#سواليف

#إصلاح_المؤسسات يبدأ بحماية #حرية_النقد: #الجامعات نموذجًا

بقلم : ا د #عزام_عنانزة *

في زمن تسوده التحديات وتعصف به أزمات متتالية، يقف الوطن على مفترق طرق مصيري يتطلب وقفة جادة مع النفس لمراجعة أولوياتنا وقيمنا. الحرية، يا سادة، ليست رفاهية تُمنح أو تُسلب، بل هي أساس كل تطور ونهضة. وحين تضيق المساحات التي تتيح النقد والتعبير، فإننا نفتح أبوابًا واسعة للفساد والتراجع.

مقالات ذات صلة “كتّاب التدخل السريع: عباقرة الانحدار الأكاديمي” 2025/01/23

من المؤسف أن نجد اليوم مسؤولين يتخذون من سيف العقوبات سلاحًا لإخراس الأصوات المخالفة لهم، متناسين أن النقد البناء هو الطريق الأوحد نحو تصحيح الأخطاء وتقويم الاعوجاج. إن استمرار هذا النهج يؤدي إلى تكميم الأفواه وضياع الحقوق، بينما تُرتكب الأخطاء الجسيمة بحق الوطن ومؤسساته، دون أن يجرؤ أحد على قول كلمة حق.

يجب تعديل القوانين بشكل صارم بحيث لا تسمح لأي مسؤول أن يرفع قضية على أي مواطن يوجه نقدًا بناءً. ومن يتصدى للعمل العام عليه أن يتحمل النقد الذي يكشف عن مواطن الخلل في المؤسسات والدوائر الحكومية وغير الحكومية. إن الحرية هي المحرك الأساسي لتقدم الدول وتطورها، وتكميم الأفواه لا ينتج إلا التراجع والجمود.

إننا نأسف أشد الأسف أن نرى بعض المسؤولين يلوحون بسيف العقوبات ويهددون بالإحالة إلى القضاء ضد أي شخص يخالفهم الرأي أو يشير إلى أخطائهم. هذا النهج أدى إلى ضياع الحقوق وإلى ارتكاب أخطاء فادحة بحق الوطن والمؤسسات والموظفين، دون أن يجد أحدًا يقول لهم: ماذا تفعلون؟

على كل مسؤول في موقعه أن يدرك أن العمل العام ليس امتيازًا يمنحه سلطة على الآخرين، بل هو مسؤولية تجعله عرضة للنقد والمساءلة. من لا يتحمل النقد، عليه أن يرحل. القوانين يجب أن تُعدل بحيث تمنع أي مسؤول من استخدام القضاء لإسكات أصوات المواطنين، لأن النقد ليس هجومًا، بل هو مؤشر على خلل يتطلب إصلاحًا.

وإذا ما انتقلنا إلى الجامعات، تلك المؤسسات التي يُفترض بها أن تكون منارات للحرية والتفكير الحر، نجد أن بعضها يفتقد لأبسط مقومات هذا الدور. الجامعات التي تخنق حرية التعبير لا تستحق شرف حمل هذا الاسم، لأنها بذلك تقتل الإبداع وتُفرغ العملية التعليمية من مضمونها الحقيقي.

لقد أكد جلالة الملك عبد الله الثاني مرارًا على أهمية الإصلاح السياسي والتحديث، ووضع رؤية واضحة لمستقبل أفضل. ولا زلنا نتذكر مقولته الشهيرة في الجامعة الأردنية ” انتم اضغطوا من تحت وانا اضغط من فوق ” لكن هذه الرؤية لن تتحقق ما لم يلتزم المسؤولون بها قولًا وفعلًا. الحرية ليست مجرد شعار نزين به خطاباتنا، بل هي ضرورة لبناء مؤسسات قوية وجامعات قادرة على تخريج أجيال تحمل فكرًا ناقدًا وإرادة للتغيير.

إن المؤسسات العامة، والجامعات على وجه الخصوص، ليست فوق النقد. بل إن النقد هو الذي يحييها ويعيد لها دورها الحقيقي في خدمة المجتمع. وإذا كانت حرية التعبير هي ما يحفز الإصلاح، فإن قمعها هو بداية النهاية لأي مؤسسة تطمح للبقاء.

إلى كل من يسعى لإسكات النقد وقمع الأصوات الحرة: الوطن يحتاج إلى شجاعة في مواجهة الأخطاء، لا إلى تبريرها. الإصلاح يبدأ بحماية حرية التعبير، والنقد البناء هو السبيل الوحيد لتطوير مؤسساتنا والنهوض بها.

فهل تسمعون صوت العقل؟ أم تريدون أن تظلوا صُمًّا بكما لا ترون ولا تسمعون؟ الوطن لا يحتمل المزيد من الصمت، والمؤسسات لا تُبنى بالخوف والرعب ، بل تُبنى بالحرية والشجاعة والحوار .

أستاذ الإعلام في جامعة اليرموك

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف إصلاح المؤسسات حرية النقد الجامعات

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر للسفير السويدي: لا حرية في الإساءة للمقدسات الدينية

استقبل فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، السفير داج بولين دانفليت، السفير السويدي الجديد لدى مصر.

وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن جرائم حرق المصحف الشريف التي شهدتها السويد وبعض الدول خلال الأعوام الماضية استفزت مشاعر ملياري مسلم حول العالم، لما يمثله القرآن الكريم من قدسية لدى المسلمين، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لمنع تكرار هذه الجرائم التي لا يمكن تبريرها تحت شعار “حرية التعبير”، مشددًا فضيلته على أنه لا حرية في الإساءة للمقدسات الدينية.

وتساءل فضيلته مستنكرًا: ما العلاقة بين حرية الرأي والإساءة للأديان والكتب المقدسة؟! مشيرًا إلى أن استمرار مثل هذه الأفعال يُهدد القيم الإنسانية ويعمل على نشر الكراهية في المجتمعات، مؤكدًا أنه يجب على الحكومات منع هذه الانتهاكات وسَنّ القوانين الرادعة لها، فهي مسؤولية كبرى يجب الالتزام بها.

الأزهر للفتوى: الصلاة في المسجد الأقصى أجرها مضاعفمؤشر مرصد الأزهر لتحليل جرائم التنظيمات الإرهابية وجهود مكافحتها في وسط إفريقيا خلال سبتمبر 2025

من جانبه، أعرب السفير السويدي عن تقديره لجهود شيخ الأزهر في تعزيز قيم التسامح والتعايش، مؤكدًا أن الشعب السويدي يحترم جميع الأديان ويرفض أي أعمال معادية للإسلام، وأن المسلمين يشكلون نحو 10٪ من سكان السويد، وهم جزء أصيل من المجتمع السويدي، معربًا عن أمله في ألَّا تتكرر مثل هذه الحوادث مستقبلًا.

طباعة شارك شيخ الأزهر السفير السويدي مصر الإساءة للأديان حرية التعبير

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يتعهد بحماية إسبانيا من عقوبات ترامب التجارية بسبب الإنفاق الدفاعي
  • صندوق النقد والبنك الدوليان يشيدان بدور الرئيس السيسي في قيادة جهود عملية السلام بالشرق الأوسط
  • صندوق النقد والبنك الدوليان يشيدان بدور السيسي في قيادة جهود عملية السلام بالشرق الأوسط
  • محافظ المركزي يناقش مع مسؤول «صندوق النقد» جهود الإصلاح الاقتصادي
  • “الديمقراطية” تهنئ الأسرى الفلسطينيين المحررين وتؤكد أن حرية الأسرى جزء من حرية الوطن
  • شيخ الأزهر: لا حرية في الإساءة للمقدسات الدينية
  • الداخلية تقرر إنشاء مركز إصلاح وتأهيل عمومي بمجمع مراكز أبو زعبل بالقليوبية
  • شيخ الأزهر للسفير السويدي: لا حرية في الإساءة للمقدسات الدينية
  • مستوطنون إسرائيليون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال
  • مستوطنون يقتحمون الأقصى بحماية الاحتلال