أبرز قصائد الشاعر عبد الرحمن القرضاوي.. دأب على هجاء الحكام العرب (شاهد)
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
بعد انتشار الأنباء بخصوص الترحيل القسري للناشط السياسي والشاعر المصري الحامل للجنسية التركية، عبد الرحمن يوسف القرضاوي٬ إلى دولة الإمارات. تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، النشاط الثقافي للشاعر الذي يتّسم شعره بالهجاء والهجوم على الأنظمة العربية حتى قبل الثورة المصرية عام 2011. والتي يرى البعض بأنها: "سبب اعتقاله وتوقيفه".
عبد الرحمن القرضاوي، ولد عام 1970، وهو الابن السادس للشيخ الراحل، يوسف القرضاوي. تم إيقافه بتاريخ 29 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وذلك فور وصوله إلى لبنان، عبر معبر المصنع الحدودي، عائداً من سوريا.
وقال محاميه، محمد صبلوح، في حديثه لـ"عربي21"، إنّ: "المدعي العام التمييزي أبلغه بوجود حكم غيابي ضد موكله في مصر، إضافة إلى طلب توقيف من الإمارات بسبب فيديو صوّره القرضاوي في ساحة المسجد الأموي بدمشق".
إلى ذلك، اشتهر عبد الرحمن، كشاعر مُعارض للنظام الحاكم في مصر، وله عدة قصائد توصف بكونها "جريئة" في هجاء الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك٬ والتي منها "الهاتك بأمر الله"٬ والتي كان مطلعها (يامن لعرضي هتك٬ فقدت شرعيتك٬ من ربع قرن كئيب لعنتها طلعتك٬ أموالنا لك حل فاملأ بها جعبتك٬ خلف الحراسة دوما مستعرضا قوتك)
ما أجمل كلمات #عبدالرحمن_يوسف_القرضاوي! إنها كنصل السكين أو كطلقات النار، بل أشد تأثيرًا.
انشروا قصائده، وأعيدوا نشر هذه الفيديو. دع من لم يقرأ شعره ان يستمع إليه فهذا هو أفضل رد على الطغاة والمستبدين، بأن تصل كلمات الشاعر الذي ظنوا أنهم إن غيبوه سينتهي شعره. pic.twitter.com/pC4phF6ZEl — نظام المهداوي - Nezam Mahdawi (@NezamMahdawi) January 8, 2025
وخلال فترة حكم مبارك، مُنع من الكتابة والعمل التلفزيوني، غير أنه عاد مستأنفًا لنشاطه الإعلامي بعد الثورة.
كما كان لقصيدة "مسبحة الرئيس" التي كتبها في عصر مبارك٬ صدى واسع في أوساط المعارضة المصرية٬ والتي كتب فيها (في ليلة من حالك الليلاتِ٬ صليت ثم نمت في سباتِ٬ وجدت مسبحة الرئيس في يدي٬ قررت ذكر الله٬ أمسكت بالحباتِ٬ وجدتني أقول.. ذاتي.. ثم ذاتي ... ثم ذاتي).
ثـم انــتـَبـهـــت فـَجــأة و قـلـــت :
ذاك حلــم لـَيـل ٍ سـَـــــئ مــا أقـبـحـــه
هـــل يـَمـلـــك الـرئِـيـــس أصلا مـسـبـحـة pic.twitter.com/jNV6iFtBb8 — درة السيد (@DorraEssayed) January 16, 2023
وكان لقصيدة "أركان الطغيان" صدى كبير في مصر ، كتب فيها: (بُني الطغيان على خمس٬ تقديم الذيل على الرأسِ٬ تخدير الحاضر بالأمس٬ توزيع الخوف مع اليأس٬ تقديس الشرطة والعس٬ وبقاء الجحش على الكرسي).
#عبدالرحمن_يوسف_القرضاوي هو نفسه الذي يظهر لكم في الفيديو
هذا الفيديو الشهير عن أركان الطغيان
بني الطغيان على خمس :
تقديم الذيل على الرأس
تخدير الحاضر بالأمس
توزيع الخوف مع اليأس
تقديس الشرطة والعس
وبقاء الجحش على الكرسي
انقذوا #ابن_القرضاوي فلبنان تخطط لتسليمه لمصر او الإمارات pic.twitter.com/PfTO2BI5sG — أنا مسلم (@AShab56267) December 30, 2024
وتعد قصيدة "القارعة" آخر ما ألقى الشاعر المصري٬ والتي تحتوى على هجاء صريح لرئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي٬ وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان٬ ورئيس الإمارات، محمد بن زايد.
أيضا، أصدر الشاعر عبد الرحمن يوسف، مجموعة من الدواوين الشعرية، التي عكست مواقفه السياسية والاجتماعية والفنية، وجسّدت رؤيته الإبداعية بأسلوب متميز.
أبرز دواوينه:
- نزف الحروف (1992): ديوانه الأول الذي صدر في سن 22 عامًا، ويضم 40 قصيدة.
- أمام المرآة (2003): ديوان تأملي يسلط الضوء على قضايا الإنسان والفن ومعاناة الفنان.
- في صحة الوطن (2004): تناول الأوضاع السياسية في الوطن العربي، وشمل قصيدة طويلة تعبر عن معاناة المواطن.
- لا شيء عندي أخسره (2005): يُعد مرجعًا معاصرًا في فن الهجاء السياسي.
- على المكشوف (2006): ديوان غزلي يضم أكثر من 20 قصيدة.
- اكتب تاريخ المستقبل (2008): ديوان ملحمي يروي بطولات المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
- حزن مرتجل (2008): يتناول مشاعر الحزن في السياسة والمجتمع.
- رثاء امرأة لا تموت (2012): ديوان مؤثر خصصه لرثاء والدته، وأعاد من خلاله اكتشاف غرض الرثاء في الشعر العربي.
- مسبحة الرئيس (2013): تناول الأوضاع السياسية في مصر بروح هجائية حادة.
- على رأسها بطحة (2014): ديوان هجائي يعكس الأحداث السياسية في تلك الفترة.
- رحلة أخرى (2023): مجموعة مختارات من أشعاره مترجمة إلى اللغة التركية.
وتتنوع هذه الدواوين بتنوع أغراضها بين التأمل والهجاء والرثاء، مما جعلها مرآة تعبر عن التحديات السياسية والاجتماعية في مصر والعالم العربي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المصري شعره عبد الرحمن القرضاوي لبنان هجاء مصر لبنان شعر هجاء عبد الرحمن القرضاوي المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یوسف القرضاوی الرحمن یوسف عبد الرحمن فی مصر
إقرأ أيضاً:
عصام كاظم جري… اللغة الناعمة بعطرها الممسوس بتقانات الاثراء وتجويف الاساطير التراثية الميسانية عمقا ودلالة ومعنى
قراءة أدبية / سمير السعد ..
في زمنٍ باتت فيه الأصوات العالية تُغطّي على خرير الشعر، ينهضُ عصام كاظم جري بصوته الهادئ كقنديلٍ في عتمة الجنوب، لا يطلب الضوء لنفسه، بل يهبه للآخرين. شاعرٌ ومربٍّ وإنسان، ترك ومازال ، بصمة لا تُمحى في ذاكرة ميسان الثقافية، وفي وجدان من عرفوه، سواء في الحقل التعليمي أو في المنتديات الأدبية أو في طيب المجالس. أنيق في حضوره، رصين في كلمته، خفيف الظل على من حوله، محبوب في الأوساط الثقافية، ابتسامته لا تفارقه، وحديثه شيّق لا يُملّ، وكأن القصيدة تسكن حديثه كما تسكن قصيدته.
ولد في مدينة العمارة، وتشرّب من بيئتها الجنوبية الحسّ المرهف واللغة الصافية، فدرس اللغة العربية في كلية الآداب، وحصل على البكالوريوس، ليختار بعدها طريق التعليم، فيجمع بين الأدب والتربية، وبين الجمال والمسؤولية. لم يكن مجرد معلم للغة، بل مربٍّ للذوق والروح، فأثر في أجيال كثيرة، ترك فيهم بذور الحرف والوعي، وكان مثالًا للمدرّس الذي يجمع بين الخلق والعلم، وبين التواضع والهيبة.
انتماؤه للكلمة كان صادقًا وحقيقيًا، ولهذا انضمّ إلى اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق، وكذلك إلى
اتحاد الأدباء العرب، وشارك في تأسيس ملتقى ميسان الثقافي، وشغل منصب رئيس نادي الشعر في اتحاد أدباء ميسان بين عامي 2016 و2019، في فترةٍ شهدت نشاطًا ملحوظًا في المشهد الأدبي المحلي، وكان من بين أبرز الأصوات التي حافظت على اتزان الشعر في مواجهة الاضطراب الثقافي العام.
تُعدّ تجربته الشعرية من التجارب المهمة في جنوب العراق، وقد انعكست في دواوينه “خارجًا ومكتفيًا بالسواد” الذي صدر عام 2001 عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد، و”خارطة الريح” الذي صدر عن اتحاد الأدباء والكتاب في ميسان عام 2011. هذان العملان رسّخا حضوره كشاعرٍ يمتلك نبرة خاصة، ويتعامل مع القصيدة بوصفها شغفًا ذاتيًّا ورسالة وجودية. كما شارك في مجاميع شعرية جماعية مهمة مثل “أعالي السنديان”، و”أحزان عراقية”، و”وردة الضحايا”، مما جعله حاضرًا في المشهد الأدبي على المستوى المحلي والعربي.
في قصيدته “لقاء أوّل”، تتجلى رؤيته الشعرية التي تمزج بين الذات والواقع، وتنهل من الحزن العراقي، ولكن دون أن تستسلم له. يفتتح النص بلحظة العودة، العودة إلى الذات، وإلى الوطن، وإلى المواجهة:
عند أوّلِ عودةٍ لي
عند أوّل التفاتةٍ إلى حارسِ الحدود
عند أوّل نقطةٍ لتفشي السّر
تذكرتُ الحياةُ
شظايا
وأريكةُ ليل
هذا المقطع ينهض على مفارقة الشعور بين اللحظة الآنية وذاكرة الألم. كلّ “أول” في النص يشير إلى كشف داخلي. العودة ليست مجرد عبور مكاني، بل عبور وجودي نحو الذات المنهكة. حين يلتفت الشاعر لحارس الحدود، لا يراه بعين الجغرافيا، بل كرمز لحدودٍ أوسع ، حدود الوجع، الغربة، والانفصال. تتذكر الحياة لا كأمل، بل كشظايا، وكسطح هشّ ، ” أريكة ليل”، حيث الراحة مؤقتة، والوحدة أبدية.
ثم يمضي في توصيفٍ يزداد كثافة وتصعيدًا:
الحياة
سلّمٌ من رصاص
ساحةٌ ووقوفٌ من بارودٍ
وتلف
هذا السطر يعبّر عن سوداوية لا يخلو منها وعي الشاعر. الحياة هنا ليست ارتقاءً ناعمًا، بل “سلّم من رصاص”، كلّ درجة فيه موت مؤجل. “وقوف من بارود” إشارة إلى الثبات القسري وسط أخطار الحرب، وتتحوّل الحياة إلى تلف، إلى حالة من التآكل والصمت.
ويكمل الشاعر لوحته:
عند أوّلِ شهقةٍ من الآس
عند أوّلِ عبّارةٍ للغرق
الأرصفةُ مشاهدُ من جماجمَ
وأنفاق
الآس، رمز العطر والموت، يأتي ممزوجًا بـ”شهقة”، ما يوحي بجنازة، أو بوداع. “العبّارة للغرق” ليست فقط عبورًا مائيًّا بل رمزٌ للمرور من الحياة إلى الفقد. أما الأرصفة، فليست للانتظار أو اللقاء، بل “مشاهد من جماجم”، كأن الموت يمشي معنا على أرصفة المدن.
وفي المقطع الثاني من القصيدة، يرتقي الشاعر نحو صورة أكثر كثافة، وأكثر حزنًا:
من بياناتِ اختباء
عند أوّلِ لوحةٍ درامية من الرمل
عند أوّلِ ثريا تبثّ النجوم
عند أوّلِ ستارِ عَتمة
الخنادقُ أسلاكٌ
معطوبة
يبدأ من “بيانات اختباء” ليشير إلى هروب الإنسان من ذاته، من ذاكرته، من وطنه حتى، لكنه لا يهرب من القصيدة. “اللوحة الدرامية من الرمل” تشير إلى مشهد مؤقت، هشّ، قابل للانهيار. “الثريا” تبث النجوم، لكنها في مشهدٍ معتم، لا تنير ما حولها، فالضوء لا يبلغ الأرض. “الخنادق أسلاك معطوبة”، صورة تستدعي الحرب، العطب، فشل الحماية، وانهيار الدفاعات النفسية والواقعية.
ثم يختتم القصيدة بهذا التساؤل الموجع:
لكِ وحدَك أكثرُ من ليل
والطفولةُ علامةٌ تشبهُ أقواسَ الفرح
من يُنقذُ وجهَ الليل من هذا السواد؟
والشمسُ تخلعُ عباءةَ الإتقاذ
وتلوّحُ بخيوطِها للراحلين
الذين لا يملكونَ بقايا
الحروف؟
هذا المقطع يصل بالقصيدة إلى ذروة الدراما الشعرية. “لكِ وحدك أكثر من ليل” هو خطاب إلى ذات أنثوية مجهولة، ربما الوطن، أو الحب، أو الذاكرة. الطفولة، رغم رمزيتها، لا تأتي إلا كـ”علامة تشبه أقواس الفرح” – الفرح مجرّد تشبيه لا تحقق. في سؤاله: “من يُنقذ وجه الليل من هذا السواد؟” يتجلّى اليأس النبيل، واليأس الواعي. الليل مظلم حتى في وجهه، فكيف ننجو؟ حتى الشمس، التي يفترض أن تُنقذ، “تخلع عباءة الإنقاذ”، وتنأى، تلوّح للراحلين الذين “لا يملكون بقايا الحروف” – هم أولئك الذين صمتوا، ماتوا، ولم تُكتب لهم قصة أو قصيدة.
ولا يقتصر أثره على النص الشعري فقط، بل تعدّاه إلى النقد، حيث كتب مقالات رصينة عن تجارب شعرية عربية وعراقية، مثل “خيول مشاكسة” لماجد الحسن، و”الغياب العالي” لعلي سعدون، و”دفء الثلج” لجابر محمد، و”صيدلية البقاء” لمحمد قاسم الياسري، وغيرها. كانت كتاباته النقدية نابعة من حسّ معرفي وثقافي، ومن إحساس صادق بالشعر بوصفه ضرورة روحية وجمالية.
أما حضوره الأكاديمي، فقد تجاوز حدود النشر إلى فضاء الجامعات، حيث دُرست تجربته الشعرية في أطروحات دكتوراه ورسائل ماجستير في جامعات عربية وعراقية عدة، منها جامعة القاهرة، جامعة بابل، جامعة كربلاء، الجامعة المستنصرية، وجامعة ميسان. وهو ما يؤكّد أن أثره لم يكن لحظيًّا، بل عميقًا ومستمرًا، ويستحق مزيدًا من التوثيق.
من المدهش أن لا نجد حتى اليوم كتابًا نقديًا منفردًا يُعنى بتجربته الشخصية والأدبية، رغم غناها وتنوعها وتأثيرها. نحتاج إلى كتاب يحمل عنوانًا مثل “عصام كاظم جري: شاعر العمارة وضمير الجنوب”، أو “في ظلال قصيدة ميسانية ، دراسة في شعر عصام كاظم جري”، يضمّ قراءات نقدية وشهادات وأوراقًا أكاديمية، لتكون وثيقة وفاء لهذا الاسم الذي أعطى الكثير، وظل وفيًّا للقصيدة والإنسان والمكان.
عصام كاظم جري لم يكن شاعرًا فحسب، بل إنسانًا نبيلًا ومربيًا مخلصًا وصوتًا شعريًا مغايرًا، عرف كيف يجعل من الألم منبعًا للجمال، ومن الغربة نداءً للانتماء، ومن الكلمة سلاحًا للمحبّة والحقيقة. وفي كل مرة نقرأ نصًا من نصوصه، كأننا نسمع صوته وهو يهمس لنا بما لم نقله، ويضع أمامنا مرآةً من حروفٍ نقيّة، تقول لنا: “من يُنقذ وجه الليل من هذا السواد؟” وكأنه يعلّمنا من جديد أن الشعر، وحده، يستطيع أن يوقظ فينا ما نسيناه من إنسانيتنا.
سمير السعد