في ذكراه .. لماذا غضب إحسان عبدالقدوس من لقب إبن الست
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
لم يكن الأديب الكبير إحسان عبد القدوس مجرد كاتب وروائي مميز في تاريخ الأدب العربي، بل كان أيقونة ثقافية شكلت ملامح حقبة زمنية حافلة بالتغيرات السياسية والاجتماعية في مصر.
رغم النجاح الباهر الذي حققه، واجه إحسان عبد القدوس صراعًا داخليًا مع لقب “ابن الست”، الذي أطلقه البعض عليه إشارة إلى والدته، الصحفية العظيمة روز اليوسف.
عُرفت روز اليوسف بأنها من رواد الصحافة في مصر ومؤسسة مجلة “روز اليوسف”، التي أصبحت منبرًا للرأي الحر وللنقد السياسي والاجتماعي. ورغم اعتزاز إحسان بوالدته وما حققته، إلا أن لقبه بـ”ابن الست” كان يثير في نفسه مشاعر مختلطة. كان يرى أن هذا اللقب يُختزل شخصيته وإنجازاته في مجرد كونه ابنًا لامرأة عظيمة، متجاهلًا مسيرته الأدبية والصحفية التي صنعها بجهده الخاص.
كان إحسان يعتقد أن الألقاب التي تربط الفرد بشخص آخر، مهما كان عظيمًا، قد تطمس هوية الفرد وتقلل من إنجازاته. وصرح في أحد حواراته: “لا أريد أن أُعرف كـ’ابن الست’ فقط، بل كإحسان عبد القدوس، الكاتب الذي ترك بصمته الخاصة.”
منذ بداياته، قرر إحسان عبد القدوس أن يشق طريقه الخاص. بدأ حياته الصحفية في مجلة “روز اليوسف”، حيث عمل محررًا تحت إشراف والدته، لكن سرعان ما أثبت كفاءته واستقلاليته. لاحقًا، تولى رئاسة تحرير جريدة “أخبار اليوم”، ومن ثم عمل في “الأهرام”، حيث كانت مقالاته السياسية الجريئة تلفت الأنظار.
على الصعيد الأدبي، كتب إحسان أكثر من 600 قصة ورواية، منها ما تحول إلى أفلام سينمائية خالدة مثل “في بيتنا رجل” و“أنا حرة”، التي عكست رؤيته العميقة لقضايا الحرية والتمرد على التقاليد.
لم يكن إحسان عبد القدوس مجرد كاتب مبدع، بل كان صاحب فلسفة خاصة في الحياة. كان يؤمن بأن لكل فرد الحق في أن يُعرف بإنجازاته لا بأصوله أو علاقاته. ورغم أنه لم ينكر فضل والدته عليه في تشكيل وعيه وثقافته، إلا أنه كان حريصًا على أن يُذكر كإحسان الكاتب، وليس فقط “ابن روز اليوسف”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رواية روز اليوسف أخبار اليوم إحسان عبدالقدوس مجلة روز اليوسف المزيد إحسان عبد القدوس روز الیوسف
إقرأ أيضاً:
لماذا يخفق القلب فرحًا أو حزنًا؟ وأيهما أشد وطأة؟
لماذا يخفق #القلب فرحًا أو حزنًا؟ وأيهما أشد وطأة؟
بقلم: الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
عندما نقع في #الحب، أو نفقد من نحب، أو تلامس مسامعنا كلمات تعبق بالحنين، نشعر بانقباض أو تسارع في #ضربات_القلب… وكأن هذا العضو الصامت قد تحوّل فجأة إلى ناطق رسمي باسم مشاعرنا، يترجم ما تعجز الكلمات عن قوله.
لكن، لماذا يخفق القلب حين نفرح أو نحزن؟
مقالات ذات صلة حرب اللاعودة 2025/06/20ما السرّ الذي يجعل هذا النبض يتسارع أو يبطؤ في لحظات الفرح والانكسار؟
وهل لما يحدث داخل القلب والعقل أثر ملموس على صحتنا؟
ثم، أين تسكن الروح في هذا المشهد العاطفي العميق؟
في لحظات كهذه، لا يكون خفقان القلب مجرد استجابة فيزيولوجية، بل هو #تفاعل #بيولوجي و #عاطفي عميق. حين تعصف بنا المشاعر، يتدخل الجهاز العصبي اللاإرادي، ويتحرّك فرعه السمبثاوي حينًا فيزيد التسارع، أو الباراسمبثاوي حينًا آخر ليهدّئ الإيقاع. وفي مركز الدماغ، وتحديدًا في الجهاز الحوفي، تُترجم المشاعر إلى إشارات كيميائية ترسل إلى القلب، فتنقلب دقاته مرايا تعكس ما يضجّ به الوجدان.
وقد لا يتوقف الأمر عند تسارع النبض؛ فقد نشعر بتعرّق، ضيق في التنفس، رعشة في الأطراف… إنها لحظة “تفاعل كامل”، حيث يمتزج الجسد بالعاطفة، ويتداخل القلب بالعقل.
لكن، أيّ المشاعر يترك أثرًا أعمق؟ الفرح أم الحزن؟
رغم ما يحمله الفرح من دفء وضوء، إلا أن تأثيره عادة ما يكون خفيفًا على القلب، بل ومفيدًا. فالدوبامين والسيروتونين — هرمونات السعادة — تملأ مجرى الدم، فتقوّي القلب، وتُحسّن المناعة، وتضبط المزاج.
أما الحزن، وخصوصًا ذلك المرتبط بالفقد أو الخذلان، فله وقع آخر… قاسٍ وموجِع. فقد يؤدي إلى ما يُعرف علميًا بـ”متلازمة القلب المنكسر”، حالة طبية حقيقية تحاكي أعراض الجلطة القلبية. وتشير الأبحاث إلى أن من يفقدون أحبتهم، يواجهون خطرًا متزايدًا للإصابة بأمراض القلب بنسبة قد تصل إلى 21% خلال السنة الأولى من الفقد.
هكذا يتبيّن لنا أن الحزن قد يكون أثقل وطأة على القلب من الفرح، بل قد يترك فيه أثرًا طويل الأمد.
وفي خضم هذه اللحظات، نجد أن القلب لا يعمل وحده، بل يخوض حوارًا صامتًا مع العقل. فالعاطفة لا تسلك طريقًا أحاديًا، بل هي شبكة معقّدة من الرسائل المتبادلة بين الدماغ والقلب. يُفرز العقل كيمياءه، فيتأثر القلب، ثم يُرسل القلب بدوره إشارات عصبية تعود إلى الدماغ، وكأن بينهما لغة لا نسمعها، لكنها تشكّل وعينا الداخلي ومزاجنا.
وهنا تحديدًا، يتجلّى السرّ: “القلب يفكر”… نعم، ليس مجازًا، بل حقيقة علمية أكدتها أبحاث علم الأعصاب القلبي، التي أثبتت أن القلب يملك شبكة عصبية مستقلة تؤهّله للتفاعل مع المشاعر، وتخزينها أحيانًا.
هذا التفاعل له جوانبه الصحية أيضًا؛ فحين يكون خفقان القلب ناتجًا عن لحظة سعادة صادقة، ينعكس ذلك على الجسم إيجابًا: تنشيط في الدورة الدموية، خفض في ضغط الدم، دعم للمناعة، ونوم أكثر عمقًا.
لكن حين يكون الخفقان ناتجًا عن توتر أو حزن مزمن، يبدأ الجسد بالانهيار تدريجيًا: اضطرابات في ضربات القلب، أرق، ارتفاع في الضغط، ضعف في المناعة.
من هنا نفهم أن المشاعر، رغم أنّها لا تُرى، إلا أنها تُحسّ وتُترجم على هيئة تغيّرات جسدية حقيقية.
ولذلك، فإن إدارة المشاعر بوعي ورحمة بالنفس، ليست رفاهية، بل ضرورة لصحتنا الجسدية والنفسية معًا.
ويبقى السؤال الأكثر غموضًا وجمالًا: أين الروح من كل ذلك؟
رغم أن الطب لا يعترف بالروح ضمن أدواته التشخيصية، إلا أن معظم الثقافات والديانات، بل والفطرة الإنسانية، تدرك أنها الحاضن الأول للمشاعر.
الروح هي من تجعل القلب يخفق عند رؤية شخص معيّن، أو عند استرجاع لحظة قديمة، أو حتى بمجرد شمّ عطر يرتبط بذكرى.
فالخفقان الذي نشعر به، في أعماقه، ليس فقط تفاعلاً كيميائيًا، بل هو تجسيد لحالة وجودية يعيشها الإنسان بكل كيانه.
إنه لغة الروح حين تعجز الكلمات، وإنذار الجسد حين تضيق النفس، ورسالة حب أو حزن مكتوبة على نبضات القلب.
في النهاية، خفقان القلب ليس مجرّد حركة عضلية، بل سيمفونية معقّدة من المشاعر والكيمياء والروح.
وبين نبض الفرح ونبض الألم، يتقلّب الإنسان… وتتقلّب معه دقات قلبه.
وكلما ازددنا فهمًا لهذه العلاقة العميقة بين القلب والعقل والروح، أصبحنا أكثر قدرة على تذوّق الحياة بعمق، وعلى شفاء أنفسنا برفق.