أنباء عن وفاة عشريني تونسي أضرم النار في جسده.. السلطة تصعّد ضد معارضيها
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
قالت مصادر إعلامية تونسية اليوم الجمعة إن الشاب الذي أقدم على إضرام الناررفي جسده أول أمس الأربعاء، أمام مقر للشرطة في محافظة سوسة الساحلية قد توفي.
وذكر موقع "رصد" التونسي، أن شابا تونسيا تعرض لمظلمة أضرم النار في جسده، مما أدى إلى احتجاجات كبيرة في حي الرياض، أحرق خلالها محتجون مركز الأمن الذي يعتقد المحتجون أنه مصدر المظلمة التي تعرض لها الشاب المتوفى.
هذا ونقلت إذاعة "جوهرة أف أم" عن شهود عيان اليوم الجمعة تأكيدهم أن أحداث شغب جدّت أمس في حي الرياض بسوسة، حيث عمد عدد من الشبان الى إحراق مركز الأمن.
وأضافت: "صباح أمس أقدم شاب على اضرام النار في جسده أمام مركز الأمن على إثر ورود معلومات عن امكانية وفاته حاول عدد من المقربين حرق المركز.. كما أشار إلى أن هناك من ركب على الأحداث ولا صلة له بالحادث، مؤكدا أن أضرارا مادية لحقت بالمتساكنين إثر تهشيم بلور سياراتهم".
ولم توضح المصادر سبب إقدام الشاب العشريني على إضرام النار في جسده، كما لم يصدر أي توضيح رسمي من وزارة الداخلية أو مصادر رسمية حتى كتابة هذا التقرير.
وتأتي احتجاجات مدينة سوسة الساحلية بينما يزداد الاحتقان الاجتماعي في تونس، حيث كانت العاصمة التونسية قد شهدت قبل أيام مظاهرات ضخمة أمام مقر رئاسة الحكومة، نفذها عاطلون عن العمل يطالبون الحكومة بإيجاد حل لقضاياهم.
كما تأتي هذه التطورات بينما يعاني غالبية المواطنين في تونس من تدهور في الأوضاع المعيشية، مما يزيد من حدة الغضب الشعبي.
وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية منذ عدة سنوات، كانت آخر فصولها أحكام قضائية صدرت أول أمس الأربعاء بحق شخصيات سياسية تونسية، بما في ذلك رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس وزراء سابق، وصحفيون بتهمة "المساس بأمن الدولة".
وحُكم على الغنوشي الموقوف في قضايا أخرى، بالسجن 22 عاما وعلى رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي 35 عاما، في حين حكم على الصحفية شذى الحاج مبارك بالسجن 5 سنوات، وفق المحامين. كما حُكم على الصحفية شهرزاد عكاشة بالسجن لمدة 27 عاما.
ويقبع الغنوشي (83 عاما) في السجن منذ عام 2023. وحُكم عليه بالسجن 4 سنوات في قضيتين منفصلتين في العامين الماضيين، فيما يعيش المشيشي في الخارج منذ عام 2021، بعد أشهر قليلة من إقالته من قبل الرئيس قيس سعيد وإغلاق البرلمان المنتخب، في خطوة وصفتها المعارضة بالانقلاب.
ومن المرتقب أن يفتح القضاء التونسي قضية "التآمر على أمن الدولة" خلال الجلسة الأولى للقضية المقررة في مارس/ آذار المقبل.
وأبرز السجناء المتهمين في القضية هم جوهر بن مبارك (عضو جبهة الخلاص الوطني)، وعصام الشابي (أمين عام الحزب الجمهوري)، وعبد الحميد الجلاصي (قيادي سابق في حركة النهضة)، وغازي الشوّاشي (وزير سابق)، وخيّام التركي (قيادي سابق في حزب التكتل)، ورضا بلحاج (رئيس الديوان الرئاسي السابق).
ويتهم الرئيس قيس سعيّد، سياسيين بـ"التآمر على أمن الدولة، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار"، بينما تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين للإجراءات الاستثنائية التي فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021.
وتعتبر قوى سياسية تونسية هذه الإجراءات "انقلابا على دستور الثورة"، بينما تعتبرها قوى أخرى مؤيدة للرئيس سعيد "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، فيما يؤكد سعيد أن إجراءاته هي "تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم"، مشددا على عدم المساس بالحريات والحقوق.
ومرارا، أعلن الرئيس سعيد أن النظام القضائي في بلاده مستقل ولا يتدخل في شؤونه.
وشهدت تونس منذ فبراير/ شباط 2023، حملة توقيفات شملت سياسيين وإعلاميين وناشطين وقضاة ورجال أعمال، بينهم رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي المسجون منذ أبريل/ نيسان 2023.
إقرأ أيضا: هيئة الدفاع عن الغنوشي ترفض الأحكام الصادرة ضده.. "محاكمات سياسية"
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية تونسية التطورات تونس امن سياسة تطورات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النار فی جسده
إقرأ أيضاً:
الحريديم.. من تحدي السلطة إلى طاعة الجبهة الداخلية والاعتراف بـرجال الحرب
في تطور لافت وغير مسبوق في العلاقة بين الحكومة الإسرائيلية والتيار الحريدي الأرثوذكسي المتشدد، أصدرت القيادة الروحية للحريديم، وعلى رأسها الحاخام دوف لاندو، توجيهات علنية بضرورة الالتزام بتعليمات الجبهة الداخلية، بما في ذلك إخلاء الملاجئ التي تحولت إلى مساكن، وتعليق الأنشطة التعليمية عند الضرورة.
وقد نُشر هذا التوجيه في صحيفة "ياتيد نئمان"، لسان حال الحريديم الليتوانيين، في موقع بارز عادة ما يُخصص لمعارضة تجنيد طلاب المعاهد الدينية أو الدفاع عن قدسية السبت، ما يعكس حجم التحول في الخطاب الديني الحريدي.
واعتبر الكاتب الإسرائيلي ناتي توكر، في مقال نشرته صحيفة "ذا ماركر" الإسرائيلية المختصة بالشؤون الاقتصادية، أن هذا الموقف لا يمكن اعتباره مجرد استجابة بديهية للظروف الأمنية، بل يمثل نقطة تحول دينية واجتماعية عميقة. فالحريديم، الذين طالما تعاملوا مع الدولة ومؤسساتها ككيانات علمانية لا شرعية دينية لها، باتوا الآن يعترفون -ولو ضمنيا- بسلطة الدولة، بل ويبررون طاعتها من منطلق ديني.
التحول لم يقتصر على الالتزام بالتعليمات الأمنية، بل امتد إلى الخطاب اللاهوتي ذاته، فقد ظهر في بيانات "مجلس حكماء التوراة" -الهيئة الروحية العليا للحريديم- مصطلح جديد هو "رجال الحرب"، في إشارة إلى جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي. وهو مصطلح لطالما تجنبت القيادات الدينية استخدامه، إذ كانت ترى أن "رجال الجيش" يمثلون مؤسسة علمانية تتناقض مع المنظومة العقائدية الحريدية التي تعزو الحماية الإلهية إلى دراسة التوراة حصرا.
لكن في البيان الأخير للمجلس، وردت عبارة لافتة "قوة التوراة تحمي أيضا رجال الحرب"، وهي صيغة جديدة تُدخل الجنود ضمن سردية الحماية الإلهية، وتربطهم بمقاتلي المعارك التوراتية مثل معركة الملك حزقيا ضد سنحاريب ملك آشور، كما ورد في سفر الملوك الثاني وسفر أشعيا. في تلك الرواية، لم ينتصر حزقيا بقوة السلاح، بل بالدعاء، واستجاب الرب بإرسال ملاك قتل 185 ألفا من الجنود الآشوريين في ليلة واحدة، وفقا لنصوصهم.
هذه المقارنة، حسب توكر، تُضفي بُعدا دينيا على الدولة الحديثة، وتُقارب في مضمونها فكر الحاخام إبراهيم يتسحاق كوك، أحد أبرز منظّري الصهيونية الدينية.
إعلانهذا التحول اللاهوتي لا يعكس فقط تغيرا في الخطاب، بل أيضا في الوعي الجمعي، فالشباب الحريدي، الذي نشأ على فكرة الانفصال التام عن مؤسسات الدولة، بدأ يدرك أن الانخراط الجزئي في الواقع الإسرائيلي بات ضرورة، خاصة في ظل التهديدات الأمنية المتزايدة، مثل القصف الإيراني الأخير.
يرى توكر أن هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة مباشرة للضغوط السياسية والمالية التي مارستها الحكومة، فقد تم تقليص تمويل المعاهد الدينية، ووقف مخصصات دور الحضانة، وفرض قيود على سفر المتخلفين عن الخدمة العسكرية، وتسليم أوامر تجنيد فعلية لكل شاب حريدي في سن الخدمة، ورغم أن هذه الأوامر لم تُنفذ بعد بشكل جماعي، فإنها خلقت شعورا عاما لدى الشبان الحريديم بأن الحصانة الدينية لم تعد كافية.
ومع ذلك، لا يزال هناك انقسام داخل المجتمع الحريدي، ولا يزال تيار واسع داخله يرفض هذا التحول، ويواصل النضال من أجل "قانون تهرّب" يضمن إعفاءهم من التجنيد فبعض الطوائف، مثل طائفة بيلز الحسيدية، (أحد طوائف حزب أغودات يسرائيل الذي يشكّل مع ديغل هتوراه تحالف يهودية التوراة الموحدة في الكنيست) ترفض الالتزام بتعليمات الجبهة الداخلية، وتواصل تنظيم مناسبات زواج في ظل القصف، رغم تدخل الشرطة في بعضها.
كما تستمر بعض المعاهد الدينية في التدريس كالمعتاد، رغم عدم توفر ملاجئ كافية للطلاب، وقد شهدت مناطق مثل بني براك وغفعات شموئيل احتجاجات ضد قرارات المحكمة العليا بشأن التجنيد الإجباري، ما يدل على أن التغيير لا يزال جزئيا، وأن الانقسام داخل الشارع الحريدي لا يزال قائما بين الواقعية الجديدة والنهج الانعزالي التقليدي.
لكن اللافت أن هذه الاحتجاجات لم تترافق مع تصعيد مباشر ضد مراكز التجنيد أو السلطة القضائية، ما يشير إلى قبول ضمني بالقواعد الجديدة. ويبدو أن القيادة الدينية، التي طالما حاولت التوفيق بين رفض التجنيد والحفاظ على التمويل الحكومي، باتت تدرك أن الحفاظ على الامتيازات يتطلب تقديم تنازلات رمزية على الأقل.
وفي ختام مقاله، يؤكد توكر أن العقوبات الحكومية أثبتت فعاليتها، وأن الحاخامات لا يغيرون مواقفهم في الفراغ، بل استجابة للضغوط السياسية والمالية، ورغم أن التحول لا يزال هشا وجزئيا، فإنه يمثل فرصة إستراتيجية لإعادة تشكيل العلاقة بين الدولة والحريديم، ودمجهم في منظومة الحقوق والواجبات الإسرائيلية، لأول مرة منذ قيام الدولة.