موقع 24:
2025-08-01@11:09:57 GMT

سوريا على مفترق طرق

تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT

سوريا على مفترق طرق

يصعب التكهّن بمستقبل سوريا في اللحظة الراهنة، ليس فقط بالنسبة لصنّاع القرار في الإقليم والعالم، بل قبل ذلك، بالنسبة للسوريين، إذ إنهم غير متفقين على إجابة واحدة قاطعة عن مستقبل بلدهم، فمن الطبيعي أن يتفاءل البعض بالتغيير الحاصل، إذ يرون أن الأسوأ قد مرّ عليهم، وأن أي نظام سيحكمهم سيكون أفضل بكثير من نظام البعث، بعد أن تكشّفت لهم حقائق كثيرة عن المعتقلات التي كان يديرها الأمن، والمقابر الجماعية التي يضم بعضها بضعة آلاف من الجثث، التي لا يعرف أصحابها، والذين قتلوا بلا أي محاكمات.

وهناك قسم متفائل بحذر، يجد أنه من السابق لأوانه الحكم على مستقبل البلاد، ليس فقط السياسي، وإنما الاقتصادي والمعيشي والخدمي، وهناك فئة أفصحت عن تشاؤم شبه مطلق، نظراً للكمّ الهائل من التحدّيات التي تواجهها سوريا، دولة وشعباً.

إذاً، يمكن وضع عنوان عام وعريض، لكنه واقعي جداً، هو أن سوريا اليوم على مفترق طرق، لكن تحت هذا العنوان العريض، هناك تفاصيل كثيرة، ستحكم في نهاية المطاف الوجهة التي ستسلكها البلاد، والتي ستحدّد مستوى الاستقرار أو مستوى الفوضى فيها، فسوريا الخارجة من حكم البعث الذي استمرّ أزيد من خمسة عقود، عاشت السنوات الأخيرة في حالات انقسام عديدة، من حيث توزّع سلطات الأمر الواقع، أو من حيث الانقسام المجتمعي، أو حتى من حيث تباين الموارد، واختلاف الحلفاء.
الإدارة الجديدة للبلاد تحاول أن ترسل رسائل إيجابية على المستوى الإقليمي، لكن هذه النقطة بحدّ ذاتها تبدو مقلقة، فالإقليم منذ 2011 يعيش جملة من التناقضات بين دوله، ورؤى متباينة حول طبيعة نظام الأمن والاستقرار، واختلافاً في وزن اللاعبين وأدوارهم، كل ذلك يجعل من الصعب على من يحكم سوريا اليوم أن يكون بمنأى كامل عن التجاذبات الإقليمية، وبالتالي، فإن تحديد وجهة سوريا إقليمياً سيحدّد طبيعة الداعمين للنظام الجديد، أو المنكفئين عن دعمه.
هناك وجهة نظر معتبرة في الإقليم تقول إنه لا ينبغي منح الدولة، خصوصاً في منطقة مشتعلة كمنطقتنا، هوية عقائدية ما، فكيف إذا كانت هذه الدولة هي سوريا، المتنوعة قومياً ودينياً ومذهبياً وثقافياً، ومن المعروف أن الحكم الجديد في سوريا قد أتى من خلفية عقائدية ليست خافية على أحد، لكن تطبيع الدولة بهذه الخلفية، لن يكون صداه مقبولاً في المجتمع السوري، وكذلك في الإقليم، الذي عانى ولا يزال يعاني الاستثمار في الهويات العقائدية، التي تعدّ الوصفة المثالية للانقسام المجتمعي على أساس عقائدي، وقد تؤسس في أسوأ سيناريو لها لحرب أهلية أو تقسيم.
أيضاً، إذا كان لا بد من حصول تعافٍ اقتصادي ومعيشي في سوريا، فإن هذا التعافي يحتاج إلى دعم عربي كبير، وهذا الدعم كان موجوداً في النواحي الإغاثية والإنسانية في السنوات الأخيرة، لكن هذا الأمر يختلف عن الاستثمار الذي يمكن أن تقوم به الدول أو الشركات العربية، إذ لا يمكن أن يكون هناك دعم جدّي أو استثمارات كبيرة من دون نظام حكم مستقر، وبيئة أمنية مشجعة، وتشريعات تضمن العمل بحرية وكفاءة، وهذا المناخ له متطلبات عديدة، يحتاج تحقيقها إلى بوصلة واضحة وعمل كبير.
السوريون اليوم، وفي كامل الجغرافيا السورية، يعانون نقصاً كارثياً في الخدمات، خصوصاً في حوامل الطاقة، إذ إنه من غير المتوقع أن تبدأ عجلة الإنتاج الداخلي بالخروج من أزمتها من دون أن توجد حلول عاجلة وسريعة لنقص حوامل الطاقة، فمعظم مناحي الخدمات تقوم على توفر هذه الحوامل من نفط وغاز وكهرباء، وبالتالي فإن استمرار النقص الحالي سيدفع السوريين إلى التشاؤم بقدرة البلاد على تطوير دورة الإنتاج، لاستحداث فرص عمل جديدة، إذ تحتاج سوريا سنوياً إلى حوالي 300 ألف فرصة عمل، كما أن تعافي خسائر العملة الوطنية يحتاج إلى تصدير المنتجات، وهو أمر غير ممكن إذا عجزت الإدارة الجديدة عن توفير مستلزمات الإنتاج.
الملفّات الشائكة كثيرة، وكلّها تمتلك ذات الأهمية، مع فوارق في الدرجة، إذ إن التخلّص من فوضى السلاح مرهون بقدرة الإدارة الجديدة على بناء مؤسسات وطنية غير عقائدية، لا تستثني فئة من السوريين، وهذا الأمر قد يصطدم بوجود لون واحد في الفصائل العسكرية، التي تزعم الإدارة الجديدة حلّها، وضمّها إلى الجيش، وهو أمر لن يكون مطمئناً للسوريين، كما أن هيكلة أجهزة الأمن لها الأهمية ذاتها، فمأساة السوريين التاريخية منذ الانفصال عن الوحدة مع مصر، كانت في تغوّل الأجهزة الأمنية على الحياة العامة، وبالتالي، فإن المعايير والآليات التي سيعمل بها لهيكلة الأمن، ستحدد مدى رضا السوريين عنها.
مهمّات الإدارة الجديدة داخلياً وخارجياً كبيرة وصعبة، ويبدو من المبكر الحكم على مدى النجاح في مواجهة تلك التحديات، وتجاوز العقبات الكثيرة، لكن بالطبع لن تدوم حالة عدم اليقين لسنوات طويلة، فالسوريون اليوم لم يعودوا يمتلكون ما يخسرونه للانتظار طويلاً لترجمة الوعود إلى أفعال ووقائع ملموسة، وكذلك، دول الإقليم، فهي اليوم تدعم بحذر، وتراقب التطورات، وستتّخذ مواقفها بناءً عليها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الإدارة الجدیدة

إقرأ أيضاً:

المرور: طرح مزاد اللوحات الإلكتروني اليوم الأربعاء

أعلنت الإدارة العامة للمرور، عن طرح مزاد اللوحات الإلكتروني، اليوم الأربعاء.

وأشارت الإدارة، عبر منصة «إكس»، إلى أنَّ المزاد يتم طرحه عبر منصة أبشر، التي تمكّن الراغبين في شراء اللوحات المميزة من المشاركة في المزاد إلكترونيًا.

وعن طريقة الوصول إلى الخدمة، أكدت الإدارة أنها تبدأ بالدخول لمنصة «أبشر»، واختيار خدمات من تبويب خدماتي، واختيار المرور، واختيار خدمة مزاد اللوحات الإلكتروني.

تنوه الإدارة العامة للمرور عن طرح مزاد اللوحات الإلكتروني غدًا الأربعاء، وذلك عبر منصة #أبشر التي تمكّن الراغبين في شراء اللوحات المميزة من المشاركة في المزاد إلكترونيًا. #المرور_السعودي pic.twitter.com/MHw7hO2p26

المرور السعودي (@eMoroor) July 29, 2025 أخبار السعوديةآخر أخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • ما هي نسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب؟
  • ملف حصر السلاح يضع حزب الله والدولة اللبنانية على مفترق طرق
  • وزير الإعلام: إسرائيل لا ترى بعين إيجابية وجود سوريا الجديدة بل تريدها ممزقة
  • روسيا تنفض يدها من الدم السوري وتصافح الإدارة الجديدة.. نخبرك ما نعرفه
  • روسيا تنفض يدها من الدم السوري وتصافح الإدارة الجديدة.. نخبرك مع نعرفه
  • لطفي بوجمعة : ” الحركية الكبيرة التي يعرفها القطاع نرى نتائجها مع تحقيق الإقلاع الرقمي وانفاذ الإدارة القضائية الإلكترونية”
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • المرور: طرح مزاد اللوحات الإلكتروني اليوم الأربعاء
  • طرح مزاد اللوحات المميزة اليوم عبر أبشر
  • الواقع القضائي في سوريا والتحديات التي تواجه عمل العدليات خلال اجتماع في وزارة العدل