قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن سكان العاصمة السورية دمشق يتنزهون اليوم على قمة جبل كان محظورا عليهم صعوده، ويتاجرون علانية بالدولار ويستوردون قهوة نسكافيه، معلنين أنهم استعادوا مدينتهم من جديد.

وأشارت الصحيفة -في تقرير بقلم رجاء عبد الرحيم من دمشق- إلى أن جبل قاسيون الذي يطل على العاصمة، والذي كان متنزها تقضي فيه سمية عينايا ورفاقها عطلات نهاية الأسبوع وليالي الصيف، أغلقه الجيش بعد وقت قصير من اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، وبدلا من إطلاق العائلات والأصدقاء للألعاب النارية في سمائه، أصبح الجنود يطلقون نيران الدبابات والقاذفات والمدفعية منه على مناطق المعارضة أسفله.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من هي هند رجب التي ترعب ألف جندي إسرائيلي وتطاردهم في الخارج؟list 2 of 2ناشونال إنترست: ترامب على خطى ريغان بفرض السيطرة على قناة بنماend of list

وفي ليلة رأس السنة الجديدة هذا العام، عادت عينايا (56 عاما) وعائلتها إلى جبل قاسيون تحمل الوجبات الخفيفة والمشروبات الغازية، لتستعيد مكانها الترفيهي المفضل، وقالت وهي تقف على الجبل وتشير إلى معالم دمشق "الحمد لله لقد عدنا الآن. نشعر وكأننا نستطيع التنفس مرة أخرى"، وأكمل ابنها محمد قطفاني (21 عاما) قائلا "نشعر وكأن المدينة عادت إلينا".

لم نكن نرى دمشق

وأشارت الصحيفة إلى أن السوريين في جميع أنحاء دمشق والبلاد، يستعيدون من جديد المساحات والحريات التي كانت محظورة لسنوات في ظل نظام بشار الأسد، حين كانت هناك أماكن لا يسمح للسوريين العاديين بالذهاب إليها وأشياء لا يُسمح لهم بقولها.

إعلان

غير أن الشعور الجديد بالحرية يرافقه بعض الخوف والقلق من المستقبل، وما قد تفرضه حكومة شكلها معارضون إسلاميون -على حد تعبير الصحيفة- مع مرور الوقت من قيود وحدود جديدة.

ورغم القلق، يعود الناس لاكتشاف المساحات في مختلف أنحاء دمشق، وتسمع في الشارع أغاني احتجاجية كانت كفيلة بإيداع صاحبها السجن قبل شهر. يقول يمان السبك، أحد قادة مجموعة الشباب، في ظل نظام الأسد "لم نكن نرى دمشق ولا غيرها بكل تفاصيلها. توقفنا عن الذهاب إلى الأماكن العامة لأننا شعرنا أنها ليست لنا بل للنظام".

هدم الرموز السابقة

تم هدم أيقونات نظام الأسد -كما تقول الكاتبة- ويلعب الأطفال الآن على القواعد والركائز التي كانت تحمل ذات يوم تماثيل شاهقة للأسد ووالده وشقيقه، وتغطي الجداريات المساحات التي كانت تحمل شعارات مؤيدة للنظام.

وفي ما كان مقرا لحزب البعث الذي يمثل قبضة عائلة الأسد الشمولية على الخطاب السياسي، تجمع مئات الأشخاص لسماع الممثلة والناشطة السورية يارا صبري التي كانت قبل أسابيع في المنفى بسبب نشاطها، تتحدث عن السجناء والمفقودين في البلاد، وقالت "نحن جميعا نقرر ما نريده أن يكون".

وقالت سلمى هنيدي منظمة الحدث، إن اختيار المكان كان متعمدا، "كان هذا مكانا لم نتمكن من القيام بأي أنشطة فيه، والآن نقيم فيه أنشطة مهمة تكشف النظام السابق"، وأضافت "تشعر سوريا بأنها أكبر، وتشعر الشوارع بأنها أكبر، اختفت الصور التي كانت تزعجنا والشعارات التي كانت تزعجنا. اعتدنا أن نشعر بالقيود من قبل".

العملات الأجنبية بكل مكان

وفي الوقت الحالي هناك مستوى من الفوضى -كما تقول الصحيفة- كاختفاء العديد من القيود واللوائح الاقتصادية، وبعد أن كان مجرد نطق كلمة "دولار" قد يؤدي إلى السجن في ظل حكم الأسد، فقد انتشرت عمليات صرف العملات الأجنبية في كل مكان على ما يبدو اليوم.

واليوم يصرخ الرجال في الأسواق "صرف. صرف"، وها هو محمد مراد (33 عاما) الذي كان يعمل سرا في بيع العملات، يجلس في سيارته وعلى نافذتها لافتة تقول "دولار ويورو وتركي".

إعلان

وفي الجهة المقابلة من الشارع -كما تقول الصحيفة- تغيرت أرفف متجر حسام الشريف الذي يقول "كنت أبيع هذه العلامات التجارية لعملائي الدائمين وحدهم، وليس لأي شخص يأتي إلى المتجر"، واليوم تختلط المنتجات السورية علانية مع العلامات التجارية من تركيا وأوروبا والولايات المتحدة.

وقبل 3 سنوات -كما تذكر الصحيفة- دخل ضابط شرطة متجر الشريف ورأى 6 بيضات شوكولاتة كيندر في صندوق زجاجي في الخلف، وحُكِم على التاجر بغرامة قدرها 600 ألف ليرة سورية، أو ما يقرب من 50 دولارا مع السجن لمدة شهر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات التی کانت

إقرأ أيضاً:

تايمز: إعادة إعمار غزة تحتاج 10 سنوات بتكلفة 50 مليار دولار

من بين أنقاض منزله المدمَّر، كان حمزة الشامي ينظر إلى مشهد من الدمار الكامل. ما إن بدأ وقف إطلاق النار في غزة يوم الجمعة الماضي، حتى أسرع الشاب البالغ من العمر 29 عاما، وهو فني حاسوب، إلى حيّه في خان يونس قادما من الخيمة التي كان يحتمي بها في الجهة الغربية من المدينة.

قال الشامي لصحيفة تايمز البريطانية "ذهبت مباشرة لأرى منزلي، لكنني وجدت مجرد أنقاض. كان البيت مكوَّنا من عدة طوابق، وفيه ورشة كنت أعمل فيها مع إخوتي، لكنه دُمّر بالكامل. كل شيء اختفى. حتى الشوارع والمعالم التي كنت أعرفها أصبحت غير قابلة للتعرّف عليها".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عدد محدود من شاحنات المساعدات يدخل غزةlist 2 of 2غزل أبو ريان.. طفلة غزية تناشد العالم لتأمين العيش والعودة إلى المدرسةend of list

وعلى الرغم من أن الشامي وأصدقاءه يشعرون بالارتياح لوقف إطلاق النار، فإنهم يدركون أنهم يواجهون طريقا طويلا وشاقا لإعادة بناء مدينتهم المحطّمة.

حجم الدمار غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية. فبحسب أحدث بيانات الأمم المتحدة المستندة إلى صور الأقمار الصناعية الملتقطة بين 22 و23 سبتمبر/أيلول الماضي، تبيَّن أن نحو 83% من المباني في مدينة غزة قد تضررت، من بينها نحو 17 ألفا و734 مبنى دُمّرت بالكامل.

وفي خان يونس جنوبا، الوضع مشابه. أحياء كاملة مثل حيّ الشامي سُويت بالأرض بعدما كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته خلال الأسابيع الأخيرة. وعلى مستوى القطاع، ارتفع عدد المباني المدمَّرة بمقدار الثلث مقارنة بالشهر السابق.

وتقول الصحيفة البريطانية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد تصوّر في البداية مشروع إعادة تطوير جذري على طراز "الريفييرا" لشريط غزة الساحلي الممتد بطول 25 ميلا، بحيث يتحول إلى منطقة منتجعات وفنادق فاخرة، ويُمنح سكانه أموالا لمغادرتها والعيش في أماكن أخرى.

لكنه تبنّى لاحقا خطة أقل تطرفا، يدعمها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، تقوم على إعادة إعمار غزة من أجل سكانها أنفسهم.

عملية غير مسبوقة

ويرى أندرياس كريغ، الأستاذ المشارك في كلية الدراسات الأمنية بـ"كينغز كوليدج لندن" وزميل معهد دراسات الشرق الأوسط، أن عملية إعادة الإعمار هذه "لن تشبه أي عملية أخرى في التاريخ الحديث".

إعلان

واستشهد كريغ بأمثلة من مدن دُمّرت بفعل الحروب مثل سراييفو خلال حروب يوغوسلافيا، وغروزني التي دمّرها الروس في الشيشان، والموصل التي دمّرها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، قائلا "هناك سوابق، لكن الوضع هنا مختلف تماما. في تلك الحالات كان الحديث عن مدينة واحدة، أما هنا فالأمر يعادل أربع مدن مجتمعة، فهذا قطاع ضخم بأكمله".

وأضاف أن ثمة نحو مليوني إنسان يعيشون وسط الأنقاض، كثير منهم بحاجة إلى ملاجئ ومدارس ومستشفيات مؤقتة.

ومن الفروق الجوهرية الأخرى بحسب كريغ، أن سكان غزة يحتاجون إلى بدء العمل فورا، لكن التقدّم سيكون بطيئا في ظل وجود مقاتلي حماس المسلحين في الأنفاق. لذلك، ثمة حاجة إلى قوة حفظ سلام لضمان الأمن قبل وصول التمويل والمعدات اللازمة لإعادة الإعمار.

ومع ذلك، يقول فيليب بوفيرات، المدير التنفيذي السابق في شركة تصنيع المعدات الإنشائية "جيه سي بي" (JCB)، وهو من أصحاب الخبرة في مشروعات إعادة إعمار المدن الكبرى ويعمل حاليا مع فرق في أوكرانيا، إن "المدن التي دمرتها الحروب سابقا توفر دروسا مهمة".

ويضيف "هناك ما يمكن تسميته ببرنامج لوجستي يتكون من خطوات متسلسلة يجب اتباعه، يبدأ بتوفير المياه الصالحة للشرب، والصرف الصحي، والمأوى المؤقت، ثم تخطيط شبكة الطرق ومدّ الكهرباء على طولها، ثم إزالة الأنقاض، وأخيرا جلب عمال البناء.

لكن كل مرحلة من هذه المراحل أعقد مما تبدو عليه. فقد قدّرت الأمم المتحدة أن في غزة 54 مليون طن من الأنقاض تجب إزالتها. وللمقارنة، خلّف دمار مدينة الموصل في العراق ثمانية ملايين طن فقط.

50 مليار دولار

ومن المتوقع عقد قمة كبرى في مصر يحضرها الرئيس ترامب إلى جانب قادة عرب وأوروبيين لوضع خطة إعادة الإعمار وتأمين التمويل، الذي قد يتطلب ما لا يقل عن 50 مليار دولار بحسب تقديرات البنك الدولي.

وتوقعت الصحيفة البريطانية أن تستثمر قطر مبالغ ضخمة، سواء عبر مؤسسات الدولة أو صناديق الاستثمار الخاصة، وربما تُنفذ مشاريعها بشركاتها المحلية أو بالتعاون مع مقاولين أتراك. ويتوقع أحد الدبلوماسيين السابقين أن يستخدم مستثمرون إماراتيون شركاءهم المصريين في تنفيذ مشاريع داخل غزة.

وتضيف من المرجح أيضا أن يدفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتجاه إشراك شركات المقاولات التركية بقوة، كما حدث في إعادة إعمار سراييفو.

أما من الولايات المتحدة، فتُعتبر شركتا "كيه بي آر" (KBR) و"بيتشتيل" (Bechtel) -اللتان حصلتا على عقود ضخمة في العراق- من أبرز المرشحين للفوز بعقود في غزة، إلى جانب شركتين بريطانيتين هما "بلفور بيتي" (Balfour Beatty) و"لينغ أوريكي" (Laing O’Rourke).

كما يُتوقع أن تحصد شركات التصميم البريطانية مثل "آروب" (Arup) عقودا مجزية بعدما نجحت سابقا في الفوز بمشاريع كبرى في السعودية.

ومع الدمار الهائل من حولهم، لا أحد في غزة يتوهم أن كل هذا سيحدث قريبا.

ثابت العمور، محلل من خان يونس يبلغ 47 عاما، يقدّر أن إعادة الإعمار ستستغرق عقدا كاملا، وأن إزالة الأنقاض وحدها ستتطلب عامين، وهي تقديرات تتماشى مع الرأي العام السائد.

إعلان

أما المهندس الحاسوبي شامي، فهو أكثر تفاؤلا حيث يقول "أعتقد أن إعادة الإعمار يمكن أن تمثل بداية جديدة لغزة. ستخلق آلاف الوظائف لمن فقدوا مصدر رزقهم أثناء الحرب، وقد تُنعش الاقتصاد. الشباب ينتظرون هذه الفرصة، إنهم يريدون فقط أن يعملوا ويعيشوا بكرامة".

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: هل تستطيع إسرائيل إصلاح علاقاتها مع الأميركيين؟
  • كيف يترك تغيّر المناخ بصماته على بشرتك؟
  • تايمز: إعادة إعمار غزة تحتاج 10 سنوات بتكلفة 50 مليار دولار
  • إيران تقول إنها منفتحة على مقترح نووي أميركي عادل ومتوازن
  • جدل في سوريا بعد ظهور اسم حافظ الأسد على مئذنة الجامع الأموي بدمشق
  • مئات الآلاف من أهالي غزة يعودون برسالة واحدة: لن نستسلم
  • الموقوفون السوريون... مفاوضات قانونية بمضمون سياسي
  • المنفى الذهبي.. بشار الأسد يعيش في برج فاخر بموسكو تحت رحمة بوتين
  • سكاف: هناك شيء ما يُحضر من خلال كثافة المسيّرات التي تجول في سماء لبنان
  • الشيباني يؤكد رغبة دمشق في "تجاوز عقبات الماضي" مع لبنان