نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا يسلط الضوء على كواليس الخطة المفاجئة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة؛ حيث لم تقم إدارته بأي تخطيط مسبق أو تقييم للجوانب العملية للخطة قبل أن يعلنها ترامب في بيان رسمي. 

وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن إعلان الرئيس ترامب يوم الثلاثاء عن اقتراحه بأن تتولى الولايات المتحدة ملكية غزة صدم حتى كبار أعضاء البيت الأبيض وحكومته، فبينما بدا إعلانه رسميًا ومدروسًا، إلا أن إدارته لم تقم حتى بأبسط التخطيطات لدراسة جدوى الفكرة، وفقًا لأربعة أشخاص على دراية بالمناقشات.

 

وأضاف التقرير، "لم يشعر الأمريكيون بالارتباك وحدهم؛ فقد كان الإعلان بمثابة مفاجأة كبيرة لزوار ترامب الإسرائيليين؛ حيث فاجأ ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإخباره أنه يعتزم الإعلان عن فكرة ملكية غزة قبل فترة وجيزة من خروجهما إلى مؤتمرهما الصحفي المشترك، وذلك وفقاً لشخصين مطلعين على محادثاتهما".

وأفادت الصحيفة أنه لم تُعقد أي اجتماعات مع وزارة الخارجية أو البنتاغون، كما يحدث عادةً عن طرح أي اقتراح جاد في السياسة الخارجية، ناهيك عن اقتراح بهذا الحجم؛ حيث لم تكن هناك مجموعات عمل، ولم تقدم وزارة الدفاع الأمريكية أي تقديرات لأعداد القوات المطلوبة، أو تقديرات للتكاليف، أو حتى مخطط لكيفية عمل ذلك.

وخلافا للمعتاد عند إصدار إعلانات السياسة الخارجية الرئيسية، فإن فكرة سيطرة الولايات المتحدة على غزة لم تكن أبدًا جزءًا من نقاش علني قبل يوم الثلاثاء، غير ترامب كان يتحدث سرا عن ملكية الولايات المتحدة للقطاع منذ أسابيع، وقد تزايد تمسكه بالفكرة بعد عودة مبعوثه للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، من غزة الأسبوع الماضي ووصفه للأوضاع المروعة هناك، بحسب الصحيفة.

وبينت أنه لم يتوقع أحد - لا في البيت الأبيض ولا الإسرائيليون - أن يطرح ترامب الفكرة يوم الثلاثاء إلا قبل وقت قصير من طرحها، حيث قوبلت الفكرة بمعارضة فورية من العالم العربي، بما في ذلك السعودية، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة. 

وقد حاولت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت التخفيف من حدة بعض تصريحات السيد ترامب، فبينما تساءل ترامب عن سبب رغبة الفلسطينيين في العودة إلى غزة، واقترح تحويل المنطقة إلى ملاذ للسياح.



وأكدت ليفيت أن ترامب يريد ببساطة أن يستقبل كل من الأردن ومصر الفلسطينيين "مؤقتًا"، وقللت من أهمية فكرة الاستثمار المالي الأمريكي، على الرغم من أن السيد ترامب افترض وجود مصلحة "طويلة الأمد".

وقالت الصحيفة، إن الرئيس لم يلتزم بوضع قوات برية على الأرض، على الرغم من أنه قال: "سنفعل ما هو ضروري. وإذا كان ذلك ضروريًا، سنفعل ذلك". 

وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان السيد ترامب قد ناقش هذه المسألة سابقًا بأي تفاصيل مع الإسرائيليين.

وأوضح التقرير، أنه ترك أسئلة أكثر من الإجابات، مثل: كيف سينجح هذا الأمر؟ كم عدد القوات الأمريكية التي ستكون مطلوبة لمواجهة حماس وإزالة الأنقاض ونزع جميع الذخائر غير المنفجرة؟ ما هي تكلفة إعادة بناء موقع بحجم لاس فيغاس؟ كيف يمكن تبرير الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بموجب القانون الدولي؟ وماذا سيحدث لمليوني لاجئ؟

وكان كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية يفتقرون بشكل ملحوظ إلى الإجابات الموضوعية، وسرعان ما اتضح سبب مراوغتهم: لم تكن هناك تفاصيل فعلية.

وفي يوم الأربعاء، ظهر مستشار الأمن القومي ترامب، مايك والتز، لتسويق فكرة غزة، ولكن كان من الواضح من المحادثة أن هذه لم تكن خطة بقدر ما كانت "مفاهيم خطة". 

وذكرت الصحيفة أن ترامب يضغط علنًا على الأردنيين والمصريين منذ أسابيع لاستقبال الناس من غزة، لكن قادة البلدين رفضوا حتى الآن، إن إبعاد الفلسطينيين من غزة بالقوة سينتهك القانون الدولي، لكن ترامب قال إنه يتوقع أن يكونوا حريصين على مغادرة الأرض لأنها غير صالحة للسكن. 

وقال ذلك بينما كان يقف إلى جانب نتنياهو، الذي دمرت حملته العسكرية جزءًا كبيرًا من قطاع غزة بعد الهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مما خلق الظروف التي كان يشير إليها ترامب.

وأشارت الصحيفة، إلى أن نتنياهو بدا مسرورًا بينما كان ترامب يتحدث، لكن بعض المسؤولين الأمريكيين كانوا أقل سعادة بالاقتراح؛ فقد أوضح شخصان مقربان من ترامب أنها فكرته وحده، وقال أحدهما إنه لم يسمعه قط يذكر مشاركة القوات الأمريكية قبل يوم الثلاثاء.

ونقلت الصحيفة عن العديد من كبار المسؤولين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إنهم ما زالوا يحاولون معرفة أصل الفكرة، واعتبروها خيالية حتى بالنسبة لترامب، إذ يصعب التوفيق بين الفكرة وانتقادات ترامب للرؤساء السابقين بشأن بناء الأمة في الشرق الأوسط.

وأضاف المسؤولون، أن اقتراحه بأن تتولى أمريكا مسؤولية واحدة من أسوأ مناطق الكوارث في العالم جاء في الوقت الذي يغلق فيه الوكالة الحكومية الفيدرالية الرئيسية المسؤولة عن المساعدات الإنمائية الخارجية، وهي وكالة التنمية الدولية الأمريكية.

وأشارت الصحيفة إلى أن دوافع ترامب لم تكن أبدًا مناهضة للتدخل كما يراها الانعزاليون في حزبه، فقد رحّب بحرب العراق في البداية قبل أن يدينها، وفي 2011، عندما فكر في الترشح للرئاسة، قال إن الولايات المتحدة يجب أن "تأخذ النفط" من العراق، وروّج لفكرة استخراج الجيش الأمريكي للمعادن المهمة من مناطق الحرب في الخارج.

وفي فترته الرئاسية الثانية، كشف عن دوافعه الإمبريالية، فقد قال إنه يريد أن تشتري الولايات المتحدة جرينلاند، رافضًا استبعاد استخدام القوة العسكرية على الرغم من وجود قاعدة أمريكية هناك، كما قال إنه يريد استعادة قناة بنما وأن كندا يجب أن تصبح الولاية الأمريكية الحادية والخمسين، وقال إنه يعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن يكون لها الحق في الموارد الطبيعية لأوكرانيا كتعويض عن كل المساعدات العسكرية التي أرسلتها أمريكا للأوكرانيين.

وأضافت الصحيفة أن ترامب ينظر إلى السياسة الخارجية بعدسة صانع صفقات عقارية، فهو لا يهتم أبدًا بالقانون الدولي، ولم يحاضر أبدًا القادة المستبدين حول حقوق الإنسان كما فعل الرؤساء الأمريكيون الآخرون.



وتابعت، إنه ينظر إلى العالم على أنه مجموعة من الدول التي تسرق أمريكا، لذا فهو مشغول بكيفية اكتساب النفوذ على الدول الأخرى، سواء كانوا حلفاء أو خصومًا، ويبحث عن طرق لاستخدام القوة الأمريكية للهيمنة على الدول الأخرى وانتزاع كل ما يستطيع انتزاعه؛ لأنه لا يؤمن بدبلوماسية "الربح للجميع".

ويحيط ترامب نفسه بأشخاص على شاكلته، مثل ويتكوف، مبعوثه إلى الشرق الأوسط، وهو مطور عقاري ومستثمر قام بأعمال تجارية في المنطقة، وصهره جاريد كوشنر، وهو مستثمر عقاري آخر عمل في الشرق الأوسط في فترة ولايته الأولى، وتحدث السنة الماضية عن فرص التطوير المذهلة التي توفرها الواجهة المائية لغزة بحسب الصحيفة.

وأردفت الصحيفة أن العديد من مستشاري ترامب يتوقعون أن تتلاشى فكرة ملكية غزة بهدوء عندما يتضح لترامب أنها غير مجدية. 

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول بأن فكرة استيلاء ترامب على غزة أسعدت الكثيرين من اليمين المتشدد في إسرائيل والبعض داخل المجتمع الأمريكي المؤيد لإسرائيل؛ فلطالما أرادت الحكومة الإسرائيلية السيطرة على غزة من الفلسطينيين لضمان عدم استخدام الأرض لشن هجمات ضد إسرائيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ترامب غزة نتنياهو غزة نتنياهو ترامب خطة التهجير صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة یوم الثلاثاء قال إنه لم تکن قال إن

إقرأ أيضاً:

بعد ندمه واعتذاره لترامب، هل يعود ماسك إلى البيت الأبيض؟

الملياردير الأميركي ومالك شركتي تسلا وسبيس إكس أعرب عن ندمه اعتذاره للرئيس الأميركي دونالد ترامب وأعلن ندمه على بعض ما بدر منه بعد خلافه مع "صديقه"، فهل يعود إلى البيت الأبيض؟.

وذكر تقرير لموقع "يو إس إي توداي" أن الملياردير إيلون ماسك، المستشار السابق للرئيس الأميركي في قسم الكفاءات الحكومية، استسلم، وبدأ تدريجيا في اتخاذ خطوات لإصلاح علاقته الممزقة مع دونالد ترامب.

وكانت صداقة ترامب وماسك قد انهارت بعد صراع كلامي تبادل فيه الطرفان الإهانات الشخصية والتهديدات.

وأشار التقرير إلى أن ترامب خرج منتصرا من معركة بين أغنى رجل في العالم والرئيس الأميركي، ولكليهما منصات تواصل اجتماعي فيها ملايين المتابعين.

نهاية الصراع
المؤشر الأول لانقشاع سحابة الخصام بين ترامب وماسك، كان عندما دعم الأخير قرار ترامب بنشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس لقمع الاحتجاجات التي اندلعت بسبب سياسة ترامب في الهجرة.

 وخفف ماسك من انتقاده لمشروع قانون الضرائب والسياسات الذي وصفه ترامب بـ"مشروعي الجميل الكبير"، بينما نعته ماسك سابقا بأنه "مقزز وبغيض".

وكان هذا القانون هو الذي أشعل شرارة الخلاف بين الرئيس ترامب ومستشاره السابق إيلون ماسك.

وبحسب المصدر ذاته، فإن ما أثار حفيظة مالك شركتي "إكس" و"تسلا" هو اتهام ترامب له بأن معارضته نابعة من دوافع تجارية.

وزادت خيبة ماسك بعد سحب الرئيس الأمريكي لترشيح صديقه المقرب غاريد زاكمان لمنصب مدير وكالة "ناسا". لكن بعد أقل من 48 ساعة، من احتدام الصراع بينه وبين الرئيس الأميركي، قام ماسك بحذف منشور اتهم فيه ترامب لأنه مذكور في ملفات جيفري إبستين، كما حذف منشورا آخر دعا فيه لعزل الرئيس ترامب.

وفي 11 من يونيو، اعتذر ماسك وسحب بعض المنشورات التي وجهها للرئيس، وقال في منشور على منصته "إكس" إنه نادم على بعض المنشورات، مضيفا أنه "تجاوز الحدود".

وذكر موقع "يو إس إي توداي" أن الليلة التي سبقت هذا الاعتذار، تواصل ماسك مع ترامب عبر الهاتف، وكانت أول محادثة لهما بعد انهيار العلاقة.

وكشف المصدر ذاته أن جي دي فانس، نائب الرئيس، وسوزي وايلز، رئيسة الموظفين، حثا ماسك على إنهاء خلافه مع ترامب.

مالك شركة تيسلا راجع حساباته وأعاد التفكير، وتوصل إلى أن التواجد في صف ترامب أفضل له من أن يكون عدوه التالي. خصوصا أن ترامب هدد بإلغاء عقود حكومية بمليارات الدولارات مع شركة سبيس إكس التابعة لماسك. كما أن استمرار الخلاف مع ترامب من شأنه أن يعزل ماسك عن القاعدة الانتخابية الموالية لترامب وهو ما سيهدد إمبراطوريته التجارية، وفقا لنفس التقرير.

 الملياردير الأميركي تجنب أن يكون ضمن قائمة أعداء ترامب، أو أن يدخل في حرب طويلة معه غالبا ما ستنتهي بفوز الرجل ذي 78 عاما، وفقا للمصدر.

ترامب مستعد لفتح صفحة جديدة


من جهته، صرح ترامب أنه مستعد لمسامحة ماسك والمضي قدما في علاقتهما، مضيفا أنه لا يحمل أي ضغينة تجاهه، ولكنه اندهش من تحوله المفاجئ من صديق إلى عدو، مشيرا إلى أنه لا يلومه على أي شيء، وفقا لما قاله ترامب في بودكاست لصحيفة "نيويورك بوست".

وسبق لترامب أن صرح بأنه لا يُفكر كثيرا في ماسك، وأنه مستعد للمضي قدما والإبقاء على قسم الكفاءات الحكومية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن باب الصلح ما زال مفتوحا.

وأكد لترامب أنه لا ينوي استعادة "مفتاح الشرف" إلى البيت الأبيض الذي أعطاه لماسك، ولا التخلص من سيارة تسلا الحمراء التي اشتراها منه، ولا ينوي أيضا أن يتخلى عن خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" في البيت الأبيض.

ويقول موقع"يو إس إي توداي" إن ماسك قد يعود إلى محيط ترامب رغم كل ما قاله الرجلان في حق بعضهما، فالأمر يحتاج فقط إلى التسامح، وفقا لنفس المصدر.

مقالات مشابهة

  • بعد ندمه واعتذاره لترامب، هل يعود ماسك إلى البيت الأبيض؟
  • البيت الأبيض يتجنب الإجابة على “حل الدولتين” ويركز على غزة
  • البيت الأبيض يتجنب الإجابة على "حل الدولتين" ويركز على غزة
  • البيت الأبيض: ترامب يعتقد أن الوضع بين غزة وإسرائيل ينبغي أن ينتهي
  • البيت الأبيض يحذر المدن الأمريكية الراغبة في التظاهر.. هل تخرج موجة جديدة؟
  • البيت الأبيض: ترامب على علم بحركة الأفراد الأمريكيين بالشرق الأوسط
  • البيت الأبيض: الرئيس ترامب لن يسمح بعنف الغوغاء في المدن الأمريكية
  • ترامب وكيم؟ البيت الأبيض يلوّح بإمكانية التواصل
  • البيت الأبيض: الخزانة الأمريكية اتخذت إجراءات لتخفيف العقوبات عن سوريا
  • كيف خسر ماسك من "لعبة البيت الأبيض" وتحدي ترامب؟