لجريدة عمان:
2025-06-10@02:43:26 GMT

الخوف الذي لا ينتهي إلا بالرحيل!

تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT

الخوف الذي لا ينتهي إلا بالرحيل!

لم أكن أعلم أن ثمة خوفًا جبارًا يترسخ في الذات الإنسانية، يعصف بالقلب والعقل وسائر الجسد مدى الحياة، هذا الخوف كان حاضرًا في مسارات الحياة جليا في عيون «أبي وأمي»، كنت كغيري من الأطفال الذين ينزعجون كثيرا من المراقبة الشديدة للخطوات والعثرات، ومن الحصار المطبق أينما توجهنا في سيرنا البطيء والتوجيه المستمر بالنهي والشدة، وأحيانا قسوة العتاب الذي لا يغيب عن البيت يوما واحدا، لكن عندما يداهمني المرض أجد أن لدي طاقمًا طبيًا وتمريضيًا يحيط بي من كل جانب، اهتمام لا يوصف وحلقة مترابطة تشد بعضها البعض من أجل العناية بي.

كان أبي مولعًا بجلب عصير البرتقال المعلب، كان حباته بمثابة حبوب أتناولها عند المرض، وأمي تشدد على ضرورة احتسائي لبعض المشروبات الساخنة كالزنجبيل والليمون وغيرها معتبرة كل هذه المحفزات أمرا ضروريا لطرد المرض الذي يتربص بي وبصحتي.

فلا تكاد أي وعكة صحية تمر بي، إلا وأجد «أبي وأمي» بجانب رأسي يراقبون الوضع عن كثب، وتفاصيل وجوههم تفضح ما يسرون في أعماقهم من قلق وخوف خاصة عندما تهاجمني الحمى بشدتها، أو تنهار مصادر القوة التي تعينني على الحركة بسهولة من آثار المرض.

هذا الخوف لم أحس بقوته وسطوته إلا عندما أصبحت في مكانهم، فالأطفال هم الدم الذي يسري في شرايين الجسد، والأم والأب هما الشموس التي تنثر خيوطها وضياءها في أركان المنزل والأماكن بشكل عام، وعندما تغرب شمس الضياء وترحل هذه الكواكب التي تحيط بنا تتهاوى أركان المنازل شيئا فشيئا وكأن الريح هي التي تعصف بكوخ أرهقته السنين وفقد الحياة برحيل من كان فيه، لا يموت الخوف إلا عندما يموت أصحابه.

فكم من منازل كانت عامرة بالحب والحياة؛ لأن أركانها كانت متينة وصلبة أمام التغيرات التي تحدثها السنين، المنازل التي كنا نحسبها بأنها صامدة أمام عجلة الزمن تهاوت عندما لم يعد هناك عائل يخاف على أطفاله.

لأول مرة أوقن بأن الخوف هو شيء إيجابي، رغم أن الصورة القديمة التي أحفظها له أنه شيء مرعب ومحزن، فكلما كان هناك خوف من الفقد كان هناك اهتمام بالغ يشعرنا بأننا نعيش الحياة بوجه مختلف.

الأجيال تسلم بعضها البعض... حقيقة لا جدال فيها، فهناك ترافق وتتالٍ ما بين جيل وآخر، الآباء والأمهات خوفهم يمتد منذ ولادتنا وحتى لحظة الفراق، البيت الذي تنطفئ فيه شمعة الأب أو الأم أو كليهما هو بيت مظلم لا حياة فيه ولا بقاء لسكانه.

سنوات من العمر تمضي ويزداد الخوف على الأبناء حتى وإن كبروا لا ينقص من حبهم وخوفهم يوما، أطفالنا لا يشعرون بمدى القلق الذي ننزفه كل لحظة حزن وألم نمر بصحرائها نحن الأمهات والآباء، هم لا يدركون بأننا نتمنى أن يبقوا ونحن من يرحل، لا يعرفون أننا نموت ونحيا معهم في كل عارض صحي أو نفسي أو اجتماعي أو أي خطر يحدق بحياتهم.

أطفالنا الصغار يكبرون أمام أعيننا ولا نزال نحس بأنهم لا يزالون صغارا حتى وإن تغيرت ملامحهم، رائحتهم القديمة، وتفاصيل مراحل أعمارهم لا تزول من أنوفنا، حتى وإن بلغوا من العمر ما بلغوا، بل تظل أشياؤهم معنا تتجدد كنهر يتدفق كل صباح ومساء ولا ينبض إلا عندما تجف ينابيع الحياة في أجسادنا التي ستبلى مع الزمن.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تراجع كبير في المحاصيل الزراعية بألمانيا بسبب أحد أمراض النبات

كارلسروه, "د.ب.أ": أفادت السلطات الزراعية الألمانية بأن مرضا نباتيا يتسبب في خسائر فادحة، قد تصل إلى انهيار المحاصيل تماما لزراعات البطاطس والخضراوات في ألمانيا، مع تأثر بنجر السكر بشكل خاص في بعض المناطق.

وفي جنوب غرب ولاية بادن-فورتمبيرج، تم تسجيل خسائر في كمية المحصول وجودتها لزراعات البنجر والكرفس والملفوف والبصل والجزر، وفقا لما ذكرته وزارة الزراعة في مدينة شتوتجارت.

تأتي هذه الخسائر نتيجة انتشار فطر ستولبور الذي تسببه إحدى الحشرات. ووصف متحدث باسم الوزارة هذا المرض بانه "تهديد خطير" لإنتاج البطاطس والخضروات والسكر في ألمانيا.

أعرب رئيس جمعية المزارعين الألمان، يواكيم روكفيد، عن "قلقه البالغ" إزاء الانتشار السريع لهذا المرض. وقد انتشرت هذه الحشرة المسببة للمرض من بادن-فورتمبيرج مرورا براينلاند-بالاتينات وبافاريا وهيسن، ورصدت الآن في ولايتي ساكسونيا السفلى وساكسونيا أنهالت. ودعا روكفيد إلى اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة هذه الحشرات.

وفي العام الماضي وحده، بلغت خسائر المحاصيل الزراعية بسبب هذه الحشرة 25%، مع انخفاض ملحوظ في محتوى السكر، في جميع مناطق زراعة البنجر في بادن-فورتمبيرج، وفقا لإيزابيل بيرجنر، مسؤولة البيئة في جمعية مزارعي بادن-فورتمبيرج.

وفي مزارع البطاطس، بلغت الخسائر 70%. وقال المتحدث باسم الجمعية: "في بعض المزارع، ثمة شكوك حول استمرار الزراعة" نفسها.

ويتحول هذا المرض إلى خطر كبير على مناطق بأكملها. ويحتم هذا الوضع ضرورة الموافقة الرسمية على منتجات وقاية فعالة للنباتات ، بالإضافة إلى دعم كبير لأبحاث المقاومة الزراهية واستراتيجيات المكافحة المستدامة.

أكدت جمعيات المزارعين وسلطات الولايات عدم وجود دليل على أن فطر ستولبور يشكل خطرا صحيا على البشر.

مقالات مشابهة

  • خلاف مالي ينتهي بمأساة عائلية في شانلي أورفا
  • طريق واحد وجدران من الخوف.. الحصار يضاعف أزمة الفاشر
  • الرجال في قبضة الخوف: حين يصبح البيت فرعاً لشرطة طالبان
  • أغلب المشاكل التي تعانى منها بسبب هذا المرض.. تعب وسرحان وتساقط الشعر
  • ما هو مرض مها الصغير الذي دمّر حياتها؟
  • تراجع كبير في المحاصيل الزراعية بألمانيا بسبب أحد أمراض النبات
  • وباء الطاعون.. لماذا لم يتوقف المرض الأسود عن الانتشار حتى يومنا الحالي؟
  • خلاف أطفال ينتهي بمجزرة في مرسين
  • رغم المرض.. محمد عبده يحيي حفلًا في دبي ويُطمئن جمهوره: “الله معنا”
  • سؤال واحد برز خلال ضربة الضاحية.. الخوف احتلّ الوجوه!