حمص تعود للحياة بعد سنوات من الدمار
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
حمص- بدأت الحياة في مدينة حمص وسط سوريا بالعودة إلى طبيعتها، بعد سقوط نظام الأسد، وملاحقة أمنية من قوات الأمن العام لبقاياه، ممن ارتكبوا جرائم بحق السوريين، وممن رفضوا تسوية أوضاعهم قانونيا وتسليم أسلحتهم.
وبدأت وتيرة حركة تجارية تتصاعد في الأسواق المحلية للمدينة وفي أحيائها القديمة رغم الدمار الذي يخيّم عليها.
ورصدت "للجزيرة نت" قيام مديرية البلدية في حمص بإزالة حاجز نظام الأسد المخلوع من مدخل مدينة حمص، الذي كان يتبع لفرع المخابرات الجوية، ومعروف بوحشيته تجاه المدنيين، وبعشرات الاعتقالات للأهالي التي جرت عبره.
كذلك رصدت وسط المدينة، وقرب مسجد الصحابي خالد بن الوليد في حي الخالدية، ازدحاما في الشوارع الرئيسية لم تكن تشهده المدينة قبل سقوط الأسد، بسبب الحواجز الأمنية التي كانت تنتشر في تلك المنطقة.
توزّع البائعون المتنقلون "بسطات" حول حرم المسجد، الذي يشهد كثافة الزوّار يوميا من شتى المحافظات السورية لزيارة قبر الصحابي ابن الوليد، ومشاهدة ما خلفّه قصف الأسد على أحياء حمص القديمة.
وبلغت نسبة الدمار في حمص حسب أهالي الحي ما يزيد عن 70%.
إعلانيقوم أحد البائعين المتنقلين المنتشرين حول المسجد، إسماعيل حميدان وهو شاب عشريني، ببيع منتجات تركية متنوعة مصفوفة في علب كرتونية، قام بصفّها فوق بعضها البعض، لخلق مساحة عمل صغيرة تتيح له البيع والتجارة.
ومع ارتياد مئات الزوّار يوميا المسجد، يقول حميدان في حديثه "للجزيرة نت" إنهم بعد تحرير سوريا من نظام الأسد، توفّرت البضائع التركية، وحركة الإقبال جيدة مع عودة المهجّرين قسرا من حمص، إليها.
وقال وهو يبيع وسط أبنية مهدّمة بالكامل وتلال من الركام "أدعوا السوريين جميعهم للعودة إلى سوريا، لوضع أيدينا في أيدي بعضنا، لنعمّرها سويةً"، مؤكدا بأن الوضع في حمص أصبح جيدا مع حركة طبيعية وجيدة للأهالي.
وبات الانفتاح الاقتصادي متنفسا للسوريين الذين لم يشهدوا وجودا للبضائع المستوردة منذ عام 2012، بسبب منع النظام السوري للاستيراد لمعظم المواد الغذائية.
أشار الحميدان إلى أن البضائع أصبحت أسعارها مقبولة بشكل أكبر، وبعضها موجود في الأسواق والشوارع لم يكن يعرفها السوريون سوى عبر مشاهدتها على وسائل التواصل الاجتماعي فقط.
من زاوية أخرى، تحدّثت أم سعيد، زوجة أحد ضحايا معتقلات الأسد الذي تلقت نبأ وفاته في عام 2016، في المخابرات العسكرية في العاصمة دمشق، وأم لـ3 أولاد، أنها رغم فقر حالها المادّي، فإنها تعيش أياما من السعادة التي لا يمكن وصفها.
وتربط أم سعيد وضعها بسقوط الأسد وتحرير حمص، من قبضة أفرع المخابرات التي كانت تشكل كابوسا يوميا يعيشه المدنيون، ومنعهم من العودة إلى منازلهم في أحياء حمص القديمة، التي كان نظام الأسد يرنو لتغيير ديمغرافيتها وتحويل الأحياء المدمّرة إلى مشاريع استثمارية لرؤوس أمواله، وطمس معالم إجرامه على أحياء حمص.
ازدهار رغم الدمار
"اليوم تعيش حمص فترة ازدهار رغم الدمار الذي يخيّم عليها، ووسط هذا الركام سيعود أبناؤها لإعادتها إلى أجمل مما كانت عليه، بما يليق بها كعاصمة للثورة السورية ولما دفعته من دماء أبنائها" تقول أم سعيد.
إعلانوتضيف بأن الأهالي رغم عدم امتلاكهم قوت يومهم، مع انخفاض مستوى الوضع المعيشي إلى مستويات دنيا من الفقر، عندهم أمل في الحكومة السورية الجديدة بتحسين الأوضاع والواقع الخدمي في الأيام القادمة.
وتؤكد المتحدثة ذاتها على ضرورة وضع خطط عاجلة لإعادة أملاك وأبنية المهجّرين من حمص، وممن دُمّرت منازلهم جراء قصف طائرات نظام الأسد، والتركيز على تحسين الواقع الاقتصادي للمواطن، والسعي نحو خفض سعر المواد الغذائية والأساسية التي كانت حلما للسوريين طوال 14 عاما من الحرمان.
وتطالب بضرورة ضبط أسعار إيجار المنازل، مشيدة بالضع الأمني بحمص اليوم بعد انتشار قوات الأمن العام وعودة الحياة والحركة في الشوارع والأحياء بشكل كبير.
وعن الواقع الخدمي في حمص تشير أم سعيد إلى أن المدينة تعيش واقعا كسائر المحافظات السورية، بحيث لا تزال ضمن نظام وصل كهرباء لمدة ساعة واحدة، يقابلها 5 ساعات من القطع.
وتقول إن المياه ووسائل النقل العامة تتوافر بشكل جيد، وتتوافّر البضائع بشتى أنواعها في الأسواق المحلية.
وبدأت المؤسسات الحكومية بالعودة إلى عملها بشكل شبه طبيعي، في حين لا تزال الأحياء القديمة المدمّرة تشهد انعداما في توفر الكهرباء في بعضها، وعدم توفر وصول المياه إليها، كذلك عدم توفّر خطوط الاتصالات الأرضية.
وكانت محافظة حمص قد أطلقت حملة منذ أسابيع، "حملة حمص بلدنا"، هدفها الرئيسي إعادة الحياة للمدينة من جديد.
وصرّح إسماعيل الفين المنسق لحملة حمص بلدنا للجزيرة نت، "حاليا نعمل ضمن مدينة حمص فقط، بسبب الإمكانيات المتواضعة، وستشمل باقي أرجاء المحافظة في الخطوات القادمة".
وقال إنهم يسعون لتسهيل عودة الناس إلى منازلهم، موضحا أن العمل سيتركز على فتح الطرقات وإزالة الكتل الإسمنتية لحواجز الأسد التي كانت سابقا في شوارع حمص، وتأهيل الحدائق والمدارات، وتأهيل رموز المدينة مثل مسجد الصحابي خالد بن الوليد وساعة حمص، وتجميل واجهة المدينة.
وعن أولويات الحملة، أكّد إسماعيل الفين بأنها تركز على إنارة الطرقات والشوارع الرئيسية.
إعلانوبدأت الحملة من قطاع حي الخالدية، والغوطة، وتستهدف قطاعين مختلفين، يقول إسماعيل "تم تنسيق الحدائق مثل حديقة أمن الدولة، وتأهيل الساعة الجديدة، وسيتم تأهيل الساعة القديمة قريبا وإعادتها للعمل، وإزالة الأتربة والركام في خطوة مساعدة لمديرية النظافة في حمص، لتهيئة المرافق للجهات الداعمة والمانحة لإعادة التأهيل في الأحياء المدمرة من جديد".
كما يأملون في حملة "حمص بلدنا" تشجيع إعادة المهجرين من حمص إلى منازلهم، في حين يؤكدون أن حل مشاكل الكهرباء والاتصالات التي تعتبرملفات إستراتيجية، بحاجة لإمكانيات أكبر من الموجودة حاليا في الحملة.
من أبرز التحديات التي تواجهها الحملة، قلّة الأيدي العاملة، والآليات الموجودة الصالحة للعمل. وتتواصل الدعوات لانخراط الفرق التطوعية، وفي دعوة لدعم هذه الحملة، أكّد إسماعيل "أن باب العمل مفتوح للجميع، ولن يتم إقصاء أحد".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
راشد دياب: في انتقال عوض بابكر هل نحن مختلفون إلى هذا الحد من الدمار والخراب !!
راشد دياب يكتب: في انتقال عوض بابكر
هل نحن مختلفون إلى هذا الحد من الدمار والخراب !!
▪️عرفت الشهيد محمد الفضل ضمن تيارات شبابية ثقافية في المؤتمر الشعبي بداية العقد الثاني من الالفية الثالثة، كان وقتها قريبا من مجموعة الإحياء والتجديد الاقرب للمنهج الاصولي في الحركة الإسلامية، حيث كانت تتوفر ايضا تيارات شبابية حداثوية خرجت قيادات إسلامية معروفة الآن؛ تواصل معي ود الفضل بعدها في إطار اهتمامه بخطة المنظومة الخالفة للترابي واذكر انه فجأة بعد رحيل الشيخ الترابي قام بتصور كتيب المنظومة – وكان وقتها سريا وغير مسموح بتداوله – قام ود الفضل بنشره في مجموعة واتساب فقامت عليه الدنيا ولكنه لم يابه لها ، ثم زاملته في قيادة تيار النهضة مع الاخ الدكتور محمد المجذوب و قصي محجوب و ياسر عبد الله وإسماعيل فرج الله وهشام محمود وحمدنالله و ياسر إمام، كان التيار – بالنسبة لنا – محاولة لإنفاذ مشروع المنظومة الخالفة، لكن محمد وانا عدنا مرة أخرى لمؤسسات المؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور علي الحاج وبشير آدم رحمة وتزاملنا في عضوية الامانة السياسية التي كان مسؤولاً عنها الأخ عبد الوهاب سعد، في ذات الوقت كان محمد الفضل يشارك في تأسيس مركز جذور الفكري التابع للحركة الإسلامية بقيادة مولانا علي كرتي وبإشراف مباشر من الدكتور أمين حسن عمر، ويعرف الإسلاميون في السودان الشهيد ود الفضل على نطاق واسع باهتماماته الفكرية ونشاطه في برامج التدريب والتأهيل الثقافي والفكري للطلاب والشباب.
▪️أعرف أعداد كبيرة من الذين مسهم المؤتمر الشعبي بطرف منه و ساروا على هذا المنوال، لم يحصرهم (تنظيم) المؤتمر الشعبي و ما تقاعسوا يوما عن مهمة وطنية او اللحاق بركاب دعوة مجتمع أو جهاد، منهم على سبيل المثال (حليم عباس _ حسبو البيلي _طلال اسماعيل _ الناجي عبد الله _ حسين منصور _ علي جامع _ أنور شيبة _ جميل الله _ عادل عبد اللطيف _ عمار السجاد قبل أن يكلف نفسه عناء مسؤولية المؤتمر الشعبي وتجلية مواقفه بعد رحيل الترابي).
▪️لكن تجربة الأخ عوض بابكر – رحمه الله – تجربة فريدة في نوعها، ربما يقلل درجة غرابتها قربه من الشيخ الترابي وانفتاحه على معارف من الاسرار ومعارف من الأشخاص، فسوى ما أعرفه عنه من علاقات وطيدة داخل وخارج حوش الإسلاميين، تفاجأت اليوم على صفحات التواصل الإجتماعي بحجم التفاعل مع نبأ انتقاله المفاجئ للرفيق الأعلى، تجربته في تجاوز خلافات الإسلاميين رغم مرارات وفترات سجنه في معتقلات الإنقاذ تشبه آخرين على راسهم الراحل يوسف لبس، فقد نعاه الدكتور علي الحاج _ الدكتور أمين محمود _ مولانا علي كرتي وكل قيادات الصف الأول والثاني والشباب من الإسلاميين، لكن ما يثير الحيرة هو امتداد أثره داخل ما درجنا على تسميته ياليسار السوداني حتى في صف الإسلاميين الذين انتقلوا إلى هناك. وربما أكثر ما أشكل عليه هو إنحياز عدد محدود من شباب الشعبي لصفوف مليشيا الدعم السريع بعد الحرب، فكان دائما ما يوصيني بالحديث معهم لإثنائهم عن ذلك الطريق.
مقالي هذا ليس في عد مآثر الفقيد، فقد سبقني إلى ذلك كثيرين، ثم إن عبرة الفقد لا تؤهلني اللحظة لهكذا كتابة وآثرت على نفسي الإعتبار الشخصي من سيرته الذاخرة معي لاكثر من ربع قرن من الزمان، واحفظ له رفقته وضيافته وكرمه لنا أنا والأخ عمار السجاد في سواقي أخواله نواحي جنوب كسلا خلال جولة ولائية قمنا بها قبل عام ونيف.
▪️كما انه ليس من الضروري أن يكتب عن عوض بابكر بروف غندور _ دكتور نافع ا_ إبراهيم محمود _ احمد هارون _ بشير آدم رحمة _ المحبوب عبد السلام _ ياسر عرمان _ الحاج وراق _ فائز السليك _ أشرف دوشكا _ منعم بيجو _ شوقي عبد العظيم _ حسبو محمد عبد الرحمن _ عبد الحفيظ مريود _ حافظ كبير .. مع إنهم كلهم يعرفونه ويذكرون فضله، كتب عنه إبنه محمد عوض بابكر: (من كان عنده دين على والدي فليتصل بي ثم العفو والعافية) .. وكفى.
▪️بيد أن هذه السيرة والعبرة من الرحيل المفاجئ لعوض بابكر تدعونا للتفكير مرة اخرى: هل نحن مختلفون فعلا إلى حد ما لحق بهذا الوطن من دمار وخراب ؟
هل نحن فعلا منقسمون إلى هذا الحد من العداء بين يمين ويمين، ويمين ويسار؛ يسار ويسار ؟ كيزان وشيوعيين؟ إسلاميين وقحاتة !! في بلد تجد فيه زعيم الحزب الإسلامي وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي أشقاء من أب واحد وأم واحدة !!
▪️آخر مرة قابلت صديق يوسف بعد خروجه من سجون نظام البشير في أواخر مارس ٢٠١٩ قبل اعتصام القيادة باسبوع واحد، سألنا عنه في مسجد والده بعد صلاة العشاء نواحي زقاقات أمدرمان فدلونا على داره، كان سمته الصوفي يطغى على حديثه معنا عن لقائه مع الترابي قبيل وفاته و عن اتفاقهم معه على (البديل الديمقراطي).
▪️أخيراً فإن كان لي من شهادة شخصية على سيرة الفقيد فهي ليست اهمية كونه إسلاميا أو قريبا من الآخرين، مؤتمر شعبي مع علي الحاج أو أمين محمود، مؤتمر وطني مع ابراهيم محمود أو احمد هارون او غندور، أو حركة إسلامية مع علي كرتي، المهم إنه لم يكن يريد لهذا الوطن أن يتدمر بأيدي ابنائه، فهل نحن معتبرون !!
رحمة الله تغشاك يا عوض بابكر ..
والعفو والعافية .. يا محمد عوض بابكر.
#إنا_لله_وإنا_إليه_راجعون
راشد دياب
إنضم لقناة النيلين على واتساب