ألقى الدكتور نظير مُحمَّد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم كلمة في الندوة التثقيفية الأولى لعلوم الوافدين، التي نظمتها كلية العلوم الإسلامية للوافدين بجامعة الأزهر تحت عنوان: «مواجهة الشبهات الإلحادية».

وأشاد المفتي في بداية الندوة باختيار الكلية لهذا الموضوع الذي يتعلق بالإلحاد والانحراف عن الحق، الذي لم يعد الحديث عنه من نافلة القول، بل أصبح ضرورة من ضروريات الحياة، قد تصل إلى حد الفريضة على أهل العلم والمعرفة.

وبين المفتي أن وجود الله حقيقة بدهية لا تحتاج إلى دليل لإثباتها؛ فالرسالات السماوية جميعها تؤكد على الوحدانية المطلقة لله في الذات والصفات والأفعال، وهذه الوحدة هي المقصد الرئيس للأنبياء في دعواتهم، وليس مجرد حديث عن وجود الله يغلب عليه السفسطة والجدل، فالعقل يقضي بأنه لا بد للبناء من بانٍ، وفي خلق الله دليل على وجوده سبحانه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، وقد أخذ الله تعالى على بني آدم العهد في عالم الذر: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف: 172] وهذا دليل على إقرارهم بوجوده، كي لا يحتج أحد بالنسيان أو الغفلة.

وأكد على وجود الله سبحانه وتعالى من خلال الأدلة التجريبية والعقلية والنقلية، وأن تعدد الأدلة على إثبات وجود الله ليس من باب الشك أو الريبة بل هو من باب تعدد الأدلة على نفس المدلول.

وأشار إلى أن فطرة الإنسان السوية التي فطره عليها تقضي بأن لهذا الكون إلهًا ومدبرًا، فهي العنصر الأساسي الذي يدفع الإنسان إلى الإيمان بوجود الله، حتى في أصعب الظروف وأحلَكِها يعود الإنسان إلى الله، ويستشعر حاجة قلبه إلى خالقه؛ لأنه بهذه الفطرة يستطيع التمييز بين الخير والشر، ويشعر بالراحة عندما يقترب من الحق، ويشعر بالتعاسة عندما يبتعد عنه، هذه الفطرة هي التي تدفع الإنسان للبحث عن الحقيقة والعدالة في حياته، وتجعله يقر بوجود الله من خلال ما يراه في الكون وفي نفسه.

وأكد أن البيئة والمجتمع يمكن أن يؤثرا في الفطرة، ولكن إذا كانت الفطرة سليمة فسيبقى الإنسان قادرًا على العودة إلى طريق الله.

وأشار إلى أن تأثير البيئة المحيطة قد يغير من سلوك الإنسان، لكنه لا يمكن أن يغير جوهر الفطرة التي هي أقوى من أي تأثير خارجي، مضيفًا أن الفطرة تستمر في دفع الإنسان نحو الحق مهما كان بعيدًا عن ذلك، مؤكدًا أن الإنسان الذي ينحرف عن فطرته يحتاج إلى تذكير دائم وإرشاد للعودة إلى تلك الفطرة.

وتطرق إلى الأدلة العقلية، مشيرًا إلى قول الإمام أبي الحسن الأشعري في كتابه "اللمع" الذي أشار فيه إلى أن دليل وجود الله هو التغير المستمر في الإنسان والمخلوقات الأخرى، الذي يدل على الحدوث والحاجة إلى خالق، مشيرًا إلى أن حركة الليل والنهار، وحركة المادة وسكونها، لا بد لها من منظم، كما يقول الفيلسوف الكندي.

وأضاف أن هناك أيضًا أدلة حسية على وجود الله، مثل رؤية الإنسان للكون، والسماء، والأرض، والجبال، التي تدل على أن هذا الكون قائم على قانون التسخير الذي وضعه الله، فالله تعالى يقول في القرآن الكريم: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21].

واختتم بالحديث عن بعض الأدلة العملية، مثل تعقيد بنية الإنسان الذي هو بمثابة بناء هندسي معقد، وأيضًا وفرة العناصر الكيميائية في الكون التي تتفاوت بنسب مقصودة، مما يدل على قدرة الله عز وجل. كما تحدث عن ظاهرة الموت التي هي مفارقة للحياة، والتي تدل أيضًا على وجود الله وحكمته في خلقه.

وحضر اللقاء الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور السيد بكري، نائب رئيس جامعة الأزهر لشؤون التعليم والطلاب، والدكتورة نهلة الصعيدي، عميدة الكلية، والدكتور خالد راتب، بمجمع البحوث الإسلامية، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإلحاد الشبهات مفتي الجمهورية الصفات وجود الله المزيد وجود الله على وجود إلى أن

إقرأ أيضاً:

في الجمهورية الجديدة.. نهضة تعليمية شاملة لبناء الإنسان المصري على مدار 11 عاما

تشهد مصر طفرة غير مسبوقة في تطوير منظومة التعليم، انطلاقًا من رؤية شاملة تستند إلى بناء الإنسان المصري بوصفه حجر الزاوية في مسيرة الجمهورية الجديدة، في ظل القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي .


ولم يكن تطوير التعليم مجرد إصلاح إداري أو تجديد شكلي، بل تحول إلى مشروع وطني استراتيجي يتكامل مع مسارات التنمية في مختلف القطاعات، ويعد هذا التوجه أحد أبرز ملامح "الجمهورية الجديدة" التي تبنّت العلم والمعرفة طريقًا لمستقبل أكثر إشراقًا.


وضعت الدولة المصرية تطوير المناهج على رأس أولوياتها لإحداث نقلة نوعية في جودة التعليم، ووفقًا لتوجيهات الرئيس السيسي ، تم الانتقال من أسلوب التلقين إلى مناهج تركز على الفهم والمهارات والتحليل، وهو ما ظهر جليًا في، إعادة هيكلة المرحلة الثانوية، حيث تم تقليص المواد إلى 6–8 مواد أساسية، وزيادة ساعات تدريس المادة الواحدة إلى 100 ساعة سنويًا، لتوفير مساحة للتعمق..


كما تم إطلاق مشروع "البكالوريا المصرية"، كنموذج جديد يحقق العدالة التقييمية، ويمنح الطالب فرصة اختيار المسار التعليمي المناسب، ويقلل من الضغط النفسي الناتج عن الامتحان الموحد.
واستهدفت وزارة التربية والتعليم القضاء على الكثافات الطلابية وتحسين بيئة التعلم من خلال خطة موسعة للبناء والتوسع، تمثلت في، إنشاء 150 ألف فصل دراسي خلال عشر سنوات، ليصل عدد الفصول إلى نحو 380 ألف فصل، والقضاء على نظام الفترات الدراسية المتعددة، وخفض كثافة الفصول إلى ما دون 50 طالبًا، مع التركيز على المناطق الأكثر احتياجًا.


وكان للتحول الرقمي في المدارس، الدور الأكبر في تطوير المنظومة التعليمية ، حيث تم تزويد آلاف المدارس بالبنية التكنولوجية اللازمة، وشبكات الإنترنت، وتوفير أجهزة التابلت لطلاب المرحلة الثانوية.


إعادة الاعتبار للتعليم الفني 
كما أعادت الدولة الاعتبار للتعليم الفني بعد عقود من الإهمال، ليصبح أحد روافد الاقتصاد الحديث ، وقد تبلورت ملامح التطوير في التوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية، بالشراكة مع كبرى الشركات المحلية والدولية، ليرتفع عددها إلى 90 مدرسة بحلول 2025، وتطبيق النظام المزدوج في التعليم الفني، الذي يربط الدراسة بالتدريب العملي داخل المصانع، بما يعزز فرص التوظيف المباشر، فضلا عن توقيع اتفاقيات تعاون دولي مع ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، لنقل الخبرات وتطبيق أنظمة الجودة الأوروبية في التعليم الفني.


ولم تكتف الدولة بتطوير المدارس التقليدية، بل أطلقت منظومات تعليمية حديثة تُضاهي ما يُقدم في الدول المتقدمة، منها، المدارس المصرية اليابانية التى تعتمد فلسفة "التوكاتسو" اليابانية وتهدف إلى بناء الشخصية وتنمية روح الجماعة، ويبلغ عددها حاليًا 69 مدرسة، بافتتاح 11 مدرسة جديدة العام الدارسي القادم 2025-2026 .


وهناك مدارس النيل الدولية التى تُقدم تعليمًا عالي الجودة بالشراكة مع جامعة كامبريدج، وتُدرس المناهج باللغة الإنجليزية إلى جانب العربية، مع الحفاظ على الهوية الوطنية، وأيضا مدارس المتفوقين STEM التي تهتم بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، لإعداد جيل من المبتكرين القادرين على المنافسة في سوق عالمي متسارع.


صحة الطالب أولا
ولم تغفل الدولة الأبعاد الصحية والاجتماعية المؤثرة في التعليم، إذ تم تنفيذ عدد من المبادرات الرئاسية التي تدعم الطالب بدنيًا ونفسيًا، أبرزها، مبادرة فحص العيون لأكثر من 7 ملايين طالب، للكشف المبكر عن مشاكل النظر وتوفير العلاج اللازم، برنامج التغذية المدرسية الذي يوفر وجبات يومية متكاملة لنحو 13 مليون طالب، ضمن خطة لتحسين البنية الصحية للطلاب في المدارس الحكومية والمجتمعية، تشجير وتجميل المدارس، وتحديث المرافق الرياضية والثقافية، بهدف خلق بيئة تعليمية صحية ومحفزة.


وفي ظل إدراك القيادة السياسية أن أي تطوير في التعليم لا يمكن أن ينجح دون تمكين المعلم. فقد تم تنفيذ عدة خطوات جوهرية في هذا الخصوص ، على رأسها تعيين 30 ألف معلم سنويًا على مدار 5 سنوات لسد العجز في الكوادر التربوية، وتعديل منظومة التدريب المهني، بما يتناسب مع التحول الرقمي والمناهج الحديثة، وتحسين أوضاع المعلمين ماليًا ومهنيًا، وزيادة أجور الحصة والاستعانة بخبرات المعاش، 
إن ما تحقق في قطاع التعليم على مدار 11 عاما ، هو بمثابة ثورة تعليمية شاملة وضعت مصر على مسار جديد نحو الريادة العلمية والمعرفية، فالتعليم لم يعد مجرد حق، بل تحول إلى أداة استراتيجية لبناء المستقبل، وغرس القيم، وتحقيق التنمية.


وفي ظل هذه الإنجازات المتتابعة، تُؤكد الجمهورية الجديدة أن الاستثمار في العقول لا يقل أهمية عن الاستثمار في البنية التحتية، وأن الإنسان المصري سيظل دومًا محور كل تنمية وغاية كل إصلاح.

طباعة شارك طفرة غير مسبوقة تطوير منظومة التعليم بناء الإنسان المصري مسيرة الجمهورية الجديدة الرئيس عبد الفتاح السيسي

مقالات مشابهة

  • يوم عاشوراء .. دار الإفتاء تكشف عن سنة نبوية ثابتة ومجمع عليها بين الفقهاء
  • مفتي الجمهورية: الهجرة النبوية درس في صناعة المستقبل وحب الوطن من صميم الدين
  • تعيين الدكتور إبراهيم نجم مستشارا عاما لـ مفتي الجمهورية
  • مفتي الجمهورية يلتقى وزيري الشؤون الإسلامية والداخلية بسنغافورة لبحث تعزيز التعاون الديني
  • مفتي الجمهورية يهنئ رئيس الوزراء وشيخ الأزهر والشعب المصري بالعام الهجري الجديد
  • مفتي الجمهورية يهنئ الرئيس السيسي والأمة العربية والإسلامية بالعام الهجري الجديد
  • مفتي الجمهورية: نسعى لبناء جسور التعاون مع المؤسسات الدينية الرصينة بالعالم
  • مفتي الجمهورية: دار الإفتاء تسعى إلى بناء جسور التعاون مع المؤسسات الدينية حول العالم
  • في الجمهورية الجديدة.. نهضة تعليمية شاملة لبناء الإنسان المصري على مدار 11 عاما
  • مفتي الجمهورية يشارك في اجتماع اللجنة الاستشارية العليا لجامعة سنغافورة