يرى خبراء أن مذكرتي الاعتقال اللتين أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وضعتا القانون الدولي على المحك، ومنحتا الدول العربية فرصة إثبات جديتها في السعي لوقف الحرب.

ويرى المدعي العام السابق للجنائية الدولية لويس أوكامبو وعضو مجلس العموم البريطاني جيرمي كوربن والأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، أن قرارات المحكمة تعيش لحظة حرجة بسبب ازدواجية المعايير التي باتت مفضوحة وخصوصا من جانب الولايات المتحدة ودول أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا والمجر.

كما يرى هؤلاء أن اجتماع دول مجموعة السبع في روما بحثا عن آلية للتعامل مع هاتين المذكرتين يكشف محاولات حماية نتنياهو، ويقولون إن الوقت بات مُواتيا للدول العربية والإسلامية وخصوصا مصر والأردن ودول منظمة "أوبك" المصدرة للنفط لاتخاذ مواقف لوقف الحرب إن كانت جادة في هذا الأمر.

فقد أكد أوكامبو -خلال مشاركته في الوقفة التحليلية "مسار الأحداث"- أن اجتماع دول السبع مهم جدا لأن قرارات الجنائية الدولية ليست فقط تهديدا لنتنياهو وإنما هي جرس إنذار حقيقي لإنهاء الحرب ووقف عملية التجويع في قطاع غزة.

لحظة مناسبة لوقف الحرب

وقال أوكامبو إن رفض الولايات المتحدة لتنفيذ قرارات المحكمة سيدفع الدول للامتناع عن تطبيقها، مؤكدا أن القاهرة وعمّان والدول العربية المنتجة للنفط يمكنها الضغط على الحلفاء الغربيين وخصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا لإجبار إسرائيل على وقف الحرب.

ولفت المدعي العام السابق للمحكمة إلى أن دول السبع ليست بحاجة للبحث عن آلية للتعامل مع مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت لأنها موقّعة على ميثاق روما ومن ثم فهي ملزمة بتطبيق هذه القرارات بشكل فوري.

كما أن هذه الدول مطالبة بالعمل على وقف كافة أشكال الدعم التي تصُب في صالح تسليح إسرائيل أو تسهيل تسليحها لأنها ستكون متورطة في جريمة الإبادة بناء على قرارات الجنائية الدولية الأخيرة، كما يقول كوربن الذي أكد أن وقف تسليح تل أبيب يمثل أحد أهم التداعيات التي ستترتب على مذكرتي الاعتقال.

وأكد أوكامبو أن العالم "يعيش بداية حقبة جديدة؛ لأن المعايير المزدوجة أصبحت مفضوحة بسبب ترحيب واشنطن وحلفاء إسرائيل الغربيين بقرار اعتقال الرئيىس الروسي فلاديمير بوتين ثم رفضهم قرار اعتقال نتنياهو"، مشيرا إلى أن الموقف من القانون "لا بد وأن يكون واحدا تجاه العدو والصديق".

وخلص المدعي العام السابق للجنائية الدولية إلى أن الدول العربية والإسلامية يمكنها الآن عقد تحالف مع الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب الذي يرفع شعار أميركا أولا لدفعه باتجاه التخلي عن حماية نتنياهو لإجباره على وقف الحرب، مؤكدا أن ترامب "قادر على اتخاد قرارات غير متوقعة من هذا النوع".

نتنياهو يتوسط رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (يمين) ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت (وكالات) دول غربية تحاول حماية نتنياهو

الرأي نفسه، ذهب إليه عضو مجلس العموم البريطاني جيرمي كوربن بقوله إن الطريقة الوحيدة للتعامل مع قرارات الجنائية الدوية هي تنفيذها من جانب كافة الدول الموقعة على ميثاق روما، مضيفا أن هذا "التزام وليس خيارا".

وقال كوربن إن هذه المذكرات "كشفت الفجوة بين الولايات المتحدة وأوروبا بشأن إسرائيل"، معتبرا أن هذا الوضع "يزيد من عزلة إسرائيل دوليا".

وقال إن على المملكة المتحدة "وقف تزويد إسرائيل بالسلاح أو تسهيل وصول الأسلحة إليها عبر قاعدتها في قبرص وإلا فستكون متورطة في هذه الجرائم".

لكن كوربن أبدى قلقه من أن الدول الموقعة على قانون روما "تواصل القول إن الأمر يعتمد على الظروف القانونية المحلية لكل بلد"، مضيفا "هذا ليس صحيحا، لأنه يجب تطبيق القرار بشكل فوري وليست هناك حاجة لعقد مناقشات تحاول حماية نتنياهو".

اختبار لجدية العرب

وفي السياق، قال الدكتور مصطفى البرغوثي إن مواقف الدول العربية والإسلامية "لن تؤخذ على محمل الجد خصوصا بعد قرار الجنائية الدولية ما لم تقطع علاقاتها مع نتنياهو وتوقف التطبيع لإثبات جدية رفضها لهذه الجريمة".

وأكد البرغوثي أن على هذه الدول أن "تبلغ واشنطن والغرب بأن مصالحهم تتوقف على موقف عاجل يجبر نتنياهو على وقف هذه الجريمة، وإلا فإنها لن تكون جادة في حديثها عن ضرورة وقف ما يحدث في غزة".

ورغم ضبابية الموقف الدولي من تطبيق قرارات الجنائية الدولية، فإن البرغوثي يرى أن مذكرات الاعتقال "أثرت جدا على نتنياهو وأربكته لأنه أصبح مطلوبا في أكثر من 124 دولة، وأثبتت وقوع جريمة الإبادة".

ولفت إلى أن "كل قادة جيش الاحتلال سيصبحون مطاردين وربما يحاكمون على ما قاموا به وهذا هو مكمن الخطر"، لكنه قال إن هذا الأثر النفسي "ليس كافيا، دون تطبيق عقوبات رادعة وعاجلة على إسرائيل".

كما لفت البرغوثي إلى أن هذا القرار "قد يساعد في التعجيل بصدور قرار من محكمة العدل الدولية بوقوع جريمة الإبادة وهذا ما يُقلق الدول التي ساعدت إسرائيل وخصوصا أميركا وألمانيا".

ووصف الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية هذه القرارات بأنها "بداية نهاية كل مشروعات نتنياهو السياسية"، معربا عن اعتقاده أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "قد ينتهي به الحال في قفص المحكمة أو مصابا بالجنون بعدما أصبح منبوذا ولم يعد صالحا لقيادة إسرائيل التي جعلها كيانا منبوذا أيضا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة الجنائیة الدولیة قرارات الجنائیة الدول العربیة حمایة نتنیاهو لوقف الحرب وقف الحرب على وقف إلى أن

إقرأ أيضاً:

بلجيكا تحيل جنديين إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب

أشارت "جيروزاليم بوست" إلى أن الجنديين ربما لم يعودا في بلجيكا، حيث غادرا إلى هولندا بعد فترة وجيزة من استجوابهما وإطلاق سراحهما من قبل الشرطة البلجيكية. اعلان

كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن قضية الجنديين الإسرائيليين اللذين اعتقلتهما السلطات البلجيكية خلال مهرجان "تومورو لاند" (Tomorrowland) قد تم إحالتها رسمياً إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، وفق ما أعلنت النيابة الاتحادية البلجيكية يوم الأربعاء.

ووفق التقرير المفصل الذي نشرته الصحيفة، تلقت النيابة الاتحادية البلجيكية شكاوى رسمية في 18 و19 يوليو 2025 ضد الجنديين – يُعتقد أنهما من كتيبة "غيفعاتي" في الجيش الإسرائيلي – من منظمة "هند رجب".

واتهمت المنظمة الجنديين بالمشاركة في "التدمير المنهجي للبنية التحتية المدنية في قطاع غزة"، و"ارتكاب جرائم جماعية ضد السكان الفلسطينيين"، مشيرة إلى تورطهما في" جرائم تعذيب، واحتجاز غير قانوني، وتدمير متعمد للمنازل والمستشفيات"، فضلاً عن "شن هجمات مباشرة على المدنيين".

Related هل تستطيع الجنائية الدولية فرض تطبيق أوامر الاعتقال الصادرة عنها؟عقوبات ترامب على الجنائية الدولية تشلّ عمل المحكمة والمدعي العام يفقد بريده الإلكترونيرغم قرار المحكمة الجنائية.. ميرتس يدعو نتنياهو لزيارة برلين

وبعد تحليل الشكاوى، قررت النيابة الاتحادية البلجيكية إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدة أن القرار يأتي "تماشياً مع السعي لتحقيق الإعمال السليم للعدالة، ووفقاً للالتزامات الدولية لبلجيكا، كما هو منصوص عليه في المادة 14/10 من القانون الجنائي الإجرائي السابق".

رداً على القرار، علّقت منظمة "هند رجب" بـ"تشجيع حذر"، لكنها انتقدت بشدة عدم اتخاذ "إجراءات أعمق" من قبل السلطات البلجيكية. وقالت المنظمة في بيان أصدرته الأربعاء: "في رأينا، كان ينبغي ألا يقتصر الأمر على اعتقال المشتبه بهم فحسب، بل كان ينبغي احتجازهم، ثم محاكمتهم في بلجيكا أو تسليمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وأضافت: "لدى بلجيكا الأساس القانوني والمسؤولية للقيام بذلك. إن التفسير الحالي لاختصاصها، في رأينا، محدود بشكل غير ضروري".

وطالبت المنظمة المحكمة الجنائية الدولية بـ"التحرك دون تأخير، وإصدار أوامر بالقبض على المشتبه بهم".

وأشارت "جيروزاليم بوست" إلى أن الجنديين ربما لم يعودا في بلجيكا، حيث غادرا إلى هولندا بعد فترة وجيزة من استجوابهما وإطلاق سراحهما من قبل الشرطة البلجيكية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • محللون: نتنياهو يرفض إنهاء مشكلة التجويع
  • لوموند تكشف ضغوطا غير مسبوقة على الجنائية الدولية لحماية إسرائيل
  • محللون: تهديدات الضم تكشف مأزق نتنياهو في الحرب على غزة
  • بلجيكا تحيل جنديين إسرائيليين إلى الجنائية الدولية.. شاركا بجرائم الإبادة في غزة
  • السودان.. الجنائية الدولية تتسلم ملف جرائم الدعم السريع في دارفور
  • بلجيكا تحيل جنديين إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب
  • بلجيكا تحيل على الجنائية الدولية اتهامات بجرائم حرب ضد إسرائيلييْن
  • المنظمة الدولية للشرطة الجنائية تمنح وزير الداخلية وسام “الإنتربول” من الطبقة العليا
  • ويتكوف يصل إسرائيل للقاء نتنياهو وزيارة غزة
  • محللون إسرائيليون: الجيش يطيل أمد الحرب ويعاقب الرافضين العودة لغزة