الزيارات السلطانية والشراكات الاستراتيجية
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
يواصل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- زياراته الخارجية للدول الصديقة وقبلها الشقيقة منذ توليه الحكم في الحادي عشر من يناير ٢٠٢٠، حيث إن الهدف الأسمى لتلك الزيارات، وهي زيارات دولة؛ تعزيز العلاقات في المجالات المختلفة والتباحث حول عدد من القضايا السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة لتلك الزيارات السلطانية، والتي بدأت الأسبوع الماضي لجمهورية تركيا الصديقة، وحاليا زيارة دولة لمملكة بلجيكا.
تركيا وسلطنة عمان لهما دور دبلوماسي ينطلق من إرثهما الحضاري والعسكري والثقافي، ومن هنا فإن قمة أنقرة بين الزعيمين كانت ناجحة بكل المقاييس، كما أن جملة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تم توقيعها خلال الزيارة السلطانية المثمرة خاصة إنشاء الصندوق الاستثماري المشترك والذي تقدّر أصوله بنصف مليار دولار. كما أن هناك تعاونا في المجال العلمي والطبي والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وفي المجال اللوجستي وفي قطاع السياحة وأيضا في مجال التعليم. ومن هنا فإن جلالته -حفظه الله- ومن خلال زياراته المتعددة للدول الشقيقة والصديقة خلال السنوات الخمس الأخيرة يهدف إلى تقوية أواصر العلاقات العمانية مع تلك الدول وأيضا فتح آفاق أرحب للتعاون الاقتصادي، وهو الملف الأبرز الذي يوليه جلالته جل اهتمامه نظرا لأهمية الاقتصاد لأي بلد يريد تحقيق آمال شعبه، حيث إن ازدهار الشعوب وتقدمها يحتاج إلى اقتصاد قوي ومستدام ماليا واستثمارات واستغلال الميزة النسبية التي تتمتع بها بلادنا على صعيد الموقع الاستراتيجي حيث وجود البحار المفتوحة وهناك مشاريع طموحة قادمة حتى على صعيد صناعة الفضاء وهو قطاع واعد ومهم على الصعيد العلمي والبحثي وهي صناعة استثمارية واعدة، وتستعد سلطنة عمان اليوم لإطلاق الصاروخ العلمي التجريبي «الدقم »١ من منطقة الدقم في إطار برنامج يستهدف ترسيخ صناعة الأقمار الصناعية والعلمية من خلال شراكة استراتيجية بين وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات وإحدى الشركات الوطنية. إن هذا التطور في مجال صناعة الفضاء سوف يكون لها انعكاس داخلي وخارجي؛ حيث إن تأهيل المزيد من الكوادر الوطنية في مجال صناعة الفضاء هو أمر حيوي علاوة على أهمية وجود تخصص حول صناعة الفضاء خاصة في جامعة السلطان قابوس، ولعل الميزة النسبية لمنطقة الدقم تجعلها منطقة مثالية لإطلاق الصواريخ والأقمار الاصطناعية خاصة وأن العام ٢٠٢٥ الذي يترقبه العالم خلال أيام سوف يشهد إطلاق عدد من الصواريخ والأقمار الاصطناعية. على صعيد السمعة الدولية دخلت سلطنة عمان ضمن الدول التي تقدم خدمة إطلاق الأقمار الصناعية خاصة وأن هناك ميناء خاصا بالإطلاق سوف يتم بناؤه في منطقة الكحل في ولاية الدقم، ويعد هذا تطورا نوعيا ليس فقط على صعيد سلطنة عمان ولكن على الصعيدين العربي والدولي وهذا إنجاز عماني نفتخر به جميعا. إن التطور العلمي وممكنات الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا من أهم الخطوات التي يؤكد عليها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- حيث إن الاقتصاد الذي يقوم على المعرفة هو اقتصاد مستدام ويوفر دخلا وطنيا يتعدى دخل الطاقة التقليدية من النفط والغاز، ولعل نموذج تايوان واضح حيث تصنيع شبه الموصلات التي غزت العالم. الزيارة السلطانية إلى مملكة بلجيكا وهي زيارة دولة أيضا تدخل في إطار العلاقات المميزة التي تربط بين البلدين والشعبين الصديقين، وتعد بلجيكا هي عاصمة أوروبا حيث مقر الاتحاد الأوروبي وهو من أهم التكتلات الاقتصادية العالمية، وأيضا بروكسل هي عاصمة حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وترتبط سلطنة عمان ومملكة بلجيكا بعلاقات جيدة وهناك استثمارات مشتركة بين البلدين خاصة من خلال ميناء الدقم علاوة على أهمية الخبرة البلجيكية في المجال الطبي والتقني والعلمي، وعلى ضوء ذلك تأتي الزيارة السامية ولقاء جلالته -حفظه الله ورعاه- مع ملك البلجيكيين وكبار المسؤولين، ولعل موضوع الطاقة المتجددة وتنشيط الجوانب الاستثمارية والتجارية والربط بين موانئ سلطنة عمان ومملكة بلجيكا تعد من الجوانب الحيوية للتعاون المثمر بين البلدين، كما أن التشاور السياسي بين وزارتي الخارجية في البلدين متواصل، كما أن المشاورات حول قضايا المنطقة وضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة هي من الأمور الحيوية لاستقرار المنطقة وضرورة حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧. إن الزيارات السلطانية لعاهل البلاد -حفظه الله ورعاه- تأتي في إطار تعزيز العلاقات مع دول العالم شرقا وغربا وأيضا خلق شراكات اقتصادية وتجارية واستثمارية، ولعل النتائج مبشرة من خلال المؤشرات الإيجابية التي حققها الاقتصاد الوطني خلال السنوات الأخيرة من خلال التصنيف من قبل الوكالات الدولية وخفض الدَّين العام للدولة لأكثر من الثلث وتسجيل فائض في الميزانية العامة للدولة على مدى أربع سنوات متتالية، وهو إنجاز مالي مهم على صعيد استقرار الاقتصاد وتنفيذ البرامج الاجتماعية والتي كان من أهمها صندوق الحماية الاجتماعية الذي يستفيد منه عدد كبير من الأسر والأفراد من المجتمع. إن ملف الاقتصاد والوصول به إلى مستوى قوي ومتين هو الشغل الشاغل لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- علاوة على إيجاد الممكنات التي تجعل من بلادنا سلطنة عمان في المستقبل القريب واحة مميزة للاستثمار وتنشيط بقية القطاعات غير النفطية بشكل أكبر وفق الخطط الخمسية ووفق برامج رؤية سلطنة عمان ٢٠٤٠. حفظ الله عاهل البلاد في الحل والترحال ووفقه لما فيه الخير والنماء والازدهار لبلادنا سلطنة عمان والشعب العماني الكريم. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حفظه الله ورعاه صناعة الفضاء سلطنة عمان علاوة على على صعید من خلال ومن هنا کما أن حیث إن
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان تستضيف بطولة آسيا للمناظرات في نسختها الثالثة الشهر الجاري
نظمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب بالتعاون مع مركز مناظرات قطر ومركز مناظرات عمان اليوم مؤتمرا صحفيا لمناقشة استضافة سلطنة عمان بطولة آسيا للمناظرات باللغة العربية لعام2025 خلال الفترة من 28 أكتوبر إلى 1 نوفمبر في محافظة مسقط، بحضور هلال بن سيف السيابي مدير عام المديرية العامة للشباب بوزارة الثقافة والرياضة والشباب وعبد الرحمن بن إبراهيم السبيعي، مدير البرامج بمركز مناظرات قطر وناصر بن حميد الهنائي، الرئيس التنفيذي لمركز مناظرات عمان ولفيف من وسائل الإعلام والشركاء والمهتمين في مجال المناظرات.
وتؤكد استضافة البطولة الآسيوية للمناظرات باللغة العربية 2025 على الدور المتنامي لسلطنة عمان في دعم المبادرات الشبابية والثقافية ذات الطابع الدولي، وترسيخ حضورها كمنصة للحوار والتلاقي الفكري بين أبناء القارة الآسيوية، بما يعكس رؤيتها في الاستثمار بالإنسان وتعزيز مكانة اللغة العربية في الساحات الأكاديمية والإبداعية حول العالم.
وبين هلال بن سيف السيابي، مدير عام المديرية العامة للشباب بوزارة الثقافة والرياضة والشباب أن هذه الاستضافة تأتي تتويجا لنجاح سلطنة عمان في تنظيم النسخة الثانية من البطولة عام 2023، والتي شهدت مشاركة قرابة 400 طالب وطالبة من مختلف الجامعات والكليات في القارة الآسيوية، وحققت صدى واسعا في الأوساط الأكاديمية والشبابية لما جسدته من روح تنافسية فكرية راقية. وأضاف السيابي يعد اختيار سلطنة عمان مجددا لاحتضان النسخة الثالثة من البطولة، دليلا على أن سلطنة عمان وجهة حاضنة للفعاليات الشبابية كونها بيئة لداعمة للمعرفة والحوار، فضلا عن عمق العلاقات الأخوية بين سلطنة عمان ودولة قطر التي أثمرت شراكات نوعية في مجال نشر ثقافة المناظرات في المنطقة والعالم، مشيرا في الوقت ذاته بأن وزارة الثقافة والرياضة والشباب لن تتوان في دعم ورعاية مثل هذه الاستضافات والتي تعزز من حضور الشباب وصقل مواهبهم بما يساهم في رفع الحوار البناء وإثراء النقاش بين الشباب أنفسهم ومساهمتهم في الوعي بالقضايا الدولية والإنسانية في مختلف القطاعات وبما يحقق كذلك مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للشباب وبما يتماشى مع رؤية عمان 2040.
من جانبه أوضح عبد الرحمن بن إبراهيم السبيعي، مدير البرامج بمركز مناظرات قطر، بأن النسخة الثالثة من البطولة تشهد مشاركة نحو 40 مؤسسة تعليمية من 18 دولة في القارة الآسيوية، من بينها جامعات وكليات بارزة، يتنافس فيها 145 متناظرا ضمن أجواء فكرية رصينة قائمة على احترام الاختلاف وتقدير التنوع الثقافي والمعرفي، مشيرا بأن البطولة تواصل تطورها الفني والعددي إذا ما قارنا بمشاركة 26 فريقا في النسخة الأولى والتي كانت في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وعن استضافة سلطنة عمان للبطولة للمرة الثانية على التوالي بعد أن سبق وأن استضافتها مسقط في النسخة الماضية في عام 2023. وأكد مدير البرامج والمشاريع بمركز مناظرات قطر بأن ملف الاستضافة الذي قدم من سلطنة عمان كان الأشمل والأفضل من بين كل الدول التي تقدمت لاستضافة النسخة الثالثة من البطولة، إلى جانب ما تتميز به سلطنة عمان من ميزات ومواهب يجعلها دوما مقصدا ووجهة للاستضافات الدولية وهذا ليس بغريب على سلطنة عمان والقائمين على مثل هذه البطولات من جهد كبير ومضني يقومون به لإنجاح أي استضافة.
وأشار ناصر بن حميد الهنائي، الرئيس التنفيذي لمركز مناظرات عمان، إلى أن البطولة تسعى إلى ترسيخ مبادئ الحوار البناء واحترام الرأي والرأي الآخر، وتشجيع الشباب على التفكير النقدي والتحليل الموضوعي للقضايا المعاصرة، إلى جانب تعزيز الانتماء للغة العربية واستخدامها كلغة فكر وتعبير حضاري. وأضاف: يتناظر المشاركون في البطولة ضمن نموذج يقوم على وجود فريقين: فريق الموالاة وفريق المعارضة، يتناولان القضايا المطروحة من وجهتي نظر مختلفتين، حيث تتنوع موضوعات المناظرات بين القضايا الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية، والتعليمية، والتقنية، والصحية، بما يتيح للمشاركين مناقشة قضايا الساعة وإبداء آرائهم وفق أسس علمية ومنهجية، مشيرا بأن المنافسات ستكون على شكل جولات متعددة تشمل التصفيات الأولية ومن ثم الربع النهائي ، ونصف النهائي، والنهائي.
وتعد هذه البطولة حدثا شبابيا يسعى إلى بناء قدرات المشاركين في التفكير النقدي، وتعزيز ثقافة الحوار، وتنمية مهارات التواصل باللغة العربية الفصحى، مما يجعلها منصة مؤثرة في إعداد جيل واع بقضايا عصره، وقادر على النقاش والحوار بروح منفتحة ومسؤولة.
الجدير بالذكر أن حفل الافتتاح الرسمي للبطولة سينطلق يوم الثلاثاء 28 من الشهر الجاري، حتى الأول من نوفمبر المقبل، وسيتم تتويج الفرق المشاركة في أجواء احتفالية تجمع بين الفكر والشباب والثقافة.
وتمثل هذه الاستضافة محطة مهمة في مسيرة دعم الحوار والتفاهم الثقافي بين شباب القارة الآسيوية، وإبراز دور اللغة العربية كلغة فكر وتواصل عالمي. وتأتي البطولة ضمن الجهود المشتركة الرامية إلى نشر فن المناظرة في المؤسسات التعليمية، وتطوير مهارات الخطابة والتحليل النقدي، والتعبير عن الرأي بأسلوب علمي ممنهج.