جدة – صالح الحزمري
أدار الجلسة – صادق الشعلان

شهدت الجلسة مشاركة د. شتيوي الغيثي بورقة رصدت “تحوّل الأنواع الأدبيّة بين الشفاهيّة والكتابيّة”، وفي ابتدارها يقرر الغيثي أن “الثقافة العربية اتكأت على الثقافة الشفاهيّة بوصفها الثقافة المتاحة، وهذه الحالة لعبت دورًا أساسيًا في نشوء بعض الأنواع الأدبية وخفوت أخرى”.

.
مستدركًا بالقول: “لكن الحالة أخذت منعطفًا ثقافيًا مع شيوع الكتابة والتدوين في العصر العباسي وما تلاه من عصور، الأمر الذي أنشأ معه متغيرًا في النوع الأدبي، فظهرت أجناس جديدة إلى جانب تلك الأنواع التي كانت سابقة عليها، وربما تعدى الأمر إلى تغيّر في البنى الأسلوبية حتى في تلك الأنواع الباقية من عصر الشفاهيّة”.. معللًا ذلك بالقول: لعلّ المسألة عائدة إلى مدى التطوّر الثقافي، من الحالة التقليدية التي تتناسب مع الشفاهيّة إلى الحالة الحضارية أو الحداثية التي تتناسب مع حركة التدوين والتأليف، ولقد كان حضور الكتابة في الثقافة العربية أدى إلى حفظ العلوم، وتغير في الأنواع الأدبية نفسها، وتطور بعضها ونشوء بعضها الآخر، ولعلّ تدوين القرآن الكريم في بداية الحضارة الإسلامية كما يرى ابن النديم، كان هو الخطوات الأولى نحو تثبيت النصوص العربية الأدبية القديمة وحفظها.
مختتمًا بقوله: على رغم ذلك فقد ظلت الثقافة الشفاهيّة والثقافة الكتابيّة في حالة جوار ثقافي في كثير من أمور الحياة، لا سيما الجانب الأدبي منها بالتحديد، بمعنى أنّ التاريخ العربي يعكس صورة متداخلة بين الحالتين، ولعبا دورًا مكمّلًا لبعضهما، فالكتابة على رغم انتشارها لاحقًا لم تلغ الرواية الشفاهيّة في كثير من المجالس العلمية والحلقات التقليدية، وعلى أساس ذلك فإنّ حالة النوع الأدبي عادة ما كانت تخضع إلى هذه الثنائية المتجاورة على طول الثقافة العربية، ويمكن النظر إلى طبيعة النوع وتحوّله إلى مدى اقترابه من الحالة الأولى أو الحالة الثانية.

ويذهب الدكتور عبدالرحمن بن حسن المحسني، إلى استنطاق ما حفظته النقوش الصخرية، بتقدم “عرض وقراءة أولى بتوظيف الذكاء الاصطناعي”، في دراسة تناولت عرضًا لقرابة ثلاثين نقشًا من النقوش الصخرية الأثرية في مركز قنا عسير، الذي يقع جنوب غرب المملكة العربية السعودية. وهو مركز قديم يقع على طريق القوافل القديمة ويغنى بالنقوش الأثرية؛ حيث تقدم دراسته عرضًا أوّليًا لهذه النقوش الصخرية، ومحاولة مقاربتها ثقافيًا، مستعينًا برأي بعض المتخصصين في علم الآثار الذين أشاروا إلى عمقها التاريخي، وبتوظيف الذكاء الاصطناعي في قراءة بعض هذه النقوش. هادفًا من ذلك إلى لفت نظر الجهات المختصة إلى هذه الآثار، سعيًا إلى تعرف قيمة هذه الوسوم والرموز الأثرية ودورها في بناء التاريخ الأدبي والثقافي للمكان.

وتتخذ الدكتورة سميرة بنت ضيف الله الزهراني، في ورقتها، استراحة الخميس لغازي القصيبي نموذجًا، لبحث “التداخل السردي بين الشفاهية والكتابية ودلالاته الإبداعية في السير الذاتية”، وغايتها من ذلك رصد دلالات التداخل السردي بين الشفاهية والكتابية في فن السير الذاتية السعودية، واقفة عند المعايير الإبداعية التي يتكئ عليها الكاتب للمزج بين الشفاهية والكتابية في آن؛ لاقتضاء السياق الفني لذلك.
انطلاقًا من هذا الهدف الرئيس؛ تمضي إلى تعريف الحدود الفاصلة بين القواعد المشكلة للإبداع الشفاهي والكتابي، ومعرفة طرق وأساليب المزج بينهما في النماذج الإبداعية التي حضر في طياتها ذلك التداخل؛ على اعتبار أنه لا يحدث إلا لدلالات واعتبارات يقصد إليها المبدع ويفطن لها المتلقي.

اقرأ أيضاًالمجتمعنائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء لجنة السلامة المرورية بالمنطقة

وتشير د. سميرة إلى أن الهدف المذكور سيتحقق من خلال الكشف عن دلالات الشفاهية والكتابية تطبيقيًا، من خلال اختيارها لما ورد من ذكريات وأحداث واقعية للأديب السعودي غازي القصيبي دونها وجمعها في كتابه “استراحة الخميس”، الذي تتجلى فيه معالم السردية الفنية القائمة على التعبير الشفاهي والاستذكار والاسترجاع، في حين يرصده القارئ أمام عينيه إبداعًا قائمًا.

فيما ناقش د. سلطان العوفي من خلال بحثه “بلاغة المذكرات”، عبر نموذج “في قلب العاصفة” للأمير خالد بن سلطان؛ حيث تتجه الدراسة إلى الكشف عن بلاغة المذكرات من خلال هذا الكتاب الذي كتبه “مقاتل الصحراء ” الأمير خالد بن سلطان بعد نهاية أحداث حرب الخليج الثانية (11 محرم 1411هـ – 14 شعبان 1411هـ، الموافق 2 أغسطس 1990م- 28 فبراير 1991م.(
حيث تحاول الدراسة الكشف عن العلاقة بين الحِجاج والسرد في الفصل الأول من الكتاب والموسوم بـ”في قلب العاصفة”؛ وذلك من أجل إبراز البعد الحجاجي المضمّن في البنية السردية لهذا الفصل؛ للإجابة عن سؤال معرفي انطلقت منه هذه الدراسة، وهو كيف أسهم السرد الحجاجي في تأكيد دعوى الكاتب؟ المتمثلة في العبرة والعظة والاستعداد لمتغيرات المستقبل باكتساب أدوات القوة وامتلاك مقومات السلطة.
كذلك قامت الدراسة على جملة من الأهداف منها: مساهمة تحليل الخطاب السعودي مع المنجزات الكبيرة والأعمال العظيمة في إبراز مكانة المملكة أمام المجتمع المحلي والإقليمي والعالمي، واطلاع هذا الجيل على الدور الإنساني للمملكة في هذه الحرب، والتأكيد على قيمة الوطن وأهمية الدفاع عنه بالقلم والذود عن حياضه بالمال والنفس، والتأكيد على قيمة التمسك بولاة أمورنا ولزوم طاعتهم، والتحذير من تربص الأعداء ومكرهم بهذا البلد المبارك في زمن كثرت فيه المصائب وانتشرت فيه الفتن.
وعلى هذا الأساس، تعتمد الورقة على مقاربة بلاغية حجاجية مستمدة من نظرية الحجاج ومن معطيات اللسانيات التداولية ومفاهيم تحليل الخطاب، بقصد الكشف عن الوسائل الإقناعية والتقنيات الحجاجية التي استعملها الكاتب في تأكيد دعواه.

وجاءت مشاركة الدكتور خالد الجريان تحت عنوان “السيرة الذاتية بين القصة والتاريخ والأحداث والمشاهدات”، مقدمًا عبرها قراءة أدبية لرحلة الأمل والألم للشيخ الأديب أحمد بن علي آل الشيخ مبارك”.. تأسيسًا على اتصال جرى بينه وبين الشيخ الأديب السفير أحمد بن علي آل الشيخ مبارك، وسمع منه كثيرًا من الأخبار والقصص التاريخية بعضها دون وأكثرها للأسف لم يدون، ومما دون وطبع رحلته العلمية.
معتبرًا أن التاريخ الأدبي والثقافي في المملكة العربية السعودية بين الشفاهية والتاريخ، موضوع مهم للتاريخ الشفهي والكتابي لمملكتنا الغالية. ممتدحًا محاور الملتقى بقوله: محاور الملتقى وضعت بعناية وأكاديمية متميزة تغبطون عليها، وقد روى علماء وأدباء ومؤرخو المملكة كثيرا من القصص والحكايات عن تاريخ المملكة وتاريخ ملوكها وعلى رأسهم مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وبعض الأدباء والمؤرخين كتبوا أخبارهم وقصصهم ومروياتهم أثناء رحلاتهم العلمية، وهي كثيرة ومتنوعة، وحبذا توجيه الباحثين والدارسين وطلاب الدراسات العليا إليها.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الشفاهی ة الکشف عن من خلال

إقرأ أيضاً:

وزارة الثقافة تستعد لتنظيم النسخة الثانية من العرض الأدائي “ترحال” أغسطس المقبل بالدرعية

تستعد وزارة الثقافة لتنظيم العرض الأدائي “ترحال” في نسخته الثانية خلال الفترة من 4 إلى 25 أغسطس المقبل في موقع ميادين بمحافظة الدرعية، وهو عرضٌ أدائي سعودي يُعد الأول من نوعه في المملكة، ويعتمد على عناصر الطبيعة، وعلى أحدث التقنيات المسرحية الضوئية والبصرية، ويقدم أداءً استعراضيًا ومسرحيًا خلاّبًا ومبتكرًا، يُصوِّر حكايةً مُشوِّقةً تغوص في ثقافة المملكة وتراثها الغني.

ويحكي عرض “تِرحَال” قصةَ شابٍّ سعودي يعشق وطنه، ويحلم بالمستقبل، ويدرس في مدينة الرياض، ويسعى إلى نحت المستقبل في عصر التقنيات الحديثة عبر إعادة اكتشاف التراث الثقافي والطبيعي للمملكة، وينطلقُ في رحلةٍ حول المملكة، ليستكشف طبيعتها، وشعبها، وتراثها، وفي هذه الرحلة يتعرّف أكثر على نفسه، ويعود بعدها إلى قريته وأسرته، وقد ازداد ثقةً بنفسه وبالمستقبل، واكتسب المزيد من الحكمة، حيث يستوحي العرضُ مشاهدَ فنيةً ساحرة من المناظر الطبيعية الخلابة في المملكة، ويجمع مواهب سعودية شابة وفنانين عالميين.

وتأتي هذه النسخة من “ترحال” امتدادًا للنجاح الكبير الذي حققه العرض في نسخته الأولى المعروضة عام 2023م، الذي كشف فيه عن عناصر جمالية فريدة، من خلال احتفائه بالعناصر الثقافية السعودية بمختلف أنواعها، من الفنون الأدائية التقليدية إلى التراث الموسيقي، والحِرف اليدوية، والأزياء التراثية، وفنون الطهي الأصيلة؛ ليعكس ثراء ثقافة وفنون المملكة وتنوّعها، وغِناها الحضاري والتاريخي، كما تضمن محتوىً فنيًّا وإسقاطاتٍ ضوئيّة تعكس الثقافة السعودية، وتأثيراتٍ حسيّة وصوتيّة، ولوحاتِ فنونٍ أدائية تقليدية، بالإضافة إلى عروض الأداء البهلوانية المثيرة التي تُقام على المسرح، وفي الجو على أنغام صهيل الخيل، ومجسماتٍ مبهرة تُجسّد الطبيعة والتراث.

أخبار قد تهمك دار وإعمار” تنشر بهجة عيد الأضحى المبارك بمهرجان احتفالي متنقل في مشاريعها السكنية في الرياض 16 يونيو 2025 - 3:05 مساءً نائب وزير الخارجية يستقبل سفير المملكة المتحدة 15 يونيو 2025 - 7:19 مساءً

وتسعى وزارة الثقافة من خلال عرض “ترحال” إلى تقديم تجربة فنية استثنائية تمنح الجمهور متعة جمالية غامرة، عبر عرض مسرحي سعودي بمواصفات عالمية، وبمشاركة مواهب سعودية إلى جانب نجوم دوليين متخصصين في هذا النوع من المسرح الاستعراضي.

ويأتي ذلك في سياق الجهود التي تبذلها الوزارة لتوفير خيارات فنية وإبداعية مرموقة للجمهور المحلي، تُعزز من مكانة المملكة كوجهةٍ ثقافية فريدة، وتُسهم في تطوير القطاع الثقافي وتنمية مساهمته في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 في جوانبها الثقافية.

ويمكن للراغبين بالحضور الحصول على التذاكر من خلال الرابط الإلكتروني: https://webook.com/ar/events/terhal-moc.

مقالات مشابهة

  • ملتقى تعريفي بمبادرة “لعيونك يا حلب” في مدرج كلية الحقوق بجامعة حلب
  • إمام عاشور عن إصابته: كنت بجري ومش حاسس بدراعي.. والألم رهيب
  • رحيل “ساعاتي”.. سادن التوثيق الرياضي في المملكة العربية السعودية
  • وزارة الثقافة تستعد لتنظيم النسخة الثانية من العرض الأدائي “ترحال” أغسطس المقبل بالدرعية
  • “الثقافة” تستعد لتنظيم “ترحال” في أغسطس المقبل
  • “الثقافة” تستعد لتنظيم النسخة الثانية من العرض الأدائي “ترحال” أغسطس المقبل
  • “تطبيع الحياة”.. والي الجزيرة يدعو لنشر الثقافة القانونية
  • برعاية وزارة الثقافة.. افتتاح معرض الخط العربي تحت عنوان حروف في وجه الرصاص، وذلك في المكتبة الوطنية بدمشق
  • معهد تعليم اللغة العربية بجامعة الأميرة نورة يفتح باب التسجيل في “دبلوم اللغة العربية”
  • “ثقافة وفنون الرياض” تحتضن تجربة مسرحية تُبرز المواهب الوطنية