أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"جمعية خيرية تم تسجيلها في وزارة الشؤون الاجتماعية، والغرض منها هو مساعدة المرضى غير القادرين للحصول على خدمات علاجية مميزة عن طريق العلاج في المركز الخيري الطبي الذي أنشئ خصيصًا لهذا الغرض، هل يجوز للجمعية الصرف من أموال الزكاة لتسديد الديون المتراكمة على الجمعية لصالح كلٍّ من: التأمينات الاجتماعية، ووزارة الكهرباء، ومصلحة الضرائب؟، وهل يجوز للجمعية الصرف من أموال الزكاة على تطوير أماكن تقديم الخدمات الطبية للمرضى القادرين وغير القادرين، مثل: أماكن الإقامة، وغرف العمليات، والبنية التحتية؟.

 

لترد دار الإفتاء موضحة: أن الإنفاق في سداد الديون المتراكمة على الجمعية المذكورة، وكذا تطوير أماكن تقديم الخدمات الطبية للمرضى القادرين وغير القادرين، من نحو أماكن الإقامة، وغرف العمليات، والبنية التحتية -إنما يكون مِن الصدقات العامة والجارية، لا من الزكاة؛ لِأن مقصود الزكاة بِناء الإنسان قبل البُنيان؛ وكِفاية الفقراء والمحتاجين مِن المَلْبَسِ والمَأكلِ والمَسْكَنِ والمعيشةِ والتعليمِ والعلاجِ وسائرِ أمورِ حياتِهم، ولذلك خَصَّهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بالذِّكر في حديث مُعَاذٍ رضي الله عنه لَمَّا أرسَلَه إلى اليمن وقال له: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» متفق عليه.

الحكمة من مشروعية الزكاة

الزكاة ركنٌ مِن أركان الإسلام، نظَّم الشرعُ الشريفُ كيفية أدائها بتحديد مصارفها في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].

وقد اشترط جمهورُ الفقهاء فيها التمليكَ، فأوجَبُوا تمليكَها للفقير أو المسكين حتى يتصرف فيها كما يشاء، وينفقها في حاجته التي هو أدرى بها وأعلَمُ مِن غيره. كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي (2/ 202، ط. دار المعرفة)، و"مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (4/ 173، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (2/ 500، ط. مكتبة القاهرة).

ومِن ثَمَّ كان مقصودُ الزكاة كِفايةَ الفقراء والمساكين وإغناءَهم، وإقامة حياتِهم ومَعاشِهم، أي أنها لِبِناء الإنسان قبل البُنيان؛ فكِفاية الفقراء والمحتاجين مِن المَلْبَسِ والمَأكلِ والمَسْكَنِ والمعيشةِ والتعليمِ والعلاجِ وسائرِ أمورِ حياتِهم يجب أن تكون مَحَطَّ الاهتمام في المقام الأول؛ تحقيقًا لحكمة الزكاة الأساسية، والتي عبر عنها العلماء بـ"سَدِّ خَلَّةِ المُسلِمِينَ" -كما في "جامع البيان" للإمام الطبري (14/ 316، ط. مؤسسة الرسالة)، ولذلك خَصَّهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بالذِّكر في حديث مُعَاذٍ رضي الله عنه لَمَّا أرسَلَه إلى اليمن وقال له: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» متفق عليه، وهذا يَدخل فيه بالأَوْلَى علاجُ المرضى غير القادرين، وتوفيرُ الدواء لَهُم، وتقديمُ كافة الخدمات الطبية والعمليات الجراحية التي يحتاجون إليها دخولًا أوَّليًّا.

حكم سداد الديون المتراكمة على الجمعيات الخيرية من مال الزكاة
صرف أموال الزكاة لسداد الديون المتراكمة على الجمعية لصالح التأمينات الاجتماعية، ووزارة الكهرباء، ومصلحة الضرائب، وكذلك تطوير أماكن تقديم الخدمات الطبية التي تقدمها الجمعية للمرضى: فالأصل أنَّ الإنفاقَ على ذلك إنما يكون مِن التبرعات والصدقات العامة والجارية لا من الزكاة؛ فإنَّ الصدقةَ أمرها أوسعُ مِن الزكاة؛ حيث تَجُوز للفقيرِ وغيرِه، ولا يُشتَرَطُ فيها التمليك، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أخرجه الإمام مسلم مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والصدقة الجارية: هي كُلُّ صدقةٍ يجري نفعُها وأجرُها ويدوم، كما عرَّفها القاضي عياض في "مشارق الأنوار" (1/ 145، ط. دار التراث)، وقد حَمَلَهَا جماعةٌ مِن العلماء على الوقف؛ لأنه أوضح ما يتحقق فيها.

وتنصح دارُ الإفتاء المصريةُ في هذا الشأن أن تُنشأ صناديق ثلاثة:

الصندوق الأول: يكون للصدقة الجارية، فيضع فيه الناسُ أموالَهم ويجعلون ريعها وثمرتها لصالح هذه الجمعيات الخيرية والمستشفيات وعلاج المترددين عليها أبد الدهر.

والصندوق الثاني: يكون للصدقات العامة، ويُتَصَدق منه على البناء والتأسيس والصيانة والتطوير وإظهار هذه الأماكن بصورةٍ لائقةٍ بالمسلمين إنشائيًّا ومعماريًّا وفنيًّا، وكذلك دفع كل الالتزامات المادية المتعلقة بها.

والصندوق الثالث: يكون للزكاة، ويُصرَف منه على الآلات والأدوية ومصاريف العلاج والإقامة والأكل والشرب المتعلقة بالمرضى الفقراء، وكذا مصاريف العمليات الجراحية والأشعات لهم، ونحو ذلك.

الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الإنفاق في سداد الديون المتراكمة على الجمعية المذكورة، وكذا في تطوير أماكن تقديم الخدمات الطبية للمرضى القادرين وغير القادرين، من نحو أماكن الإقامة، وغرف العمليات، والبنية التحتية -إنما يكون مِن الصدقات العامة والجارية، لا من الزكاة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أموال الزكاة المزيد أموال الزکاة ن الزکاة

إقرأ أيضاً:

وزير العمل وسط عمال التراحيل: تخصيص أماكن انتظار لائقة

تفقد وزير العمل محمد جبران ،اليوم الإثنين ، المقاعد التي جرى إنشائها بشكل لائق وكريم ، لعمال اليومية والتراحيل ، للجلوس عليها وانتظار أرزاقهم ، لتكون بديلة عن الانتظار في الشارع ، ولتحميهم من حرارة الصيف، وبرودة الشتاء، وذلك في منطقة باب الشعرية بالقاهرة كمرحلة أولى.

وزير العمل: توسيع قاعدة بيانات العمالة غير المنتظمة لتعزيز إجراءات الدعمصرف 1500 جنيه منحة عيد الأضحى للعمالة غير المنتظمة.. التسجيل والخطوات3 % من الأجور.. موارد صندوق دعم العمالة غير المنتظمةبعد زيادتها إلى 1500 جنيه رسميًا.. طريقة صرف منحة عيد الأضحى للعمالة غير المنتظمة

وحث الوزير جبران ،العمال على الإستفادة من هذه المقاعد ، والجلوس عليها أثناء إنتظار أرزاقهم اليومية ،وأوضح لهم أن توجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، الإستمرار في دعمهم وحمايتهم  وتقديم الخدمات لهم بشكل لائق وكريم.

العمالة غير المنتظمة

 وقال الوزير  في تصريحات أن هذه الأماكن يتم إنشائها ،و تجهيزها بتمويل من الحساب المركزي للرعاية الصحية والاجتماعية للعمالة غير المنتظمة ،في سياق خطة "الوزارة " نحو حصر عمال التراحيل ، ودمجهم في منظومة الحماية والرعاية ،التي تقدمها الوزارة للعمالة غير المنتظمة المسجلة لدى قاعدة بياناتها ،عن طريق المقاولين أو الشركات ، وأوضح الوزير أن فئة عمال اليومية، والتراحيل تضعهم الوزارة خلال هذه المرحلة ،على رأس اهتماماتها ،ضمن الفئات الأكثر احتياجا ، وتقديم كل أنواع الدعم والحماية لهم تنفيذا لتوجيهات فخامة الرئيس.

جدير بالذكر أن الوزير جبران منذ توليه حقيبة الوزراء في شهر يوليو 2024 الماضي ،قام بجولات ميدانية في شوارع القاهرة والتقى بعمال التراحيل واليومية،ووعدهم بتقديم الدعم والحماية لهم ، والبدء في حصرهم، ودمجهم في منظومة الحماية ،و بتوفير أماكن آدمية ينتظرون أرزاقهم فيها ...

طباعة شارك وزير العمل عمال التراحيل العمالة غير المنتظمة

مقالات مشابهة

  • وزير العمل وسط عمال التراحيل: تخصيص أماكن انتظار لائقة
  • ترامب يتحدث عن تغيير النظام في إيران .. هل يكون ابن بهلوي هو البديل؟
  • تنظم الجمعية الخيرية لتعليم القرآن المؤتمر الدولي للرسول الأعظم
  • الأهلي يفاضل بين ديانج ويحيي عطية الله للاستمرار مع الفريق
  • الأهلي يفاضل بين ديانج ويحيى عطية الله للاستمرار مع الفريق
  • فرع الزكاة وجامعة جبلة بإب يُحييان ذكرى يوم الولاية
  • فضل الله: لا يمكن لأحد أن يكون بديلا من الدولة
  • دعاء الرسول لقضاء الديون.. ردده الآن يفرجها الله عليك
  • المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين بابا: المجرم المدعو وسيم الأسد قد يكون أول المجرمين سقوطاً من عصابة آل أسد بيد العدالة، لكن نعاهد شعبنا بإذن الله أنه لن يكون الأخير
  • محيي الدين: ربع سكان العالم يعيشون في دول تنفق على سداد فوائد الديون أكثر من التعليم