صدى البلد:
2025-05-13@07:15:38 GMT

منال الشرقاوي تكتب: بدايات ملهمة من عدسة السينما

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

مع بداية كل عام، نقف أمام صفحة بيضاء، نتأمل فيها ما مضى، ونتساءل عمّا سيأتي. يملؤنا الحماس أحيانًا، والقلق أحيانًا أخرى. لكن هناك شيء غريب يحدث حين تُطفأ الأنوار وتُضاء الشاشة أمامنا؛ فنجد أنفسنا نُمنح فرصة استراق النظر إلى حياة أخرى. فجأة، تتسع العدسة وتضيق، تُشرق الوجوه وتخفت، وتتحول القصة – أيًا كانت – إلى لوحة شفافة، تُسجّل عليها أفكارنا الهاربة وقراراتنا التي تهنا عنها وسط زحام الأيام.


السينما ليست مجرد حكايات تُروى، بل هي لحظات مُعلقة، مكتوبة بحبر من مشاعر لم نجرؤ على الاعتراف بها. في كل مشهد، يتسلل إحساس ما، تتبلور فكرة لم تكتمل، أو تتردد أمنية بين السطور. أحيانًا تأتيك الحكمة من مشهد عابر، من جملة أُلقيت بلا اكتراث، أو من موسيقى تصويرية تختبئ خلف لقطة صامتة. فتغوص في بحر من الحكايات السينمائية، التي لا تقتصر على إبهارك، بل تهمس في أذنك قائلة: “انهض... لا يزال هناك فصل لم يُكتب بعد”. 


من الأفلام التي أعتبرها على قائمة الصدارة من حيث الإلهام والقدرة على لمس القلوب، يأتي فيلم "The Pursuit of Happyness" البحث عن السعادة، إنتاج عام 2006، أخرجه الإيطالي جابرييل موكينو (Gabriele Muccino)، وبطولة النجم ويل سميث (Willard Smith)، الذي قدّم أداءً استثنائيًا يُعد واحدًا من أفضل أدواره السينمائية على الإطلاق.


الفيلم مستوحى من القصة الحقيقية لرجل الأعمال كريس جاردنر (Chris Gardner)، الذي بدأ من نقطة الصفر وواجه أصعب التحديات الاقتصادية والاجتماعية، لكنه لم يفقد الأمل أبدًا. وسط الأزمات المالية والمشاكل العائلية، يظهر كريس كرمز حي للصبر والإصرار؛ فيُجسّد معنى السعي الحقيقي نحو الأحلام.


يعتمد فيلم "The Pursuit of Happyness" على واقعية مُباشرة تجعله قريبًا من المتلقي. تبدأ القصة من أدنى نقطة ممكنة في حياة كريس جاردنر، وهو اختيار ذكي من كاتب السيناريو "ستيفن كونراد"، حيث يضع الجمهور في مواجهة مع الواقع منذ اللحظة الأولى. يتبع الفيلم المنحنى الكلاسيكي للقصة (المقدمة، الصراع، الحل)، لكنه يُبرز الصراع كجزء جوهري من التجربة الإنسانية. يُبرز الفيلم التحولات التدريجية دون الاعتماد على أحداث درامية مفتعلة. فالصراع يتولد من المواقف اليومية، المتمثلة في السعي لإيجاد مأوى، فقدان المال، ومحاولته الموازنة بين دوره كأب وكعامل يكافح للبقاء.


"جابرييل موكينو" مخرج الفيلم، تبنّى منهجية إخراج تُركّز على تلك الواقعية، حيث جعل الكاميرا المحمولة أداة لنقل المشاهدين مباشرة إلى قلب حياة كريس، فاستخدم الكاميرا المحمولة بذكاء في العديد من المشاهد الخارجية، مثل تلك التي يظهر فيها كريس وابنه يتنقلان بين الملاجئ، مما أضاف بُعدًا وثائقيًا عزّز من مصداقية العمل.


ويل سميث استخدم تقنيات أداء تعتمد على الصمت والتعبير البصري، حيث حملت عيناه وحركاته كل مشاعر الألم والانكسار دون صخب أو مبالغة. وجاء وجود ابنه الحقيقي "جادين سميث" ليضيف بُعدًا من الصدق إلى العلاقة بين الشخصيتين، وهو ما انعكس في المشاهد العاطفية القوية التي لم تبدُ مصطنعة أو متكلفة.

 ساعد كل ذلك في إظهار تطور الشخصية بشكل تدريجي، من الانكسار إلى إعادة بناء الذات، وصولًا إلى لحظة التمكين النفسي في المشهد الأخير. 


"The Pursuit of Happyness" هو أكثر من مجرد فيلم ملهم؛ إنه عمل درامي متكامل يُجسد بأدوات سينمائية بارعة رحلة مُرهقة في دهاليز الحياة، حيث يصبح الأمل هو الحبل الوحيد الذي يُمسك به الإنسان كي لا يسقط. يأتي المشهد الأشهر حين يقول كريس لابنه:  "لا تدع أحدًا يخبرك أنك لا تستطيع فعل شيء. حتى أنا." ليقدم وصية إنسانية تُلخّص فلسفة الفيلم. تلك التي تؤكد أن الإيمان بالذات هو مفتاح الصمود أمام تحديات الحياة.


الحياة لا تضمن لنا فرصًا متساوية، لكنها تُعطي لكل منا لحظة اختبار حاسمة؛ لحظة تُقرر فيها إن كنت ستقف من جديد أم ستستسلم لليأس.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ويل سميث المزيد

إقرأ أيضاً:

هند عصام تكتب: الملك والذباب

تتوالى الفصول وتتعاقب السنوات تلو الأخرى وما (78زال العقل مشغول والقلب متعلق بقصص وحكايات ملوك وملكات مصر الفرعونية القديمة مثل إنشغال العالم أجمع بقصص وحكايات أكبر وأعظم حضارة فى تاريخ العالم ،حضارة لا حصر لها ولا نهاية وهنا يأمر العقل اليد بسرد قصة ملك جديد في غاية الأهمية وازداد قلبي شغفاً لمعرفة من هو الملك وكان الملك بيبي الثاني الذى اشتهر بطول مدة حكمة  حيث ولد الملك بيبي الثاني فى القرن 23 ق.م .

ابن الملك مرن رع الأول والملكة عنخس أن بيبي الثانية عاش الملك بيبي الثاني نفر كا رع حياة طويلة، حكم خلالها المصريين طوال 94 عاماً وفقاً للعديد من المصادر، مما يجعله الحاكمَ الأطول عمراً في تاريخ مصر القديمة والحديثة تزوج خلالها كلا من الملكة عنخس ان بيبى الرابعه والملكة ايبوت الثانية و واجبت نيت ، وأنجب الملك بيبي الثاني الملكة نيت أقرت والملك مرن رع الثانى .

كان بيبي الثاني نفر كا رع أحد الفراعنة المصريين من الأسرة السادسة بالدولة القديمة، إذ بدأت فترة حكمه في نحو 2278 قبل الميلاد. عندما اعتلى نفر كا رع العرش خلفاً لأخيه المتوفى كان في السادسة فقط من عمره، ولعبت والدته في البداية دور الوصي عليه، في حين كان خاله الأمير جاو صاحب اليد العليا في تصريف أمور البلاد. 

وفقاً للعديد من المصادر، يعتبر الملك نفر كا رع صاحب أطول فترة حكم لعاهل في تاريخ مصر كله، فقد جلس على العرش طوال 94 عاماً، تميزت بالاضطرابات السياسية وضعف قدرة الملك على السيطرة على حكام أقاليمه، خاصةً أنه كان مستضعفاً منذ اليوم الأول الذي اعتلى فيه العرش في سن صغيرة. 

مع ذلك يقدر بعض علماء الآثار أن فترة 94 عاماً قد يكون مبالغاً فيها، وأنه في الواقع حكم فترة 64 عاماً فقط، لكن طول فترة حكمه لا يزال موضع خلاف بطبيعة الأحوال. 

وأشتهر الملك بيبي الثاني ببعض الأفعال التي تبدو غير طبيعية ولعل من أبرز الغرائب التي نقلت عن فترة حكم الملك بيبي الثاني، أنه كان يكره الذباب كرهاً شديداً فابتكر وسيلة غريبة لإبعاد الذباب عنه. إذ أمر الملك عبيده بأن يغطوا أنفسهم بالعسل؛ كي يتجمع الذباب حولهم وينصرف عنه. 

ويعتبر سلوك الملك غريباً في ذلك الوقت ليس فقط لكونه ابتكر طريقة تُخضع عبيده للتعذيب النفسي طوال اليوم، بل لأن المصريون القدماء لم يكونوا ينظرون إلى الذباب على أنه من الحشرات  الكريهة. 

على العكس فقد كان المصريون ينظرون بعين التقدير إلى تلك الحشرة؛ لكونها رمزاً للمثابرة وسرعة الحركة، وقد مُنح الذباب الذهبي للجنود الذين يظهرون مثل هذه الصفات في ساحات المعارك. كما تم صنع تمائم على شكل ذباب من الذهب والفضة والعظام واللازورد والعقيق والجمشت. ويذكر أنه قد تم العثور على كثير من  قلادات الذباب الذهبية في مقبرة الملكة أحوتب. 

وبالعودة إلى الملك نفر كا رع فلم يتمثل سلوكه غير العادي فقط في تغطية العبيد بالعسل لإبعاد الذباب، بل تمثل أيضاً بهوسه بالأقزام

و تُظهر الرسالة المحفوظة التي كتبها الملك بيبي الثاني إلى حرخوف  حاكم أسوان ورئيس إحدى البعثات التي أرسلها الملك إلى النوبة، أن الملك بيبي الثاني قد أمر بالبحث عن الأقزام وإلقاء القبض عليهم وإحضارهم إلى القصر بهدف التسلية.

وقد كانت رسالة الملك غريبة إلى حد كبير وتنم عن عدم نضج وفقاً لوصف البعض، لذلك يرجح أنه كتبها في سنوات حكمه الأولى عندما كان لا يزال طفلاً، إذ جاء في نص الرسالة: "يجب عليك إحضار القزم  الحي وهو سليم وبصحة جيدة؛ لتبهج وتفرح قلب ملك مصر العليا والسفلى".

وأضاف: "عندما ينزل معك إلى السفينة، فقم بتعيين أشخاص موثوق بهم يكونون بجانبه لحراسته، واحرص على ألا يسقط في الماء. وعندما ينام ليلاً فعيّن أحداً من الحرس الموثوقين كي يبقى بجواره، تفحصه عشر مرات في الليلة، لأن جلالتي يرغب في رؤية هذا القزم أكثر من كل منتجات سيناء. إذا وصلت إلى هنا وكان القزم معك، على قيد الحياة وبصحة جيدة، فإن صاحب الجلالة سيمنحك العديد من التكريمات الممتازة لتكون فخراً لك ولأولادك من بعدك". 

ورث الملك بيبي الثاني دولة متهاوية، وكان هو نفسه صغيراً في السن عندما استلمها، مما جعل الأمور تسوء أكثر، وعلى الرغم من ارتباط اسمه بكثير من الحملات العسكرية التي اعتاد إرسالها إلى الجنوب بقيادة حكام إلفنتين، الواقعة في أسوان، فإن هذه الحملات لم تستطع إنقاذ حكم الملك من الضياع. 

و كانت مصر في تلك الفترة بحاجة إلى ملك قوي ذي نفوذ وسلطان وقادر على كبح أطماع حكام الأقاليم الذين لم يعودوا يكنون الولاء للملك، ولم تتوافر تلك الصفات في الملك نفر كا رع، فعمت الفوضى البلاد وراح حكام الأقاليم يتصرفون على هواهم للحصول على مزيد من السلطة والمال على حساب الرعية، ولم يكن الملك قادراً على ردعهم أو وضع حد لجشعهم، وعلى الرغم من فترة حكمه الطويلة فإنها تميزت بكونها فترة تسودها الاضطرابات السياسية، ولم تستطع الأسرة السادسة التي ينتمي لها الملك أن تصمد طويلاً من بعده، فقد ترك الملك بيبي الثاني نفر كا رع لورثته دولة على حافة الانهيار. 

يعتبر نفر كا رع من الملوك القلائل الذين تم تصويرهم بطريقة سلبية في النصوص الأدبية، لا سيما في قصته مع الجنرال ساسينيت. 

و كان الجنرال ساسينيت هو القائد المسؤول عن الحملات العسكرية في عهد الملك نفر كا رع، ووفقاً للنصوص الأدبية فقد جمعت علاقة خاصة كلاً من الرجلين. 

من المفروغ منه أن القائد كان مقرباً للغاية من الملك، فقد كان ذراعه اليمنى ومستشاره في الشؤون العسكرية وغيرها من أركان حكم الدولة .

وهناك بعض البرديات التى تتحدث عن زيارة غير عادية قام بها الملك بيبي الثاني في وقت متأخر من الليل إلى الجنرال ساسينيت والتي يشير البعض إلى أن هذه الحكاية تتعلق باتجاه مثلي الجنسية محتمل للملك بيبي الثاني، في حين أن آخرين يعتقدون أنها قد تكون مجرد إشاعة أو تفسير خاطئ للأحداث وما هي إلا محاولة لتشويه سمعت الملك بيبي الثاني و فهم تصرفاته خطأ.

طباعة شارك الفراعنة الملك بيبي الأول الملك بيبي الثاني

مقالات مشابهة

  • فيلم "حجر أساس".. عدسة جديدة ترصد الحب في تفاصيل الحياة اليومية من طلاب إعلام عين شمس
  • ويل سميث يوجه رسالة لزوجته وطليقته بمناسبة عيد الأم
  • منافس شرس لسامسونج.. تعرف على أفضل هواتف موتورولا
  • ويل سميث يكرم زوجته وطليقته في عيد الأم برسالة: كل الحب لكل الأمهات
  • شيخة الجابري تكتب: العالم على صفيح ساخن
  • هند عصام تكتب: الملك والذباب
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 52
  • جيل خامس في الفئة المتوسطة.. الإعلان عن هاتف أوبو Oppo A92s في الخارج
  • كرة القدم تراقص الغروب.. عدسة شفق نيوز في ريف بابل
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم