جولييت بينوش.. نجمة رفضت الشهرة السهلة وتربعت على عرش السينما
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
بعد 40 عاما من ظهورها للمرة الأولى في مهرجان "كان" السينمائي، تم اختيار الممثلة الفرنسية جولييت بينوش لرئاسة لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة الـ78، والتي تعقد خلال الفترة من 13 إلى 24 مايو/أيار 2025.
تخلف بينوش بذلك الاختيار مخرجة "باربي" الأميركية غريتا غروينغ التي تولت المهمة في الدورة الماضية.
كانت أولى خطوات الممثلة الفرنسية الحاصلة على جائزة الأوسكار مع العرض الأول لفيلم "موعد" 1985 (Rendezvous)، حيث جسدت أول الأدوار التي وضعتها على طريق النجومية في السينما الفرنسية.
وخاضت جولييت بينوش خلال الأعوام الأربعين الماضية مشوارا يبدو للمشاهد العابر تمثيلا فقط، ولكن الحقيقة التي تكمن بين طيات اللحظات والسنوات هي أن الفرنسية الرقيقة اختارت أدوارها كما لو كانت شاعرة، وجسدتها كما لو كانت فنانة تشكيلية، ترسم كل تفصيلة في أدائها عبر سكب أحزانها وأفراحها في أدوارها، وتقدم دراما حياتها قربانا لأدوارها.
هشاشة وصلابةورغم الهشاشة البادية على ملامحها، قاومت جولييت بينوش التوجه التجاري لهوليود، ورفضت أعمالا بالملايين، واختارت أخرى بدقة لتحصل على جائزة الأوسكار عام 1997 عن فيلم "المريض الإنجليزي" (The English Patient).
إعلانوجمعت بين جوائز المهرجانات الأوروبية الثلاثة كأحسن ممثلة، حيث فازت في فينيسيا عام 1994 عن فيلم "ثلاثة ألوان" للمخرج كريستوف كيسلوفسكي "الأزرق"، وجائزة الدب الفضي في برلين عن "المريض الإنجليزي" للمخرج أنتوني مينغيلا، وهو الدور الذي فازت به أيضا بجائزة البافتا وجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة.
بعد 4 أعوام فقط من ولادتها، تلقت جولييت أولى صدماتها في الحياة، إذ انفصل أبواها، جان ماري بينوش، المخرج والممثل والنحات، ومونيك إيفيت ستالينز، المعلمة والمخرجة والممثلة. وشكلت هذه الصدمة روحها، ودفعتها للاستقلال والبحث الدائم عن رفيق في عزلتها.
كان أول ظهور لجولييت بينوش على الشاشة في الفيلم الفرنسي "جمال الحرية" (Liberty belle) عام 1983، من إخراج باسكال كانيه، وقد لعبت في هذا الفيلم دورًا ثانويًّا كفتاة تشارك في مسيرة. وقامت بعد ذلك بالعديد من الأدوار الصغيرة في كل من التلفزيون والسينما.
وجاء أول أدوارها المهمة في عام 1985 عندما جسدت دور أنطوانيت في فيلم "السلام عليك يا مريم" 1985 (Je vous salue, Marie) للمخرج جان لوك غودار، واكتسبت المزيد من الشهرة من خلال دور رئيسي في فيلم "موعد" (Rendezvous) في نفس العام، للمخرج أندريه شينيه الذي عُرض لأول مرة في مهرجان كان السينمائي.
تقول جولييت بينوش، في حوار لها مع مجلة "إل. بايس" (El País)، عن نشأتها: "لقد مررت بطفولة هزها انفصال والديّ، والمشاكل الاقتصادية، والأحداث التاريخية. أنا ابنة جيل الستينيات، وأحداث عام 1968. كان والداي منخرطين للغاية في السياسة، وهذا ما ترك أثره على شبابي".
صادفت النجمة الصاعدة أول نجاح كبير مع فيلم "كائن لا تحتمل خفته" 1988(The Unbearable Lightness of Being)، حيث لعبت دور تيريزا الحائرة بين الحب والحرية، وكان الدور أقرب للتعبير عن حالة جولييت بينوش نفسها الحائرة بين أم وأب في مكانين منفصلين فلم تستطع الانتماء إلى مكان واحد، ولم تحتفظ بفكرة واحدة عن نفسها. غادرت جولييت فرنسا إلى لندن، بعدها، سعيا لصقل مهاراتها في مدارس التمثيل، ولكنها لم تستمر.
إعلانبعد عودتها، شاركت في "المحبون على الجسر" Les Amants du Pont-Neuf) 1991)، للمخرج ليوس كاراكاس، وعاشت حالة تصوير فوضوية، تأكدت حين عرض الفيلم نفسه -وقضت عدة أشهر من الانتظار والإصابات والإرهاق العاطفي، وأصبح الفيلم، وهو قصة حب يائس بين روحين محطمتين، استعارة لنضالاتها الخاصة، التي تلخصت في الحاجة إلى الاستسلام للحب، ولكن أيضًا الهروب قبل أن يستهلكها.
جاءت اللحظة الحاسمة لبينوش في فيلم "ثلاثة ألوان: أزرق" 1993 (Three Colors: Blue)، حيث جسدت دورها كأرملة حزينة تحاول محو ماضيها. وكانت لحظات الصمت في الفيلم معبرة وبليغة إلى حد كبير، وقد منح ذلك الصمت جولييت بينوش الفرصة لاستعراض مهارات مذهلة في الأداء المعبر.
كانت جولييت بينوش الإنسانة تتنقل بين الخسارات العاطفية في حياتها الواقعية حينها، إذ أنجبت ابنها رافائيل، وربته بمفردها إلى حد كبير، مجسدة بذلك الاعتماد على الذات الذي صوّرته كثيرا على الشاشة.
قاومت الممثلة الفرنسية الشهرة السهلة في هوليود، حيث رفضت فيلم "الحديقة الجوراسية" (Jurassic (Park، بينما قبلت العمل في فيلم "المريض الإنجليزي"، الذي جلب لها جائزة الأوسكار وعزز مكانتها كنجمة عالمية.
ومع ذلك، حتى في ذروة شهرتها، ظلت منبوذة من هوليود. وبينما سعت هوليود إلى تأطيرها كممثلة في الأفلام التجارية، اختارت بينوش قصصًا تتحدث عن روحها، سواء في الواقعية الشعرية، كما في فيلم "شوكولا" 1993 (Chocolate)، أو في فيلم "مخفي" 2005 (Caché).
وتعبر بينوش عن رؤيتها في تصريح تلفزيوني قائلة: "أحب السفر وإذا كان عليّ أن آتي إلى هوليود لصنع فيلم فسأفعل، ولكن بخلاف ذلك لن أنتقل إلى هناك أبدًا. إنها مدينة صناعية إلى حد كبير وهذا لا يثير اهتمامي حقا".
وتضيف مشيرة إلى محددات اختيارها لأدوارها: "أعتقد أن كونك ممثلة أو مشاركًا في فيلم يجب أن يكون تجربة حياة، وإلا فلماذا أخوضها؟ يجب أن أغيّر نفسي، ويجب أن أتعلم أشياء، ويجب أن أدفع نفسي وحدودي" إلى الأمام.
إعلان حياة غير متوقعةظلت حياتها الشخصية، مثل اختياراتها السينمائية، غير متوقعة، فلم تستطع بينوش أن تحتفظ بعلاقة زواج لفترة طويلة، وفي الأربعينيات من عمرها، تدربت على الرقص في فيلم "بولينا تراقص حياتها" 2016 (Polina, danser sa vie)، وواجهت العمر والفن في فيلم "غيوم سيلس ماريا" 2014 (Clouds of Sils Maria)، وخطت إلى عالم كلير دينيس الحسي المزعج في فيلم "دع أشعة الشمس تدخل" 2017 (Let the Sunshine In).
وفي تصريح لها مع "إل. بايس" تقول عن حياتها العاطفية: "لقد عشت حبا مجنونا. حب معقول؟ لا أعرف ما هو. بالنسبة لي، لا يوجد حب معقول. إنه شيء يتجاوزنا".
وترفض الفرنسية هشة الملامح صلبة الإرادة السكون، رغم أنها في سن تستقر الممثلات خلاله على صورتهن التي تراكمت عبر مشوارهن، فهي تصر على إعادة اكتشاف نفسها، سواء لعبت دور أم مسافرة في الفضاء في "حياة عالية" 2018 (High Life)، أو صحفية تتنقل بين الهويات الرقمية في فيلم "من تعتقد أنني؟" 2019 (Who You Think I Am).
تبدو مفارقة بينوش اللافتة في كونها هشة، ولكنها غير قابلة للكسر، ومراوغة، ولكنها حاضرة بعمق، تماما، مثل النساء اللواتي تصورهن في أفلامها، فهي في حالة حركة وبحث وتحول دائم، وهي قصة مستقلة عن أفلامها يتم الكشف عن أحداثها الدرامية مع كل فيلم جديد، أو حدث غير متوقع في حياتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات جولییت بینوش فی فیلم
إقرأ أيضاً:
يوم أسود للصحافة.. هكذا عالجت الصحف الفرنسية اغتيال أنس الشريف
أولت الصحف الفرنسية اهتماما كبيرا لمقتل صحفيي الجزيرة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، وذكرت بالغضب الذي أثاره في المنظمات الدولية، مشيرة إلى أن الصحفي أنس الشريف شاهد أصبح مصدر إحراج لإسرائيل، وتساءلت هل أصبح الصحفيون أهدافا؟
وركزت صحيفة ليبراسيون على ردود الفعل الغاضبة على فعل إسرائيل، وأشارت إلى أن تفسير إسرائيل لاستهداف أنس الشريف مباشرة، ووصفها له بأنه إرهابي مأجور لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) "انتحل صفة صحفي"، لم يقنع منظمة "مراسلون بلا حدود" المعنية بحقوق الصحافة، التي وصفته بأنه "صوت المعاناة التي تفرضها إسرائيل على فلسطينيي غزة".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبير سويدي: حرب جديدة بين إسرائيل وإيران تقترب وستكون أشد عنفاlist 2 of 2كيف غطى الإعلام الدولي اغتيال شهداء الجزيرة في غزة؟end of listودعت "مراسلون بلا حدود" إلى "عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن بناء على القرار 2222 لعام 2015 بشأن حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة"، لمنع "عمليات القتل خارج نطاق القضاء للإعلاميين"، وقالت إنها رفعت "أربع شكاوى" ضد الجيش الإسرائيلي "إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الصحفيين في غزة".
واتهمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إسرائيل باستهداف الخيمة التي كان يقيم فيها 5 من موظفي الجزيرة، وقالت إن ذلك "يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي".
مصدر إحراج لإسرائيلوشددت المفوضية على أنه "يجب على إسرائيل احترام وحماية جميع المدنيين، بمن فيهم الصحفيون"، مذكرة بأن "ما لا يقل عن 242 صحفيا فلسطينيا قتلوا في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023″، كما جددت الأمم المتحدة مطالبتها بـ"وصول فوري وآمن ودون عوائق لجميع الصحفيين إلى غزة".
وقال المصور محمد الزعنون "أن تكون صحفيا في غزة خطر في حد ذاته"، وعبر رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، عن "صدمته"، قائلا إن "الجيش الإسرائيلي يواصل إسكات الأصوات التي تبلغ عن الفظائع المرتكبة في غزة".
إعلانكما أدانت لجنة حماية الصحفيين في نيويورك الحادث، وقالت جودي غينسبيرغ مديرة اللجنة إن "الصحفيين مدنيون"، واستهدافهم في أوقات الحرب "جريمة حرب".
وأفادت صحيفة لاكروا بأن أنس الشريف، الذي يتابعه 500 ألف شخص على منصة إكس، شاهد أصبح مصدر إحراج لإسرائيل، وقالت إنه أصبح مرجعا في العالم العربي لرصد الحرب في قطاع غزة، خاصة أن وسائل الإعلام حول العالم تعتمد على الصحفيين الفلسطينيين الموجودين بالفعل بسبب منع إسرائيل دخول الصحافة لقطاع غزة.
وذكرت الصحيفة بوصية أنس الشريف، مشيرة إلى قوله "لقد عشت الألم بكل تفاصيله، وذقت المعاناة والفقد مرات عديدة، لكنني لم أتردد يوما في نقل الحقيقة كما هي"، في إشارة لمخالفة ذلك للتهمة الإسرائيلية الموجهة إليه دون دليل.
ووضحت لاكروا أن أنس الشريف يعلم أنه تحت تهديد شخصي منذ عدة أشهر، بعد أن صنفته إسرائيل إرهابيا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقتل والده في قصف في ديسمبر/كانون الأول 2023، ودمر منزله، وقد ختم وصيته بالدعوة إلى "عدم نسيان غزة".
عمليات القتل والاعتداءات والاعتقالات التعسفية ومضايقة الصحفيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى تدمير المرافق والمعدات الإعلامية في غزة والضفة الغربية، جزء من إستراتيجية إسرائيلية متعمدة لطمس الحقيقة
بواسطة إيرين خان
الهدف التعتيم الإعلاميأما موقع ميديا بارت فقدم الخبر، وسرد ردود الفعل التي صدرت عن قناة الجزيرة وصحفييها، وذكر بأن أنس الشريف كان أحد الصحفيين القلائل الذين بقوا في شمال غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، وقد صور وعلق على القصف والغزو الإسرائيلي الذي بلغ حد التطهير العرقي في مخيم جباليا وشمال مدينة غزة في خريف عام 2024، ووثق جوع وإرهاق مواطنيه الذي أصابه هو نفسه.
وذكر الموقع أيضا بالصحفيين الخمسة الآخرين وسائقهم، وأوضح أن 3 منهم كانوا من فريق الجزيرة، وهم المراسل محمد قريقع، وصحفيا الفيديو إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، أما الاثنان الآخران، محمود عليوة ومحمد الخالدي، فكانا صحفيين مستقلين.
ونقل ميديا بارت شجب المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحماية حرية الرأي والتعبير إيرين خان للتهديدات التي تعرض لها صحفي الجزيرة قبل اغتياله، وكتبت "أن عمليات القتل والاعتداءات والاعتقالات التعسفية ومضايقة الصحفيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى تدمير المرافق والمعدات الإعلامية في غزة والضفة الغربية، جزء من إستراتيجية إسرائيلية متعمدة لطمس الحقيقة".
وفي تقرير بعنوان هل أصبح الصحفيون أهدافا؟ علقت صحيفة لوباريزيان بأن يوم قتل إسرائيل 6 صحفيين، 5 منهم من قناة الجزيرة القطرية والآخر مستقل، يعد يوما أسود لحرية الصحافة، مشيرة إلى أنه أثار موجة عارمة من الغضب.
وسردت الصحيفة بعض ردود الفعل، مركزة على ما أعربت عنه لجنة حماية الصحفيين من غضب، وقولها إنه "يجب ألا يستهدف الصحفيون أبدا في أوقات الحرب"، وقالت لويز ألوين بيشيه، مديرة مشروع منظمة مراسلون بلا حدود "هناك استهداف واضح للغاية للإعلاميين، ولجميع الأشخاص الذين يعملون بشكل مباشر أو غير مباشر في إنتاج معلومات موثوقة. الهدف هو فرض تعتيم إعلامي".
قتل نحو 200 صحفي
واستشهدت الجمعية بالعدد الهائل من الصحفيين الذين قتلوا خلال عامين من الصراع كدليل، وقالت إن أسماء، أنس الشريف، ومحمد قريقع، بالإضافة إلى المصورين إبراهيم زاهر، ومحمد نوفل، ومؤمن عليوة، والصحفي المستقل محمد الخالدي، أضيفت يوم الأحد إلى قائمة تضم أكثر من 200 صحفي قتلوا في الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة.
إعلانوأشارت الصحيفة إلى أن هذا السجل محزن في تاريخ الحروب، وقال كريم إميل بيطار، الأستاذ في معهد الدراسات السياسية بباريس والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط إن "عدد من قتل في هذه الحرب منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكبر بكثير من عدد الصحفيين الذين قتلوا في أوكرانيا، وخلال حرب فيتنام، والحرب العالمية الثانية مجتمعين".
وذكرت الصحيفة باتهام منظمة مراسلون بلا حدود "بتكرار ممارسة معروفة ومثبتة، لا ضد صحفيي الجزيرة" المحظورة من البث من إسرائيل، حيث قتل 10 من موظفيها على يد الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب، موضحة أن استهداف الصحفيين لا يقتصر على قناة الجزيرة، بل "بدأ سريعا" بالتدمير الممنهج للبنية التحتية الإعلامية، مثل مكاتب وكالة الصحافة الفرنسية واستمر ذلك على مدار العامين التاليين.