قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، نريد أن تلهج ألسنتنا بذكر الله والصلاة على رسول الله ﷺ، وأن تتقوى همتنا لعبادة الله - سبحانه وتعالى - وحده لا شريك له، ونعمر الأرض، وندعو إلى الخير، ونزكّى أنفسنا له - سبحانه وتعالى - حتى يرضى عنا. نريد أن ننتقل من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه، قال تعالى : {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ }.

هذا كلام ربنا، وهذا توكيد ربنا لنا، هذا دستور العمل الذي ينبغي أن نتدرّب عليه قبل رمضان، ذلك الشهر الذى نصوم نهاره، ونقوم ليله، ونكثر فيه من تلاوة القرآن وذكر الله، ونضاعف فيه الصدقات .

فلنتدرّب علي هذا الدستور المحكم، على هذا الدستور التقى، حتى نحشر مع المتقين والمحسنين، وحتى يؤيدنا الله بنصره فى الدنيا والآخرة، وحتى يرحمنا، ويلقى الحب فى قلوبنا، والرحمة فى عقولنا وتصرفاتنا.

دستور سورة الذاريات ينبغى علينا أن تتحقق به، فنبدأ من الآن بقيام الليل، ولو بصلاة الوتر بعد العشاء، درّب جسدك على بلوغ هذه المرتبة في رمضان ، فالصلاة تأتى بالتعوّد وبذل الهمّة لله رب العالمين.  درّب نفسك على أن تكون في رمضان من أولئك الذين قال الله فيهم  :{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }.

ومن الذين قال فيهم : {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }.

ومن الذين قال فيهم : {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ }.

وفى سورة المعارج قال تعالى : {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}.

وقد فسرّها العلماء بالزكاة، لكن في المال حقٌّ سوى الزكاة. كان النبى ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان.

جبلت النفس البشرية على الشحّ، فدرّب نفسك على الجود، ودرّب نفسك على الرحمة، ودرّب نفسك على أن تحمل همّ أخيك، حتى إذا انتهى رمضان، نلت جائزته العظيمة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: عبادة الله كيف نستقبل رمضان المزيد ب نفسک على

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: لبيك اللهم لبيك نداء يتجاوز حدود المكان والزمان

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، ودار موضوعها حول "معاني لبيك اللهم لبيك"، مؤكدًا أنها تتجاوز كونها مجرد كلمات تُردد، بل هي إقرارٌ راسخٌ بوحدانية الله وطاعته المطلقة، وتعبيرٌ خالصٌ عن المحبة والإخلاص التام لله -سبحانه وتعالى-، ففي هذه الأيام المباركة، تتجه قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بشوقٍ جارفٍ نحو بيت الله الحرام، حتى وإن حالت دونهم الأسباب عن الوصول بأجسادهم،  عليهم أن يرددوا هذه التلبية العظيمة التي تمثل استجابةً لنداء الخليل إبراهيم عليه السلام بالحج، لتصل أصداؤها إلى كل مكان بإذن الله تعالى.

شيخ الأزهر الشريف ورئيسة القومي للمرأة يبحثان التعاون المشتركإطلاق برامج ومبادرات مشتركة بين القومي للمرأة والأزهرمتى يكون وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟.. الأزهر يجيبشيخ الأزهر لوفد الإعلاميين العرب: الكلمة أمانة ودوركم مهمٌّ في رفع الوعي بقضايا الأمَّةأمين البحوث الإسلامية يتابع جهود وعَّاظ الأزهر وواعظاته في توعية الحُجَّاج بمطار القاهرةالأزهر: من السنة تطييب البدن قبل الإحرام ولا حرج فى بقائه بعد نية الدخول بالنسك

وأوضح الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن التلبية تحمل في طياتها معاني عظيمة، تبدأ بالإقرار بوحدانية الله؛ فالمسلم يعترف بأن الله هو الغني، القوي، الكريم، وأنه لا شريك له في ألوهيته، وهو المبدأ الذي دعت إليه جميع الرسل والأنبياء -عليهم السلام- على مر العصور، إنها دعوة للتوحيد الخالص الذي قامت عليه السماوات والأرض، كما أن التلبية هي شعار الطاعة والانقياد؛ فهي تعبير عن الطاعة الكاملة لله -سبحانه وتعالى-  ولأوامره ولتوجيهاته، دون تردد أو بحث عن الأسباب والعلل، وهذا يتجلى في أداء المناسك حيث يلتزم الحاج بالأوامر الإلهية بكل خضوع وتسليم.

خطيب الأزهر: "لبيك اللهم لبيك" استجابة لدعوة إبراهيم

وبين الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن التلبية ليست مجرد نداء، بل هي استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام؛ استجابةٌ خالدةٌ لنداء الخليل إبراهيم الذي أذن في الناس بالحج، فوصل صوته إلى كل مكان بإذن الله -سبحانه وتعالى- " وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ"، كما تتضمن التلبية أيضًا حقيقة العبودية لله؛ فهي ليست طاعة مجردة، بل تتجاوز ذلك لتشمل كمال الطاعة مع كمال المحبة، فهي إقامةٌ على طاعة الله بحب وإخلاص، رغم مشقتها وبذل الكثير من الجهد والمال في سبيلها، ولكن الالتزام والتسليم لله -سبحانه وتعالى-جعل الإنسان يقوم بكل هذا وهو فرح مسرور وقلبه متشوق لفعله، وأخيرًا هي تعبير عن الإخلاص لله؛ فكما أن "اللب" هو خلاصة الشيء وجوهره، فالتلبية تعني إخلاص العبادة لله وحده، وتصفية النية له في كل عمل.

وتوقف الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية عند تحليل معاني التلبية الشريفة: "لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ"، موضحًا أن استخدام أداة التعريف "ال" التي تفيد الاستغراق في كلمات "الحمد، النعمة، الملك" يدل على أن جميع المحامد والنعم والملك هي لله وحده لا شريك له، فالله -سبحانه وتعالى- هو المستحق للحمد لذاته، وهو مصدر كل نعمة لا تُحصى، والملك كله له دون سواه، فالبشر عاجزون عن إحصاء نعم الله أو الوفاء بحمده، ولذا تولى الله سبحانه وتعالى حمد نفسه، ليعلم الخلق أنهم لا يحيطون بحمده كاملاً. فالملك الحقيقي هو لله، بينما ملك البشر زائل ومحدود، وهو ما يوضحه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من رواية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول: فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ».

وفي ختام الخطبة دعا الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، المسلمين إلى أن تكون تلبيتهم صادقة من القلب، وأن تعكس تعلقهم بالله وحده وثقتهم به ورجاءهم فيه، وليس بغيره من الخلق، كما توجه إلى الحق -سبحانه وتعالى- بالدعاء لنصرة المستضعفين في كل مكان والفرج العاجل لإخواننا في فلسطين، وأن يثبتهم، وأن يزيل الله بقدرته ملك الظالمين.

طباعة شارك خطبة الجمعة الجامع الأزهر الأزهر الدكتور محمود الهواري خطيب الجامع الأزهر

مقالات مشابهة

  • تسيير قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء إلى شمال سيناء
  • خطيب الجامع الأزهر: لبيك اللهم لبيك نداء يتجاوز حدود المكان والزمان
  • خطيب المسجد الحرام: يبقى الدين في الناس ما بقيت فيهم شعائره
  • ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن واحد من ضباطي الذين شاركوا معي في الحركة التصحيحية
  • عبارات عن أول جمعة من ذي الحجة 1446 - 2025
  • دعاء أول جمعة في ذي الحجة.. ردده بيقين يستجاب لك
  • عجائب الصلاة على النبي فى أول جمعة فى العشر من ذي الحجة.. لا حصر لها
  • «علي جمعة»: الذين ينكرون السنة لا يفهمون صحيح البخاري
  • السيد القائد عبدالملك: جيل الأمة الإسلامية في أمس الحاجة إلى الرُشد الذي مصدره الله سبحانه وتعالى
  • السيد القائد: الرسل والأنبياء ليسوا فقط مجرَّد موصلين للهدى.. بل وقدوة في الواقع البشري في التَّمَسُّك بالهدى