شواهدُ حملها الصمَّاد جسدَت مبادئَ المسيرة القرآنية
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
محمد الموشكي
من المعلوم أن أهم ركائز جذب الناس إلى المسيرة القرآنية هي الشواهد العملية التي يحملها ويطبقها المنتمون إليها في الواقع العملي.
حيثُ تتجسد هذه الشواهد في المبادئ والقيم التي دائمًا ما تحث منهجية هذه المسيرة كُـلّ من ينتمي إليها على تحملها وتطبيقها في جميع تحَرّكاتهم الجهادية الداخلية والخارجية، حتى مع الخصوم أنفسهم.
تُعتبر هذه الشواهد العملية المفروضة والواجبة وفق هذه المنهجية القرآنية مستنبطة من توجيهات الله وأخلاق وقيم ومبادئ الأنبياء والرسل والأولياء تجاه الناس جميعًا، وليست مصطنعة من قبل فلاسفة البشر، حَيثُ تجسدت هذه القيم في شواهد عملية عديدة من خلال الأخلاق والتعامل بالصدق والأمانة مع الآخرين، ومن خلال تقديم الإحسان والرعاية والاهتمام بكافة شؤونهم.
وقد سطر القرآن شواهد كثيرة جِـدًّا جسدها الأنبياء والرسل والمؤمنون في واقعهم العملي مع الآخرين، مثل الشاهد العملي لنبي الله موسى، الذي قدم إحسانه للمرأتين اللتين كانتا تنتظران انتهاء الرعاة من سقايتهم لأنعامهم عند ماء مدين؛ فما كان منه إلا أن قام بالإحسان إلى هاتين المرأتين، وهو الشاهد الذي لفت نظر والد هاتين المرأتين، مما جعله جزاءً لهذا الإحسان، فكان سببًا للخير الوفير الذي ارتزق به من عمل وزوج ومسكن وملاذ ينجيه من قوم فرعون.
وكذلك، الشاهد العملي لنبي الله يوسف في مجال الإحسان للآخرين والاهتمام بهم، والذي تجسد عمليًّا حتى وهو يعيش أسوأ الحالات وأصعبها في السجن، ليصبح بعد ذلك ملكًا يقدم الإحسان للأمم التي آمنت وسلمت له بدون حرب.
وهكذا، في سيرة ومسيرة الأنبياء والرسل والأولياء وأعلام الهدى، ستشاهد أن الشواهد العملية الخالصة لله كانت من أهم الصفات التي كانوا يحملونها في مسيرة حياتهم العظيمة، إلى جانب نصرة المستضعفين.
هذا الأمر التربوي العظيم كان الدافع الأهم الذي دفع مؤسّس المسيرة القرآنية، السيد المولى حسين بن بدر الدين الحوثي، الذي تحَرّك وحيدًا لنصرة المستضعفين، وكان يُعرف أَيْـضًا بأنه سيد الإحسان والأخلاق الحميدة، ليبني هذه المسيرة العظيمة على هذه القيم النبوية الشاهدة.
وهنا، يُعتبر خير من لمس واستلهم من هذه الشواهد التي حملها وجسدها قائد ومؤسّس المسيرة القرآنية، السيد حسين، هو الشاهد الشهيد الرئيس صالح علي الصماد، الذي قدم شواهد عظيمة عكست القيم النبيلة التي حملها، والتي تجسدت في رؤيته للمسيرة القرآنية في كيفية بناء الدولة على الأسس القرآنية، وكيفية احتواء الآخرين، وكيفية تأهيل وإصلاح الأماكن التي أفسدها أعداء الدين عبر الأنظمة المتعاقبة التي اتخذت من دساتير وقوانين أعداء الإسلام منهجية تعمل على أَسَاسها، والتي كانت غالبًا مخالفة وبشكل كامل للدساتير الإلهية الحق، ليصلح هذا الأمر عبر المنهجية القرآنية المحمدية الصحيحة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المسیرة القرآنیة
إقرأ أيضاً:
تراث على الرصيف.. شاهد جنائزي من حضارة قتبان يُعرض للبيع في إسبانيا
تنظم دار "تمبلوم للفنون الجميلة" في مدينة برشلونة الإسبانية، مزادًا علنيًا لبيع أحد الشواهد الجنائزية اليمنية القديمة المنتمية لحضارة قتبان، وسط موجة جديدة من تهريب وبيع الآثار اليمنية النادرة، في ظل الحرب المستمرة وتدهور دور المؤسسات الرسمية المعنية بالتراث.
وكشف الباحث اليمني المتخصص في شؤون الآثار عبدالله محسن، في منشور على صفحته في "فيسبوك"، عن تفاصيل القطعة المعروضة، مشيرًا إلى أنها تعود للفترة الزمنية ما بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي، وهو ما يجعلها من القطع النادرة ذات القيمة التاريخية البالغة.
وبحسب وصف دار المزادات، فإن الشاهد الحجري يتميز بتصميم فني متقن يبرز في وسطه رأس ثور منحوت بدقة عالية وواقعية مذهلة، حيث تُظهر التفاصيل المنحوتة العيون اللوزية والخطم البارز والطيات الدقيقة في الوجه، إلى جانب الأذنين المنتصبتين، ما يمنح التمثال تعبيرًا عن "اليقظة والقوة"، بحسب وصف المزاد.
ويرى الباحث محسن أن الثور كان رمزًا مركزيًا في الفن اليمني القديم، حيث ارتبط بالقوة والخصوبة والحماية، وهي سمات يُعتقد أنها كانت تعكس وظيفة هذه القطعة، سواء في سياق جنائزي أو طقسي نذري.
ولفت الباحث اليمني إلى ملاحظة مهمة تتعلق بالنقش المسندي المحفور أعلى الشاهد، معتبرًا أنه لا يتوافق مع قواعد كتابة خط المسند القديم، حيث لوحظت أخطاء في الفواصل والحروف، خاصة حرفي الفاء والقاف، ما يشير إما إلى تلاعب لاحق أو إلى محاولة مقصودة من القائمين على المزاد لإضفاء طابع أكثر أصالة على القطعة لجذب المشترين وزيادة قيمتها.
وعبّر محسن عن أسفه لتحول آثار اليمن إلى سلع تباع في المزادات العالمية، بينما تغيب الجهات المختصة عن المتابعة والمطالبة بحقوق الشعب اليمني في تراثه المسلوب، حيث قال: "ما أجمل الثور في بلد يدير الكثير من شؤونه مجموعة من الأثوار الكسولة وغير المنتجة، تناطح من أجل علفها المستورد وتترك الأرض جدباء خاوية."
دعوات متكررة من ناشطين ومهتمين بالتراث اليمني، تطالب الجهات الرسمية والمنظمات الدولية بالتحرك العاجل لإيقاف نزيف الآثار اليمنية واستعادة القطع المنهوبة، في وقت تعاني فيه البلاد من حرب مستمرة منذ أكثر من تسع سنوات، أضعفت المؤسسات وأتاحت المجال أمام مافيات تهريب الآثار.
ويُعد هذا الشاهد واحدًا من مئات القطع اليمنية النادرة التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة في مزادات عالمية، ما يُعد مؤشرًا خطيرًا على الاستنزاف الممنهج لذاكرة اليمن الثقافية، في ظل غياب الحماية القانونية والدبلوماسية اللازمة لحفظ هذا الإرث.
ويُشار إلى أن جماعة الحوثي متورطة بشكل مباشر في تسهيل وتنظيم عمليات تهريب الآثار اليمنية إلى الخارج، عبر شبكات تهريب منظمة تعمل بتنسيق مع تجار وسماسرة دوليين، مستغلة حالة الفوضى والانفلات الأمني في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وتشير تقارير محلية ودولية إلى أن الميليشيا حولت تجارة الآثار إلى مصدر دخل غير مشروع، حيث تقوم ببيع وتصريف القطع الأثرية المنهوبة عبر وسطاء إلى مزادات في أوروبا وأمريكا، مقابل عمولات تُستخدم في تمويل أنشطتها العسكرية.
ويعد تهريب شاهد القبر القتباني واحدًا من عشرات الأمثلة على الانتهاك الممنهج للتراث اليمني، وسط صمت دولي مقلق، وعجز المؤسسات الوطنية عن ملاحقة واسترداد تلك الكنوز التاريخية التي تمثل جزءًا لا يتجزأ من هوية اليمن الحضارية.