بوابة الوفد:
2025-05-10@12:26:46 GMT

سوريا الوطن الجريح

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

منذ سنوات وتمر سوريا بواحدة من أعنف فصول تاريخها، حيث تحولت من بلد مزدهر يتمتع بتنوع حضارى وثقافى إلى حطام وطن وساحة حرب دامية تتقاذفها الأطماع السياسية، والتدخلات الخارجية، والجماعات المتطرفة التى رفعت راية الإسلام زورًا وبهتانًا، إنها مأساة أمة يتم تدميرها ببطء تحت ستار شعارات مزيفة، والغرب يريد أن يفرض واقعا عنصريا على الأزمة ألا وهى الفصائل الإسلامية هى من دمرت سوريا، بينما الإسلام الحقيقى يبرأ تمامًا مما يُرتكب باسمه.

لم تكن الأزمة السورية وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة تضافر عوامل داخلية وخارجية، من مطالب شعبية بالإصلاح فى بدايات الأحداث، إلى دخول قوى دولية وإقليمية جعلت سوريا ميدانًا للصراعات الجيوسياسية، وأصبحت مدن سوريا أشبه بلعبة شطرنج بين القوى الكبرى، حيث تخوض كل دولة حربًا بالوكالة لتحقيق مصالحها على حساب الشعب السورى.

مع دخول الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«النصرة» إلى الساحة السورية، تغيرت ملامح الأزمة بشكل جذرى، حيث قامت جماعات ارهابية مزيفة نسبت للإسلام زورًا وبهتانًا، بارتكاب أبشع الجرائم من ذبح وقتل وتشريد، وفرض تفسير مشوه للإسلام الذى يدعو للرحمة والعدل، الإسلام بريء من أفعالهم التى شوهت صورته عالميًا، واستخدموا الإرهاب كسلاح مدمر لتشويه الإسلام.

لعبت فيه بعض الدول دورًا خفيًا ومعلنًا فى تمويل وتسليح هذه الجماعات، مستخدمة الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، مما أدى إلى مزيد من الإنهيار والخراب، تحملت فيه الشعب السورى العبء الأكبر من هذه الكارثة، الملايين شُردوا داخل البلاد وخارجها، ومئات الآلاف فقدوا أرواحهم ومدن بأكملها دُمرت، وباتت حياة الكثيرين معلقة بين مخيمات اللجوء والأمل الضئيل بالعودة إلى وطن لم يعد كما كان.

حاولت الجماعات المتطرفة تصوير جرائمها على أنها جزء من الدين الإسلامي، بينما الحقيقة أن الإسلام لا يجيز القتل ولا التدمير، ولا يبرر الاعتداء على الأبرياء، بل إن تعاليمه تدعو إلى التعايش السلمي، وحفظ النفس والمال، وتحقيق العدالة، فى الوقت الذى يفترض أن هناك مجتمعا دوليا عليه أن يتصدى ويقف إلى جانب الشعب السورى لإعادة بناء وطنه، رأينا تقاعسًا واضحًا وتدخلات زادت من تعقيد الوضع، فكثير من الدول استخدمت الأزمة السورية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، بدلًا من العمل على إنهاء الصراع ومساعدة الشعب السورى.

فالواقع يؤكد أن هناك قوى دولية وإقليمية لعبت أدوارًا معقدة ومثيرة للجدل فى تعقيد المشهد السورى، هذه الدول الكبرى استخدموا عددا من الدول المحيطة بسوريا فى تنفيذ مخططهم التدميرى، حيث كان لكل منها أهدافها ومصالحها التى ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر فى تفكيك سوريا وإطالة أمد الصراع.

على رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية التى لعبت دورًا محوريًا فى الأزمة السورية عبر سياسات متناقضة وتحالفات متعددة، فقد دعمت واشنطن فصائل المعارضة السورية بالسلاح والتمويل تحت ذريعة «إسقاط النظام»، ما أدى إلى تصاعد العنف وتوسيع رقعة الحرب، ورغم إعلانها محاربة الإرهاب ولكنها كانت تعزز الفوضى بكافة أشكالها، ورغم إعلانها الحرب على «داعش»، أثارت التحركات الأمريكية شكوكًا حول نواياها الحقيقية، حيث استغلت الفوضى لتعزيز نفوذها فى مناطق غنية بالنفط مثل شمال شرق سوريا، كما حافظت على وجود عسكرى غير شرعى فى سوريا تحت ذريعة «محاربة الإرهاب»، بينما الهدف الحقيقى كان السيطرة على الموارد الطبيعية ومنع استقرار المنطقة.

عدد من دول أوروبا التى لم تكن بعيدة عن كدر الصراع الدموى، والتى رفعت شعار «الفرضية بين التدخل والتقاعس»، فقد اتخذت عدداً من دول أوروبا موقفًا مزدوجًا تجاه الأزمة السورية، حيث كانت شريكًا فى السياسات الأمريكية وفى الوقت ذاته تدعى السعى للحلول السلمية، وشاركت هذه الدول، مثل بريطانيا وفرنسا، فى تسليح جماعات معارضة، بعضها متطرف، ما ساهم فى تعقيد الأزمة واشتعالها، فبرغم خطورة التدخل العسكري، لم تقم الدول الأوروبية بدورها الإنسانى المناسب، بل اكتفت بإغلاق حدودها أمام اللاجئين السوريين، وتحويل أزمتهم إلى ورقة ضغط سياسية.

الكيان الصهيونى المغتصب والذى هو رأس الحربة فى هذه الأزمة من بدايتها، وتتدخل إسرائيل لتحقيق الأجندة الاستراتيجية، فكان للكيان الصهيونى المغتصب دور مختلف، كان له التأثير الأعظم عن باقى القوى، حيث سعت لتحقيق مكاسب استراتيجية على حساب وحدة واستقرار سوريا، فقد وجد الكيان الصهيونى فى الحرب السورية فرصة لإضعاف سوريا كقوة إقليمية تهددها، فقد شن الكيان الصهيونى مئات الغارات الجوية على مواقع داخل سوريا تحت ذريعة استهداف «النفوذ الإيرانى»، ما أدى إلى تفاقم الدمار وزعزعة الاستقرار، واستغلت إسرائيل الحرب لتعزيز سيطرتها على الجولان المحتل، بل وحصلت على اعتراف أمريكى بسيادتها عليه، فى خطوة مخالفة للقانون الدولى.

وكان لهذه الدول الدموية على رأسها أمريكا واسرائيل أهداف من تدمير سوريا، منها تقسيمها إلى كيانات ضعيفة ومتناحرة لتقليل نفوذها الإقليمى، والسيطرة على مواردها، فأمريكا ودول غربية هدفها السيطرة على موارد سوريا النفطية والمائية، بينما تسعى إسرائيل لتأمين مصالحها الأمنية والجيوسياسية.

فالتكلفة الإنسانية والاقتصادية التى تسببت فيها تدخل هذه القوى، باهظة للغاية، كتدمير البنية التحتية السورية، مقتل مئات الآلاف من المدنيين، تشريد الملايين داخليًا وخارجيًا، نهب الموارد الطبيعية التى كانت ستسهم فى إعادة إعمار البلاد.

النتيجة المؤلمة والحتمية أصبحت سوريا حطام وطن، وساحة صراع عالمى، تحولت فيه إلى ساحة تصفية حسابات بين القوى الكبرى، والنتيجة شعب مشرد يعانى، وتدمير تاريخها وثقافتها، فتدمير سوريا لم يكن نتيجة الحرب الداخلية فقط، بل بسبب التدخلات الخارجية التى لم تكن تهدف إلى إنهاء الأزمة، بل استغلالها لتحقيق أجندات خاصة.

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رادار الأزمة السوریة

إقرأ أيضاً:

جمعية الصحفيين العمانيين: دولتنا تتدخل لتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة

قال الدكتور محمد العريمي، رئيس جمعية الصحفيين العمانيين، إن تدخل سلطنة عمان بوساطة لوقف إطلاق النار بين الحوثيين والولايات المتحدة هو خطوة محمودة، وتهدف إلى تهدئة الأوضاع في وقت حساس.

وأشار إلى أن هذا هو جزء من مسؤوليات بلاده تجاه الأمن القومي في منطقة البحر الأحمر، موضحًا أن أي توتر في المنطقة يؤثر على الجميع، وبالتالي تسعى عمان دائمًا من خلال دبلوماسيتها لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

سلطنة عمان تدعو الهند وباكستان إلى فتح المجال للجهود الدبلوماسيةعُمان تعتزم الاستثمار في كل القطاعات الحيوية السياحية بالأقصر

وفيما يتعلق بالوساطة العمانية بين الحوثيين وأمريكا، أشار العريمي، خلال مداخلة مع الإعلامية هاجر جلال، ببرنامج "منتصف النهار"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، إلى أن أي مفاوضات تتطلب ضمانات حقيقية من الطرفين، قائلاً: “التعامل مع أي صراع يجب أن يكون بتوجيه من الأطراف المعنية، والوساطة العمانية تلعب دورًا هامًا في تقليص التوترات”.

ولفت إلى أن التوتر بين الأطراف يرجع إلى قضايا أوسع من مجرد النزاع العسكري، بما في ذلك الضغوط الاقتصادية والسياسية على الحوثيين، وتدمير المرافق الحيوية في اليمن.

وأشار إلى أن الوضع الحالي قد يضر بالاقتصاد اليمني بشكل أكبر، مع خسائر تقدر بحوالي 15 مليار دولار أمريكي بسبب الحرب، مما يشير إلى أن استمرار هذا الوضع لا يفيد أي طرف.

وحول مواقف الحوثيين من إسرائيل، قال العريمي إن الموقف الحوثي واضح، وهو رفض أي دعم للكيان الإسرائيلي، حيث أشار إلى أن البيان الحوثي الأخير شدد على أن استهداف السفن سيكون موجهًا فقط إلى تلك التي تدعم إسرائيل أو التي تسهم في حصار فلسطين.

وأكد أن الحوثيين أبدوا مواقف ثابتة حول القضية الفلسطينية، ورفضوا أي وجود إسرائيلي في المنطقة.

وفيما يتعلق بأسباب عدم تدخل دول أخرى في الوساطة، أشار العريمي إلى أن عمان كانت سباقة في تقديم جهود الوساطة، مستفيدة من علاقاتها الجيدة مع الأطراف المختلفة في المنطقة، مؤكدًا أن عمان تسعى دائمًا للعب دور محوري في تحقيق السلام، وتحقيق التوازن بين مصالح مختلف الأطراف.

 تهدئة الأوضاع

في ختام حديثه، شكر العريمي سلطنة عمان على موقفها الثابت في دعم السلام والاستقرار في المنطقة، موضحًا أن الوساطة العمانية تسهم بشكل كبير في تهدئة الأوضاع، وفتح قنوات الحوار بين الأطراف المتنازعة.

طباعة شارك محمد العريمي جمعية الصحفيين العمانيين سلطنة عمان ة البحر الأحمر السلام

مقالات مشابهة

  • بوقرة: “أشكر اللاعبين والجمهور الجزائري على مساندتنا لتحقيق التأهل”
  • وزير الزراعة يبحث مع الفاو خطة التعاون لتحقيق التعافي في القطاع ‏الزراعي
  • سوريا تستحق الحياة: نداء إلى أبناء الوطن والعالم لإعادة الإعمار والمصالحة
  • محفوظ: القضاء والإعلام بحاجة إلى حياد ونزاهة لتحقيق العدالة
  • سفير بلجيكا: نثمن دور مصر لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط
  • 10 نصائح لتحقيق النجاح على منصات التواصل الاجتماعي
  • الشيخ الخطيب من قم الايرانية: نطالبكم بالمزيد من التعاون والعناية بلبنان الجريح
  • الرئيس ماكرون: اعتداءات إسرائيل على الأراضي السورية ممارسة سيئة وانتهاك لسيادة ووحدة سوريا
  • جمعية الصحفيين العمانيين: دولتنا تتدخل لتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة
  • مكتوم بن محمد: دبي تبني جسوراً مع العالم لتحقيق الأحلام وصناعة الفرص