في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه العالم العربي والإسلامي، تبدو الحاجة ملحة لاستلهام نماذج عملية قادرة على الموازنة بين الهوية الثقافية والدينية من جهة، ومتطلبات التحديث والانفتاح على العصر من جهة أخرى.

التجربة المغربية في تعديل مدونة الأسرة تشكل مثالًا بارزًا في هذا السياق، حيث استطاعت أن تقدم رؤية متوازنة تجمع بين الأصالة والمعاصرة دون إقصاء لأي من الطرفين.

نجاح المغرب في هذه التجربة لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج اجتهاد فكري ومقاصدي عميق ارتكز على أصول الشريعة، مع الانفتاح على المستجدات الاجتماعية والثقافية.

التعديلات التي أُدخلت على مدونة الأسرة، سواء فيما يخص تقييد تعدد الزوجات أو تحديد سن الزواج، جاءت كاستجابة لقضايا العصر، مع الحفاظ على روح الشريعة التي تراعي العدل والإنصاف.

في العالم العربي والإسلامي، قد يكون السؤال المحوري هو كيف يمكن للدول الأخرى أن تتبنى نموذجًا مشابهًا يُراعي خصوصياتها الثقافية والدينية؟ التجربة المغربية أظهرت أن تحقيق التوازن ممكن، شريطة وجود إرادة سياسية واضحة، وحوار مجتمعي جاد، وإطار مرجعي يجمع بين الشرعية الدينية والرؤية المستقبلية.

الإصلاح في هذا السياق ليس خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة لاستيعاب التغيرات السريعة التي يشهدها العالم. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل يمكن أن تتحول التجربة المغربية إلى قاعدة ملهمة لبناء منظومات قانونية أكثر توازنًا في الدول العربية والإسلامية؟ 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهوية الثقافية العالم العربي والإسلامي أصول الشريعة المزيد

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: ابدأ بنفسك دعوة للإصلاح في زمن الغربة على نهج رسول الله ﷺ

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه عندما جاء سيدنا رسول الله ﷺ كان وحده يدعو إلى ربه، ولا أحد معه، فبدأ بدعوته حتى أصبح أكثر الأنبياء تبعًا إلى يوم القيامة، بل أكثر البشر تبعًا؛ فلم يعرف التاريخ –قديمه وحديثه- رجلا أتباعه الأقوام بهذه الكثرة، وعلى مر العصور، مثل نبينا ﷺ.

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الرجال تُعرف بالحق، ولا يُعرف الحق بالكثرة، ولا بالرجال، فإن النبي ﷺ يقول: «عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل، والرجلين، والنبي وليس معه أحد» [موطأ مالك ، وابن حبان] يعني: ولا يضره ذلك، لأنه كان على الحق.

دعاء للحبيب في السنة الهجرية الجديدة 1447.. يصلح حاله ويوسع رزقهدعاء هلال شهر محرم.. بهذه الكلمات نستقبل العام الهجري الجديد

وأشار الى أنه لابد من التغيير، قال ﷺ: «ابدأ بنفسك، ثم بمن يليك» [مسلم ، وبهذا اللفظ أخرجه العجلوني في كشف الخفاء].

والإسلام كما بدأ غريبًا مستضعفًا معتدًى عليه، يعود كذلك، كما أخبرنا بذلك النبي ﷺ: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء» [رواه مسلم والترمذي]. وفي رواية الطبراني زيادة: «قيل: ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلِحون إذا فسد الناس».

فوَطِّن نفسَك -أيها المؤمن- أن تكون من الغرباء المُصلحين، ولا تكن إمَّعة، فقد نهانا رسول الله ﷺ عن ذلك، فقال: (لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم؛ إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا) [الترمذي].

وأمامنا فرصة أن نكون من أحباب رسول الله ﷺ ، وأعظم درجة ممن سبقونا، وإن كانوا هم في المنزلة الأعلى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «متى ألقى أحبابي؟ فقال بعض الصحابة: أوليس نحن أحباؤك؟ قال: «أنتم أصحابي، ولكن أحبابي قوم لم يروني وآمنوا بي، أنا إليهم بالأشواق» [أبو الشيخ في الثواب]

وفي مسند الفردوس للديلمي زيادة: «أنا إليهم بالأشواق».

وعن رجاء بن حيوة رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله ﷺ ومعنا معاذ بن جبل، عاشر عشرة، فقلنا : يا رسول الله، من قوم أعظم منا أجرا؟ آمنا بك واتبعناك!

قال : ما يمنعكم من ذلك، ورسول الله بين أظهركم، يأتيكم الوحي من السماء ؟!

بلى، قوم يأتون من بعدكم، يأتيهم كتاب بين لوحين، فيؤمنون به، ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجرا، أولئك أعظم منكم أجرا ،أولئك أعظم عند الله أجرا» [الطبراني].

فهلا دخلنا في دائرة الحب لسيدنا رسول الله ﷺ، وجعلناه أسوتنا واتبعناه حقا، ففي زمن الغربة الأول، بدأ رسول الله ﷺ بمنهج البداية بالنفس، فقال ﷺ: «ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول» [رواه مسلم وابن حبان].

ففي هذا الزمان، يكون إصلاح النفس وتربيتها أولى من الانغماس في أمر العامة، ثم بعد هذه المرحلة، يمكن أن يتدرج المؤمن للانغماس في أمر العامة لإصلاحهم، يقول النبي ﷺ: «إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع العوام، فإن من ورائكم أياما، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم».

قال عبد الله بن المبارك: «قيل: يا رسول الله، أجر خمسين منا أو منهم؟قال: بل أجر خمسين منكم» [رواه الترمذي].إذن، علينا أن نبدأ بأنفسنا، ثم بمن نعول، وأن نتحمل المسؤولية عن أفعالنا، وألّا نُبرِّرَ أخطاءنا.

طباعة شارك الدعوة الى الله تغيير النفس للأحسن ابدأ بنفسك ثم بمن يليك

مقالات مشابهة

  • محمد عبد الجواد يكتب: فسيكفيكهم الله
  • ولد الرشيد يعرض التجربة التنموية المغربية في منتدى برلمان أمريكا الوسطى في سان سلفادور
  • محمد بن زايد: الإمارات تدعم جميع الإجراءات التي تتخذها قطر للحفاظ على سيادتها
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الأمنيات
  • د.محمد عسكر يكتب: ماذا يعني تسريب 16 مليار كلمة مرور حول العالم؟
  • محمد مندور يكتب: الشتاء النووي .. ماذا لو اندلعت الحرب الكبرى؟
  • علي جمعة: ابدأ بنفسك دعوة للإصلاح في زمن الغربة على نهج رسول الله ﷺ
  • رغم وداع مونديال الأندية.. الأهلي المصري يكتب تاريخا جديدا
  • وسام أبو علي يكتب التاريخ بهاتريك جديد للأهلي في مونديال الأندية
  • منال بنت محمد: ملتزمون بتقديم نموذج في منح المرأة ما تستحقه