الجزيرة:
2025-10-19@09:22:59 GMT

البحر الكاريبي.. مسطح مائي يضم أكثر من 7 آلاف جزيرة

تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT

البحر الكاريبي.. مسطح مائي يضم أكثر من 7 آلاف جزيرة

ثاني أكبر بحر هامشي في المحيط الأطلسي، وهو بحر استوائي يقع في الجزء الغربي من الكرة الأرضية بين قارتي أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية، وهو أحد أهم مراكز التنوع البيولوجي في العالم، ويضم ثاني أكبر حاجز مرجاني على كوكب الأرض.

يحتوي البحر الكاريبي على أكثر من 7 آلاف جزيرة، تشمل 13 دولة مستقلة و18 إقليما جزريا تابعا لقوى استعمارية، وتتمتع هذه الجزر بطبيعة خلابة ومناخ دافئ، إلى جانب احتضانها تراثا غنيا يعكس مزيجا فريدا متعدد الثقافات واللغات ذات الجذور الأفريقية والأوروبية، مما جعلها من أبرز مناطق الجذب السياحي في العالم.

وقد شهدت منطقة الكاريبي صراعا استعماريا أوروبيا منذ اكتشافها في أواخر القرن الـ15 الميلادي، إلى أن تمكنت معظم الجزر من التحرر تدريجيا بحلول أواخر القرن الـ20، في حين بقيت جزر أخرى تحت سيطرة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وهولندا.

إلى جانب ذلك، فرضت الولايات المتحدة وصايتها على منطقة الكاريبي منذ بداية القرن الـ19، وعززت نفوذها الفعلي مع بداية القرن التالي، مستخدمة الوسائل كافة بما في ذلك الضغوط الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية، فضلا عن القوة العسكرية، ومنعت أيّا من القوى الدولية الأخرى من توسيع حضورها في المنطقة.

الموقع والجغرافيا

يقع البحر الكاريبي بين الأميركتين الشمالية والجنوبية، إلى الشرق من أميركا الوسطى، وهو بحر هامشي (مسطح مائي واسع وضحل) يعد امتدادا غربيا للمحيط الأطلسي، ويتصل بخليج المكسيك من الشمال عبر قناة يوكاتان.

تحده من الجنوب كل من كولومبيا وبنما وفنزويلا، ومن الغرب كوستاريكا وهندوراس ونيكاراغوا وغواتيمالا وبليز وشبه جزيرة يوكاتان المكسيكية، ومن الشمال جزر الأنتيل الكبرى (كوبا وهيسبانيولا وجامايكا وبورتوريكو)، ومن الشرق جزر الأنتيل الصغرى الممتدة على شكل قوس ابتداء من جزر فيرجن في الشمال الشرقي إلى ترينيداد في الجنوب الشرقي.

ويشغل الكاريبي مساحة تزيد على 2.75 مليون كيلومتر مربع، ويتجاوز عمق معظم مناطقه 2400 متر تحت سطح البحر، ويعد خندق كايمان (عمق بارتليت)، الذي يقع بين جزر كايمان وجامايكا، أدنى نقطة فيه، ويبلغ عمقه 7686 مترا تحت سطح البحر.

إعلان

ويمتد البحر الكاريبي على معظم صفيحة الكاريبي، وتتشكل رقعته من 5 أحواض، هي: حوض كولومبيا وحوض كايمان وحوض غرينادا وحوض فنزويلا وحوض يوكاتان.

وتفصل بين تلك الأحواض مرتفعات وتلال مغمورة، أبرزها:

تلال كايمان: تفصل جزئيا بين حوض يوكاتان وحوض كايمان، وترتفع التلال في بعض المناطق مشكّلة جزر كايمان. مرتفعات نيكاراغوا: تشكل الحد الفاصل بين حوض كايمان وحوض كولومبيا، وتقع عليها جزيرة جامايكا. تلال بياتا: تفصل جزئيا بين حوض كولومبيا وحوض فنزويلا. تلال أفيس: تفصل بين حوض غرينادا وحوض فنزويلا.

ويحتوي هذا البحر على مجموعات من الأقواس الجزرية تفصله عن المحيط الأطلسي، الذي تتدفق مياهه إلى الكاريبي عبر منفذين، هما ممر أنيغادا الواقع بين جزر الأنتيل الصغرى وجزر فيرجن، وممر ويندوارد الواقع بين كوبا وهاييتي.

وتضم سواحله عديدا من الخلجان، منها خليج فنزويلا وخليج هندوراس وخليج دارين وخليج باريا وخليج موسكيتو، ويحتوي قاعه على خندقين عميقين هما: بورتوريكو وكايمان، الأمر الذي يجعل المنطقة بأسرها عرضة لحركة زلزالية نشطة.

منطقة الكاريبي شهدت صراعا استعماريا أوروبيا منذ اكتشافها في أواخر القرن الـ15الميلادي (غيتي)الجزر

يحتضن البحر الكاريبي أكثر من 7 آلاف جزيرة، موزعة على 3 مجموعات جزرية رئيسية، هي:

جزر الأنتيل الكبرى: تقع في الجزء الشمالي من الكاريبي، وتشمل جزيرة هيسبانيولا (المشتركة بين هاييتي وجمهورية الدومينيكان)، وجامايكا، وهي أكبر جزر الكاريبي، إضافة إلى كوبا وبورتوريكو وجزر كايمان. جزر الأنتيل الصغرى: تقع في المنطقة الشرقية من الكاريبي، وتتخذ شكل قوس يمتد بين جزر الأنتيل الكبرى شمالا وقارة أميركا الجنوبية، وتضم 3 مجموعات، هي: جزر ليوارد: تشمل أنغيلا وغوادلوب و"أنتيغوا وبربودا" و"سانت مارتنز" و"سانت كيتس ونيفيس" و"سانت بارتيليمي" و"مونتسيرات" وجزر فيرجن البريطانية وجزر فيرجن الأميركية. جزر ويندوارد: تضم "ترينيداد وتوباغو" ودومينيكا وغرينادا وسانت لوسيا وبربادوس ومارتينيك و"سانت فنسنت وغرينادينز". جزر أنتيل ليوارد: تشمل الجزر الهولندية الثلاث: أروبا وبونير وكوراساو. أرخبيل جزر البهاما: يقع شمال الكاريبي، ويضم جزر البهاما و"جزر توركس وكايكوس". المناخ

يتمتع البحر الكاريبي عموما بمناخ استوائي دافئ رطب على مدار العام، مع تأثر كبير بالمرتفعات الجوية والرياح التجارية والتيارات المائية، لا سيما التيار الاستوائي الشمالي، القادم من المحيط الأطلسي، الذي يؤثر بشدة في مناخ المنطقة.

ويتراوح معدل الهطول السنوي في المنطقة بين 25 سم و900 سم، مما يعكس تنوعا مناخيا واضحا، ففي حين يسود المناطق المنخفضة بين بليز وكوستاريكا مناخ الغابات المطيرة الاستوائية، تتميز شبه جزيرة يوكاتان وكوبا بمناخ السافانا الاستوائي الجاف، أما جزيرتا كوراساو وأروبا فتتمتعان بمناخ قاحل.

وتُعد منطقة البحر الكاريبي منطقة أعاصير، بعضها مدمر، ويستمر موسمها بين شهري يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني، غير أن معظمها يحدث في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول.

الحياة البيولوجية

يتميز البحر الكاريبي ومحيطه ببيئة بيولوجية غنية، تعد من أهم البيئات الحيوية في العالم، فهو يحتوي على أنظمة بيئية متنوعة، مثل الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف وأحواض الأعشاب البحرية، التي توفر موائل لعدد كبير من الكائنات الحية، بما في ذلك الطيور المتوطنة والثدييات البحرية المهددة بالانقراض.

إعلان

ويستضيف هذا البحر ما يقارب 10% من الشعاب المرجانية في العالم، وحوالي 45% من أنواع الأسماك، وفق تقرير صادر نهاية عام 2024 عن مركز التنمية التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وتُعد غالبية الشعاب المرجانية في البحر الكاريبي شعابا هامشية، تنتشر بمحاذاة سواحل البر الرئيسي والجزر، غير أنه يضم أيضا عديدا من الشعاب المرجانية الحقيقية، أبرزها الحاجز المرجاني لأميركا الوسطى، الذي يعتبر ثاني أكبر حاجز مرجاني في العالم، ويمتد إلى نحو ألف كيلومتر على طول سواحل 4 دول: بليز وغواتيمالا وهندوراس والمكسيك.

وتضم بيئة الكاريبي أكثر من 13 ألف نوع من النباتات، التي يسودها الطابع الاستوائي، منها 6500 نوع متوطن (خاص بمنطقة الكاريبي دون غيرها)، أبرزها خشب الغاياك وورد باياهيبي والسيبا.

ويعيش فيه نحو ألف نوع من الأسماك، وأكثر من 90 نوعا من الثدييات، ونحو 500 نوع من الزواحف، بما في ذلك سلحفاة منقار الصقر المهددة بالانقراض.

وفضلا عن ذلك يستوطن المنطقة ما يزيد على 170 نوعا من البرمائيات، ونحو 600 نوع من الطيور، وتعد الجزر والأراضي الرطبة المحيطة بالبحر محطات توقف للطيور المهاجرة في رحلاتها من وإلى أميركا الشمالية.

ورغم الجهود المبذولة للحفاظ على النظم البيئية في الكاريبي، عبر إنشاء محميات طبيعية وإجراءات متعددة للحد من التلوث، فإن الحياة البيولوجية تواجه في الكاريبي تهديدات جسيمة بسبب الأنشطة البشرية كالصيد الجائر والتنمية الساحلية والتلوث.

البحر الكاريبي يعيش فيه نحو ألف نوع من الأسماك وأكثر من 90 نوعا من الثدييات (غيتي)

كما يؤثر التغير المناخي، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع درجات الحرارة وقسوة الأعاصير على الحياة البيولوجية في البحر ومحيطه، وقد أفاد تقرير مركز التنمية بأن الظواهر الجوية المرتبطة بالمناخ في المنطقة قد زادت بنسبة 85% في الفترة بين عامي 2001 و2020 مقارنة بالعقدين السابقين.

وقد أفضت تلك العوامل ونحوها إلى تدهور الموائل الطبيعية وانحسار حاد في مساحة الشعاب المرجانية وتراجع في التنوع البيولوجي، إذ انقرضت عشرات الأنواع المتوطنة، فضلا عن دخول أنواع متوطنة أخرى عديدة ضمن قائمة المهددة بالانقراض.

الأهمية الاقتصادية

يشكل البحر الكاريبي موردا حيويا للجزر والدول القارية المشاطئة، فهو يمثل شريان الحياة الاقتصادية فيها، ويعتبر الدعامة الأساسية للسياحة، كما يمثل مصدرا مهما للموارد الغذائية البحرية، إضافة إلى دوره الحيوي في تسهيل حركة نقل البضائع والأفراد عبر طرق الشحن البحري.

وللسياحة دور محوري في اقتصاد منطقة البحر الكاريبي، التي أصبحت اعتبارا من النصف الثاني من القرن الـ20 وجهة سياحية شهيرة، ونما فيها قطاع سياحي ضخم، بفضل المنتجعات البحرية الشتوية، التي غدت مقصد سكان الدول الإقليمية بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا والبرازيل والأرجنتين.

وحسب بيانات مجموعة البنك الدولي لصيف عام 2022، تُعد السياحة المحرك الرئيسي للاقتصاد في جزر شرق الكاريبي خاصة، إذ تُسهم بنحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي، وتُوفر حوالي 40% من فرص العمل.

البحر الكاريبي مركز رئيسي ومنطقة عبور للخدمات اللوجستية التجارية التي تخدم الجزر المنتشرة في أنحائه، والسواحل الشمالية لدول أميركا الجنوبية والسواحل الشرقية لدول أميركا الوسطى.

السياحة تُعد المحرك الرئيسي للاقتصاد في جزر شرق الكاريبي خاصة (غيتي)

كما يشكل أهمية إستراتيجية للولايات المتحدة، ففضلا عن الأقاليم التابعة لها في قلب البحر الكاريبي، يعد الكاريبي المدخل البحري الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة، الذي يخدم سواحلها الجنوبية والشرقية.

ويمثل هذا البحر عنصرا أساسيا في التجارة الإقليمية، إذ تُنقل عبره حوالي 90% من البضائع، عبر الموانئ العديدة المنتشرة على سواحله، والتي تزيد على 45 ميناء في دول مثل بنما والمكسيك وكولومبيا وجزر البهاما وجمهورية الدومينيكان وجامايكا، والتي تُعد جميعها مراكز رائدة في مجال الشحن البحري.

إعلان

وتدعم مصائد الأسماك وتربية الحيوانات البحرية الأمن الغذائي الإقليمي والتنمية الاقتصادية، كما تُوفّر عديدا من فرص العمل.

وإلى جانب ذلك، يُعتبر الكاريبي من أكبر مناطق إنتاج النفط في العالم، إذ يُنتج حوالي 170 مليون طن من النفط سنويا، وفق دراسة صادرة عام 2020 عن مركز شريداث رامفال للدراسات المتعلقة بالبحر الكاريبي.

ورغم أن مساحته لا تُمثّل سوى 1% من إجمالي المحيطات العالمية، فقد أنتجت النشاطات الاقتصادية التي تعتمد على البحر الكاريبي إيرادات بلغت 407 مليارات دولار عام 2012، أي ما يتراوح بين 14% و27% من اقتصاد المحيطات العالمية، حسب تقرير صادر عن البنك الدولي عام 2016، وتشمل تلك الأنشطة: الترفيه وصيد الأسماك والنفط والغاز البحري.

التاريخ

يُنسب البحر الكاريبي إلى الشعب الكاريبي، وهو أحد المجموعات السكانية الهندية الأصلية، التي كانت مهيمنة في المنطقة إبان اكتشافها أواخر القرن الـ15.

وقد كان أول اتصال أوروبي بالبحر الكاريبي من خلال حملة الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس، الذي اكتشف جزر البهاما في رحلته الأولى عام 1492، تلتها رحلات استكشافية أخرى للمنطقة، التي كانت قبل ذلك مجهولة لسكان أوروبا وآسيا، بما في ذلك البحر الكاريبي والجزر المنتشرة في أرجائه.

جزيرة صغيرة مهجورة ضمن جزر الأنتيل الصغرى في البحر الكاريبي (غيتي)

وسرعان ما توافدت دول أوروبية عديدة إلى الكاريبي، مثل إسبانيا وهولندا وفرنسا وإنجلترا والدانمارك، وبدأت تلك الدول باستعمار المنطقة، لكن الهيمنة كانت بلا منازع للإسبان طوال القرن الـ16 الميلادي.

ودخلت القوى الاستعمارية في صراع مستمر للسيطرة على الجزر، وكان عدد سكانها الأصليين في تراجع مستمر، بسبب انتشار الأمراض بينهم، إلى جانب تعرضهم للإبادة الجماعية من قبل قوى الاستعمار.

وفي تلك الحقبة، تم جلب العبيد من أفريقيا بأعداد كبيرة للعمل في مزارع السكر والتبغ وغيرها، وتحولت المنطقة إلى مزيج من الثقافات واللغات الأصلية والأفريقية والأوروبية.

وأصبح البحر الكاريبي بعد الحملة الاستعمارية الواسعة محورا نشطا للتجارة والنقل البحري الأوروبي، مما جذب القراصنة الذين ازدهر نشاطهم في البحر بين منتصف القرن الـ16 وحتى عشرينيات القرن الـ18، حين أحكمت الدول الاستعمارية سيطرتها على الممرات المائية في المنطقة.

وفي الحقبة الاستعمارية، شاع استخدام المصطلح الإسباني "أنتيلاس" في اللغات الأوروبية المختلفة للدلالة على منطقة الكاريبي، وأصبح تعبير "بحر الأنتيل" يُستخدم على نطاق واسع بديلا عن البحر الكاريبي، كما كانت جزر الكاريبي تُعرف أيضا باسم جزر الهند الغربية.

وبحلول القرن الـ19، بدأت حركة التحرر في جزر الكاريبي، واستمرت ما يقارب قرنين، تمكنت في أثنائهما 13 جزيرة من نيل استقلالها، وكانت هاييتي أول دولة من تلك الجزر تُعلن استقلالها، وذلك عام 1804، وتبعتها الدومينكان عام 1844.

أما الجزر الأخرى فقد امتد استعمارها إلى النصف الثاني من القرن الـ20، إذ أخذت بالتحرر تدريجيا بين عقدي الستينيات والثمانينيات، وشكلت دولا مستقلة، هي: كوبا وجامايكا و"ترينيداد وتوباغو" وبربادوس والبهاما وغرينادا ودومينيكا وسانت لوسيا و"سانت فنسنت وغرينادين" و"أنتيغوا وبربودا" و"سانت كيتس ونيفيس".

جزر الميسكيتو في نيكاراغوا التي تطل على البحر الكاريبي من جهة الغرب (غيتي)

ولم تتمكن 18 جزيرة من نيل استقلالها، وبقيت أقاليم تابعة لدول استعمارية:

فرنسا: تتبع لها 4 أقاليم: غوادلوب ومارتينيك وسان بارتيليمي وسان مارتن. هولندا: تحكم 6 أقاليم: بونير وسابا وسانت أوستاتيوس وسانت مارتن وأروبا وكوراساو. المملكة المتحدة: تسيطر على 6 أقاليم: أنغيلا وبرمودا وجزر فيرجن البريطانية وجزر كايمان ومونتسيرات وجزر تركس وكايكوس. الولايات المتحدة: يتبع لها إقليم بورتوريكو وجزر فيرجن الأميركية. الوصاية الأميركية على الكاريبي

وضعت الولايات المتحدة منذ مطلع القرن الـ19 المبادئ الأساسية لفرض وصايتها على منطقة الكاريبي، من خلال رسالة بعث بها الرئيس الأميركي الأسبق جيمس مونرو إلى الكونغرس عام 1823، وأصبحت تُعرف لاحقا بـ"مبدأ مونرو".

ويُلزم "مبدأ مونرو" الولايات المتحدة باحترام المستعمرات الأوروبية الباقية في المنطقة، دون السماح بمزيد من الاستعمار، واعتبار أي محاولة للسيطرة على أي دولة في نصف الكرة الغربي أو تهديدها عملا عدائيا ضد الولايات المتحدة.

ومع ذلك، لم تبدأ الولايات المتحدة بتطبيق "مبدأ مونرو" بقوة إلا مع مطلع القرن الـ20، وفي حينها وضع الرئيس الأميركي الأسبق ثيودور روزفلت "مبدأ روزفلت" عام 1904، مؤكدا حق الولايات المتحدة في التدخل في الشؤون الداخلية لدول نصف الكرة الغربي.

إعلان

وفي النصف الأول من القرن الـ20، مارست أميركا ضغوطا دبلوماسية واقتصادية، إلى جانب استخدام القوة العسكرية لفرض هيمنتها وحماية مصالحها في منطقة الكاريبي.

المدمرة الأميركية "يو إس إس غرافيلي" في أثناء الإبحار في البحر الكاريبي (رويترز)

وقد تدخلت الولايات المتحدة مرارا في شؤون دول الكاريبي الداخلية، ومن ذلك احتلال نيكاراغوا بين العامين 1912 و1933، بذريعة ضمان حكم موال للمصالح السياسية والتجارية الأميركية.

وكذلك احتلال هاييتي بين عامي 1915 و1934، بحجة الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وحفظ المصالح الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة.

كما احتلت جمهورية الدومينيكان بين العامين 1916 و1924، مبررة ذلك باحتمال استخدام ألمانيا إياها قاعدة لشن هجمات على الولايات المتحدة في أثناء الحرب العالمية الأولى.

وحرصت أميركا على الحيلولة دون توسع نفوذ أي من القوى الدولية الأخرى في المنطقة، لا سيما الاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة، ففي عام 1954، دعمت هجوما أطاح بحكومة غواتيمالا ذات الميول اليسارية، تحسبا لامتداد النفوذ السوفياتي في المنطقة.

وفي عام 1962، ساعدت في الإطاحة بحكومة الدومينيكان المنتخبة، ثم احتلت البلاد عام 1965، وشجعت انتخابات، وُصفت بأنها غير نزيهة، فاز بها موالون لها.

وفي ستينيات القرن الـ20، مارست واشنطن ضغوطا متزايدة على كوبا لمنع تقاربها مع الاتحاد السوفياتي، على إثر نجاح الثورة الكوبية، وإعلان البلاد دولة اشتراكية، فقطعت العلاقات الدبلوماسية، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية قاسية، وفي نهاية المطاف حالت دون تثبيت الاتحاد السوفياتي أصولا عسكرية على الأراضي الكوبية.

في 1983 قادت الولايات المتحدة حملة عسكرية في جزر غرينادا، واحتلتها خشية قيام حكومة شيوعية، تسمح بامتداد نفوذ الاتحاد السوفياتي إليها.

مكافحة عصابات المخدرات

أعادت الحرب الروسية على أوكرانيا مطلع عام 2022 المخاوف الأميركية بشأن امتداد النفوذ الروسي في منطقة الكاريبي، لا سيما بعد إعلان روسيا في تلك الآونة احتمال نشر قوات عسكرية في الكاريبي، تبعه توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين روسيا وفنزويلا.

وقد أثارت تلك الخطوة قلق الولايات المتحدة، نظرا لأهمية منطقة الكاريبي الإستراتيجية وتأثيرها على أمن الولايات المتحدة، إذ تقع بالقرب من عدد كبير من الموانئ التجارية، إضافة إلى مرافق عسكرية أميركية، لها دور مهم في نشر القوات الأميركية ودعمها في أفريقيا وأوروبا وآسيا.

ومع تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة للمرة الثانية مطلع عام 2025، حرص على تعزيز النفوذ الأميركي في المنطقة، وبحلول منتصف العام اندلعت موجة من التوترات في البحر الكاريبي، على إثر إعلان ترامب حربا على ما سماها "عصابات تجارة المخدرات"، رغم أن تقديرات إدارة مكافحة المخدرات الأميركية تشير إلى أن نحو 8% فقط من الكوكايين المهرَّب إلى الولايات المتحدة يمر عبر هذه المنطقة.

وفي مطلع سبتمبر/أيلول من ذلك العام، رفعت واشنطن مستوى وجودها العسكري في البحر الكاريبي، لا سيما المنطقة الجنوبية، ونشرت حوالي 4500 جندي مزودين بسفن حربية ومدمرات وصواريخ موجهة ومجموعة إيوجيما البرمائية وغواصة نووية، فضلا عن طائرات استخبارات من "طراز بي-8".

وفي غضون نحو شهر، نفذت القوات الأميركية ضربات عدة ضد قوارب في البحر الكاريبي، من بينها سفينة قرب فنزويلا، قيل إنها تابعة لعصابات المخدرات الفنزويلية، دون تقديم أدلة تثبت ذلك، وأسفرت العملية عن مقتل 11 شخصا.

وحسب السلطات الكولومبية، أصابت إحدى الضربات سفينة كولومبية، على متنها مواطنون كولومبيون.

وأثار هذا التصعيد غضب فنزويلا التي ردت بتعبئة الجيش، وأعلنت استعدادها للرد العسكري على الاستفزازات الأميركية، كما طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث التهديد الذي يمثله نشر الولايات المتحدة سفنا حربية في البحر الكاريبي.

وفي الجلسة التي عقدها مجلس الأمن في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، نددت كل من روسيا والصين بتنامي الحضور العسكري الأميركي في البحر الكاريبي، وأعربتا عن قلقهما إزاء ما يمثله هذا التصعيد من تهديد للسلام والاستقرار الإقليميين.

وقد أثارت إمكانية تحول الصراع إلى مواجهات عسكرية فعلية بين أميركا وفنزويلا قلقا بالغا لدى الدول والأقاليم في الكاريبي، لما قد يترتب على ذلك من تدهور في الأمن البحري وانعكاسات سلبية على القطاعات الاقتصادية في المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الاتحاد السوفیاتی فی البحر الکاریبی الولایات المتحدة الشعاب المرجانیة منطقة الکاریبی أواخر القرن فی الکاریبی جزر البهاما الکاریبی من جزر کایمان فی المنطقة القرن الـ20 بما فی ذلک فی العالم إلى جانب لا سیما بین حوض أکثر من نوع من فی جزر

إقرأ أيضاً:

الأونروا: أكثر من 8 آلاف معلم جاهزون لاستئناف العملية التعليمية في غزة

أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا "، أن أكثر من 8 آلاف معلم تابعين لها في قطاع غزة مستعدون للمساعدة في عودة الأطفال إلى التعلم واستئناف تعليمهم.

وشددت الأونروا، في تصريح نشرته عبر صفحتها على منصة "إكس"، اليوم السبت، على أنها أكبر منظمة إنسانية تعمل في قطاع غزة، ويجب السماح لها بأداء مهامها دون أي عوائق.

وأضافت أن "أطفال غزة حُرموا من التعليم لفترة طويلة جدا"، مؤكدة ضرورة تمكينهم من العودة إلى مدارسهم في أسرع وقت ممكن.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من تعليم التربية والتعليم تصدر إعلانًا مهمًا لطلبة الثانوية العامة في قطاع غزة بالفيديو: مؤتمر إعلان نتائج الثانوية العامة التوجيهي في قطاع غزة رابط نتائج الثانوية العامة التوجيهي 2025 في قطاع غزة - تحميل الملف الأكثر قراءة الاحتلال يُصيب شابا بالرصاص ويعتقل 6 آخرين بينهم سيدتان من الخليل لبنان: ضحايا بغارات إسرائيلية عنيفة استهدفت 6 معارض للجرافات والحفارات المالية تعلن موعد ونسبة صرف رواتب الموظفين عن شهر 7/2025 إسرائيل تحتجز 735 جثمانا فلسطينيا بينهم 67 طفلا في "مقابر الأرقام" عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • تداول 12 ألف طن بضائع بمواني البحر الأحمر
  • 8 آلاف مستفيد من قافلة جامعة عين شمس التنموية في البحر الأحمر
  • الأونروا: أكثر من 8 آلاف معلم جاهزون لاستئناف العملية التعليمية في غزة
  • الجيش الأمريكي يستهدف غواصة تنقل مخدرات في البحر الكاريبي
  • ترامب: الولايات المتحدة بحاجة لكثير من الأسلحة التي ترسلها لأوكرانيا
  • بصل: انتشال أكثر من 280 جثمانا لشهداء منذ وقف الحرب بغزة
  • رئيسة المكسيك: تقدم ملموس في المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة
  • البحرية الأمريكية تحتجز ناجين من هجوم على سفينة في الكاريبي
  • عاجل| وول ستريت جورنال: الولايات المتحدة نشرت أسلحة متطورة بمنطقة البحر الكاريبي وفي الأجواء شمال فنزويلا