موقع النيلين:
2025-08-01@08:14:48 GMT

حسين خوجلي: مدني.. ويبقى الغيث ما بقي السحابُ

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

بعد الفتح المبين لعاصمة الجزيرة ود مدني الجسورة، وبعد الانتصار الباهر للشعب وللقوات المسلحة والمقاومة الشعبية، ولكل قوى الخير والسلام في كل بقاع الأرض وليس العالم العربي والأفريقي وحده، قلبت مواقع العرابين للدعم السريع والقحاطة (مرفعينين ضبلان وهادي) لقد توزعوا بعد الصدمة الكاسحة إلى معسكر لاذ بالصمت المريب، وآخرون لاذوا بالبكاء والنحيب وآخرون تدثروا بالواقعية الكذوب كحال المنافقين على مر العصور، لا هم إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

وقد تخيلت حالة العميل الذي دخل على كبيرهم من علمهم السحر كيف كان رد الفعل، وكيف كان الانكسار وكيف كانت الهزيمة، حينها مرت بخاطري قصة كتبتها في مسابقة ونحن بنادي القصة القصيرة وكنا بالجامعة انذاك (برالمة) بعد أن فقدنا كل النصوص والكتابات والوثائق التي اغتالها الغزاة وهي من حفريات الذاكرة ولن تكون بروعة خيال الصبا الآفل يقول النص:
خرج الشاب السعيد إلى قلب الشارع وهو يتدثر مفتخر الثياب جزلاً معطراً وقد انتقى جملة من العبارات الرشيقة ليهمسها أمام والد عروسته القادمة طالبا منه القرب والحلال، ولسوء حظه هجمت عليه ثلاثة كلاب عقورة ومزقت قدميه ويده وأعلى البطن شرق ممزق، فنُقل سريعا إلى المستشفى.

كان المسكين يتوقع في كل لحظة ان تدخل عليه خطيبته وقد امتلأ صدرها بباقة من الزهور والأمنيات بالشفاء. مر اليوم الأول والثاني والثالث ولم تفعل، وفي اليوم الرايع وهو حزين جريح يترقب، دخلت عليه أقرب صديقاتها وسلمته رسالة في ظرف أسود اللون وودعته بسرعة وانصرفت، كأن المهمة أُلقيت على كاهلها على كره ودون رضا. فتح الرسالة فرحاً ومشفقا ولكن لطمته العبارة وهزته بعنف:

(عفوا يا عزيزي أنا آسفه فلن أقترن برجلٍ تعضه الكلاب) عزيزي القارئ لك الخيار في أن تحدد من هو الخطيب ومن هي العروس ومن هو والدها ومن هي الصديقة قياسا للوضع السياسي والعسكري الراهن، وهذا لعمري زمان الترميز بعد أن اغتال اللئام أدبيات الوضوح.

على كل مدن السودان بعد فتح مدني أن تجهز من غير الحلوى والابتسامات والهتاف أدوات التعقيم وبراميل الديتول، فبلادنا تحتاج لعمليات متواصلة من الكحت والنظافة الطبية ليل نهار حتى نزيل أنفاس الجريمة والوضاعة والأرواح الشريرة للغزاة والمرتزقة والخونة والطابور الخامس، فكل إناء تلعقه الكلاب يغسل سبع مرات آخرها بالتراب.
وأطلق الفنجري حين بلغه الخبر السار رباعته على عجل متمهل:
جزيرة الخير بكت دفقت غزير دمّاعا
وحنتوب العلم قلدت بي محنة رفاعة
مادام (العِشير) يا الخونة رفض الطاعة
الاستنوا في تمبول قيام الساعة
الجيش ارتكز بين المناقل وبيكا
والفارس ركز عِدم الفريك والويكه
البرجى الحلول عند البحمّر ليكا
اخير إتحرى قندولو البِقلل الريكا
إلى رئيس مجلس السيادة والقائد العام الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وإلى هيئة الأركان بكل قياداتها وأسلحتها إلى أشاوس المشتركة في كل المواقع وإلى قيادات المقاومة والمستنفرين والبراء والأتقياء الأخفياء من القيادات الشعبية المناضلة والمجاهدة والمؤمنة بحق بلادها بأن تقف مباشرة تحت شمس الحرية، لا أجد عبارة في حقكم أشرف من التمثل بعبارة المصطفى في حق اهل بدر

(يا كل هؤلاء ما بعد فتح مدني افعلوا ما شئتم فقد غفر لكم الشعب السوداني التأجيل والتفريط والانسحاب الحميد وغير الحميد)

وغدا ستأتي الخرطوم والجنينة ونيالا والضعين تماماً في قطار الثامنة قبل اطلالة الفجر وآخر كلمات المبدئيين للمؤامرة الداخلية والخارجية تقول مبللة بالأسى والدموع: أطلقوا سراح المتبقي من قبيلة الرزيقات فلم يبق من الحي إلا الأرامل والأطفال والشيوخ.
كفى… فقد جف الدمعُ وماتت القناديل والضروع، وأصبحت الحرية الوحيدة لهذه المنافي والقفار، الجولات الحرة للرمال العجفاء والرياح العقيمة.

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

البحر يبتلع عشرات المصريين.. كارثة غرق مأساوية قبالة سواحل ليبيا

لقي ما لا يقل عن 18 مهاجراً غير نظامي من الجنسية المصرية مصرعهم، فيما لا يزال نحو 50 آخرين في عداد المفقودين، إثر غرق قارب كان يقلهم قبالة سواحل مدينة طبرق شرق ليبيا في مطلع الأسبوع الحالي.

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة، نقلاً عن مصادرها في المنطقة، أن 10 أشخاص فقط تم إنقاذهم حتى الآن من بين الركاب، مؤكدة أن هذه المأساة تمثل “تذكيراً صارخاً بالمخاطر المميتة التي يجبر الناس على خوضها بحثاً عن الأمان والفرص”.

من جهته، أوضح مصدر دبلوماسي في القنصلية المصرية في بنغازي أن جميع ضحايا القارب من المصريين، وأن السلطات تمكنت من التعرف على 10 جثامين تم نقلها إلى مصر، بينما تم احتجاز الناجين داخل منشأة تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير النظامية.

وكانت الإدارة العامة لأمن السواحل في طبرق قد أعلنت سابقاً عن انتشال 15 جثة إثر غرق القارب، مع احتمال وجود ضحايا من جنسيات أخرى مثل السودانيين، وسط استمرار عمليات البحث عن المفقودين.

وأشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن ليبيا ما زالت تشكل نقطة عبور رئيسية للمهاجرين واللاجئين، حيث يواجه الكثير منهم الاستغلال والمخاطر الكبيرة أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط إلى الضفة الأوروبية.

هذه المأساة تؤكد حجم المأزق الإنساني والخطر الذي يتهدد هؤلاء الباحثين عن مستقبل أفضل، الذين غالباً ما يدفعون حياتهم ثمناً لأحلامهم.

وتأتي هذه الحادثة في ظل تصاعد أعداد المهاجرين غير النظاميين الذين يحاولون عبور المتوسط، وسط تحذيرات مستمرة من المنظمات الدولية حول ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لحماية حياة هؤلاء الأشخاص والحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تستنزف الأرواح.

مقالات مشابهة

  • (حسين خوجلي .. المتهم الأول في بحري)
  • نينوى.. إصابة مدني بانفجار عبوة ناسفة وانقاذ امرأة من محاولة انتحار
  • محللون إسرائيليون: الجيش يطيل أمد الحرب ويعاقب الرافضين العودة لغزة
  • القوات المسلحة تسلم هيئة الاراضي 7 مناطق طابعها مدني بامانة العاصمة
  • رؤية قرآنية تصنع أمة مجاهدة لا تخاف الموت .. الشهادة والشهداء في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)
  • البحر يبتلع عشرات المصريين.. كارثة غرق مأساوية قبالة سواحل ليبيا
  • جُدُر ترامب والنتن!
  • تسلم البطن الجابتك
  • الاستكبار الصامت والمصير الأبدي .. قراءة قرآنية دلالية للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
  • استمرار الإحتجاجات الغاضبة لليوم الثالث في المكلا وعصيان مدني ومطالبات بإقالة بن ماضي