ما حقيقة المخاوف بشأن الضرائب على أموال المودعين في المغرب؟
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
مراكش- في مكتبه بمدينة مراكش، يستقبل المحاسب الشاب رشيد مكالمة من أحد التجار الذين يتعامل معهم منذ سنوات، وهو منهمك في مراجعة بعض الملفات.
بصوت يشوبه بعض القلق، يسأله التاجر عن حقيقة فرض ضريبة جديدة على الودائع البنكية، مظهرا تردده في إيداع أمواله في أحد المصارف.
ويقول رشيد -للجزيرة نت- إن هذه الأسئلة تظهر مخاوف بعض التجار المغاربة، الذين يفضلون الاحتفاظ بأموالهم خارج النظام المصرفي، تجنبا لأي إجراءات ضريبية.
ويبرز أن حديث وسائل الإعلام عن نقص السيولة البنكية وارتفاع شراء الخزائن المالية، قد يكون له ما يبرره في ظل ما تشير إليه التقارير الرسمية من استمرار ارتفاع نسبة الأوراق النقدية المتداولة في الأسواق، في مقابل انخفاض المدخرات داخل المصارف.
خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أطلقت إدارة الضرائب المغربية حملة التسوية الطوعية للأشخاص الذاتيين بنسبة تحفيزية لا تتجاوز 5%، خاصة الموجودات المودعة في حسابات بنكية، أو المحتفظ بها في شكل أوراق بنكية.
ويلاحظ الخبير الاقتصادي يوسف كراوي الفيلالي -في تصريح للجزيرة نت- أن هذه الحملة شجعت بعض الأشخاص على التصريح بدخولهم، لكن بعد انقضاء الآجال القانونية نهاية سنة 2024، ساد تخوف لدى آخرين من فرض ضرائب على أرباحهم بأعلى نسبة وهي 37%.
من جانبه، يبرز المستشار القانوني والجبائي المحاسب المعتمد لدى الدولة عبد الصمد الإدريسي أن هذه الحملة -التي أطلقت بعد صمت طيلة السنة- تحولت إلى ضجة بسبب ضعف التواصل بين إدارة الضرائب والخاضعين للضريبة.
وحسب قانون المالية لسنة 2025، يعفى أي دخل لم يصل إلى 40 ألف درهم (4 آلاف دولار) سنويا من الضريبة، بينما تطبق نسبة مئوية تصاعدية عندما يتجاوز الدخل هذا المبلغ ابتداء من 10%، ثم 20% و30% و34% لتصل إلى 37% عندما يتعدى الدخل 180 ألف درهم (18 ألف دولار).
إعلانويشرح الإدريسي للجزيرة نت أن هذه المخاوف غير مبنية على أسس حقيقية، كما أنه لا يمكن بتاتا من الناحية القانونية اقتطاع ضريبة على مبالغ مودعة في البنوك، سواء من قبل أشخاص ذاتيين أو عاديين من دون الخضوع لإجراءات قانونية تمر بمجموعة من المراحل حسب المادة 216 من المدونة العامة للضرائب، المتعلقة بالفحص الإجمالي لوضعية الملزمين بالضريبة.
ويوضح أنه بعد رصد لحركة أموال من خلال شراء عقار أو وضع أسهم في شركة أو تحويل أموال من حسابات جارية إلى شركة مثلا، تقوم إدارة الضرائب بإشعار المعني بالأمر مرتين بضرورة تبرير طرق تحصيل هذه المبالغ، قبل أن يُطالب بأداء الضريبة المستحقة حسب جدول محدد مرتبط بالأرباح والذي قد يكون 10% أو 20%، وليس بالضرورة 37%. وبعد رسالة ثالثة تعد إنذارا، يحول الملف إلى الخزينة العامة لتطبيق التحصيل الجذري كما جاء في مدونة الديون العمومية.
يربط الخبراء بين حجم الودائع البنكية وتوفر السيولة لدى البنوك، وبين تدخل البنك المركزي من أجل الحفاظ على استقرار القطاع المالي.
وتظهر أرقام النشرة الشهرية لبنك المغرب (البنك المركزي المغربي) خلال 2024 تذبذبا في حجم السيولة يعكس التوترات المالية.
فعلى سبيل المثال، بعد ارتفاع السيولة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى حوالي 138.8 مليار درهم (13.8 مليار دولار)، عاد ليسجل بعض التراجع في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى 135.9 مليار درهم، في حين رفع بنك المغرب حجم تدخلاته ليصل إلى 152 مليار درهم (15 مليار دولار) لضمان هذا الاستقرار.
ويوضح الخبير الاقتصادي الفيلالي أن الأموال المتداولة وغير المودعة في المصارف، تتعلق أساسا بالاقتصاد غير المنظم وتمثل 30% من الاقتصاد المغربي، مشيرا إلى أن عدم إيداع هذه الأموال يؤدي إلى نقص في السيولة، في مقابل ارتفاع المخزن في البيوت والوحدات الصناعية السوداء.
إعلانويدعو المتحدث ذاته إلى اتخاذ إجراءات لتشجيع وسائل الدفع الرقمية للمساهمة في دخول الأموال إلى البنوك، ومن ثم الرفع من السيولة المالية.
ذكرت وزارة المالية أن مبالغ التسوية الطوعية للضرائب ناهزت حوالي 100 مليار درهم (10 مليارات دولار)، وهو ما اعتبره الخبير الاقتصادي زكريا فيرانو -في حديث للجزيرة نت- رقما مهما ساهم في إنعاش خزينة الدولة بحوالي 5 مليارات درهم ( 500 ألف دولار)، وساعد في توفير سيولة إضافية لدعم بعض القطاعات الاجتماعية والاستثمار في بعض القطاعات الاقتصادية.
وأضاف أن هذه الخطوة ستساهم أيضا في حلحلة بعض مشاكل الاقتصاد غير المنظم وتقليص التعامل بالأوراق النقدية المتداولة في السوق، الذي وصل إلى نحو 430 مليار درهم (43 مليار دولار)، حسب بيانات البنك المركزي المغربي.
ويرى الأكاديمي المغربي أن الإجراءات الضريبية لا يكون لها تأثير سلبي على الودائع البنكية، بما أن المساهمة الإبرائية لم تتعلق بإلزامية إيداع الأموال في المصارف ولا بإخضاع هذه الأموال للضريبة وهي ذات أصل اقتصادي أو مرتبطة بالادخار، ولكن بالتصريح الطوعي عن الأصول والأرباح الخارجة عن النطاق الضريبي من أجل الاستفادة من هذا التحفيز الضريبي (تطبيق نسبة 5%).
ولا توجد نصوص قانونية تلزم الأشخاص الذاتيين بوضع ودائعهم في البنوك، بل تلزمهم بالتصريح بأرباحهم وأداء الضريبة عنها.
من جهته، يؤكد الإدريسي أن الأموال المودعة تستعملها البنوك من أجل الوفاء بالتزاماتها، ومن أجل الإقراض وتحفيز الاستثمار، مشيرا إلى أن بقاءها خارج شبكة المصارف يؤثر على كل ذلك.
يشير تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة رسمية) إلى أن 60% و80% من القوى العالمة بالمغرب تزاول أنشطة تندرج ضمن الاقتصاد غير المنظم.
إعلانويبرز التقرير إلى أن هذا القطاع غير المنظم -الموسوم بالتملص من الالتزامات الاجتماعية والضريبية- يشكل معضلة حقيقية تؤثر سلبا على الإنتاج والتنافسية، مؤكدا أن السلطات العمومية أطلقت عديدا من البرامج الرامية إلى الإدماج المباشر أو غير المباشر لهذا القطاع في منظومة الاقتصاد المنظم، غير أن المبادرات المتخذة لم تكن كافية للحد مـن حجمه وتأثيراته السلبية.
ومن بين هذه المبادرات تشجيع مبادرة "المقاول الذاتي"، لكن 94% من هذه الفئة، والبالغ عددها 340 ألف شخص، لا يصرحون بدخولهم، حسب المسؤول الأول بالمديرية العامة للضرائب.
وفي هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي كراوي الفيلالي أن إدماج القطاع غير المنظم يجب أن يتم بسلالة عن طريق المصالحة الضريبة، بعيدا عن المنطق الزجري كما حدث في إجراء التسوية الضريبية، وذلك للحصول على مداخيل ضريبية إضافية تساهم في نمو الاقتصاد الوطني.
من جهته، يؤكد فيرانو أن إدماج الاقتصاد غير المنظم في الدورة الاقتصادية الرسمية يجب أن يتم عبر إصلاح عام وشامل، يبنى على 3 ركائز أساسية:
إقرار تحفيزات ضريبية وتبسيط الإجراءات الإدارية. إعادة النظر في منظومة عقود العمل داخل القطاع غير المنظم. إقرار منظومة ضريبية ذات طبيعة تنافسية.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاقتصاد غیر المنظم القطاع غیر المنظم الخبیر الاقتصادی ملیار درهم للجزیرة نت أن هذه إلى أن من أجل
إقرأ أيضاً:
168 مليار درهم مكاسب الأسهم المحلية في 4 جلسات
مصطفى عبد العظيم (أبوظبي)
أخبار ذات صلةسجلت أسواق الأسهم المحلية مكاسب قياسية في القيمة السوقية للأسهم، خلال تعاملات الأسبوع التي امتدت لأربع جلسات فقط، زادت عن 167.95 مليار درهم، بعد أن تمكنت الأسواق من إضافة 37.2 مليار درهم جديدة إلى مكاسبها بنهاية جلسة أمس الخميس، التي شهدت تداولات إجمالية بقيمة 2.83 مليار درهم.
ونجحت مؤشرات أسواق الأسهم المحلية أمس، في مواصلة مسارها الصاعد للجلسة الرابعة على التوالي، مدعومة بثقة المستثمرين في الأسواق وزيادة مستويات السيولة، مما عزز من زخم التداول إلى 9.7 مليار درهم، ودفع السوقين لتحقيق مكاسب قوية، لتختتم الأسواق أسبوعها على أداء إيجابي يعكس قوة الاقتصاد الوطني، الذي يحظى بتصنيفات قوية من أبرز ثلاث وكالات تصنيف في العالم تراوحت بين AA وAA-.
وحقق سوق أبوظبي للأوراق المالية أكبر مكاسب في القيمة السوقية خلال الأسبوع، بلغت 118.9 مليار درهم، بعد أن أضافت أسهم السوق 28 مليار درهم أرباحاً جديداً أمس، لتقفز القيمة السوقية للأسهم إلى 3.083 تريليون درهم.
كما بلغت مكاسب القيمة السوقية الإجمالية لأسهم سوق دبي المالي خلال الأسبوع نحو 49 مليار درهم، بعد أن أضافت بنهاية جلسة الأمس مكاسب جديدة بلغت 9.23 مليار درهم، لترتفع القيمة السوقية لأسهم السوق إلى 991.958 مليار درهم، وبهذا تقفز القيمة السوقية لأسواق الأسهم في الإمارات إلى 4.075 تريليون درهم.
سوق أبوظبي
وأنهى المؤشر العام لسوق أبوظبي للأوراق المالية تعاملات جلسة أمس، مرتفعاً بنسبة 0.67%، بإضافة 75.1 نقطة، ليغلق عند مستوى 9886 نقطة، وسط تداولات بلغت 660.343 مليون سهم، وبقيمة إجمالية بلغت 1.883 مليار درهم، جرت من خلال إبرام 32750 صفقة.
وجاء الارتفاع القوي في مؤشر السوق مدفوعاً بأداء عدد من الأسهم القيادية، أبرزها مصرف أبوظبي الإسلامي الذي صعد بنسبة 4.33%، وبنك أبوظبي التجاري بنسبة 2.69%، بالإضافة إلى أسهم أدنوك للتوزيع، أدنوك للغاز، أدنوك للحفر، ومجموعة أغذية، ورأس الخيمة العقارية الذي ارتفع بأكثر من 7.6%. وارتفعت القيمة السوقية لأسهم أبوظبي إلى 3.083 تريليون درهم، مقارنة بـ 3.055 تريليون درهم في جلسة، أمس، محققة مكاسب سوقية بقيمة 28 مليار درهم. وعلى صعيد إجمالي التداولات الأسبوعية لسوق أبوظبي، فبلغت قيمتها هذا الأسبوع نحو 6.17 مليار درهم، لنحو 1.81 مليار سهم، وجرت من خلال إبرام 126697 صفقة.
سوق دبي
ارتفع المؤشر العام لسوق دبي المالي بنهاية جلسة أمس الخميس بنسبة 1.25%، بإضافة 70.5 نقطة، ليغلق عند مستوى 5683 نقطة، وسط تداولات نشطة بلغت 469.131 مليون سهم بقيمة 954.542 مليون درهم، فيما ارتفعت القيمة السوقية لأسهم دبي إلى 991.95 مليار درهم، بمكاسب سوقية قدرها 9.229 مليار درهم.
وجاء صعود مؤشر سوق دبي أمس، مدفوعاً بارتفاع عدد من الأسهم في قطاعات مختلفة، أبرزها سهم بنك دبي الإسلامي الذي ارتفع بنسبة 4.9% إلى 9.18 درهم، بنك الإمارات دبي الوطني بنسبة 1.09% إلى 23.0 درهم، وسهم شعاع كابيتال الذي ارتفع بنسبة 3.73%، وسهم سالك بنسبة 2.19%، وسهم الخليج للملاحة القابضة بنسبة 1.78%، إلى جانب مكاسب لبنك السلام، وباركن، وجي إف إتش.
وعلى صعيد التداولات الأسبوعية في سوق دبي، فقد بلغت قيمة التداولات خلال 4 جلسات نحو 3.6 مليار درهم لنحو 1.6 مليار سهم، جرت من خلال إبرام 66381 صفقة.