إصلاح المؤسسات يبدأ بحماية حرية النقد: الجامعات نموذجًا
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
#سواليف
#إصلاح_المؤسسات يبدأ بحماية #حرية_النقد: #الجامعات نموذجًا
بقلم : ا د #عزام_عنانزة *
في زمن تسوده التحديات وتعصف به أزمات متتالية، يقف الوطن على مفترق طرق مصيري يتطلب وقفة جادة مع النفس لمراجعة أولوياتنا وقيمنا. الحرية، يا سادة، ليست رفاهية تُمنح أو تُسلب، بل هي أساس كل تطور ونهضة. وحين تضيق المساحات التي تتيح النقد والتعبير، فإننا نفتح أبوابًا واسعة للفساد والتراجع.
من المؤسف أن نجد اليوم مسؤولين يتخذون من سيف العقوبات سلاحًا لإخراس الأصوات المخالفة لهم، متناسين أن النقد البناء هو الطريق الأوحد نحو تصحيح الأخطاء وتقويم الاعوجاج. إن استمرار هذا النهج يؤدي إلى تكميم الأفواه وضياع الحقوق، بينما تُرتكب الأخطاء الجسيمة بحق الوطن ومؤسساته، دون أن يجرؤ أحد على قول كلمة حق.
يجب تعديل القوانين بشكل صارم بحيث لا تسمح لأي مسؤول أن يرفع قضية على أي مواطن يوجه نقدًا بناءً. ومن يتصدى للعمل العام عليه أن يتحمل النقد الذي يكشف عن مواطن الخلل في المؤسسات والدوائر الحكومية وغير الحكومية. إن الحرية هي المحرك الأساسي لتقدم الدول وتطورها، وتكميم الأفواه لا ينتج إلا التراجع والجمود.
إننا نأسف أشد الأسف أن نرى بعض المسؤولين يلوحون بسيف العقوبات ويهددون بالإحالة إلى القضاء ضد أي شخص يخالفهم الرأي أو يشير إلى أخطائهم. هذا النهج أدى إلى ضياع الحقوق وإلى ارتكاب أخطاء فادحة بحق الوطن والمؤسسات والموظفين، دون أن يجد أحدًا يقول لهم: ماذا تفعلون؟
على كل مسؤول في موقعه أن يدرك أن العمل العام ليس امتيازًا يمنحه سلطة على الآخرين، بل هو مسؤولية تجعله عرضة للنقد والمساءلة. من لا يتحمل النقد، عليه أن يرحل. القوانين يجب أن تُعدل بحيث تمنع أي مسؤول من استخدام القضاء لإسكات أصوات المواطنين، لأن النقد ليس هجومًا، بل هو مؤشر على خلل يتطلب إصلاحًا.
وإذا ما انتقلنا إلى الجامعات، تلك المؤسسات التي يُفترض بها أن تكون منارات للحرية والتفكير الحر، نجد أن بعضها يفتقد لأبسط مقومات هذا الدور. الجامعات التي تخنق حرية التعبير لا تستحق شرف حمل هذا الاسم، لأنها بذلك تقتل الإبداع وتُفرغ العملية التعليمية من مضمونها الحقيقي.
لقد أكد جلالة الملك عبد الله الثاني مرارًا على أهمية الإصلاح السياسي والتحديث، ووضع رؤية واضحة لمستقبل أفضل. ولا زلنا نتذكر مقولته الشهيرة في الجامعة الأردنية ” انتم اضغطوا من تحت وانا اضغط من فوق ” لكن هذه الرؤية لن تتحقق ما لم يلتزم المسؤولون بها قولًا وفعلًا. الحرية ليست مجرد شعار نزين به خطاباتنا، بل هي ضرورة لبناء مؤسسات قوية وجامعات قادرة على تخريج أجيال تحمل فكرًا ناقدًا وإرادة للتغيير.
إن المؤسسات العامة، والجامعات على وجه الخصوص، ليست فوق النقد. بل إن النقد هو الذي يحييها ويعيد لها دورها الحقيقي في خدمة المجتمع. وإذا كانت حرية التعبير هي ما يحفز الإصلاح، فإن قمعها هو بداية النهاية لأي مؤسسة تطمح للبقاء.
إلى كل من يسعى لإسكات النقد وقمع الأصوات الحرة: الوطن يحتاج إلى شجاعة في مواجهة الأخطاء، لا إلى تبريرها. الإصلاح يبدأ بحماية حرية التعبير، والنقد البناء هو السبيل الوحيد لتطوير مؤسساتنا والنهوض بها.
فهل تسمعون صوت العقل؟ أم تريدون أن تظلوا صُمًّا بكما لا ترون ولا تسمعون؟ الوطن لا يحتمل المزيد من الصمت، والمؤسسات لا تُبنى بالخوف والرعب ، بل تُبنى بالحرية والشجاعة والحوار .
أستاذ الإعلام في جامعة اليرموكالمصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف إصلاح المؤسسات حرية النقد الجامعات
إقرأ أيضاً:
إنشاء المحمية العازلة حول جزر الحلانيات يعكس التزام سلطنة عُمان بحماية مواردها الطبيعية
العُمانية: أكدت هيئة البيئة أن المرسوم السلطاني بإنشاء محمية طبيعية جديدة في محافظة ظفار، تحت اسم "محمية المنطقة البحرية العازلة حول جزر الحلانيات"، يعد خطوة في تعزيز مكانة سلطنة عُمان البيئية إقليميًا ودوليًا، ومن منظومة حماية البيئة وصون التنوع الأحيائي البحري، وتماشيًا مع رؤية عُمان 2040.
وأشارت إلى العمل لوضع هذا المرسوم موضع التنفيذ بالتنسيق مع الجهات المختصة، لضمان تنفيذ أحكامه وتحقيق الأهداف المرجوة من إنشاء هذه المحمية.
وذكرت أن المرسوم يعكس الالتزام الراسخ لسلطنة عُمان بحماية مواردها الطبيعية والحفاظ على تراثها البيئي الفريد، وذلك انسجامًا مع التزاماتها ضمن الاتفاقيات الدولية والإقليمية، كما يعزز مكانتها البيئية، وتأكيدًا على الرؤية المستقبلية التي تتبناها في حماية تراثها الطبيعي للأجيال القادمة، وتعزيزًا لمسيرة العطاء البيئي التي تشهدها سلطنة عُمان تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم.
وأفادت أن المحمية حول جزر الحلانيات (التي كانت تُعرف سابقًا بجزر كوريا موريا) تقع في الشمال الشرقي من محافظة ظفار. وتتكون من أرخبيل الحلانيات من 5 جزر هي على التوالي من الغرب إلى الشرق: السودة، جزيرة الطيور، الحاسكية، القبلية، والحلانيات (أكبرها). وتقع المحمية حول 4 جزر منها، وهي: السودة، الحاسكية، القبلية، والحلانيات.
وبينت أن حدودها تمتد من أعلى نقطة مد في شواطئ كل جزيرة إلى مسافة 5 كيلومترات في البحر، وتبلغ مساحة المحمية حوالي 667 كيلومترًا مربعًا، وتتميز الجزر بتنوع تضاريسي هائل يشمل الصحاري والمرتفعات والعيون والخلجان والشواطئ، وتشتهر بطيورها وأغنامها وكذلك السلاحف البحرية النادرة والأسماك الكبيرة.
ولفتت إلى أن هذه المحمية تمثل إضافة نوعية لشبكة المحميات الطبيعية في سلطنة عُمان، وتتمتع بخصائص بيئية فريدة تجعل منها كنزًا طبيعيًا بحريًا، كما تحتوي على نظم إيكولوجية متنوعة كالشعاب المرجانية المنتشرة في المياه الضحلة، والمسطحات الرملية، والمناطق البحرية العميقة الغنية بالكائنات البحرية النباتية والحيوانية، بالإضافة إلى أنها تعد ملاذًا للكائنات البحرية كمنطقة أساسية لتغذية وتعشيش السلاحف البحرية النادرة التي تضع بيضها على شواطئها الرملية.
وذكرت أن المحمية تعد موئلًا للثدييات البحرية حيث يمكن رصد أنواع متعددة من الحيتان والدلافين في المياه المحيطة بالجزر في معظم الأوقات، كما توفر الجزر مناطق خالية من الحيوانات المفترسة تناسب تعشيش وتكاثر الطيور التي تضع بيضها في كل مكان، مما يجذب الطيور البحرية المقيمة والمهاجرة.
وأوضحت أن عدد المحميات الطبيعية في محافظة ظفار قد ارتفع ليصل إلى 13 محمية طبيعية تمثل البيئات المختلفة (البحرية، والرطبة، والبرية، والجبلية، والسهلية)، مما يعزز تمثيل جميع البيئات الطبيعية في المحافظة.
واختتمت أن المحمية الجديدة تفتح آفاقًا للتعاون مع الجهات البحثية والسياحية لتطوير برامج الرصد والتعليم البيئي والسياحة المستدامة، مع الحفاظ على التوازن بين أهداف الحماية البيئية واستدامة الأنشطة الاقتصادية.