تنامي القوة اليمنية يغير قواعد اللعبة مع العدو الإسرائيلي
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
يمانيون/ تقارير
في خضم تغييرات دراماتيكية تشهدها الساحة، تزداد المخاوف الإسرائيلية من تنامي القوة العسكرية اليمنية التي أظهرت قدرتها على تحقيق إنجازات عسكرية متقدمة تجاوزت الحدود الإقليمية. فقد أصبحت اليمن تمثل قوة قادرة على إحداث تحول في ميزان القوى في المنطقة. ومع استمرار الاحتدام في الصراع مع العدو الإسرائيلي، تُبرِز الاعترافات في الكيان الصهيوني ومن إليه مدى عجزهم عن إحداث تغيير في المعركة البحرية، آخرها اعترافات “رئيس نظام الدفاع الجوي” للكيان الصهيوني لتعكس حجم القلق الذي يعيشه هذا الكيان نتيجة هذه التطورات المتسارعة.
بينما يتعرض الكيان الصهيوني لحظر بحري صارم يعيق الملاحة وتتعاظم التهديدات من اليمن، حققت القوات المسلحة اليمنية إنجازات نوعية تتابعت عبر مراحل متعددة، حيث سجلت أولى الضربات اليمنية وصولها إلى ميناء أم الرشراش جنوب فلسطين المحتلة. ولاحقا، استخدمت القوات المسلحة اليمنية صواريخ فرط صوتية، واتبعت مساراً تصاعدياً على مدى عام كامل، مقسماً إلى خمس مراحل، وصولاً إلى العمق الصهيوني في “يافا”، محققة أهدافها بدقة وفاعلية عالية، وذلك بعد اختراق منظومات الدفاع الصهيونية بمختلف أنواعها “القبة الحديدية”، “المقلاع”، و”حيتس”.
اعترافات غير متوقعة تخلق معادلة جديدة
“لقد فوجئنا بقدرات اليمنيين، ولم نصنفهم كتهديد، ولم نستعد لمهاجمتهم”. بهذه الكلمات نقلت صحيفة معاريف الصهيونية عن رئيس نظام الدفاع الجوي للعدو الإسرائيلي بأن غفلة استخباراتية قد كلفت أمن الكيان الكثير. وأوضح أن “اليمنيين لم يترددوا في محاولة مهاجمة البنية التحتية الحيوية لـ”إسرائيل”، بما في ذلك الموانئ البحرية في أسدود وحيفا وإيلات ومنصات الغاز”، مضيفا” أراد اليمن والعراق الإضرار بتجارتنا البحرية، وشل البلاد، والإضرار بالمعسكرات، والمدن الكبرى”. هذه التصريحات تكشف مدى إدراك كيان الاحتلال أن تنامي القوة اليمنية يأتي على مسار فرض التوازن في معادلة الردع التي يحملها تصاعد النمو التكتيكي والتقني للقوة اليمنية.
خلال الفترة الماضية -وبالتحديد منذ أكتوبر 2023- نفذت القوات المسلحة اليمنية سلسلة من العمليات الهجومية المركزة التي استهدفت البنية التحتية الحيوية الإسرائيلية. وقد شملت هذه العمليات -وضمن مسار متصاعد- ضربات منتظمة في خمس مراحل تصعيدية في العمق الصهيوني استهدفت الموانئ البحرية في أسدود وحيفا و”إيلات” ومنصات الغاز، فيما اعتبر جنرالات العدو أن الهدف من الضربات اليمنية تجاوز الرغبة في تحقيق انتصارات عسكرية، وتتعدى إلى غاية أكبر هي التأثير على اقتصاد الكيان الإسرائيلي وأمن وجوده المؤقت، حيث أكد المسؤول الإسرائيلي أن اليمنيين “لم يترددوا في محاولة مهاجمة البنية التحتية الحيوية” للكيان، في إشارة إلى إصرارهم على تفعيل معادلة توازن جديدة ترسخ من موقفهم في الصراع.
ووصلت القدرات اليمنية إلى ضرب قلب كيان العدو الصهيوني “يافا” والتي يسميها “تل أبيب” وكذلك قصف موانئه ومنشأته العسكرية والحيوية على امتداد الجغرافيا الفلسطينية بالصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة عالية التقنية وذات القوة التدميرية العالية.
أحد أبرز الأمور التي أشار إليها المسؤول الإسرائيلي هو “عدم وجود تحذير كافٍ” والتحديات الكبيرة في اكتشاف الطائرات بدون طيار التي تطلقها القوات اليمنية. هذا النقص في الاستعدادات يترجَم إلى ضعف في الأمن الإسرائيلي وضعف في الرد الفوري على هذا النوع من التهديدات. وبدورها، تعكس هذه التحديات تزايد فاعلية الذكاء الحربي اليمني، الذي يسعى جاهداً لإبقاء الخصم في حالة من الارتباك والخوف.
ومع الانطلاق إلى المستقبل، تصبح الأمور أكثر تعقيداً. إذ تشير العمليات العسكرية اليمنية المتسارعة إلى وجود رؤية استراتيجية واضحة تهدف لتعزيز موقف المقاومة في مواجهة التحديات التي يفرضها العدو الإسرائيلي.
ردود فعل غربية، والتحذيرات يمنية
تستمر عمليات البحرية اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تتصاعد الهجمات على السفن التجارية والدولية المرتبطة بالكيان الصهيوني وأمريكا وبريطانيا ودول تحالفهما المسمى بحارس الإزدهار، وهو ما يعكس بوضوح استمرار ثبات اليمن على موقفها الثابت والمبدئي في سياق الدعم اليمني اللامحدود للقضية الفلسطينية.
أشار تقرير صادر عن موقع كرايسس24 الاستخباراتي الأميركي إلى وقوع المزيد من العمليات: في نوفمبر، استهدفت البحرية اليمنية عدة سفن تجارية، كان أبرزها الهجمات على المدمرتين الأمريكيتين “يو إس إس سبروانس” و”ستوكديل”، وهو ما يعد نمواً تقنياً يظهر قدرة البحرية اليمنية على تنفيذ عمليات بحرية بعيدة المدى.
جاء استهدف المدمرتين الأمريكيتين بعدة صواريخ أثناء عبورهما مضيق باب المندب. كما تم استهداف USS Stockdale مرة أخرى بين 30 نوفمبر و1 ديسمبر، جنبا إلى جنب مع USS O’Kane، أثناء عبورها خليج عدن.
في الآونة الأخيرة، تعكس البحرية اليمنية تكتيكاً جسوراً يعكس تطوراً ملحوظاً في سياستها الدفاعية، حيث تسعى إلى تأكيد قدرتها الفائقة على إدارة حركة التجارة العالمية التي تمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن. وهذا التوجه يعكس أيضاً جهداً واضحاً لخلق ضغط سياسي واستراتيجي على الدول التي تدعم الكيان الصهيوني، وذلك في سياق تصعيد الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.
لم يتوقف التحرك اليمني عند هذا الحد، بل توسع ليشمل السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة على خلفية عدوانهما على اليمن. كما تشمل هذه الاستهدافات السفن التابعة لأي شركات شحن تتعامل تجارياً مع الكيان الإسرائيلي، ما يعكس استراتيجية شاملة تهدف إلى توسيع دائرة الضغط في هذه المياه الحيوية.
الهجمات التي تنفذها البحرية اليمنية يقول موقع كرايسس24 إنها لا تعكس فقط القدرات العسكرية المتطورة لليمن، بل تحمل أيضاً رسالة واضحة مفادها أن اليمنيين يستطيعون تغيير معادلات القوة، حيث يؤكدون على أهمية فرض توازن ردع وتعديل ميزان العدالة في إطار إدارة حركة الملاحة في المياه اليمنية، وبالتالي يحذرون من أي تدخل أجنبي في هذه المنطقة الاستراتيجية.
التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري
في سياق متصل، سلط وزير البحرية الأمريكية كارلوس ديل تورو الضوء على المخاطر التي تواجهها السفن الحربية الأمريكية، حيث اعترف بتعرضها لهجمات واسعة من القوات المسلحة اليمنية. تصريحاته -التي أدلى بها من على متن سفينة حربية في سان دييغو، ونقلتها صحيفة سان دييغو يونيون تريبيون- دليلٌ على أن هذه الهجمات تعكس مستوى غير مسبوق من التهديد، حيث قال “لم تتعرض قواتنا البحرية لهجوم بهذه الطريقة منذ الحرب العالمية الثانية.”
بالإضافة إلى ذلك، أفاد موقع FortyFive المتخصص في الشؤون الدفاعية بأن الجيش الأمريكي تعرض لهزيمة أمام القوات اليمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أن هذه الهجمات تُعَدّ واحدة من أهم نقاط التحول في التاريخ العسكري الحديث. إن هذه الاعترافات تؤشر إلى فشل استراتيجي أمريكي وتحدٍّ يكمن في فهم الإمكانات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية وكيفية تأثيرها على السياق الجيوسياسي في المنطقة. مؤكدا أن هجمات الجيش اليمني المستمرة في البحر الأحمر واحدة من نقاط التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري.
الهروب خير وسائل النجاة
تشير التطورات الأخيرة إلى تحول كبير في موازين القوة في البحر الأحمر وشرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تكثف البحرية اليمنية من عملياتها العسكرية دعماً لغزة. تقرير مجلة “National Interest” يسلط الضوء على التأثير العميق لهذه العمليات البحرية على النفوذ الأمريكي في المنطقة، ما يجعل وجود القوات الأمريكية -وخاصة حاملات الطائرات- في وضع صعب وغير مستقر.
تشدد المجلة على أنه لا توجد دلائل على توقف العمليات البحرية من اليمن، حيث تستمر الهجمات ضد السفن العسكرية، ما أدى إلى ضعف القوات البحرية الأمريكية التي كانت تُعَدّ من أقوى القوى العسكرية في المنطقة. بعد مغادرة حاملة الطائرات النووية “يو إس إس إبراهام لينكولن”، لم يعد لدى البحرية الأمريكية أي حاملة طائرات منتشرة في “الشرق الأوسط”، ما يمثل نكسة استراتيجية قد تؤثر على استجابة الولايات المتحدة لأي تهديدات في المنطقة.
وفي ظل هذه الظروف، تأتي الأخبار عن وصول حاملة الطائرات “يو إس إس هاري إس ترومان” إلى مرسيليا في فرنسا، ما يعكس قلقاً أمريكياً بشأن تزايد “التوترات البحرية”. بينما يُتوقع أن يتم نشرها لاحقاً في شرق البحر الأبيض المتوسط، يتضح أن هذه الخطوة لن تكون كافية لإعادة التوازن المفقود، بل تشير إلى أن العمليات البحرية اليمنية تخلق حالة من الضغط المتزايد على البحرية الأمريكية.
ووفقاً للتقرير فإنه من المرجح أن يتم نشر حاملة الطائرات (ترومان) شرق البحر الأبيض المتوسط في وقت لاحق من هذا الشهر، وقد تعبر قناة السويس وتدخل البحر الأحمر، موضحاً أن تلك كانت هي الوجهة الأصلية لحاملة الطائرات، لكنها اتخذت مساراً ملتوياً إلى بحر الشمال واختتمت مؤخراً عملية مشتركة لحلف شمال الأطلسي بالقرب من القطب الشمالي.
تحمل هذه المعطيات دلالة واضحة على أن جهود اليمن لتعزيز موقفها في نصرة غزة أصبحت جزءاً من استراتيجيات أكبر تعيد تشكيل الخرائط العسكرية في المنطقة.
من خلال التأكيد على جدوى العمليات العسكرية، تُظهر صنعاء أنها قادرة على كسر الحصار المفروض عليها والاستجابة للتحديات الأمنية بأسلوب يغير قواعد اللعبة ويعيد تقييم نوايا الولايات المتحدة وحلفائها في “الشرق الأوسط”.
إن هذه الأحداث تؤكد أن اليمن -بمفرده- يلعب دوراً مركزياً في المعارك القائمة، حيث يجسد قدرةَ الوجود العسكري اليمني على التأثير في النسق الاستراتيجي للمنطقة، سواء تجاه العدو الإسرائيلي أو الوجود العسكري الأمريكي.
الضغط على القوى الكبرى
في رؤية تحليلية عن الوضع القائم في اليمن ومكانة اليمنيين في الساحة الدولية، سلط المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (International Institute for Strategic Studies) البريطاني الضوء على تطور هجمات الجيش اليمني على سفن الشحن الأمريكية والبرياطانية والإسرائيلية والمرتبطة شركاتها بالكيان، وكذا السفن الحربية الغربية في البحر الأحمر وخليج عدن على مدى عام كامل. تتضح بشكل جلي قوة اليمنيين المتزايدة وقدرتهم على الضغط على القوى الكبرى. كما يعكس ذلك الاتجاهَ العام للسياسة الدولية في منح اليمنيين دوراً أكثر أهمية مما كان متوقعاً.
يؤكد المعهد أن “الاستجابة البحرية الغربية فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة في البحر الأحمر، على الرغم من تفوقهم العسكري.” هذا يُظهر أن القوى الغربية لم تتمكن من تقليص قدرات اليمنيين العسكرية كما كانت تأمل. فعلى مدار الاثني عشر شهراً الماضية تطورت استراتيجية اليمنيين في البحر، حيث تم تحسين معايير الاستهداف والنطاق الجغرافي وأنظمة الأسلحة المستخدمة، ما يعكس تنامي قدراتهم وأهمية استراتيجيتهم العسكرية.
ضعف الدفاعات البحرية البريطانية
وشهد يوم 10 ديسمبر 2024 حدثا تاريخيا مهماً، حيث عادت المدمرة البريطانية “إتش إم إس دنكان” إلى المملكة المتحدة محملةً بالذل والخوف والفشل، وذلك بعد أن كُلفت بمهمة في البحر الأحمر لم تُنفذ، وسط تقارير تفيد بضعف قدرات الدفاع البحري البريطاني أمام الهجمات التي شنتها القوات اليمنية.
وأكد بيان صادر عن “موقع البحرية الملكية البريطانية royalnavy” أن المدمرة دنكان قد عادت لقضاء عيد الميلاد في الوطن بعد إرسالها لتحل محل المدمرة “إتش إم إس دايموند” بهدف حماية البحرية الإسرائيلية.
وزارة الدفاع البريطانية كانت قد أعلنت في مايو الماضي عن إرسال “دنكان” إلى البحر الأحمر، لكن سرعان ما أُعطيت أوامر ببقائها في شرق البحر الأبيض المتوسط بسبب الهجمات اليمنية.
وعبر المرصد البحري Navy Lookout عن الوضع الصعب الذي تمر به القوات البحرية البريطانية في البحر الأحمر، حيث أشار إلى أن الوضع الحالي “سيء ومجهد” نتيجة تصاعد العمليات القتالية للقوات اليمنية.
وأكد المرصد البحري أن “حالة البحرية البريطانية والأمريكية وما هي عليه الآن من وهن وضعف” تعود إلى عمليات القوات المسلحة اليمنية المتزايدة التي تدعم فلسطين. وأضاف “موقع Navy Lookout” أن القوات البحرية في البحر الأحمر تشهد جهداً غير مسبوق حالياً، حيث أكد أن “البحرية الأمريكية ليس لديها ما يكفي من حاملات الطائرات المتاحة، بينما شركاؤها الأوروبيون بالمثل أكثر ضعفاً.”
وفي سياق مشابه، في بداية يوليو 2024 سحبت وزارة الدفاع البريطانية المدمرة “دايموند” من البحر الأحمر، وذلك على خلفية تهديدات متواصلة لا هوادة فيها. وقالت الوزارة إن “إتش إم إس دايموند” عادت إلى البلاد بعد “مهمة تاريخية” شهدت أكبر تهديدات جوية للبحرية الملكية في العصر الحديث. وتبيّن أنه “لم يسبق لسفينة أو طائرة بريطانية أو أي وسيلة أخرى مواجهة هدفٍ يتحرك بسرعة مثل الصاروخ الذي انطلق من اليمن، والذي واجهته المدمرة “إتش إم إس دايموند” في خليج عدن”.
وفي الــ25 من مارس 2024، نقلت “هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي” عن قائد المدمرة البريطانية “إتش إم إس دايموند” قوله: “إن اليمنيين يستخدمون أسلحة أكثر تقدماً وأكثر فتكاً في البحر الأحمر، وصواريخهم تنطلق بسرعة تزيد عن ثلاثة أضعاف سرعة الصوت.”
أنموذج للمثابرة والمقاومة
ختاما، قالت وكالة الأنباء الصينية Sohu: إن القوات اليمنية تتحرك برؤية استراتيجية شاملة، ومرونة تكتيكية استثنائية، وقدّمت أنموذجا فريداً في عالم المواجهة مع واشنطن. فقد أظهرت القوات المسلحة اليمنية درساً في الروح المقاوِمة والإرادة الصلبة، وأثبتت أنها قادرة على الوقوف في وجه القوى العظمى، لا سيما الولايات المتحدة.
وأكدت أن تجربة القوات المسلحة اليمنية أثبتت نجاحها في هذا الصراع و تُعدّ مثالاً يُحتذى به للعالم، وتبشّر بتأثيرات عميقة على المشهد السياسي والعسكري الدولي في المستقبل.
وسلط تقرير وكالة الأنباء الصينية -المنشور في 10 ديسمبر 2024- الضوء على المعركة البحرية التي تخوضها القوات المسلحة اليمنية ضد الولايات المتحدة مشيراً إلى أن هذه المعارك ليست مجرد صراع عسكري، بل تجسيد للإرادة والتحدي.
وذكرت الوكالة أن القوات المسلحة اليمنية قد برزت من خلال مثابرتها وجهودها الدؤوبة في مواجهة الدول القوية مثل الولايات المتحدة، لتكون مثالاً يُحتذى به على الساحة العالمية. على الرغم من وجود فجوة كبيرة بين القوات المسلحة اليمنية وما يسمى “العملاق العسكري العالمي” من حيث التكنولوجيا والمعدات، إلا أنهم تمكنوا من جذب انتباه المجتمع الدولي واحترامِه بفضل رؤيتهم الاستراتيجية المتميزة، وقدرتهم على استخدام تكتيكات مرنة، فضلاً عن روحهم المقاومة التي لا تُقهر.
كما أشارت الوكالة إلى أن أبرز ما يميز اليمنيين هو إصرارهم وعزيمتهم الفولاذية. فعلى الرغم من الهجمات المتواصلة من القوات الأمريكية وحلفائها، لم يفكروا أبداً في اختيار مسار الاستسلام أو التنازل. إيمانهم بعدالة قضيتهم ورغبتهم القوية في الدفاع عنها مهما كانت التضحيات قد عزز من وحدتهم الداخلية، وأطلق طاقات قتالية استثنائية لديهم، ما جعلهم رموزاً للمقاومة والصمود في زمن التحديات.
نقلا عن موقع أنصار الله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة البحر الأبیض المتوسط البحریة الأمریکیة العدو الإسرائیلی الولایات المتحدة الکیان الصهیونی البحریة الیمنیة فی البحر الأحمر القوات الیمنیة حاملة الطائرات فی المنطقة الضوء على فی سیاق ما یعکس أن هذه إلى أن
إقرأ أيضاً:
الوزراء: من التشخيص للعلاج.. الذكاء الاصطناعي يغير قواعد الطب
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً قدم من خلاله عرضاً لمزايا وتحديات توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات الصحية، مع إلقاء نظرة على بعض التجارب الدولية في هذا المجال، حيث أشار إلى أن أنظمة الرعاية الصحية شهدت على مدار السنوات الماضية تحولًا كبيرًا بفضل إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي باتت تؤدي دورًا محوريًّا في التشخيص، ورعاية المرضى، والإدارة، وتعزيز الصحة العامة؛ وأصبحت توفر إمكانات كبيرة، بدءاً من أدوات التعلم الآلي القادرة على قراءة الصور الطبية بدقة، إلى منصات المراقبة الصحية عن بُعد، بما يُسهم في تحسين الكفاءة في المجال الطبي، مضيفاً أنه في ظل التحديات المتزايدة، مثل نقص الكوادر، وتزايد الأمراض المزمنة، تتجه دول عديدة اليوم لتبني حلول ذكية ترتكز على البيانات والتعلم الآلي؛ ما يجعلها في طليعة ثورة صحية رقمية تُعيد تشكيل مستقبل الرعاية الصحية عالميًّا.
وأكد المركز تحقيق تقنيات الذكاء الاصطناعي تأثيرًا ملحوظًا في مجال الرعاية الصحية وخاصة فيما يتعلق بتحسين دقة التشخيص والكشف المبكر عن الأمراض؛ فالتعلم الآلي (Machine learning)، وهو عنصر أساسي في الذكاء الاصطناعي المستخدم في الرعاية الصحية، أحدث نقلة نوعية في هذا المجال من خلال تحسين التشخيص والعلاج؛ فعن طريق معالجة كميات هائلة من البيانات السريرية، يمكن للخوارزميات تحديد الأنماط والتنبؤ بالنتائج الطبية بدقة كبيرة.
كما تساعد تقنية "التعلم الآلي" في تحليل سجلات المرضى، والتصوير الطبي، واكتشاف علاجات جديدة؛ ما يساعد المتخصصين في الرعاية الصحية على تحسين العلاج وخفض التكاليف. وكذلك يُتيح التعلم الآلي التشخيص الدقيق للأمراض، وتقديم علاجات مخصصة، واكتشاف التغيرات الطفيفة في العلامات الحيوية، والتي قد تشير إلى مشكلات صحية محتملة. ولعل أبرز الأمثلة على تقنيات التعلم الآلي برنامج (EchoNext) الذي يتم توظيفه في اكتشاف أمراض القلب الهيكلية بنسبة دقة تبلغ 77%، وقد أسهم بالفعل في اكتشاف آلاف الحالات عالية الخطورة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك أداة "معالجة اللغة الطبيعية" (NLP) وهي أحد أشكال الذكاء الاصطناعي التي تُتيح لأجهزة الكمبيوتر فهم اللغة البشرية واستخدامها، ويُستخدم هذا النوع من الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية بشكل متزايد، وهو ما يُسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية من خلال تشخيص أدق، وتبسيط الإجراءات السريرية.
على الجانب الآخر، يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا كبيرًا في الجوانب الإدارية للرعاية الطبية؛ فمن خلال أتمتة المهام الروتينية، مثل: إدخال البيانات، ومعالجة المطالبات، وتنسيق المواعيد، تُتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي لمقدمي الرعاية والمؤسسات الصحية توفير الوقت للتركيز على رعاية المرضى.
علاوة على ذلك، يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تقليل الأخطاء البشرية من خلال تسريع مراجعة السجلات الطبية، والصور الشعاعية، ونتائج الاختبارات. ومع منحه للمهنيين الطبيين مزيدًا من التحكم في سير عملهم، يمكنهم تقديم رعاية ذات جودة عليا مع الحفاظ على الكفاءة في التكاليف.
أشار التحليل إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي توفر فرصًا كبيرة لمعالجة أزمات أنظمة الرعاية الصحية، وخاصة المتعلقة بارتفاع النفقات وأزمة القوى العاملة؛ فالتقديرات تشير إلى أن نفقات الرعاية الصحية قد ارتفعت بوتيرة سريعة خلال السنوات العشرين الماضية، ويُقدّر أن ما لا يقل عن 20% من هذه النفقات يتم هدرها.
في الوقت نفسه، يواجه قطاع الرعاية الصحية أزمة حادة في القوى العاملة؛ إذ تُقدِّر "منظمة الصحة العالمية" (WHO) وجود عجز بنحو 10 ملايين عامل صحي بحلول عام 2030، خاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. كما أن العاملين في قطاع الصحة يعانون من الإرهاق الشديد؛ حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 50% من المهنيين الصحيين يعانون من الاحتراق الوظيفي.
وفي هذا السياق، يأتي دور الذكاء الاصطناعي ليحدث تغييرات جوهرية في تنظيم الرعاية الطبية، من خلال نقل المهام الحيوية وتعزيز أداء العاملين في القطاع الصحي، وهو ما يؤدي إلى تحسين نتائج المرضى ورفع كفاءة التشغيل.
أوضح التقرير أنه رغم المكاسب التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية، لا يخلو الأمر من تحديات عديدة تتطلب التعامل معها، خاصة مع تزايد استثمارات المؤسسات الصحية في استخدام هذه التقنيات، ويأتي في مقدمة هذه التحديات:
-خصوصية البيانات: حيث تُعَد حماية البيانات الشخصية من أبرز المخاوف المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية؛ فأنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد على كميات هائلة من بيانات المرضى لتعمل بكفاءة، لكن أي سوء في التعامل مع هذه البيانات قد يؤدي إلى خروقات في الخصوصية. وتزداد الخطورة عندما تكون تلك البيانات مدرجة على منصات سحابية أو مجموعات بيانات غير محمية بشكل كافٍ.
-غياب أطر تنظيمية واضحة: رغم أن بعض المناطق، مثل الاتحاد الأوروبي، تبنَّت تشريعات شاملة مثل قانون الذكاء الاصطناعي (EU AI Act) لعام 2024، فإن العديد من الدول -خاصة في الجنوب العالمي- لا تمتلك تنظيمًا واضحًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية. هذا التباين يعقِّد عملية نشر أدوات الذكاء الاصطناعي عالميًّا، خاصة بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات.
-صعوبة مواكبة التطورات: هناك صعوبة في مواكبة قطاع الصحة للابتكارات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ فالذكاء الاصطناعي يُعَد قطاعًا ناشئًا، ومعظم الشركات العاملة فيه لا يتجاوز عمرها عشر سنوات، بينما قطاع الرعاية الصحية يُعَد صناعة ناضجة تهيمن عليها مؤسسات راسخة. هذا التفاوت بين طبيعة القطاعين قد يُبطئ وتيرة الابتكار، من خلال الإجراءات والهياكل المتجذّرة التي قد تعوق تبني التقنيات الجديدة.
-صعوبات التكامل مع أنظمة المعلومات الصحية: يتطلب تطبيق الذكاء الاصطناعي في المستشفيات دمجًا فعّالًا مع السجلات الصحية الإلكترونية وقواعد بيانات التصوير الطبي وسير العمل السريري، ومع هذا، فالعديد من المؤسسات الصحية تفتقر إلى البنية التحتية التكنولوجية والمعايير اللازمة لضمان هذا التكامل؛ ما يؤدي إلى تنفيذ مجزَّأ وأعباء إدارية إضافية.
-التحيّز الخوارزمي والعدالة الصحية: تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على البيانات التي تُدرَّب عليها، وإذا كانت هذه البيانات تفتقر إلى تمثيل سكاني متنوع، فقد يؤدي ذلك إلى أداء ضعيف في تشخيص أو علاج فئات معينة من السكان. وقد كشفت عدة دراسات أن العديد من النماذج التجارية المستخدمة في الرعاية الصحية أظهرت تحيزًا عنصريًّا واجتماعيًّا؛ مما يُعمِّق الفجوات في جودة الرعاية الصحية.
-مقاومة القوى العاملة: رغم تزايُد الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي، فإن كثيرًا من العاملين في المجال الصحي يبقون مترددين أو مقاومين له، بسبب مخاوف من فقدان الوظائف أو المسؤولية القانونية أو نقص التدريب.
وفي هذا السياق، يُعد كسب ثقة الأطباء وقبولهم أمر بالغ الأهمية لنجاح تطبيق الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي. ولحدوث ذلك؛ يجب أن تتاح للأطباء إمكانية الاطلاع على كيفية اتخاذ النظام للقرارات، والتأكد من اعتماده على معلومات طبية دقيقة وحديثة. كذلك، يجب أن يكون استخدام هذه الأنظمة ملتزمًا بالقوانين والضوابط لضمان الاستخدام الأخلاقي وعدم تعريض المرضى للخطر.
وأوضح المركز أنه في ظل المزايا العديدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، بدأ عدد من الدول في توظيفه بشكل متزايد لدعم جهودها في مواجهة تفشي الأمراض، ومن بين أبرز هذه الدول: الدانمارك والصين وبريطانيا ورواندا ومالاوي.
وفي هذا الصدد؛ تُعَد الدانمارك تجربة رائدة في التحول الرقمي والاعتماد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في الرعاية الصحية؛ حيث تستثمر في تطوير "مستشفيات المستقبل" التي تعتمد على الأتمتة والخدمات الرقمية.
كما أنشأت الدانمارك عددًا من المنصات الابتكارية المرتبطة مباشرة بالمستشفيات، مثل مستشفى جامعة "جنوب الدانمارك"، بهدف تجربة الحلول التقنية في بيئة سريرية حية. وتشمل هذه المراكز: "مركز الروبوتات السريرية" الذي يدمج التقنية مع المهام اللوجستية والعلاجية، و"مركز الذكاء الاصطناعي الإكلينيكي" المعني بتطوير أدوات تحليلية تدعم التشخيص، و"مركز التكنولوجيا الطبية المبتكرة" الذي يركِّز على الطب عن بُعد والتطبيقات الذكية.
أوضح التحليل أن هذه المنصات تُتيح التعاون المباشر بين المهندسين والأطباء؛ مما يُعجِّل باختبار الحلول وتكييفها مع احتياجات الواقع السريري، كما توفر للشركات -لا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة- نموذجًا متكاملًا جاهزًا للتوصيل والتشغيل يتيح اختبار المفاهيم وتطوير النماذج الأولية بالتعاون مع الفرق الطبية؛ حيث يتم التركيز على الحلول التي تعالج تحديات حقيقية داخل المستشفيات، مثل: تقليل المهام المتكررة، وإتاحة وقت أكبر للرعاية المباشرة.
وفي "المختبر الوطني للروبوتات" بجامعة هيريوت‑وات في بريطانيا، تم تطوير "روبوت ARI" لدعم المرضى بعد الجراحة أو الإصابات؛ حيث يُوجِّه المرضى خلال تمارين إعادة التأهيل؛ مما يخفف الضغط على أخصائي العلاج الطبيعي.
وفي الصين، اعتمدت المستشفيات الكبرى منذ يناير 2025 نموذج (DeepSeek)، الذي يدمج الذكاء الاصطناعي في مجالات علم الأمراض وتحليل الصور الطبية ودعم القرار الإكلينيكي. وقد بدأت الصين في تطبيقه بالمؤسسات الطبية الكبرى في شنغهاي، ثم توسعت على الصعيد الوطني، وقد أدى ذلك إلى تحسين دقة التشخيص، وتسريع سير العمل، وتخفيف الضغط على الأطباء.
وكذلك، وظَّفت رواندا الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن مرض "جدري القرود" (Mpox)، وهو مرض نادر وقاتل تفشّى بين عامي 2022 و2023؛ ما ساعد في التصدي السريع للمرض وحماية الفئات المعرضة للخطر.
أيضًا، في مدينة "ليلونغوي" في مالاوي، تم توظيف نظام مراقبة الأجنة المدعوم بالذكاء الاصطناعي، الذي طُوِّر بالشراكة بين شركة البرمجيات الأمريكية (PeriGen) ووزارة الصحة في مالاوي ومستشفى "تكساس للأطفال" الأمريكية، وقد أسهم بالفعل في خفض وفيات حديثي الولادة بنسبة 82% خلال ثلاث سنوات؛ حيث يقوم بتحليل نبض الجنين بشكل مستمر، وينبِّه الطاقم الطبي فورًا للتدخل، وهو ما يُعَد تحسنًا كبيرًا مقارنة بالفحوصات اليدوية المتقطعة.
وأشار التحليل إلى أنه في ظل الاعتماد المتزايد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، أوصى العديد من المنظمات الدولية بتضمين هذه التطبيقات ضمن منصات الصحة الوطنية؛ حيث يمكن للدول ذات البنية التحتية الرقمية الأساسية تبني أدوات بسيطة، مثل: روبوتات المحادثة التنبيهية، وتذكيرات الرسائل النصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بينما الدول ذات النظم القوية يمكنها اعتماد تطبيقات أكثر تقدمًا كالتنبؤ الفوري بالأوبئة، وتحسين إدارة الموارد.
وأوضح المركز أنه على الرغم من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في تحسين التشخيص وتسريع العلاج وتخفيف الأعباء الإدارية، فإن التحديات المصاحبة له لا تقل أهمية؛ فحماية الخصوصية، وضمان الإنصاف، وبناء الثقة، وتحقيق التنظيم الفعّال، كلها قضايا لا بُدَّ من معالجتها بجدية، ويتطلب تجاوز هذه التحديات تنسيقًا وثيقًا بين الحكومات، والمطورين، والمؤسسات الصحية، ومنظمات المجتمع المدني، من أجل تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي موثوقة وأخلاقية وشاملة.