تسير المفاوضات السياسية في لبنان على وقع التطورات الاقليمية، وفي الوقت الذي تسعى فيه القوى السياسية لتحسين شروطها ومكتسباتها، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات إضافية تُعيد تشكيل المشهد في المنطقة ورسم التوازنات ومعادلات القوة ما من شأنه أن يؤثر على الساحة اللبنانية بشكل مباشر.

تقول مصادر سياسية مطّلعة أن تزايد الحديث عن حسم القرار الإسرائيلي بتوجيه ضربة لطهران قد يكون واقعياً الا أن حساباته معقّدة، إذ إنّ أحداً لا يستطيع أن يضمن أن تؤدي الضربة الاسرائيلية لايران، مهما كانت قوية، الى إسقاط النظام، بغضّ النظر عن الحسابات الداخلية في اسرائيل أو التوقعات التي تشير الى احتمال حصول انهيار دراماتيكي، بل على العكس فإنّ النظام قد يكون قادراً على إعادة تكوين نفسه بسرعة فائقة، وحينها من يضمن للرئيس الاميركي دونالد ترامب أن تنتهي الضربة الاسرائيلية عند الحدّ المخطط له والا تتدحرج الامور الى حرب طويلة الأمد بين إيران واسرائيل تؤدي الى تدمير الطرفين وغرق الولايات المتحدة الاميركية في مستنقع الشرق الاوسط مجدداً.

لذلك فإنّ كل التطورات الحالية والتي تتسارع بشكل لافت لا يمكن أن تحسم قرار الضربة ونتائجها بالسلاسة التي يتوقعها البعض.

وتشير المصادر الى أنّ هذه المرحلة هي مرحلة جسّ النبض على كل المستويات، من أصغر ملفّ سياسي داخلي الى أكبر قضية اقليمية، خصوصاً ان التحالفات في المنطقة قد لا تبقى على حالها وقد تتبدّل ربطاً بالعديد من الحسابات. وهذا سيؤدي حتماً الى اعادة تشكيل الواقع الاقليمي ضمن توازنات جديدة.  

من هُنا، ترى المصادر بأن كل الضربات التي وُجّهت خلال الاشهر الفائتة والتي كانت تهدف الى اضعاف المحور الايراني ليست نهاية المطاف، سيما وأن اسرائيل قد عجزت عن انهاء المقاومة الفلسطينية في غزّة (حماس) بالرغم من اضعافها، وهذا الامر سيمكّنها بوصفها حركة تحرّر غير نظامية ومنظومة حزبية دينية من اعادة ترميم تفسها بسرعة قياسية، وهذا أيضاً ينطبق على "حزب الله" الذي بالرغم من تضرّره بضربات قاسية لا يزال يحافظ على بنيته العسكرية الأساسية، وليست المدنية والتنظيمية وحسب. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الضربة الإسرائيلية لإيران.. التوقيت والدلالات والتداعيات

القدس المحتلة- فجر الجمعة، تغير المشهد في المنطقة فجأة، مع تنفيذ إسرائيل سلسلة ضربات جوية مركزة داخل العمق الإيراني، استهدفت مواقع شديدة الحساسية، أبرزها منشآت نووية وقيادات رفيعة في الحرس الثوري والبرنامج النووي الإيراني.

ورغم التكتم الرسمي، سرَّبت مصادر أمنية إسرائيلية معلومات تفصيلية عن 3 عمليات نفذها "الموساد" بالتزامن مع الهجمات الجوية ضمن العملية التي سمتها إسرائيل "الأسد الصاعق"، مما يشير إلى أن ما جرى لم يكن مجرد قصف جوي عابر، بل عملية متعددة الأذرع وواسعة النطاق، تهدف إلى شلّ مفاصل القوة الإيرانية من الداخل.

وشملت الضربات منشآت نووية بالغة الأهمية، في مقدمتها منشأة "نطنز" التي تعد القلب التقني للمشروع النووي الإيراني، إلى جانب اغتيال شخصيات قيادية وازنة، منها رئيس الأركان، وقائد فيلق بالحرس الثوري، وعلماء بارزون في المجال النووي.

الضربة، كمرحلة أولى من عملية أوسع، حملت طابعا استخباراتيا دقيقا، لتحقيق أهداف معنوية وإستراتيجية، لإظهار اختراق عميق للنظام الإيراني وتقويض ثقته بقدراته الدفاعية.

خطة تضليل

لم يكن عنصر المفاجأة صدفة، بل نتيجة خطة تضليل محكمة اعتمدت على تسريبات مدروسة عن خلافات مع واشنطن، وتصريحات إسرائيلية موجهة توحي بعدم نية التصعيد، تزامنا مع انشغال طهران بالمفاوضات النووية، مما عزَّز شعورها بالأمان الزائف.

إعلان

ورغم نفيها الرسمي، تشير التحليلات إلى أن واشنطن قدَّمت دعما استخباراتيا ولوجيستيا للعملية، في إطار تفاهم غير معلن بين واشنطن وتل أبيب لتحجيم إيران دون التورط في مواجهة مباشرة.

ويذهب محللون إلى القول: إن إيران تقف اليوم على حافة منعطف تاريخي، قد يؤدي إلى تصدع داخلي، إن فشلت في ترميم هيبتها أو تثبيت قدرتها على الردع.

وعليه، فإن أي رد قوي ومباشر من إيران قد يستدرج الولايات المتحدة إلى مواجهة مفتوحة، مما سيفضي إلى تداعيات كارثية على الداخل الإيراني.

وترى بعض التحليلات أن ما جرى ليس مجرد هجوم، بل اختبار إستراتيجي قد يمهد لتغيرات جوهرية في توازن القوى بالمنطقة، إذ تتوافق القراءات أن الضربة أبرزت عمق الاختراق الاستخباراتي الذي وصل إلى كبار القيادات والهيئات الحساسة.

وزير الحرب الإسرائيلي يجتمع بقيادة رئاسة الأركان بمقر الوزارة بتل أبيب عقب ضرب إيران (الجيش الإسرائيلي) بموافقة أميركية

ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن ما جرى لم يكن ليحدث دون تنسيق مسبق مع أميركا، رغم نفي الأخيرة المتكرر مشاركتها في العملية.

ويوضح شلحت للجزيرة نت أن سياق العملية جاء في وقت حساس، تزامنا مع مباحثات نووية بين طهران وواشنطن، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول التوقيت، ويعزز فرضية وجود تفاهم غير معلن بين تل أبيب وواشنطن.

ويشير إلى أن تسريبات إسرائيلية وأميركية تؤكد تنسيقا كاملا مع واشنطن في تنفيذ الضربة، رغم نفيها الرسمي، معتبرا أن الإنكار الأميركي محاولة لتفادي التورط العلني في التصعيد.

ويعتقد أن توقيت الضربة مرتبط بدوافع إسرائيلية داخلية، أبرزها احتجاجات متصاعدة، وفشل عسكري في غزة، وضغوط أميركية، مما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- لتوجيه الضربة بهدف إنقاذ حكومته، وإعادة ضبط المشهد السياسي الداخلي والحفاظ على تماسك الائتلاف.

إعلان

ولم تقتصر الضربة -حسب شلحت- على استهداف منشآت نووية أو مواقع عسكرية فحسب، بل أرادت خلق حالة من الفوضى القيادية داخل النظام الإيراني، وذلك باغتيال قيادات عسكرية وأمنية بارزة وعلماء في البرنامج النووي، الأمر الذي يشير إلى سعي إسرائيلي واضح لشلّ قدرة إيران على التحكم بالردّ الميداني.

وبشأن الرد الإيراني، يتوقع شلحت أن يكون قويا ومباشرا، وليس رمزيا، نظرا لحجم الخسائر التي تكبدتها طهران، ولأن إسرائيل تجاوزت كافة الخطوط الحمراء، ويرى أن أي رد إيراني محدود سيكون بمثابة اعتراف غير مباشر بنجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها الإستراتيجية.

ويختم قائلا: إن نتائج الضربة الأولية تؤكد وجود اختراق إسرائيلي عميق داخل المنظومة الإيرانية، وأن طهران تقف اليوم أمام لحظة فارقة، حيث سيحدد شكل ردّها ما إذا كانت لا تزال قادرة على فرض معادلات ردع، أم أنها دخلت مرحلة تراجع إستراتيجي في ظل مفاوضات نووية شائكة مع واشنطن.

جانب من أسراب طائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي ضربت مواقع ومنشآت في إيران (الجيش الإسرائيلي) بين الضغط والرد

من جهته، يقارب الكاتب والمحلل السياسي طه إغبارية، الضربة الإسرائيلية لإيران من زاوية التوقيت والبعد الإستراتيجي، مؤكدا أنها جاءت في لحظة حساسة من مسار المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، حيث كانت تستعد لجولة مفصلية من المحادثات.

وقال للجزيرة نت: إن التصعيد الإسرائيلي لم يكن مفاجئا، بل سبقه تمهيد إعلامي وتصريحات متكررة عن الجهوزية والنية لضرب إيران، مما عكس استعدادا نفسيا وميدانيا لدى الرأي العام الإسرائيلي.

ويجزم إغبارية بأن مثل هذه الضربة لا يمكن تنفيذها دون تنسيق مع أميركا، قائلا: إن واشنطن وإن لم تشارك بشكل مباشر في العملية العسكرية، فإنها مستفيدة منها سياسيا، وتستخدمها كورقة ضغط على إيران لدفعها نحو تقديم تنازلات في المفاوضات النووية وقبول الشروط الأميركية.

إعلان

أما على المستوى الداخلي الإسرائيلي، فيرى إغبارية أن نتنياهو، المعروف بسعيه للهروب إلى الأمام عند الأزمات، وجد في هذه العملية فرصة لتعزيز موقعه السياسي، بعد سلسلة إخفاقات في غزة وفشله في وقف معركة "طوفان الأقصى".

ويعتقد أن الضربة قد تكون جزءا من مخطط عسكري أُعد له مسبقا، واستثمره نتنياهو في وقت حساس لحصد مكاسب سياسية داخلية، لا سيما في ظل تصاعد الغضب الشعبي وضعف حكومته.

ويضيف أن تداعيات هذه الضربة قد تتجاوز الأهداف العسكرية المباشرة، لتفتح الباب أمام تحولات سياسية داخل إسرائيل والمنطقة، خصوصا إذا اتضح لاحقا أن إسرائيل نجحت في تحقيق أهدافها الإستراتيجية من الضربة.

ويخلص الكاتب إغبارية إلى أن الرد الإيراني سيكون العامل الحاسم في تحديد مسار الأحداث، مشيرا إلى أن ردا محدودا سيمنح إسرائيل تفوقا سياسيا ومعنويا، في حين يفتح أي رد قوي الباب أمام مواجهة شاملة، مما قد يستدعي تدخلا أميركيا ودوليا سريعا لاحتواء التصعيد ومنع اندلاع حرب إقليمية واسعة.

مقالات مشابهة

  • ايران تعلن مقتل علي شمخاني المستشار الأبرز للمرشد الإيراني في الضربة الاسرائيلية
  • ماذا بعد الضربة التي صعقت رأس النظام ؟!
  • هل تغيّر الضربة الإسرائيلية لإيران معادلة الحرب في غزة؟
  • هل تصمد أسواق النفط أمام الضربة الإسرائيلية لإيران؟
  • الضربة الإسرائيلية لإيران.. التوقيت والدلالات والتداعيات
  • فصل جديد في الشرق الأوسط يكتب بالنار| إيران تستعد لرد حاسم على الهجوم الإسرائيلي.. وهذا موقف أمريكا والصين وروسيا
  • خام برنت يلامس 78 دولاراً للبرميل بعد الضربات الاسرائيلية لإيران
  • بعد الضربة الإسرائيلية لإيران.. النفط يقفز والأسهم الأمريكية تهوي
  • تفاصيل جديدة لأخطر قضايا التجسس التي طالت السلك الدبلوماسي اليمني في الخارج
  • الإفراج عن الفتاة التي أساءت لفريق رياضي لدولة مجاورة