هل فعلا حرب السودان ضرورة لابد منها؟
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
هل فعلا حرب السودان ضرورة لابد منها؟
د. الشفيع خضر سعيد
نواصل مناقشتنا لما أسميناه الأسئلة الصعبة التي تمثل إجاباتها جوهر ومحتوى الرؤية المطلوبة لمعالجة تفاصيل ما سيطرح على طاولة أي منبر تفاوضي يسعى لوقف الحرب في السودان، ويناقش الأسس التي تحقق عدم تجددها أو إعادة إنتاج الأزمة في البلاد.
ومرة أخرى نؤكد أن الجهة المناط بها صياغة هذه الرؤية هي القوى المدنية والسياسية السودانية.
قلت له، على مر التاريخ ظلت الحرب هي البشاعة المرفوضة من الجميع، ولا يعقل أن يكون العنف وسفك الدماء هو الوسيلة لفض النزاعات، فهذا ضد الطبيعة البشرية التي ترى الحوار والتفاوض هو الخيار الأول والمفضل لحل الأزمات وإخماد نيران الصراعات. وقلت له، من يشجع الحرب وهو جالس على جداريات الفيسبوك أو الواتساب ويداه في الماء البارد، وتظل الحرب عنده مجرد صورة ذهنية ينفعل معها لحظيا ضمير مشاهداته لفداحتها في شاشات الإعلام، لا يستوي مع من يكتوي بنار الحرب يوميا، وبالملموس، في جسمه وبيته وأهله وأحلامه، تلاحقه وتعذبه جروح الروح ومعاناتها. ثم قلت له، واهم من يعتقد أن أحد الطرفين سيحسم الحرب عسكريا، فهذه حرب لا منتصر فيها، ولكن للأسف فيها خاسر هو الوطن وشعبه.
صحيح، من الضروري والهام جدا التفريق بين الحوار/ التفاوض الذي يبحث في علاج جوهر وجذور الصراع، والحوار الذي يفضي إلى حلول تصالحية سطحية، أو تسوية لا تخاطب هذا الجوهر، بل تكتفي بالتعافي المتبادل واختصار الحل في إعادة الشراكة واقتسام كراسي السلطة، حيث في هذه الحالة ستأتي التسوية بعيدة عن مصلحة المواطن والوطن، وحتما ستتم إعادة إنتاج الأزمة.
لا يعقل أن يكون العنف وسفك الدماء هو الوسيلة لفض النزاعات، فهذا ضد الطبيعة البشرية التي ترى الحوار والتفاوض هو الخيار الأول والمفضل لحل الأزمات وإخماد نيران الصراعات
وصحيح أن محصلة أي حوار أو تفاوض تخضع لقانون توازن القوى وفيها قدر من التسوية، ولهذا السبب تحديدا نصر على أن أجندة الحوار وإعلان المبادئ الذي يحكمه، وسقوفات التنازل الممكنة، وكذلك الرؤية المطروحة على مائدة التفاوض والتي تتعدى الآليات الفنية لوقف العمليات القتالية لتبحث في تفاصيل جوهر العملية السياسية، هي كلها من صميم عمل القوى المدنية والسياسية. لكن، في نفس الوقت يجب ألا يقتصر الحوار والتفاوض السياسي على النخب السياسية فقط ويخفى داخل الغرف المغلقة بعيدا عن أعين الناس، لأن ذلك يعني أن ينتهي الحوار أو التفاوض إلى اقتسام كراسي السلطة وتجاهل مطالب الشارع، مما يعني استمرار الأزمة، وربما تفجر الحرب ولو بعد حين.
وصحيح أن آلية التفاوض بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في منبر جدة عجزت عن تحقيق هدفها الرئيسي في وقف العدائيات، وستظل كذلك في أي منبر آخر، ما لم تستصحب عددا من الآليات الأخرى المتاحة والممكنة حسب الشرعية الدولية، للضغط على طرفي القتال بشأن وقف دائم للأعمال العدائية، أو على الأقل لتحقيق انسياب المساعدات الإنسانية إلى المواطنين المحاصرين في مناطق العمليات. فالطرفان لم يلتزما بما وقعا عليه في اتفاقات الهدن العديدة من الامتناع عن إطلاق النار، أو التوافق على ممرات آمنة، أو الانسحاب من المستشفيات والعيادات الطبية، أو حتى السماح بدفن الموتى باحترام..الخ. ومباشرة نقول، إن إنقاذ المدنيين ودرء الكارثة عن السودان يتطلب إعمال هذه الآليات التي يسمح بها القانون الدولي لتتدخل مباشرة لفرض مناطق خضراء منزوعة السلاح وإقامة ممرات آمنة تسمح بتدفق المساعدات الإنسانية وبتدفق المدخلات التي يمكن أن تساعد في بدء دوران عجلة الإنتاج في المناطق والولايات البعيدة من مسارح العمليات العسكرية، وذلك في ظل ما سببته الحرب من خلل في أداء البنوك وشح السيولة النقدية وانعدام المرتبات وغياب المؤسسات المعنية وضرب القطاع الخاص…الخ. إن إقرار هذه الآليات وتنفيذها يتطلب مشاركة دولية وإقليمية واسعة، وخاصة من دول الجوار، وذلك في إطار الشرعية الدولية والقانون الدولي. وهذه الآليات تشمل: منع تدفق الأسلحة والذخيرة إلى البلاد، تجميد الأرصدة والحسابات في البنوك العالمية والإقليمية، فرض العقوبات الرادعة على المؤسسات والأفراد التي ترفض وقف العدائيات، وصولا، إذا اقتضى الحال، إلى فرض إعادة تموضع القوات المتحاربة بإرسال قوات الطوارئ الأفريقية بقرار من الاتحاد الأفريقي وبدعم من المجتمع الدولي، لإقامة مناطق خضراء، أو منزوعة السلاح، يمتد نصف قطرها بضعة كيلومترات في مختلف الاتجاهات، وتتضاعف مساحتها بالتدريج. صحيح الأمر ليس ببساطة الحديث عنه، وهنالك عدة صعوبات ومعوقات ستواجه تنفيذه، وعند البعض يصطدم بمفهوم السيادة الوطنية، ولكنه ليس مستحيلا، خاصة عندما نتذكر نجاح عمليات إجلاء رعايا الدول الغربية من الخرطوم إثر اندلاع القتال، وهي في نظري عمليات عسكرية كاملة الدسم، نفذتها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، كما أن هنالك حزما مشابهة تم تنفيذها في عدد من البلدان التي اندلعت فيها المعارك. وبالتأكيد لابد أن نأخذ في الإعتبار تجربة قوات الأمم المتحدة، (يوناميس ويوناميد) في جنوب السودان ودارفور. نشير إلى أن قوات الطوارئ الأفريقية كونها الاتحاد الأفريقي لمنع انتشار الاقتتال والنزاعات المسلحة داخل الدول الأفريقية، والسودان عضوا في لجنة التنسيق الخاصة بها. ونواصل مشوار طرح الأسئلة الصعبة.
* نقلاً عن القدس العربي
الوسومالحرب السودان القوات المسلحة القوى المدنية والسياسية د. الشفيع خضر سعيد دولة 56 قوات الدعم السريع نظام الإنقاذالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحرب السودان القوات المسلحة القوى المدنية والسياسية دولة 56 قوات الدعم السريع نظام الإنقاذ
إقرأ أيضاً:
السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
اعلن اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان الشمالي تأييده الكامل لمطالب القطاع العام ورابطة موظفي الادارات العامة.
وقال رئيس الاتحاد النقيب شادي السيد في بيان: " بادىء ذي بدء نسأل الحكومة مجتمعة هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟ وبالطبع انهم يعلمون الجواب جيدا ، ويعرفون ان ما يصل الى القطاع العام لا يكفي اليومين الانفي الذكر".
وطالب الحكومة" بالتعاطي بموضوعية او لنقل بعقلانية مع هذا الملف ، بعيدا من الإنسانية التي يبدو انها غير متوافرة في الحسبان".
وتابع: "كما نطالب انطلاقا مما ذكرنا باعطاء القطاع العام ما يمكن موظفوه من الوصول أقله الى مكاتبهم والى مراكز عملهم ، والا كيف للدولة ان تمضي بجيش مهزوم ؟"، مؤكدا ان القطاع العام بكل فئاته من التعليم والمؤسسات المستقلة والبلديات والادارات العامة المتعارف عليها هي جيش الدولة، وهذا الجيش مهزوم مكلوم مصاب في المال وفي المجتمع وفي الحضور، لذلك نؤكد تضامننا الكامل مع مطالب القطاع العام بكل فئاته ونؤكد ضرورة دعم المدرسة الرسمية بشكل لا يقبل التزييف او التسويف او المماطلة".
كما أكد " ضرورة المسارعة لدعم القطاع العام كما يشتهي بالمال المخصص للموظفين وايضا بالمراكز التي تعاني من تعطل الالات ومن عدم توافرها اصلا ومن انقطاع الكهرباء ومن البرد في المناطق الجردية".
وسأل السيد "كيف يمكن لهذه الدولة ان تسمح لنفسها ان تجبي المال من خلال هذا القطاع العام ولا تعطيه حقه ولا تنصفه؟"، ورأى ان "وزير المال معني برفع تقرير عاجل واضح المعالم الى رئاسة الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعا لكي يسارع فورا الى تحديد زيادات فورية ثم الى تعديل اصل الرواتب وتعديل الحد الادنى للاجور. اطلاق سلسلة رواتب جديدة ، لكي تبدا العدالة فعليا على ارض الواقع" .
وختم مطالبا"بحق مستحق ولا نطالب بامور كمالية اقتضى التوضيح".
مواضيع ذات صلة اتحاد بلديات قطاع غزة: كميات السولار التي دخلت القطاع منذ وقف إطلاق النار لا تكفي 5 أيام عمل Lebanon 24 اتحاد بلديات قطاع غزة: كميات السولار التي دخلت القطاع منذ وقف إطلاق النار لا تكفي 5 أيام عمل