في ندوة «مواجهة الشبهات الإلحادية»..مفتي الجمهورية:وجود الله حقيقةٌ أزلية ثابتةلا يعتريها ريبٌ
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
ألقى الدكتور نظير مُحمَّد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم كلمة في الندوة التثقيفية الأولى لعلوم الوافدين، التي نظمتها كلية العلوم الإسلامية للوافدين بجامعة الأزهر تحت عنوان: «مواجهة الشبهات الإلحادية».
وقد أشاد المفتي في بداية الندوة باختيار الكلية لهذا الموضوع الذي يتعلق بالإلحاد والانحراف عن الحق، والذي لم يعد الحديث عنه من نافلة القول، بل أصبح ضرورة من ضروريات الحياة، قد تصل إلى حد الفريضة على أهل العلم والمعرفة.
وقد بين المفتي أن وجود الله حقيقة بدهية لا تحتاج إلى دليل لإثباتها؛ فالرسالات السماوية جميعها تؤكد على الوحدانية المطلقة لله في الذات والصفات والأفعال، وهذه الوحدة هي المقصد الرئيس للأنبياء في دعواتهم، وليس مجرد حديث عن وجود الله يغلب عليه السفسطة والجدل، فالعقل يقضي بأنه لا بد للبناء من بانٍ، وفي خلق الله دليل على وجوده سبحانه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، وقد أخذ الله تعالى على بني آدم العهد في عالم الذر: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف: 172] وهذا دليل على إقرارهم بوجوده، كي لا يحتج أحد بالنسيان أو الغفلة، مؤكدًا على وجود الله سبحانه وتعالى من خلال الأدلة التجريبية والعقلية والنقلية، وأن تعدد الأدلة على إثبات وجود الله ليس من باب الشك أو الريبة بل هو من باب تعدد الأدلة على نفس المدلول، مشيرًا إلى أن فطرة الإنسان السوية التي فطره عليها تقضي بأن لهذا الكون إلهًا ومدبرًا، فهي العنصر الأساسي الذي يدفع الإنسان إلى الإيمان بوجود الله، حتى في أصعب الظروف وأحلَكِها يعود الإنسان إلى الله، ويستشعر حاجة قلبه إلى خالقه؛ لأنه بهذه الفطرة يستطيع التمييز بين الخير والشر، ويشعر بالراحة عندما يقترب من الحق، ويشعر بالتعاسة عندما يبتعد عنه، هذه الفطرة هي التي تدفع الإنسان للبحث عن الحقيقة والعدالة في حياته، وتجعله يقر بوجود الله من خلال ما يراه في الكون وفي نفسه.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن البيئة والمجتمع يمكن أن يؤثرا في الفطرة، ولكن إذا كانت الفطرة سليمة فسيبقى الإنسان قادرًا على العودة إلى طريق الله. وقد أشار إلى أن تأثير البيئة المحيطة قد يغير من سلوك الإنسان، ولكنه لا يمكن أن يغير جوهر الفطرة التي هي أقوى من أي تأثير خارجي، مضيفًا أن الفطرة تستمر في دفع الإنسان نحو الحق مهما كان بعيدًا عن ذلك، مؤكدًا أن الإنسان الذي ينحرف عن فطرته يحتاج إلى تذكير دائم وإرشاد للعودة إلى تلك الفطرة.
وتطرق إلى الأدلة العقلية، مشيرًا إلى قول الإمام أبي الحسن الأشعري في كتابه "اللمع" الذي أشار فيه إلى أن دليل وجود الله هو التغير المستمر في الإنسان والمخلوقات الأخرى، الذي يدل على الحدوث والحاجة إلى خالق، مشيرًا إلى أن حركة الليل والنهار، وحركة المادة وسكونها، لا بد لها من منظم، كما يقول الفيلسوف الكندي.
وقد أضاف د.نظير عياد أن هناك أيضًا أدلة حسية على وجود الله، مثل رؤية الإنسان للكون، والسماء، والأرض، والجبال، التي تدل على أن هذا الكون قائم على قانون التسخير الذي وضعه الله، فالله تعالى يقول في القرآن الكريم: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21].
واختتم بالحديث عن بعض الأدلة العملية، مثل تعقيد بنية الإنسان الذي هو بمثابة بناء هندسي معقد، وأيضًا وفرة العناصر الكيميائية في الكون التي تتفاوت بنسب مقصودة، مما يدل على قدرة الله عز وجل. كما تحدث عن ظاهرة الموت التي هي مفارقة للحياة، والتي تدل أيضًا على وجود الله وحكمته في خلقه.
جاء ذلك بحضور … أ.د. سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، وأ.د. محمود صديق، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، وأ.د. السيد بكري، نائب رئيس جامعة الأزهر لشؤون التعليم والطلاب، وسعادة أ.د. نهلة الصعيدي، عميدة الكلية، وأ.د. خالد راتب، بمجمع البحوث الإسلامية، وعدد من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الرسالات السماوية الله سبحانه وتعالى مفتي الجمهورية وجود الله اختيار الكلية الحاجة التثقيف الإلحاد وجود الله على وجود إلى أن
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداة مساعدة للمفتي لا بديلاً عنه
افتتح الدكتور نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم - فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء، والذي يعقد هذا العام تحت عنوان:«صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي».
وأعرب فضيلة المفتي خلال مؤتمر صحفي عن تقديره واعتزازه بالرعاية الكريمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أن هذه الرعاية تعكس الدعم المتواصل من القيادة السياسية لمسيرة الإفتاء الرشيد، وحرصها على تهيئة بيئة علمية متطورة تُخرّج جيلًا من المفتين القادرين على مواكبة الثورة الرقمية.
الذكاء الاصطناعي وتحولات غير مسبوقةوفي كلمته خلال الافتتاح، أشار مفتي الجمهورية إلى أن العالم يشهد تحولات غير مسبوقة بفعل ثورة الذكاء الاصطناعي، التي أثرت بعمق في مجالات الطب والتعليم والإدارة، وفتحت آفاقًا جديدة أمام البحث العلمي.
لكنه شدد على أن هذه التطورات تتطلب توظيفًا أخلاقيًا ومسؤولًا، لا سيما في مجال الفتوى، الذي يستوجب توازنًا دقيقًا بين المرجعية الشرعية وأدوات العصر الرقمي، محذرًا من خطر برمجة الفتوى دون ضوابط شرعية، ما قد يؤدي إلى تحويل الدين من خطاب هداية إلى آلية مادية جامدة.
وطرح فضيلة المفتي عددًا من الأسئلة الفقهية الجوهرية المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، منها:
هل يمكن للآلة أن تفهم تعارض النصوص؟
كيف تراعي النيات الإنسانية والسياقات الاجتماعية؟
ما أثر الزمان والمكان في صياغة الفتاوى باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
وأكد أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداةً مساعدة للمفتي، لا بديلاً عنه، وأن المفتي الرشيد يظل صاحب القرار المبني على البصيرة والتقوى وحكمة المقصد.
أطر أخلاقية صارمة ومؤسسات علمية متخصصةوختم مفتي الجمهورية بالتأكيد على أهمية تطوير الفتوى لتواكب العصر الرقمي، موضحًا أن الدقة وحدها لا تكفي، بل لا بد أن تكون الفتوى محملة بـضمير حي ووعي أخلاقي.
كما شدد على ضرورة أن تتولى المؤسسات الدينية وضع أطر رقابية وأخلاقية صارمة لإدارة استخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى، بإشراف هيئات علمية متخصصة تضم علماء شرعيين، وخبراء تقنيين، وفلاسفة شريعة، لضمان شرعية المخرجات وموثوقيتها.