قال الشيخ الدكتور عبدالله الجهني، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن اللسان عضو من أهم أعضاء الجسد، وهو من نعم الله تبارك وتعالى العظيمة على عباده امتن بها عليهم فهو ترجمان الأفكار والقلوب.

أصل الخير كله 

وأوضح “ الجهني” خلال خطبة الجمعة الأولى من جمادي الأولى من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن  به يُعَبِّرُ الإنسانُ عن مَكنونِ نَفْسِه، ويُظهِرُ ما يَحويه قَلبه وعَقلُه ونَفسه من الخَير أو الشَّرّ، ومِن الإيمان والكُفرِ، وغَيرِ ذلك من دواخل الإنسانِ.

ونبه إلى أننا قد أُمِرنا بإمساكِ اللِّسانِ عنِ السُّوء والشَّرّ، وكَفَّ اللسان وضبطه وحبسه هو أصل الخير كله، ومن ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه، وما لم يستخدم العاقل لسانه فيما يرضاه الله تعالى من الكلام كان وبالًا وحسرة على صاحبه يوم القيامة، منوهًا بأن من أبلغ الوصايا وأقيمها وأجلها وأنفعها، حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا.

وتابع: فرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول : اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا»، مؤكدًا أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا الكلام الذي تظهر المصلحة فيه.

السنة الإمساك عنه

وأشار إلى أنه متى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه قال صلى عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»، محذرًا من أعظم آفات اللسان العظيمة القول على الله بغير علم والكذب والغيبة والنميمة والبهتان وقذف المحصنات الغافلات.

وأفاد بأن زلة من زلات هذا العضو الصغير قد تؤدي بالإنسان إلى الهلاك والعطب، فليحذر العاقل مما يجري به لسانه ، من انتهاك حرمات المسلمين ، وإساءة الظن، والطعن بالنيات ، والخوض بالباطل فيهم.

وأضاف أن عليه التعود على حفظ لسانه من الوقوع في القيل والقال، حينئذ سيعتاد عليه ويستقيم أمره، ويسهل عليه التحكم في لسانه وينجو من شرّه ولو أن عبدًا اختار لنفسه ما اختار شيئًا أفضل من الصمت.

وأردف : ورحم الله امرأ حفظ عن اللغو لسانه، وعن النظر المحرم أجفانه، وعن سماع الملاهي آذانه، وعمر أوقاته بالطاعات وساعاته بكتب الحسنات وتدارك بالتوبة النصوح ما فات، قبل أن يصبح وجوده عدمًا، وصحته سقمًا، وعظامه رفاتًا وحياته مماتًا في برزخ لا يبرح من نزله حتى يلحق آخر الخلق أوله .

 واستطرد : فحينئذ زلزلت الأرض زلزالها ، وأخرجت الأرض أثقالها، وجوزيت الخلائق بأعمالها ، ووفيت جزاء كسبها وأفعالها ، فطوبى لعبد قال خيرًا فغنم ، أو سكت عن الشر فسلم، لافتًا إلى أن من محاسن إسلام المسلم وتمام إيمانه ابتعاده عما لا يخصه ولا يهمه ولا يفيده وما لا يفيده من الأقوال والأفعال، وعدم تدخله في شؤون غيره.

وأكد أنه ينبغي عليه الحذر من المعاصي والفواحش ما ظهر منها وما بطن، فالعباد مجزيون بأعمالهم، ومحاسبون على أقوالهم وأفعالهم وكفى بالله محصيًا أعمال عباده ومجازيًا لهم عليها .

وبين أن  رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان أفصح العرب لسانًا، وأوضحهم بيانًا، وأعذبهم نطقًا، وأسدهم لفظًا، وأبينهم لهجة، وأقومهم حجة، وأعرفهم بمواقع الخطاب، وأهداهم إلى طرق الصواب، تأييدًا ولطفًا إلهيًا ، وعناية ربانية ، ورعاية روحانية، ولم يكن فاحشًا متفحشًا ولا لعانًا ولا طعانًا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام الدكتور عبدالله الجهني

إقرأ أيضاً:

الخير بالجايّات

#الخير_بالجايات

د. #هاشم_غرايبه

أزعم أن الليلة الماضية، بما حملته من مشاهد الصواريخ الإيرانية وهي تهطل بغزارة فوق بقاع مختلفة من الكيان اللقيط كانت الأروع، وتمثل حلما جميلا طالما راود نفوس أبناء الأمة.
مبعث الغبطة ليس الفرح بمقتل بشر، ولا بتدمير منشآت، فالمؤمن لا يفرح بمصاب أصاب انسانا ولا حتى كائنا حيا، ولا يبتهج لمنظر الدماء ولا الحرائق، بل هو يتمنى الخير للجميع، مؤمنهم وكافرهم، ويحب أن يعم الأرض السلام وتعمرها المحبة.
لكن ما لاقته الأمة طوال القرن الماضي من عنت وظلم نتيجة عدوان أعداء الله عليها، وأطماعهم بمقدراتها، لم يبق في قلوبهم مكانا للفرح، ولا أتاح لنفوسهم السكينة يوما واحدا طوال تلك الفترة العصيبة، فأصبحوا يتمنون لعدوهم أن يذوق ولو لمرة واحدة ما يذوقونه يوميا، لعله يرتدع ويعود عن ظلمه.
الدمار الذي يرونه لبيوت المدنيين الآمنين في القطاع، والتشريد المتتالي لقاطنيها، يؤلم القلوب الآدمية مهما كانت جنسيتها وعقيدتها، لكنه لم يحرك قلوب القطعان البشرية التي تشكل مواطني الكيان اللقيط، بل يطالبون قادتهم السفاحين بالمزيد …فهل هؤلاء بشر حقيقة!؟.
لذلك كانت مناظر الدمار في بعض الأماكن في الكيان اللفيط مفرحا للنفوس، ليس محبة بالخراب، بل ليذوقوا بعض الذي يذيقونه لغيرهم يوميا، لعلهم يرتدعون أو يقتنعون أنه لا يدوم الظلم طويلا.
السؤال الآن للذين يقيسون الأمور بمقاييس مادية صرفة ولا يؤمنون بأن الله موجود يراقب ويدبر، أو أنه موجود لكنه غافل عما يفعله الظالمون: كيف تفسرون وفق فهمكم هذا التصويب الدقيق للصواريخ الإيرانية، رغم أنهم محرومون من تقنيات تحديد الهدف عن طريق الأقمار الصناعية التي توجه الصاروخ أو المسيرة بدقة لا تتعدى الأمتار القليلة!؟.
هل يمكن أن يتم ذلك بالصدفة المحضة، ولو كان كذلك لنجح في مرة أو مرتين، ولكننا كنا نرى عشرات الصواريخ القادمة من مسافة 1800 كم ومن مواقع إطلاق مختلفة تسقط جميعها في نقطة واحدة محددة.
ولأنهم لن يجدوا الإجابة المقنعة، فساتولى تقديمها:
واضح أن الإيرانيين قد تمكنوا من تجاوز وتحييد القدرات التقنية الهائلة للعدو، التي تمكنه من الاكتشاف المبكر لاطلاق الصاروخ والمكان المتوجه إليه، لأجل اعتراضه قبل وصوله هدفه، فرغم أن فاعلية هذه الدفاعات عالية، إلا أنه أمكن تقليل فاعليتها عن طريق إغراق الفضاء بعدد كبير وفي آن واحد.
هذا يثبت أمرين: أولهما أن العلماء الإيرانيين قد تمكنوا من تطوير القدرات التقنية لتلك الصواريخ بجهودهم الذاتية، وهذا يثبت عقم محاولات الغرب المستعمر لإبقاء فجوة تقنية هائلة بين الكيان اللقيط والعالم الإسلامي، فالمؤمن بما حباه الله من هدى جعله مميزا عن الضالين الذين لا يعقلون في قدراته الفردية، والدليل على ذلك ما نجده في الغرب من أن أغلب العلماء اللامعين فيه هم من أصول إسلامية.
لذلك ورغم قلة الإمكانيات بسبب الحصار الاقتصادي والعلمي، واغتيال العلماء بشكل ممنهج، فقد أثبت العلماء الإيرانيين قدراتهم التي أبهرت العالم.
أما الأمر الآخر: فهو أن الله لا يتخلى عن نصرة عباده المؤمنين، حتى ولو ضلوا وانحرفوا عن صراطه المستقيم، فمبدأ “ما رميت إذ رميت لكن الله رمى” حاضر دائما وفي كل منازلة مع أعداء الله، فتجد أن المقاتل يبذل جهده في التصويب، ويرمي مكبرا، فتتصيب الرمية العدو في مقتل، وتجد العدو يمتلك السلاح الدقيق والأقوى، فيرمي، لكن كثيرا من رمياته لا تحقق المراد.
رأينا ذلك الأمر يوم 7 اكتوبر، عندما حققت المقاومة الاسلامية نتائج باهرة، وخارقة للحسابات البشرية المادية، فرغم التباين الهائل في القدرات والمعدات بين المقاوم المهاجم والعدو المتحصن، فقد خسر العدو في ساعتين آلاف القتلى والجرحى، وأكثر من 250 أسيراً، ثم أثاب الله المجاهدين صبرا فثبت أقدامهم وحماهم، فلم يتمكن عدوهم من دحرهم ولا أسر حمساوي واحد، رغم مرور 600 يوم على أشرس عدوان عرفه التاريخ البشري.
نستخلص مما سبق أن هذا الأمة لا تهزم، وهي ليست بحاجة للسلاح النووي لتستعيد كرامتها، ما تحتاجه فقط همة بسيطة ونية مخلصة من قادتها، والذين لو أعدوا ما أمرهم الله بإعداده، لرأيت الكيان اللقيط ينهار في ساعات، فقد كشف الله لنا جبنهم: “لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ” [الحشر:14].

مقالات ذات صلة السلوك الجمعي الاردني وطبيعة تعامله مع خطورة الحرب المفتوحة للآن.. 2025/06/15

مقالات مشابهة

  • علي جمعة يكشف عن أخبث مهالك اللسان فى أيامنا هذه وكيف ينجو المسلم منها
  • ضيوف الرحمن يطعمون حمام الحرم في ساحات المسجد الحرام (فيديو)
  • خشوع وسكينة في المسجد الحرام.. المعتمرون يؤدون مناسكهم بيسر وطمأنينة
  • «دليل المُصلي» بسبع لغات في مصليات المسجد الحرام
  • رئاسة الشؤون الدينية تحتفي بالفائزين بمسابقة القرآن الكريم لحجاج بيت الله الحرام
  • الخير بالجايّات
  • علي جمعة: اللسان مرآة القلب ومصدر الهلاك أو النجاة
  • تقديم تجربة مريحة للقاصدين وتسهيل حركة المصلين.. 1.2 مليون مستفيد من الفرق الراجلة بالمسجد الحرام
  • السديس: «شؤون الحرمين» بصدد إطلاق أكبر وأضخم مشروع قرآني عالمي من نوعه في المسجد الحرام
  • علي جمعة: لسانك مفتاح الجنة أو سبيل الهلكة