سودانايل:
2025-08-03@02:53:24 GMT

جمرات تحت الرماد السوداني

تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT

[email protected]

بقلم عمر العمر

رغم تباين رؤى السودانيين ومواقفهم تجاه الحرب الراهنة إلا أنهم يتقاسمون قلقا عميقاً خشية انحدار الوطن صوب الإنهيار. بعضٌ يجنح به الشعور حد بلوغ حافة الانهيار . بل ربما بلغ اليأس الوصول إلى عمق الخطر بالفعل. تلك المشاعر وليدة الإحباط الناجم عن ركام أفعال شريحة محدودة استأثرت بمفاتيح دولاب الدولة وبالامتيازات .

فحتى الهبّات الشعبية العارمة أصبحت في جنح نفوذها مغامرة أشبه بالفقاعات إن لم تصنع تلك الشريحة منها -وليس مقابلها - ثورة مضادة. من المفارقات أ ن الرياح على المدار الدولي باتت تهب ضد التغيير و لصالح الردة والممانعة.بغض النظر عن موعد بدء اختطاف هذه الفئة امتيازات الاحتكار فالثابت هيمنتها تماما على مفاصل السلطة والثروة إبان سني الإنقاذ حتى أمست تَهَبُ لمن تشاء ما تريد كيفما تشتهي. هذه الأنانية المفرطة هي محنة السودانيين. مع ذلك فان هذه الحرب لم تعد تهدد فقط هذا الاحتكار الظالم بل ربما كذلك التبشير ببناء معمار سياسي جديد.
*****

تحت هذه الهيمنة الأوليغارشية تلبّست روح القطيع قطاعاً عريضا من المجتمع ، حتى غدت مهمة التبشير بإحداث تحولٍ ديمقراطي إيجابي مهمةً عسيرةً على أي فئة مؤمنة بحتمية التغيير. ثالثة الأثافي في الأزمة السودانية حالة الإرتباك الفكري والتشظي التنظيمي وسط القوى المتصدية لقيادة مهمة التغيير. فهي عاجزة عن بلورة إطار فكري أو اجماع على آليات في شأن إحداث ذلك التحول.هذا القصور الفاضح أضاف لأهل السلطة والامتيازات فرصة تعزيز مكانتهم أمام القطيع ،فقط بإثارة الذعر من أخطار ماحقة حال الانجراف مع تيار التغيير المضطرب المرتبك العاجز . هكذا أمكن عبر ماكينة الإعلام المُسلّطة التخويف من هدم البيت برمته دون وجود أي بديل.لذلك أمكن بنجاح تسويق ليس في الإمكان أفضل مما هو كائن.
*****

هكذا ساهمت شريحة قيادة حركة التغيير في تعزيز هيمنة الأوليغارشية ثم انتصارها دون اضطرارها لتقديم وعود بإحداث تطويرٍ على المشروع الكسيح ، التنازل عن بعض الامتيازات أو إتاحة هامشٍ في السلطة للمشاركة و التطهرِ من الفساد الماحق أو تحقيق قدرٍ من العدالة.على التقيض من ذلك هي تُصعّد نبرة التهديد وقبضة الوعيد.في ظل الاهتراء الراهن على صعيد الوطن بأسره يصبح الحديث عن وجود أي قدر من ممارسة السياسة ضرباً من الهذيان. ما يحدث ليس غير صنوف من الارتجال، الانفعال والطيش.بل ليس مبالغةً القولُ فيه مسٌ من الخبل أو ربما الجنون .فالأزمة لا تتمثل فقط في ما يتعرض له الوطن من تدمير عشوائي وما يكابد الشعب من تهجير وتشريد قسري. بل في فداحة التوحش داخل هذا العنف .فعن أي نظام حاكم يمكن الجدل وعن أي سياسة أو ساسة يوجّه العقل.بعدما يفلح صنعة الرأي العام -إن وجدوا أو وُجد- في تشخيص الأزمة وتعريف دوافع الحرب وغاياتها ،يمكن وقتئذٍ فقط الكلام عن سياسة وقيادة مدنية و عسكرية !
*****

روح القطيع المهيمنة تترقب معجزة تدفعها خارج نفقٍ سيقت إليه مستسلمة . في سياق العجز المتكافئ بين حملة السلاح لايبدو ثمة ضوء داخل العتمة أونهاية قريبة أو انتصار حاسم لأي من الفئات الضالة. حينما يرفع أبناء وطنٌ السلاح في وجه بعضهم البعض يصعب إغلاق الحدود أمام القوى الخارجية في عالم تتربص طموحات الدول وأطماعها بكل مساحة تتيح لها الاستثمار في الأزمات القطرية. لذلك لا يجدي الجأر بالشكاية من تدخل قوى أجنبية طالما فتحنا أسوار الوطن بأيدينا وغفلتنا أمام الآخرين .فما من دولة في عالم اليوم خاليةً من أزمات أو محصنةً ضدها.بعضٌ من تلك الأزمات سياسية وأكثرها اقتصادية وقليلٌ منها بفعل أطماعٍ في وجه أطماع مضادة.تراكم الأزمات على كاهل الدول أفضى إلى تكسير الحدود وتدفق موجات عابرة في صيغة دفقات من فائض رؤوس أموال، أرتال عسكرية ، تيارات ثقافية وأمواج بشرية.فالدول مطالبة بتحصين حدودها ضد كافة أشكال التدخل عابر الحدود.السودان يحتاج أكثر من غيره للحصانة استنادا لثرواته أولا وهشاشته تالياً
*****

إذا ظل من ثورة ديسمبر أثرٌ باقٍ فهو تجريدها انقلاب اكتوبر وتفريخاته من المشروعية.من ثم لن يكتسب أي تشكيل يخرج من تحت رماد هذه الحرب أوكسجين الحياة ومشروعية البقاء من قبل معسكر الثوار. هذا معسكر يتضخم بجموع العائدين من ملاذات النزوح وتزايد أعداد الفقراء، الشباب المعطّلين والمتبطلين. هؤلاء جميعهم لم يعودوا يخشون شيئا أو على شيءٍ.هذه حقيقة لا ينبغي إغفالها أو تجاهلها من قبل كل من يتوهم إعادة تحويل الوطن إلى سجن تحت الأفق من أجل استرداد الاحتكار و الامتيازات أو تورّط في تحويل الوطن إلى مقبرة مفتوحة .من حق أي طرف الرهان على هزيمة الطرف الآخر لكن عليهما الاقتناع بأن ليس في قدرة أيٍّ منهما بلوغ انتصار حاسم وشيك. لذلك يرفعون سقف زمن القتال .ربما على من يتوهم الاستعانة بميليشيا في بناء دولة إعادة قراءة فصول (الكتائب ) في الكتاب اللبناني و تجربة(جيش لبنان الجنوبي ) في سيرة الكيان الإسرائيلي.
*****

على قدر اتساع مساحة الاقتتال الزمانية تتجذر ثقافة العنف فتتسع الفجوة بين الشعب والسلم الاجتماعي. فضمن هذه الثقافة يُروّج دوماً القول (القوة هي الحق ). تلك معضلة تزيد من الحواجز والألغام على درب الاستقرار ، بث الأمن ، بسط السيادة، شبكات الخدمات ،إعادة البناء والتنمية .هذه مهام الساعة التالية . لكن لايمكن إنجازها بالرصاص. هي مهام عسيرة التنفيذ في مجتمع تعرّض قسرا إلى صدمة قهر جماعية زادت من شروخ سلمه وهويته. لعل أبرز متطلبات النهوض من بين ركام الخرب الكارثة وجود قائد له قدرة الإقناع على نحو يجعل من حكمة فريدريك نيتشه(ما لا يقتلني يزيدني قوة) شعاراً معاشا على الصعيد الشعبي بأسره .الحياة بعد الحرب تتطلب زعيما لا يؤمن فقط بمقولة هنري كيسنغر ( الشعوب تُحكم بالخبز وليس بالسلاح ) بل يكرّس جهد حكومته لتنفيذها. فهذه إحدى أنجع خطط الحكم الرشيد لقمع أطماع الباحثين عن الامتيازات والاحتكارات
*****

إذا لم يقتنع المتآمرون على الشعب - بعد هدر الوقت والقدرات في ظل هذه المحرقة المأفونة- أن الحرب مغامرة خاسرة فعليهم إدراك أن إعادة بناء الوطن لن تكون صفقة رابحة أو خاسرة بل هي مهمة وطنية واجبة ،فرض عين ينبغي أداء فروضها جماعة في تواقيتها بطهارة وشفافية.

نقلا عن العربي الجديد  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

كبسولة تلتحم بمحطة الفضاء حاملة 4 أشخاص

التحمت كبسولة "كرو دراغون" بمحطة الفضاء الدولية، اليوم السبت، حاملة طاقما مكوّنا من أربعة أفراد، في مهمة تستمر نحو ستة أشهر.
كان رواد الفضاء الأميركيان زينا كاردمان ومايك فينكي والياباني كيميا يوي والروسي أوليغ بلاتونوف انطلقوا، أمس الجمعة، من مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا في كبسولة مُثبتة بأعلى صاروخ "فالكون 9".
وتشكل بعثة "كرو-11" مهمة التناوب الحادية عشرة لطاقم محطة الفضاء الدولية في إطار برنامج "كوميرشل كرو" التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) والذي أنشئ ليكون بديلا من المكوكات الفضائية من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.
وقال طاقم محطة الفضاء الدولية للوافدين الجدد بعد وقت قصير من الالتحام وفق ما أظهره مقطع الفيديو المنشور على الإنترنت "لدينا مشروبات باردة وطعام ساخن، ونحن في انتظاركم. نراكم قريبا".
وردّ مايك فينكي "صباح الخير يا محطة الفضاء، كرو-11 هنا، ويسعدنا جدا الانضمام إليكم".
وخلال مهمته التي تستمر ستة أشهر، سيُحاكي طاقم "كرو-11" سيناريوهات هبوط على سطح القمر قد يحصل بالقرب من القطب الجنوبي للقمر ضمن برنامج "أرتيميس" الأميركي للعودة إلى القمر.
كذلك سيختبر أعضاء الطاقم تأثيرات الجاذبية في قدرة رواد الفضاء على قيادة المركبات الفضائية، ومنها مركبات الهبوط المستقبلية على سطح القمر.
ويحمل "كرو-11" أيضا رمّانا من أرمينيا لمقارنته بِرمّانات من المصدر نفسه تركوها على الأرض، بغية دراسة تأثير انعدام الجاذبية على نمو المحاصيل.
وتشكّل محطة الفضاء الدولية المأهولة باستمرار منذ عام 2000، مختبرا طائرا ومنصة أساسية لأبحاث استكشاف الفضاء، لا سيما في ما يتعلق بإمكان إرسال بعثات إلى المريخ.
وتُعدّ محطة الفضاء الدولية نموذجا للتعاون الدولي، إذ هي ثمرة جهد مشترك بين أوروبا واليابان والولايات المتحدة وروسيا، وأُطلِق أول أجزائها عام 1998. وكان مقررا إبقاؤها في الخدمة حتى العام 2024، لكن "ناسا" رأت أن تشغيلها يمكن أن يستمر حتى 2030.

أخبار ذات صلة طاقم جديد ينضم إلى محطة الفضاء الدولية عبر «سبيس إكس» رواد فضاء يتجهون للأرض بعد مهمة خاصة المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • كبسولة تلتحم بمحطة الفضاء حاملة 4 أشخاص
  • أقصر طريق للسلام هو استسلام المليشيا لا الشعب السوداني
  • حكومة التغيير والبناء.. خطط طموحة لتحقيق الاستقرار وتخفيف المعاناة الإنسانية
  • طارق الزمر لـعربي21: التغيير في مصر بات قريبا.. وسقوط السيسي بدأ من داخل النظام
  • بركان يطلق رمادا في سماء إندونيسيا
  • ثوران بركان «ليوتوبي» في إندونيسيا
  • السوداني يصل إلى محافظة صلاح الدين
  • إسعاف المنية يقدم (26) مهمة خلال أسبوع
  • السفارة الأميركية لنواب التغيير: الانتخابات في موعدها
  • رئيس حركة شباب التغيير والعدالة: إعلان حكومة المليشيا جزء من مؤامرة تمزيق السودان