كيف نضحك أمام القتلة؟ وقصائد أخرى
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
1- حنين
الحزن قد يقذفُ بي إلى البئر
لا أحدَ من الأحياء يسمعُ صراخي
سأبقى وحيدًا في العتمة
أحلمُ بامرأةٍ لا أراها
أتذكّرُ الأشجارَ حين تبكي خوفًا
من وصولِ البشر فجرًا بالحبال
لتغدو غصونُها مشانقَ
للأغنامِ الهاربةِ من بهجةِ الأعياد.
2- دمُ الفراشة
أخذتُ من الفراشةِ
الوردةَ والدم
وكانت تلك
ليلتي الأخيرة على الأرض.
انصتي قبلَ النوم
قبلَ رحيلِكِ الأبديّ
إلى حديثِ الوردةِ الغافية
انصتي في سَيْرِكِ البطيءِ إلى الموت.
سيأخذكِ النسيانُ بعيدًا عنّا
الشمسُ زرقاءُ بلونِ الطفولة
زرقاءُ بلونِ الحب.
3- أتحدّثُ عن الزهرة
عن الزهرةِ أتحدّث
على بابِ البيتِ وهي تذوي
مثلما يذوي الزمنُ بي
ونغدو معًا في اليباسِ وفي اليباب.
هي الأسرعُ في الرحيل
الأكثرُ جمالًا وبراءةً ونقاء
اختارَها الملكُ
وأبقاني أذبلُ رويدًا رويدًا.
ذاتَ يوم سيطرقُ باب بيتي ملك
لا أراه ولا يحدّثني
فقط يقتادني صامتًا إلى الموت
لأرى الزهرة تنتشر في الكون
عبقًا وجمالًا لا يُضاهَى.
أتحدّثُ عن الزهرة
عمّا يعودُ ولا يفنى
أتحدّث أنا الراحل دون عودةٍ إلى التراب.
4-كيف نضحك أمام القتلة
امرأةٌ تتأمّل ملامحها في المرآة
خوفًا من رحيل الجمال
أمام مرور الزمنِ الغامض.
*
لم يجد الدموعَ
التي تجعلُهُ قادرًا على النسيان.
*
كل شيء مطفأ
كالرياح وهي تواجه عبث الأيام.
*
يرحل الحصان الميت
عن البيت الذي يختبئ به الألم والهجر
عن نوافذ المطر المبللة باللوعة والفراق.
*
يعود المهاجر إلى وطنه غريبًا
يشعل نارًا في ساقية الجفاف
ينتظر الرياحَ والمطرَ والغناءَ السحري
ينتظر بكاء الأمهات الذي افتقده في الرحيل.
*
ليس لتلك الطرق الموحشة
في الجبال البعيدة
غيرُ الحنين
غيرُ الجمالِ اللامرئي.
*
تعود المياه الجبلية متدفقة في القلب
تعود الرياح الجبلية حاملة ضوء الليل
موقظةً في الأرضِ الطلعَ والنسغَ
محبّةَ الشجرِ إلى النار.
*
يسير في شوارعها الغرباء
موتَى الندم وحنينُ الشجرِ إلى الماء.
*
لكنّكِ جميلةٌ في الهدوء الصامت
لم أركِ أبدًا جميلةً في الصخب.
*
يبقى لنا الحجرُ الجبليّ
وسادةَ الرأسِ
اللغةَ المقدسةَ للصمت
غطاءَ الأبديةِ
دمْعَ الأشجارِ خالقةِ الحب.
*
وحيدة في شرفات العتمة
في الطرق المظلمة إلى الحب وإلى الموت.
*
لا يسير الموتى إلى البحر
غَرِقوا في الحُفَرِ العميقةِ للأرض
حجرٌ وترابٌ كثيف
غطّى فُتات عظامهم.
*
وكنتُ كالدمعة
التي سقطَتْ على التربة…
وانطفأَت.
*
كم الحياة عابرة وقاسية
كغبار الرمال الزاحف على القرى
لا نرى بعده الماءَ والنخيل
لا نسمعُ الأنينَ والصّراخ.
*
لقد جعلتْنِي البحيرةُ عطشَى
إلى كأسِ نبيذ
والموسيقى أعطت قلبي
مزيدًا من الفرح والحزن في آن.
*
إلهي الذي يراني وحيدةً وعطشى إلى الحب
مَن أُحِبُّ خلف سياجٍ من الحديد
لن أصلَ إليه أبدًا.
*
أتحدّثُ: لِمَ تركَني الله وحيدًا بعد رحيل أمي؟
ليس في الأرض غيرُ الحنينِ إليها
بقعُ دمٍ تتناثر في أغطيةٍ صفراء
موتى وغرباء ونوارس
يجرفُها البحرُ إلى النسيان.
*
الشمسُ من حمل المحبّة
بعيدًا تركتْنا في ليلِ الأبدية.
*
تَبْدينَ أكثرَ جلالًا في الغياب
هادئةً كعصفورٍ ميّت.
*
امنحيني بعضَ بكائكِ
أيتها الحرية
امنحيني دمَ الغزالة
امنحيني جناحَ الطيرِ المهاجر
عبر البحارِ إلى المجهول.
*
لن أعود إليكِ أيّتها المدن الغبية
أيتها المدن حاملةُ الكآبة والعدم واللصوص
والمشوّهين من رداءةِ الأعماق.
*
التقيتُها وهي صبيّةٌ في جبال الجنوب الخضراء
في ذلك المساء الذي اختفتْ من ذاكرتي تفاصيله
بقيَ منه سمارُ لونِها وعذوبةُ ابتسامتِها
بقيَ مطرُ الجبالِ الناعم
يكسو قلبي بفراقٍ قادمٍ لا محال.
*
مع المطر يأتي صوتُ الصغيرة الغائبة
الصبية التي لن تعود
ولن يعود معها مطرُ الحقول.
*شاعر عُماني.
المصدر: ضفة ثالثة
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الأدب الشعر أتحد ث
إقرأ أيضاً:
د. هاني العدوان يكتب ..
#سواليف
#علو_الكيان_الأخير وسقوطه الحتمي
#الدكتور_هاني #العدوان
#غزة محراب الحقيقة وساحة المحاسبة، في شوارعها المنكوبة تتساقط الأقنعة، وتتهشم الروايات، وتعلو صرخة الدم فوق ضجيج التضليل، الكيان يقف أمام مرآة المصير، محاصرا بعيون الضحايا، وأشلاء الأبرياء، وركام المدن التي أبيدت على مرأى العالم، كل طلعة جوية، كل غارة، كل قذيفة، سجل موثق في دفتر الإدانة، وشاهد لا يسقط بالتقادم، أطفال خرجوا من تحت الردم، أحياء أو موتى، يحملون في ملامحهم شهادة على الوحشية العارية، أمهات يحضن الرماد، يبحثن عن بقية من قلب أو صوت
أما الذين باركوا، والداعمون الذين مولوا، والصامتون الذين تواطأوا، فالجميع بات مكشوفا في محكمة الوعي الإنساني
غزة تحولت إلى عدسة صارخة، كشفت الكيان، وهزت كل من تحالف معه أو التزم الصمت أو انحاز للخيانة
من هنا تبدأ الحكاية
ومن هنا يبدأ السقوط الكبير، سقوط العلو، وزوال الزيف، ونهاية خرافة لن تصمد أمام شظايا الحقيقة
وتبدأ القصة.
فما كان يُكتب بالإعلام ويُرسم بالدعاية قد سقط في الميدان، وانكشفت صورة الكيان بلا قناع، فبعد أن كان يصور نفسه مظلوما محاصرا بين جموع من العرب المتعطشين لزواله، يتوسل الحماية ويطلب التعاطف، ظهر أمام العالم وهو يفتك بالجوعى والعزل، يقصف الأطفال والنساء، ويمحو المدن عن بكرة أبيها بلا هوادة، وبغريزة الموت والتدمير
العالم لم يعد أعمى كما كان، لأن المشهد خرج من عباءة الرواية إلى عدسات الحقيقة، والغرب الذي طالما مول ودافع، وجد نفسه لأول مرة في مواجهة غضب داخلي، وتظاهرات عارمة تنقض روايته، وتطالب بوقف الدعم للقاتل لا المجني عليه، انقلبت الموازين واهتزت الثقة، بدأ الحديث في عواصم القرار عن ضرورة فرض تسوية، لا حبا في الفلسطيني ولا عداء للكيان، بل لأن الوحشية خرجت عن السيطرة، وباتت تهدد البنية الأخلاقية للغرب ذاته
لكن السؤال الأهم، ما هي نهاية هذا العدوان، تشير المؤشرات الواقعية أن الكيان قد خسر أهم ما كان يملكه، صورته، وتماسك جبهته الداخلية، وورقة التعاطف الدولي، لكن في المقابل هو لا يزال يمتلك دعما أميركيا مطلقا، ومظلة نووية، وقرارا سياسيا متطرفا لا يرى في التسوية إلا هزيمة، وما مصادقة الكنيست على ضم الضفة وغور الأردن، الا تحديا صارخا للإرادة الدولية كعادته، ضاربا بعرض الحائط كل مفاهيم الشرعية، ومتمسكا بعقيدة التوسع، لا السلم
المشهد لم يكتمل بعد، فالمجازر لم تتوقف، والدم ما زال ينزف، لكن في الأفق تظهر احتمالات لتسوية ما، دولة فلسطينية بشروط لا ترقى لدولة، تُحاصر بالاعتراف، وتُجرد من السيادة، وتُفرض على الفلسطينيين بإكراه سياسي ودولي، والكيان قد يوافق على هذا الكيان الناقص، ليس عن قناعة، بل ليكسب وقتا ويرمم شرعيته، ويحول الأنظار عن جرائمه، لكنه لن يخضع بسهولة، فالعقيدة الصهيونية لا تؤمن بدولة فلسطينية، ولا ترى للفلسطينيين أي حق تاريخي، واليمين الإسرائيلي الحاكم اليوم يتبنى رؤى أكثر تطرفا من جابوتنسكي وبن غوريون أنفسهم
الولايات المتحدة ما زالت حارسة الحلم الصهيوني، لكنها الآن تعاني اهتزازا داخليا، وتراجعا في قوتها الأخلاقية عالميا، وفي ظل الضعف الأوروبي، والتردد الروسي، والانشغال الصيني، يواصل الكيان عربدته في سوريا، وفي لبنان واليمن، وتهديداته المستمرة لإيران، وكأنه يلوح أن لا أحد سيوقفه، وأنه سيكتب مستقبل الشرق الأوسط بيده، وبنار طائراته، لكن الحقيقة أن كل قوة متغطرسة تبلغ ذروتها قبل سقوطها، وتلك سنة التاريخ لا تخطئ
أوراق نجاحه ما تزال حاضرة، التفوق العسكري، الدعم الأميركي، ضعف الإرادة العربية الرسمية، الانقسام الفلسطيني، والحالة العامة من اليأس التي تعم المنطقة لكن أوراق فشله تتراكم، العزلة الدولية، تفكك الجبهة الداخلية، تصاعد المقاومة، انكشاف صورته، تنامي الوعي العالمي، وغضب الشعوب
الدول العربية ما زالت تتأرجح بين الصمت والارتباك، بين الحرج والارتهان، بين شعوب حية وحكومات تخشى الحقيقة، إنما الإرادة الجمعية العربية لم تسقط، ما زالت تنبض، وما زالت غزة توقظ فيها كل نداء، وكل ذاكرة، الشعب المصري لم ينس، ولا الأردني، ولا السوري، ولا الخليجي، رغم اتفاقيات السلام والتطبيع الهش
كل المؤشرات تشي إلى أن العرب سنهضون، نعم لإن فلسطين ليست قضية شعب فقط، بل قضية كرامة أمة
إلى أين ستؤول الأمور، الخيارات كلها مفتوحة على الجراح والاحتمالات، فالعالم على حافة حروب إقليمية قد تخرج عن السيطرة، وحرب عالمية قد تشتعل من خاصرة الشرق، خاصة إذا استمر الكيان بجرائمه بحق الشعب الفلسطيني وإذا ارتكب حماقة كبرى بضرب إيران من جديد أو اجتياح جنوب لبنان، أو استفزازات دائمة في جنوب سوريا، العالم ينهار اقتصاديا، ويتغير من الداخل، والنظام الدولي كما نعرفه يتفكك ببطء
ما بعد غزة ليس كما قبلها، والكيان الآن أمام ثلاث احتمالات، إما أن يخضع لإرادة دولية تفرض عليه حدودا، وإما أن يواصل عدوانه حتى الانفجار الكبير، أو أن يسقط من داخله حين تتفكك روايته ويهتز مجتمعه، النهاية الأكيدة ليست واضحة بعد، لكنها تقترب، فحين تصرخ الأرض بهذا الحجم من الدم، لا بد أن يحدث شيء، لا بد أن تتغير قواعد اللعبة، ولا بد أن تستفيق الأمة من هذا السبات الطويل، وكل المؤشرات تقول، فلسطين لن تموت، ولا الشعوب، والكيان إلى الزوال، عاجلا أم آجلا، فالزمن لا يحمي الكيانات المصنوعة بالخوف، والمبنية على الدم
لكن ما لا تدركه القوى العظمى، وما تتجاهله النخب المتحالفة مع هذا الكيان، أن هناك إرادة إلهية ستتحقق، لا محالة، ففكر هذا الكيان ليس إلا تمظهرا للفكر اليهودي الذي كتب الله عليه الشتات، وأعلن عليه اللعنة، لعصيانه ولعداوته المطلقة للحق والعدل والنبوة والإنسانية، لم يكن اليهود في التاريخ أصحاب دولة راسخة، ولا حضارة مؤثرة، بل ظلوا دوما تابعين داخل حضارات أعظم، من الفراعنة إلى البابليين، ثم الفرس فالرومان، فالإسلام، لم تكن لهم دولة ذات سيادة إلا لعقود معدودة في زمن داود وسليمان عليهما السلام، وسرعان ما مزقوها بعصيانهم، فدمرها الآشوريون، ثم البابليون، وشردوهم في الأرض
كتب الله عليهم الشتات لأنهم قتلوا الأنبياء، وفسدوا في الأرض، وعادوا المسيح عليه السلام، وصلبوه ظنا منهم أنهم أطفؤوا النور، لكن النور عاد، وتحولت اللعنة عليهم في كتبهم قبل كتبنا، ففي الإنجيل ورد “ها هو بيتكم يُترك لكم خرابا”، وقال المسيح عنهم “أنتم من أبٍ هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا، ذاك كان قتالا للناس من البدء”، وفي التوراة نفسها نجد نبوءات عن اللعنة والتشتيت والعقاب، لكنهم حرفوها وجعلوا أنفسهم الضحية الدائمة
أما القرآن الكريم، فقد جاء بالنص القاطع، لا يحتمل التأويل، ولا يدع مجالا للشك، قال تعالى
“وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا”
وهذا العلو الثاني، هو ما نراه الآن، علو فوق كل علو، بدعم عالمي، وسطوة إعلامية، وسطوة سياسية، واستباحة للأرض والعرض والحق
ثم قال
“فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا”، أي جمعناهم من كل أصقاع الأرض، وهو ما حدث بالفعل، عادوا من أكثر من مئة دولة، اجتمعوا في بقعة ضيقة، تمهيدا للنهاية المحتومة
ثم يأتي الوعد القاطع
“فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا”
هذه ليست أمنيات، بل وعد من الله، والتتبير هنا هو الإزالة الكاملة، المحق، الاجتثاث، ومن هم أولئك الذين سيقومون بهذه المهمة
قال تعالى
“بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار”
عباد لله بالفعل والعقيدة والجهاد، أولي بأس، أي أصحاب قوة وإيمان ووعي، يجوسون خلال الديار، أي يخترقون العمق، لا توقفهم الحدود، ولا تحكمهم السياسات
من هم، قد يكونون من فلسطين، أو من محيطها، من أكناف بيت المقدس أو من شعوب نهضت من تحت الرماد، لكن المؤكد أنهم ليسوا من العابرين العابرين، بل من حملة الحق، ومشروع المقاومة، وأصحاب الوعد الإلهي الأخير
وهكذا، فإن هذا الكيان الذي يحاول أن يفرض نفسه كقوة لا تقهر، إنما يسير بخطى متسارعة نحو نهايته، لأن الزمن تجاوزه، والتاريخ لفظه، والسماء حكمت عليه بالفناء، إن الأرض لن تقبل كيانا قام على الدم والخداع، والشعوب لن تبقى إلى الأبد تحت القهر، والحق لا يموت، وإن طاله التأجيل
وفي نهاية المطاف، فإن كل العلو والزيف سينهار، وسينكشف الغطاء، وسيعود المسجد الأقصى لأهله، وتزول هذه الأسطورة الملفقة من صفحات التاريخ، كما زالت أمثالها، وتبقى الأرض لمن يعمرها بالعدل، لا بالقتل، ولمن يقيم فيها ميزان الله، لا ميزان الطغيان
وإلى الذين انساقوا خلف أسطورة الكيان، وانخدعوا ببريق القوة الأمريكية الزائل، وأعمتهم المناصب ومكاسب الدنيا، عودوا إلى كتاب الله، إلى وعده الحق، ونوره الذي لا يخبو، قبل أن تُطوى صحائفكم وتُساقوا إلى مقام لا ينفع فيه مال ولا سلطان
أين أنتم من الحق، أين أنتم من الوعد الإلهي الذي لا يخلف
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْض
تذكروا قبل أن يطويكم الغياب
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
فهل أعددتم للسؤال جوابا