كابل- أبدت حركة طالبان استعدادًا مفاجئًا للانفتاح على الولايات المتحدة، في خطوة وصفها بعض المراقبين بأنها تحول كبير في السياسة الخارجية للحركة بعد تسلُّمها السلطة في أفغانستان.

ففي تصريحات أدلى بها، شير محمد عباس ستانكزي، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية في حكومة طالبان في فعالية رسمية أقيمت في العاصمة كابل، أكد أن الحركة على استعداد لتطوير علاقات ودية مع واشنطن، بشرط أن تلتزم الولايات المتحدة بالشروط التي وضعتها الحركة، في إطار اتفاق الدوحة الذي تم توقيعه بين الجانبين عام 2020.

وأكد ستانكزي في تصريحاته أن رفع العقوبات الاقتصادية عن أفغانستان وإلغاء تجميد الأصول الأفغانية في البنوك الأجنبية يعدان من أبرز شروط طالبان لتحسين علاقاتها مع واشنطن، وأضاف أن الحكومة تأمل أن تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة تجاه هذه المطالب.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تعاني فيه أفغانستان من أزمات اقتصادية شديدة، فضلا عن العزلة الدولية التي تواجهها حكومة طالبان، حيث يُعزى هذا الانفتاح إلى حاجة الحكومة الماسة لتخفيف الضغط الدولي والحصول على مساعدات مالية واقتصادية بعد سنوات من العزلة والعقوبات.

ستانكزي طالب برفع العقوبات الاقتصادية عن بلاده وإلغاء تجميد الأصول الأفغانية في البنوك الأجنبية (رويترز) تخفيف الضغوط

ويرى المحلل السياسي عبد الرحمن أورياخيل أن طالبان تواجه تحديات ضخمة داخليًا وخارجيًا، وأن الانفتاح على واشنطن قد يكون خطوة نحو تحسين وضعها الدولي.

إعلان

وفي حديثه للجزيرة نت قال "في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والضغط الدولي، تبحث طالبان عن فرص لتخفيف هذه الضغوط، وفتح قنوات تواصل مع الولايات المتحدة قد يساعدها في استعادة بعض العلاقات المفقودة".

وعما إذا كانت طالبان هي من تعيق هذا الانفتاح أم أن الولايات المتحدة هي التي ترفضه، يجيب الدبلوماسي الأفغاني السابق غوث جانباز مشككا في مقدرة طالبان على إنشاء علاقات متبادلة مع أميركا، ويقول "طالبان لا تملك القدرة على تعريف وتحديد السياسة الخارجية".

و يرى جانباز أن تصريحات نائب وزير الخارجية في حكومة طالبان "استباقية"، وتأتي قبل أسبوعين من عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ويستدرك قائلا "لكن في المقابل، كانت الولايات المتحدة ترفض التعاون مع طالبان بسبب سجلها في حقوق الإنسان وتوجهاتها السياسية، ومع ذلك، في ظل الوضع الحالي، قد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة للبحث عن سبل للتعاون مع طالبان في قضايا معينة، مثل مكافحة الإرهاب وتخفيف الأزمات الإنسانية".

آثار الانفتاح

يتوقع العديد من الخبراء أن هذا الانفتاح قد يؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي في أفغانستان، حيث يعاني الشعب الأفغاني من الفقر والبطالة جراء العزلة الدولية والعقوبات المفروضة على الحكومة.

من جهة أخرى، قد يحفز الانفتاح على الولايات المتحدة عودة المساعدات الدولية، بالإضافة إلى استثمارات أجنبية قد تساعد في إعادة البنية التحتية المتدهورة في البلاد، أما على الصعيد الدولي، فإن تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة قد يسهم في تحسين علاقات طالبان مع دول أخرى مثل الصين وروسيا، اللتين سبق أن أبدتا استعدادًا للتعاون مع الحكومة الأفغانية الجديدة.

ورغم هذا التحول في موقف طالبان، لا يزال هناك تباين في الآراء حول إمكانية نجاح هذا الانفتاح، فبينما يرى المحلل السياسي أورياخيل أن هذا الانفتاح قد يكون خطوة ضرورية لتحسين الوضع الداخلي والخارجي لأفغانستان، يشكك الدبلوماسي جانباز في قدرة طالبان على الوفاء بشروط الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن الحركة قد تواصل فرض قيود على حقوق الإنسان، مما سيعيق أي تقدم في العلاقات الثنائية.

إعلان

وفي هذا السياق يقول أورياخيل "من المستبعد أن تقوم طالبان بتغيير سياساتها الداخلية بشكل جذري، خاصة فيما يتعلق بحقوق النساء والفتيات، وهو ما سيظل يشكل عائقًا كبيرًا أمام أي تعاون مستقبلي مع الغرب".

وبينما تسعى طالبان إلى تحقيق توازن صعب بين الانفتاح على الولايات المتحدة وتحقيق مطالبها الداخلية والخارجية، تبدو هذه التصريحات خطوة نحو تحسين العلاقات الدولية، بانتظار هل ستستجيب واشنطن لشروط طالبان، أم يبقى هذا الانفتاح مجرد محاولة غير مكتملة في ظل الشروط المعقدة التي تضعها الحركة؟.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات على الولایات المتحدة هذا الانفتاح

إقرأ أيضاً:

تظاهرات تجتاح الولايات المتحدة ضد ترامب

عبر عدد كبير من المتظاهرين عن غضبهم ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كل أنحاء الولايات المتحدة، من نيويورك إلى سان فرنسيسكو، خلال يوم تعبئة حاشد انتقده اليمين، ووصفه بحركة "كراهية ضد أميركا".

وفي العاصمة واشنطن نُظمت تظاهرة حاشدة قرب الكونغرس، حيث حضّت الحشود ترامب على "الرحيل".
أما في فلوريدا، فرفع المتظاهرون لافتات تصور الرئيس على شكل ستالين وملكة إنجلترا قرب مقر إقامته في مارالاغو حيث يمضي عطلة نهاية الأسبوع.


واستنكر مسؤولون في حزب ترامب التظاهرات، وذهبوا إلى حد مقارنة المتظاهرين بإرهابيين.

ووصف زعيم الجمهوريين في مجلس النواب مايك جونسون المسيرات المقررة بأنها "تعبئة كراهية ضد أميركا"، قائلا "أراهن على أنكم سترون فيها أنصارا لحماس وأنتيفا" الحركة السياسية التي صنفها الرئيس الأميركي أخيرا على أنها "منظمة إرهابية".


وفي استهجان لهذا الخطاب، ارتدى العديد من المتظاهرين السبت أزياء غريبة تجسّد حيوانات البطريق والضفادع وحتى فرس النهر، بينما لوّح آخرون بفخر بالعلم الأميركي.
ووفقما قالت آشلي (37 عاما) المتظاهرة في حي فورست هيلز في نيويورك لوكالة فرانس برس "إنه (ترامب) ينتهك القانون والدستور بشكل كامل".

وينظم يوم التظاهرات هذا في خضم شلل الوكالات الفدرالية، وفيما ينشر ترامب قوات عسكرية في معاقل ديمقراطية يقول إن الهدف منها مكافحة الهجرة غير القانونية والجريمة.

ومن المقرر أيضا أن تقام تجمعات السبت في المدن التي نشر فيها ترامب الحرس الوطني، مثل شيكاغو ولوس أنجلوس.

وكتب كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر على موقع "إكس" صباح السبت "لا تدعوا دونالد ترامب والجمهوريين يُرهبوكم ويُسكتوكم".

وشاركت في الدعوة للاحتجاج أيضا المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية لعام 2024 كامالا هاريس، ونجم هوليوود روبرت دي نيرو.

مقالات مشابهة

  • تظاهرات تجتاح الولايات المتحدة ضد ترامب
  • تصاعد المقاطعة في الولايات المتحدة: حملة تُغلق سلسلة مطاعم إسرائيلية في واشنطن
  • لا ملوكمسيرات حاشدة ضد سياسات ترامب تجتاح الولايات المتحدة
  • واشنطن بوست: دبلوماسية ترامب الصاروخية التي أسيء فهمها
  • ترامب: الولايات المتحدة بحاجة لكثير من الأسلحة التي ترسلها لأوكرانيا
  • رئيسة المكسيك: تقدم ملموس في المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة
  • وسط تصاعد الحرب التجارية.. الصين تدعو إلى حوار متكافئ مع الولايات المتحدة
  • أول تعليق من باكستان على هجوم طالبان ضد أراضيها
  • العلاقات الأفغانية الباكستانية.. تاريخ من التوتر وصراع الهوية
  • كم صاروخ توماهوك تمتلك الولايات المتحدة؟