شعوب العصافير الملونة «الأخيرة»
تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT
أبدأ مقالى بجملة اعتراضية «اللهم ما لا شماتة فيما حدث فى أمريكا من عدل إلهى» وأكمل معكم ما بدأته حول حديث الطغاة، يعتقد الطغاة أنهم امتلكوا الحياة وما عليها، يعتقدون أنه لا نهاية لهم وأنهم مخلدون ولن يقدر عليهم أحد، يتجاهلون قراءة التاريخ الذى سجل نهايات مهولة لأمثالهم الظالمين، نهايات إلهية بها موعظة لا يغفلها أولو الألباب، لذا يعمهون فى طغيانهم خاصة حين لا يجدون من يتصدى لهم، من لا يحاول تصويب مساراتهم بالموعظة الحسنة أو بالقوة المتحدة، فيمتد بأس الطاغية ليتمدد ويتنطع، ولا يقتصر على المجتمع الواقع تحت سلطته، ولا الشعب الذى ابتلى بحكمه بل يطول الشعوب الأخرى، وإذا كان أغلبنا يعتنق ناموس الغابة بأن البقاء للأقوى لا الأصلح، الأقوى بالمعنى الوحشى من طغى وجبروت وظلم، ونستدل على ذلك بكل ما يدور حولنا فى العالم والمحيط القريب بنا، فعلينا ألا ننسى أبداً قدرة الله، القدرة الدائمة الوجود والتى تتجلى فى أوضح صورها عندما تأتى حلول السماء لقمع الطغاة وإبادتهم بعد أن فشلت حلول الأرض لإزاحته ومعاقبته.
يستمد الطغاة قوتهم من خنوع البشر حولهم، فهم يرون الشعوب التى يحكمونها أو التى يمكنهم التحكم بها حتى عن بعد بأنهم عصافيرهم الملونة، التى عليهم سجنها داخل أقفاص من حديد ليصادروا حرياتها وإرادتها وفكرها، تحت زعم أنه حامى حماهم، وأنه يكفيهم شكراً له أنه يوفر لهم الطعام لو فتاتاً، والشراب ولو قطرات مسمومة، وأقفاص يتناسلون بداخلها، فماذا يريدون أكثر من ذلك، فلا عليهم إلا الرضوخ والتسبيح بحمده وشكره، يتفنن الطاغية فى تجنيد أبواق المسئولين الخاضعين وفى مقدمتها أبواق الإعلام فى الترويج لمضمون فكرة شعوب العصافير الملونة، وهى أن الشعب لو خرج من أقفاصه للطيران بإرادة كاملة وفى حرية لماتت من الجوع والعطش ولالتهمتها الطيور الجارحة أو الوحوش الضارية التى تترقب خروجها من الأقفاص، يروج الطاغية وبطانته أنه الحامى لعصافيره ولمقدراتهم، وان الشعب بدون حكمه الحديدى سيضيع ويصبح مطمعاً ونهباً للأعداء، ينشر الطاغية فزاعات لشعبه، ويوجه أغلب أموال الدولة للتسليح وتشغيل مصانع السلاح، لأن أصحاب صناعة القتل والإبادة هم سنده ومصلحتهم معه، واستمرار وجودهم وتوحش ثرواتهم من اشتداد طغيانه.
هكذا يصنع الطاغية لشعبه أقفاصهم فلا يفرون منها، بل تتكدس أحلامهم السجينة داخل أقفاصهم أو زنازينهم حتى تموت، وتموت معها قلوبهم وأرواحهم، فيتحولون إلى أجساد بلا حياة وبلا قلوب، فلا يجدون أمامهم متنفساً سوى الاقتتال، فيتفنن بعضهم فى القضاء على الآخرين بقتلهم، بمحاربتهم فى رزقهم وطعامهم واستباحة محرماتهم، ليس أملا فى الخروج من الأقفاص، بل لتتوسع لهم مساحة فى الأقفاص، إنه الانتقام العاجز من العاجز، وهو أبشع أنواع الانتقام والتى نراها داخل الشعوب السجينة المكبوتة، حيث نرصد تزايد معدلات الجرائم البشعة بها، وتزايد جشع التجار لنهب أقوات الشعب واستلاب أموالهم.
إنها نتائج طبيعية لشعوب مغلوبة على أمرها لا تتمكن من إزاحة الحاكم وبطانته، ولا تجد العدالة أتية من قمة الهرم، فتمارس مع بعضها البعض أيضا إهدار الحقوق والعدالة فى القاع، وتوجه غضبها لإزاحة بعضها البعض عن الحياة، عسى أن يجدوا بعض المتنفس داخل زنازينهم التى باتت تطبق على أنفاسهم، وتكون النهاية دائماً مأساوية لمصائر تلك الشعوب، وهى تدمير مجتمعاتهم، ومن ثم تدمير ذاتهم، وهو ما يحدث بالإقبال على المخدرات بكل أنواعها القاتلة، الإقبال على ارتكاب الفواحش والجرائم البشعة، وعدم المبالاة بالنهايات لهم، لأنهم يرون أنفسهم أصلا فى عداد الموتى، فلا ضير أن يموت الجسد وقد ماتت القلوب والروح ومعها الضمائر كبتا وقهرا وفقدانا لكل الأمل وضياعا لكل الأحلام.
يأتى الطغاة ويرحلون ويسجلهم التاريخ بحروف سوداء ويبقى من بعدهم كهنتهم من عبدة معبدهم المنتفعين منه، الحاصدين للمصالح والأموال والمراكز، يبقى هؤلاء كالسوس الذى ينخر فى مفاصل الدولة الجديدة على أمل عودة الطاغية أو ظهور طاغية جديد، يرحل الطاغية وتبقى أثارة فى الشعب بكل فئاته من خوف من الحرية الحقيقية، ومن الديمقراطية، ومن إطلاق العقول للتفكير والإبداع، وتبقى الأخلاق والمبادئ مجرفة، وهى أثار لا تمتد لجيل واحد، بل تتوارثها أجيال، نعم واهم هو من يعتقد أن الشعب يتحرر بسرعة ويسترد عافيته برحيل الطاغية، لا، فأثار ما صنعه ورسخه من خوف وارتباك واقتتال من أجل فقط البقاء والطعام والحصول على أبسط متطلبات الحياة يبقى ويمتد من جيل لآخر بجانب وجود المنتفعين الكبار من تجار الموت والسلاح والمخدرات وغيرها، قد تتعافى الشعوب بعد سنوات طويلة إذا ما أهداها الله الحاكم العادل الذى يطبق الديمقراطية بمفهومها السليم ويبذل جهده للقضاء على موروث الفساد، أو قد لا تتعافى الشعوب مطلقاً، وتكون الطامة بظهور طاغية جديد يتولى السلطة، لتتكاثر سلالات المنتفعين والمجرمين ولصوص أقوات الشعب بجانب زبانية مصادرة وتعذيب الحريات.
الطاغية أخطبوط تمتد أذرعه المتوحشة فى الداخل والخارج لينتج وسائل عصرية تبيد الإنسان وتتحكم فى مصيره وتقوده إلى الهلاك، انظروا حولنا وسترون هؤلاء الطغاة ما أكثرهم فى تلك الدول التى تتاجر فى أرواح الشعوب، تصادر حرياتهم وتبيد الملايين منهم، هؤلاء يتوشحون زوراً بالديمقراطية أمام العالم رافعين رايات حماية الشعوب المستضعفة، ليخفوا وحشية استراتيجيتهم التى تعمد إلى الإبادة والقتل ومصادرة الحريات والأحلام، لأن العالم كله بالنسبة لهم فى بساطة مجرد عصافيرهم الملونة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد القوة المتحدة
إقرأ أيضاً:
بيان رقم واحد سقط الطاغية بشار الأسد
زغردوا يا أمهات الشهداء.. سقط الطاغية بشار الأسد.. عبارة دوى صداها مع إشراقة شمس الـ8 ديسمبر/كانون الأول 2024 من مئذنة جامع المنصور في طرطوس، حين أعلن المؤذن باسم جذوب هروب الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد من دمشق، بعد دخول الثوار إليها وسقوط حكم آل الأسد، مراسلة سوريا الآن زينب ضوا التقت باسم مجذوب صاحب البيان رقم واحد.
البيان رقم واحد.. قصة المؤذن الذي صدح بسقوط الأسد من طرطوس، التفاصيل مع مراسلتنا زينب ضوا pic.twitter.com/Sb3Z6Vnjl8
— SyriaNow – سوريا الآن (@AJSyriaNow) December 6, 2025
وفي الذكرى الأولى لتحرير سوريا، استعاد المغردون تلك اللحظات التاريخية، وكتب بعضهم:
"ما أجملها من ذكرى… وما أروع لحن صوته وهو يقول: جاءنا المدد من الله… سقط الطاغية بشار الأسد… زغردن يا أمهات الشهداء… والله شعور لن ننساه ما حيينا… إنها لحظات فاصلة في تاريخ كل سوري حر شريف، وفي تاريخ سوريا الحديثة".
"زغرطوا يا أمهات الشهداء سقط الطاغية بشار الأسد"
مؤذن جامع المنصور في طرطوس، يستعيد عبارته المشهورة لحظة سقوط النظام" pic.twitter.com/Vaw7bWjcbn
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 8, 2025
وقال آخرون "يوم هروب بشار الأسد، يوم لا يشبه سائر الأيام في وجدان كل سوري حر. يحق للشعب السوري أن يفرح بهذا اليوم بعد أكثر من 50 عاما من حكم الأسد".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2احتفالات سوريا وفلسطين تخطف الأنظار بعد تأهلهما إلى ربع نهائي كأس العربlist 2 of 2مرتديا "بدلة النصر".. ما دلالات صلاة الشرع في الأموي بذكرى التحرير؟end of listورأى ناشطون أن عاما مضى، لكن آثار جرائم النظام ما زالت محفورة في ذاكرة السوريين، وفي كل مدينة وبلدة وبيت طاله القصف والقتل والتهجير.
وفي هذه المناسبة، أكدوا من جديد أن المحاسبة حق لا يسقط بالتقادم، وأن العدالة ستظل مطلبا أساسيا لا يمكن التنازل عنه، ولو كان ثمنه ثورة جديدة.
وطالبوا بمحاكمة عادلة تنصف الضحايا وتعيد الاعتبار لكل من عانى ودفع ثمنا غاليا من أجل الحرية والكرامة.
ما أجملها من ذكرى..
وما أجمل لحن صوته عندما سمعناه وهو يقول جاءنا المدد من الله..
سقط الطاغية بشار الأسد..
زغردوا يا أمهات الشهداء..
والله شعور لن ننساه ما حيينا..
هذه اللحظات الفارقة قي تاريخ كل سوري حر شريف وفي تاريخ سوريا الحديثة..
الحمدلله حتى يبلغ الحمد منتهاه..
— د.سوري الهوى (@drmahmoud3737) December 8, 2025
"سوريا تستحق العدالة… وتستحق مستقبلا تُبنى فيه الدولة على الحق والإنصاف".وكتب ناشطون إنها الذكرى الأولى لتحرير سوريا من نظام بشار الأسد. في مثل هذا اليوم قبل عام، أسقط الشعب السوري النظام الاستبدادي بعد سنوات طويلة من التضحيات لاستعادة بلده من قبضة الإجرام. وقد تُوجت تلك التضحيات بتحرير سوريا وعودتها إلى شعبها.
دائماً وأبداً هذا المشهد المهيب ✨
صوت الشيخ مع زغاريد الأمهات، وشمس فجر الحرية????
يالله ! مستحيل الإنسان يقدر يوصف العظمة والقشعريرة لما يسمعه.
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك❤️???? https://t.co/iInVTjKhzu pic.twitter.com/Yo21ER8tx9
— ولاء (@walaa_094) December 7, 2025
وأشار آخرون إلى أن هذا اليوم هو يوم الفرح الكبير، يوم انتصرت فيه الثورة بدماء أبنائها، وبصبر السوريين وأحلامهم بالحرية والكرامة.
إعلان"نصرٌ كُتب بالتضحيات، ووعدٌ لا رجعة عنه". مرت سنة على تحرير المساجين السوريين…
مرت سنة على العبارة التي هزّت القلوب: "سقط النظام… اطلعوا اطلعوا"…
مرت سنة على فرحة العرب جميعا بهذا النصر العظيم.
????مرّ عام كامل على اليوم التاريخي الذي سقط فيه طاغية دمشق، وانتصرت إرادة شعبٍ صمد أربعة عشرة سنة تحت القصف والحصار والسجون والتهجير.
اليوم، ونحن نحتفل بمرور عام على تحرير سوريا، أتقدم بأصدق التهاني وأعطر التبريكات لكل الأحرار في العالم الذين وقفوا معنا، فرحوا لفرحنا، وبكوا… pic.twitter.com/t6qwmHSgoM
— Dr.Laila✝️????️ (@Laila_020) December 8, 2025