سواليف:
2025-06-21@08:28:22 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 53 من سورة الأنفال: “ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ”.
هذه الآية هي من الآيات التي تبين سنن الله الكونية في تصريف أحوال البشر، وهي سنة عامة تطال المجتمعات المؤمنة والكافرة، ومحددة في تبيان أسباب زوال النعمة التي كان يرفل فيها ذلك القوم، وهي تخصيص للسنة العامة الرئيسة التي جاءت في الآية 11 من سورة الرعد: “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” التي تبين عموم التغيير في حال قوم، في كلتي الحالتين، سواء من الحال الأفضل الى الأسوأ ام العكس، ولكن الله تعالى أراد أن يبين لنا ان الأصل هو استتباب النعمة، والاستثناء هو في زوالها، لذا يكمل في الآية ذاتها: “وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ”.


من فهم هاتين السنتين العامة والتخصيصية، يمكننا فهم لماذا كانت أحوال أمتنا تتغير بين صعود وهبوط عبر العصور المنصرمة، لكن الأمر أعقد من هذا التبسيط، فتتداخل مع هاتين السنتين سنن أخرى خاصة: منها سنتان خاصتان بالمجتمع المؤمن، وأخريان خاصة بالمجتمعات غير المؤمنة.
بداية من المهم ملاحظة أمرين: الأول أن الله تعالى يتعامل مع المجتمعات كوحدة واحدة، ويصنفها بالصلاح أو الفساد بحسب الصفة الغالبة عليه، والتي تحددها السياسة أو المنهج الذي يتبعه النظام الحاكم، فقد حكم على قوم فرعون جميعهم بدخول جهنم رغم أنه قد يكون منهم صالحون، لكن تقبلهم لأفعاله وطاعتهم له شملتهم معه المعصية، وكذلك قوم لوط أهلكهم جميعا مع أنه قد يكون بينهم كثيرون لم يكونوا يمارسون الفاحشة، لكنهم شملوا معهم بالعذاب لأنهم سكتوا عنهم ولم يتدخلوا بإصلاحهم، ولذلك فرض الله على المجتمعات المؤمنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو فرض كفاية على العموم ولكنه فرض عين على المصلحين، ان اضطلعوا به أجزؤوا عن العموم.
والأمر الثاني: في استخدام صيغة المفرد لوصف المجتمع المؤمن، لأن الله تعالى يعتبر المؤمنين مجتمعا واحدا في العصر الواحد، مهما تباعدت أمصارهم وتعددت قومياتهم واختلفت ألسنتهم: “إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ” [الأنبياء:92]، وأما غير المؤمنة فمتعددة متباينة، بحسب درجة ظلمها وفسوقها.
السنتان الخاصتان بالمجتمع المؤمن :
الأولى سنة الابتلاء والتمحيص، فبالشدائد تبتلى النفوس، وتنكشف الهمم العالية من الضعيفة، ويفرز المؤمن الحقيقي من المنافق.
لذلك أوجد الله سنة التدافع بين أهل الحق وأهل الباطل، دائمة باقية، ويوجد الأسباب المغرية بذلك: “وَإِذۡ يُرِيكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَيۡتُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِكُمۡ قَلِيلٗا وَيُقَلِّلُكُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِهِمۡ لِيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗا” [الأنفال:44].
الثانية ان الله مع المؤمنين، يدافع عنهم وينصرهم إن صدقوه وأطاعوه، لأنه تعالى يعلم أن قوة الباطل ستبقى متفوقة عبر العصور، ولو ترك الأمر للسنة العامة لتحقق النصر لمن يمتلك القوة الأعظم، لانقرضت الفئة المؤمنة، لكنه لن يسمح بذلك، فما أنزل هديه على البشر ليطفئه الظالمون.
أما السنتان الخاصتان بغير المؤمنين:
فالأولى هي سنة الاستدراج وهي الإمداد لهم زمنيا حتى تبقى سنة التدافع قائمة، وماديا بجعلهم أكثر أموالا ونفيرا وامتلاكا للقوة، وهذا ليس إنعاما من الله عليهم، بل عقوبة، ولأنهم لا يعقلون فهم لن يفهموها أنها لكي يتمادوا في غيهم الى حين فوات أوان التوبة، فلا ينالوا رحمته بل عذابه: “والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ” [الأعراف:182].
أما الثانية فهي معيشة الضنك: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا” [طه:124]، فالمجتمع الكافر رغم توفر كل وسائل الرفاهية ومقومات المعيشة الرغيدة، إلا ان معيشتهم ضنكا، فتجد أفراده يعيشون بلا هدف ولا رسالة، يلهثون وراء متعهم كما الأنعام، لتعويض فقدانهم سكينة النفس بسبب الفراغ الروحي، وقلقين من الكهولة بسبب غياب التراحم والتكافل الأسري، الذي يميز المجتمع المؤمن.
نستخلص مما سبق سبب تغير نعمة الله علينا الى أن أصبحنا في ذيل الأمم، فالله لا ينظر الى ضخامة المساجد وكثرة الغادين إليها، بل الى المجتمع بمحصلة أعماله، والتي يحددها النظام الحاكم، فيتبع منهجه أو يتنكبه.
لذلك لن تقوم لنا قائمة إلا بدولة اسلامية تقيم منهج الله.

مقالات ذات صلة مخاطر التهجير بين التهوين والتهويل 2025/01/30

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

هند عصام تكتب: قيامة إسرائيل

أخيراً وبعد طول انتظار ونحن نتأهب لهذا اليوم ،يوم الجبر ورد المظالم منذا أحداث السابع من أكتوبر 2023 وما قبلها ونحن ننتظر هذا اليوم الذي يثلج الله عزه وجل على قلوبنا وقلوب الشعب المقهور الذى صبر علي  المقاسيي ومازال يعانى لتأتي معاناة من تسبب في قاهرهٌم  ،أتذكٌر عندما ظننتم  أنكم  أحرقتموني ورقصتم كالشيطان فوق رفات أخوننا في فلسطين وتركتهم  للذاريات ،أتظنون أنكم قد طمستم هويتهم!ومحوت تاريخهم ومعتقداتهم؟عبثا تحاولون.. لا فناء لثائرٍ !!!! . أتذكٌر عندما قال الشاعر مهذل الصقور في قصديتة الشهيرة التي ظللنا نردد فيها منذ الأعوام الماضية وذلك عندما قال في بيت من أبيات القصيدة أنا كالقيامة ذات يوم آت ! حقاً هذا ما حدث أخيراً وبعد طول انتظار والصبر علي الظلم والقهر، كانت إرادة الله فوق كل شيء وكأن الله أراد أن يعطى للشعب الفلسطيني هدنة من عنده هو ليست بوعد من اللذين ليس لهم عهد ولا دين  اللى ميتسموش!!! ليرو بأعينهم قهر من ظلمهٌم ويسمعون أصوات أستغاثاتهم ليبرد الله عليه قٌلوبهٌم ويستريح الشهداء في قٌبورهم .

فى ذلك الوضع بماذا أبدا اطلب من حضراتكم أن تنصحونى فعبارات الموعظة كثيرة والشماتة أكثر ، هل  أبدا بقول الله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) أو بقول الله تعالى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)  أو بعبارة يمهل ولا يهمل أو بمقولة انقلب السحر على الساحر أو الجزاء من جنس العمل على شرف سمفونية أجرتها إيران تطرب بها العالم على أصوات دوي صوت الانفجارات وأجراس وصفارات الإنذار تدوي  و صراخ و عويل الشعب الإسرائيلي ( اللى ما يتسموش) عندما هٌيئةَ لهم عقولهم الصغيرة و سلطهم المولى عز وجل على أنفسهم ، و ذلك بعد أن أخذهم الغرور  والعنجهية التي  تمكنت منهم   بعد الخراب والإبادة الجماعية  الذي أصابو بها أرض غزة ، والتي اعتبرتها  إسرائيل ما هي إلا مجرد رد على هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023 ولكن كان رداً انتقامياً شرس متجاوزاً الحدود القانونية والجغرافية والدينية والإنسانية، شمل إبادة شعب غزة.

 ومن هنا سعت إسرائيل  لفتح جبهات جديدة من خلال غزو  جنوب لبنان واحتلال مناطق بسوريا معتمدة علي دعم حلفائها وأخذها الغرور وهجمات على إيران في ليلة سميت بليلة سقوط الجنرالات لأن الضربات الإسرائيلية ضد إيران استهدفت أغتيال قيادات بارزة في إيران ومنهم حسن سلامى قائد الحرس الثوري الإيراني ، و اللواء محمد باقري رئيس أركان القوات المسلحة، و فريدون عباسي الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والجنرال غلام علي رشيد نائب قائد الجيش الايراني، و العالم النووي الايراني محمد مهدي طهرانجي ،ولكن هنا كان رد إيران  مؤسف للكيان الصهيونى ومثلج على قلوبنا و قلوب أهل غزة المقهورين وقلوب عالم لا يرضى بالظلم .

وذلك عقب شنّ إسرائيل، فجر الجمعة 13 من يونيو ، هجوما مباغتا دون سابق إنذار على منشآت نووية ومناطق عسكرية إيرانية.

واستمرت إسرائيل في شن هجمات على إيران دَوّت فيها  أصوات الانفجارات  في العاصمة الإيرانيةطهران، حتي الأحد 15 من يونيو مع مواصلة إسرائيل شنّ ضربات على مناطق عدة في إيران، بعد ساعات من هجوم صاروخي واسع نفذته إيران على إسرائيل، في ثالث يوم على التوالي من التصعيد غير المسبوق بين البلدين.

وتشير التصريحات الصادرة من إسرائيل إلى أن المواجهة الدائرة مع إيران، قد تمتد إلى أسابيع في ظل تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن العملية العسكرية الإسرائيلية ستستمر حتى "إزالة التهديد النووي وتهديد الصواريخ الباليستية".

ودعا نتنياهو الإيرانيين إلى إسقاط النظام، قائلا إن "النظام الإيراني أصبح أضعف من أي وقت مضى"، مضيفا أن هذا الأمر يمثل "فرصة للشعب الإيراني للوقوف في وجهه".

في المقابل، ومن هنا  أكد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، على أن بلاده جاهزة  للرد على إسرائيل، مشددا على أنه: "إذا استمر العدوان الصهيوني، فإنه سيقابل برد أقوى وأشد من قبل القوات المسلحة الإيرانية وقد كان وهنا سوف ترد المظالم  وذلك عندما بدأت إيران بالرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، مما أسفر عن قتلى وعشرات المصابين، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات وتدمير ميناء حيفا بالكامل ، ورأينا فيهم ورأي العالم ما فعلوه في أهل غزة لينهال رواد السوشيال ميديا بترديد قول الله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )  وقول الله تعالى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)    فضلاً عن عبارات الشماتة على دوي أصوات الانفجارات الممتزجة بأصوات صفارات الانذار التي تدوي في تل أبيب وكأنها سمفونية موسيقية تطرب العالم  ، ولفت إنتباهي من خلال متابعة أحداث الحرب الجارية بين البلدين ، فنجد هناك فرق شاسع بين شعب فلسطين واللى ما يتسموش في الصمود والايمان وقت الحرب  لنرى نساء أهل غزة أثناء الانفجارات يرتدون ثياب الصلاة وكأنهم على موعد مع الله عزه وجل وعلى أتم أستعداد للقاء الله جل جلاله ، على عكس اللى ما يتسموش لفت انتباهى وانتباه الكثير من رواد السوشيال ميديا فيديو متدول لإمرائه إسرائيلية تركض في شوارع تل أبيب مجردة تماماً من ثيابها وكأنها القيامة لنتذكر معاً بيت الشعر الذى استعنت به من قصيدة الشاعر مهذل الصقور و ذكرته في مقال لى منذ عامين ونصف بعنوان فلسطين أرض برائحة الشهداء ، عندما قال مهذل الصقور أنا كالقيامة ذات يوم آت ، وها آتت  قيامة دولة إسرائيل ورأينا نسائها ورجالها يركضون عراه فى شوارع تل أبيت وحيفا من هول دوي أصوات  الانفجارات وصفارات الإنذار لأن الجيش الايراني استخدم صواريخ باليستية فائقة السرعة (هايبرسونيك) وصواريخ فرط صوتية (سوبرسونيك) بعيدة المدى يتراوح مداها بين 1400 و2500 كيلومتر في رده على العدوان الإسرائيلي.

كما أن إيران بدأت فعليًا في استهداف منازل ومقار سكنية تعود لقيادات أمنية وعسكرية إسرائيلية، وأكد الحرس الثوري الإيراني إنهم على أتم استعداد لحرب طويلة في مواجهة إسرائيل، مشيرا إلى أنه لم يستخدم قدراته الصاروخية بشكل استراتيجي بعد.

طباعة شارك إيران إسرائيل تل أبيب

مقالات مشابهة

  • النذر المعلق على مشيئة الله تعالى .. الإفتاء توضح معناه وحكمه
  • ما هي علامات الحسد والعين في الرزق؟.. الإفتاء: اتقوه بـ3 سور
  • علامات غضب الله على العبد.. 3 أدلة صادمة راقب ظهورها في حياتك
  • هند عصام تكتب: قيامة إسرائيل
  • من كل بستان زهرة – 102-
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • علي جمعة: اصبر على طلب الحق وتمسك به ولو كنت وحدك
  • ما المقصود بقوله تعالى: وإن تصبهم سيئة.. ما معنى سيئة هنا؟
  • تفسير قوله تعالى غثاء أحوى في سورة الأعلى من تأملات الشيخ محمد سيد طنطاوي