات مشابهة

  • تقرير: العالم يتجه نحو سباق تسليح نووي جديد
  • كامل إدريس قرب اضانك جاى
  • الحوثيون يدعون دول العالم لمساندة إيران في وجه إسرائيل
  • كيف تتعامل الدول العربية مع التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية؟
  • كابوس لوجستي..أمريكي يزور جميع بلدان العالم للتأقلم مع الوسواس القهري
  • تقرير "مخيف" عن الدول التسع المسلحة نوويا.. ماذا يحدث؟
  • تقييم إسرائيلي: إيران حاولت ضرب خاصرة تل أبيب الرخوة
  • ما المبلغ الذي سيحصل عليه الفائز بكأس العالم للأندية 2025؟
  • وزير الدفاع الباكستاني: إيران ليست وحدها
  • مفتي الهند يدعو لاحترام سيادة الدول ورفض كل أشكال الهيمنة