محمد بن عيسى البلوشي

المتوجه إلى ولاية نزوى وسوقها القديم، وتحديدًا الزائر لحارة العقر التي أضحت أيقونة سياحية واقتصادية بفضل أهلها الذي كانوا وما زالوا محافظين على أعمالهم وتجارتهم، يُسجِّلُ في طريق عودته إعجابًا بما يُقدمه شباب ولاية نزوى من صورة مشرقة للعمل الاقتصادي؛ فالمؤسِّس والمُشَغِّل للمشروع عُمانيون، وهنا يتجلى المشهد في أسمى معانيه.

أتذكرُ دعوة المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- في أحد لقاءاته الوطنية في مجالس الشورى المجتمعية المفتوحة "بشائر السيوح"، حول أهمية قيام شبابنا بتنفيذ المشاريع التجارية الصغيرة وتوظيف "الذي ما عنده"، حتى تتكامل الدورة الاقتصادية الصحيحة. وهنا أسجل أنَّ أهل نزوى ومن حولها كانوا من أوائل من لبى هذا النداء الوطني، والزائر إليها يجد الشواهد حاضرة اليوم.

النموذج الاقتصادي والتجاري المتكامل والمتجانس للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في ولاية نزوى (صاحب المشروع عُماني، والذي يعمل في المشروع عُماني، والذي يقدم المنتج النهائي عُماني، والذي يزود المشروع باللوجيستيات عُماني)، يدعونا إلى أن نفكر مليا كيف لنا أن نكرر الفكرة في بقية ولايات ومحافظات سلطنة عُمان.

 

ربما يتطلب هذا الأمر الخروج من دوامة التفكير القائم على أن المخاطر تحديات دائمة، إلى النظر أن "الاقتصادات القائمة على المشاريع التي تنطوي على عنصر المخاطرة والخروج من دائرة التقليد إلى فضاء الإبداع من خلال تطبيق الأفكار الجديدة والعمل على تحويلها إلى مشاريع استثمارية خلاقة وذات قيمة مضافة وربحية عالية، وفي نفس الوقت تسهم في خلق الفرص بتوفير وظائف للشباب" كما يقول عبدالرحمن يحيى في مدوناته.

وإسهامات الأنشطة السياحية والثقافية والتاريخية والاقتصادية والاستثمارية التي تنفذها المحافظات في مختلف الفترات تسهم بشكل كبير في زرع فكرة ريادة الأعمال، وذلك لما تقدمه الأنشطة من فوائد مباشرة وغير مباشرة للحركة الاقتصادية التي تصاحبها، فبلا شك أن النشاط سيتطلب وجود مؤسسات تعمل على تنفيذه، وأيضا سيستصحب ذلك توافد للحضور والجمهور من أماكن متعددة والذي سيخلق معه فرصًا لا حصر لها من الحراك الاقتصادي.

وأعتقدُ أن أحد السبل الأساسية لتطور المجتمع ودعم الباحثين عن العمل، هو تشجيع المحافظات ومنها الولايات على خلق مشاريع تجارية واقتصادية واستثمارية صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر في مختلف المجالات والتخصصات، وتوجيه جميع مؤسسات الدولة الى تسهيل الإجراءات وتبسيطها أمام الشباب الجادين في الأخذ بها، وتسليح الشباب بالمهارات والإمكانات اللازمة، وعلى شبابنا الأخذ بزمام المبادرة بكل جدية وحزم، وعلى أفراد مجتمعنا الدعم والتشجيع والتمكين، في سبيل إيجاد اقتصاد عُماني قائم على الكادر العُماني 100%.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ابتكار عُماني ينجح في تطوير «حشوة» متوافقة مع أنسجة الأسنان

العُمانية: نجح فريق ابتكاري من كلية عُمان لطبّ الأسنان في تطوير حشوة سنية باستخدام أسمنت بورتلاند العُماني المعزّز بصفائح نانوية كربونية، لتُصبح أول مادة تجمع بين القوة الفائقة والتوافق الحيوي الكامل مع أنسجة الأسنان، ما يفتح آفاقًا جديدة في علاجات طب الأسنان على المستوى العالمي.

وقالت ملاك بنت خليفة الحارثية، عضو الفريق البحثي «Pulp49»، لوكالة الأنباء العُمانية: إن فكرة الابتكار انطلقت من ملاحظة أنّ الحشوات التقليدية غالبًا ما تفتقر إلى الجمع بين «القوة» و«التوافق الحيوي»، وهو ما دفع الفريق إلى ابتكار مركب جديد يُحقق هذه المعادلة الصعبة.

وأضافت أنّ المركب عبارة عن حشوة سنية صُنعت عبر دمج الأسمنت العُماني بصفائح الجرافين، ما أسفر عن حشوة ذات كفاءة ميكانيكية عالية وتوافق حيوي كبير، الأمر الذي أدى إلى ترميم الأنسجة المحيطة بالأسنان بوضوح وفي وقت قصير.

وأشارت إلى أنّ تطوير المركب استغرق نحو خمس سنوات من البحث والتجريب، حيث خضع للاختبار على مستوى الخلايا، ثم على الحيوانات بالتعاون مع قيادة شرطة الخيالة، وهو الآن في المرحلة الثانية من التجارب على البشر، وقد أظهرت النتائج الأوليّة مؤشرات واعدة جدًا.

وحول الفوائد المتوقعة من استخدام هذا المركب في طبّ الأسنان، بيّنت أنّه يُوفر حلًّا فعّالًا من حيث التكلفة، ويُعزز من عمر وكفاءة العلاجات السنية، ما يُمثل تقدمًا كبيرًا في مجال مواد طب الأسنان، ويوفر نتائج محسّنة لكل من المرضى وأطباء الأسنان على حدّ سواء.

وبيّنت أنّ للمركب عدة مزايا، من بينها التوافق الحيوي العالي، إذ يُعزّز دمج الصفائح النانوية الكربونية من التفاعل الإيجابي للمركب مع الأنسجة البيولوجية، كما يدعم خصائصه الميكانيكية، ما يجعله مناسبًا بشكل خاص للتطبيقات السنية في الحالات المعقدة والمستعصية.

وأضافت أنّ من بين مميزات المركب أيضًا دعم الأنسجة لقدرتها على إعادة البناء، إذ يحاكي المركب البيئة المثالية لخلايا البناء الموجودة في الأنسجة المحيطة بالأسنان، ويُعزى هذا الأثر إلى التفاعل التآزري بين خصائص الصفائح النانوية الكربونية وتفاعل أسمنت بورتلاند القائم على أيونات الكالسيوم مع سوائل الجسم الفسيولوجية.

ولفتت إلى أنّ للمركب قدرة عالية على العزل، حيث تُسهم الزيادة في الحجم والخصائص الفريدة للصفائح النانوية في تعزيز قدرته على سدّ الفجوات والفراغات، ما يجعله مثاليًّا للتطبيقات التي تتطلب عوازل محكمة أو مقاومة للماء.

وأكّدت أنه تمّ اعتماد هذا الابتكار رسميًّا، وحصل على براءة اختراع في سلطنة عُمان، كما تم تسجيله دوليًّا، ويعمل الفريق حاليًّا على إنهاء المراحل النهائية لتطوير الحشوة، بعد حصولهم على الدعم اللازم من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، تمهيدًا لتصديرها إلى الأسواق المحليًة ثم العالميّة.

وحول أبرز التحدّيات التي واجهت المشروع، وضّحت أنّ الفريق واجه العديد من الصعوبات، أبرزها الوصول إلى المقاييس المثالية للحشوة، ما تطلّب عدة جولات من الاختبارات، والتجريب، وتعديل النماذج قبل الوصول إلى الصيغة النهائية المعتمدة.

وأكّدت أنّ الدعم الذي حصل عليه الفريق كان كبيرًا، حيث ساهمت كلية عُمان لطبّ الأسنان في توفير الإمكانيات اللازمة، إلى جانب دعم شرطة الخيالة بشرطة عُمان السُّلطانية، مثمنةّ الدعم المباشر من الدكتور أبو بكر قطيشات، رئيس قسم الدراسات العليا والبحث العلمي والتطوير في الكلية، والدكتورة عايدة الوهيبية، بالإضافة إلى دعم الأهل الذي شكّل دافعًا ومحفزًا كبيرًا لتحقيق هذا الإنجاز.

وحول تأهلها لتمثيل سلطنة عُمان في المعرض الدولي للاختراع والابتكار والتكنولوجيا في ماليزيا 2025، قالت: إنّ هذه المشاركة تُعدُّ فرصة لإبراز قدرات الشباب العُماني ودورهم في تقديم حلول مبتكرة تُعزّز من مكانة سلطنة عُمان عالميًّا، وتُتيح فرصة لتبادل التجارب مع مبتكرين من مختلف دول العالم.

وختمت ملاك بنت خليفة الحارثية، عضوة الفريق البحثي «Pulp49» حديثها بالتأكيد على أن الشباب العُماني قادر على تحقيق إنجازات عظيمة إذا آمن بفكرته ووجّه إبداعه لخدمة المجتمع، خاصة إذا كان الابتكار حقيقيًّا ويُلامس احتياجات الناس ويُسهم في رفعة الوطن.

مقالات مشابهة

  • ابتكار عُماني ينجح في تطوير «حشوة» متوافقة مع أنسجة الأسنان
  • مؤتمر علمي في نزوى يستعرض مستجدات طب الأطفال
  • مؤتمر بمستشفى نزوى يسلط الضوء على قضايا صحة الأطفال
  • أسعار الأضاحي.. بكم كيلو العجول قائم في عيد الأضحى 2025؟
  • بنك نزوى يشارك في تمويل أكبر مشروع لإنتاج مركزات النحاس في عُمان
  • معارض الطاقة أداة استراتيجية لدعم التنمية المستدامة وتعزيز دور الشباب في بناء اقتصاد متجدد
  • غرفة تجارة صنعاء: إعفاء المشاريع الصغيرة خطوة استراتيجية نحو اقتصاد شامل ومتين
  • اقتصاد الظل في السودان: تحالفات الخفاء التي تموّل الحرب وتقمع ثورة التحول المدني
  • سرقة الكابلات الكهربائية التي تغذي حارة المعتوق في بلدة بزبينا
  • رياضة كفر الشيخ تكرم ثاني الجمهورية في تنس الطاولة