أحمد السلماني

 

وصلتني دعوة كريمة لحضور ملتقى "معًا نتقدم"، للمُشاركة في لقاءٍ يهدف إلى تعزيز الحوار في قطاع الثقافة والرياضة والشباب، بحضور أمير الشباب، صاحب السُّمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، وبمعيته وكلاء الوزارة، سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل الوزارة للثقافة، وسعادة باسل بن أحمد الرواس وكيل الوزارة للرياضة والشباب.

عُقد هذا الملتقى في إطار الحرص السامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- على تعزيز جسور التواصل بين الحكومة والمجتمع، والاستماع إلى آراء المواطنين ومقترحاتهم وتطلعاتهم في مختلف المجالات. وقد تبنّت الأمانة العامة لمجلس الوزراء تنظيم هذا الملتقى بشكلٍ سنوي، ليكون منصةً تفاعليةً تُسهم في تحقيق مبدأ الشفافية والمشاركة بين الحكومة والمجتمع، وترسّخ الثقة المتبادلة من خلال فتح المجال أمام مختلف الشرائح للتعبير عن آرائها ومشاركة اهتماماتها.

وقد شهد الملتقى حضورًا غفيرًا، غالبيته من الشباب، الذين كانوا على موعد مع حوارٍ مفتوحٍ مع الوزير، بأسلوبٍ عفويٍّ وبسيط. استعرض سُّموه، بإيجازٍ، ما أنجزته الوزارة خلال الفترة الماضية، وبشّر بالمزيد في المستقبل القريب، مؤكّدًا أن العمل مستمرٌّ لتحقيق طموحات الشباب.

تميز اللقاء بأسلوب إدارته، حيث كان سُّموه حاضر الذهن، رحب الصدر، متفاعلًا مع الجميع دون حواجز أو حدود، معتمدًا على لغةٍ قريبةٍ من القلب، لا تخلو من الطرفة والدعابة، وممزوجة باللهجة العمانية، الأمر الذي جعل التفاعل بينه وبين الحضور عميقًا وصادقًا.

كان هناك قاسمٌ مشتركٌ في ردود سموه على مداخلات الشباب، فقد جاءت الإجابة على كل استفسارٍ أو مطلبٍ بعبارةٍ واحدة: "أبشر". لم يكن ذلك مجرد تعبيرٍ بروتوكولي؛ بل وعدًا يعكس التزامًا جادًا بتحقيق ما يمكن تحقيقه من تطلعات الشباب.

المثير للإعجاب أنَّ الجلسة تجاوزت وقتها المحدد، إلا أن سُّموه وجّه بمواصلتها، نظرًا لكثافة التفاعل وروح الحوار الإيجابية التي غلبت عليها. كلمات الوزير لم تكن مجرد عباراتٍ عابرة، بل حفرت مكانًا عميقًا في قلوب الشباب، حيث تحدث من القلب إلى القلب، فأصغى له الجميع بشغفٍ، وشعروا بصدق التزامه بقضاياهم.

ومن منطلق هذا التفاعل الكبير، وجّه سموه طلبًا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بجعل هذا الملتقى نصف سنويٍّ بدلا من سنويّ، حتى تكون هناك فرصةٌ أكبر لمتابعة المستجدات والاستجابة لتطلعات الشباب بصورةٍ أسرع وأكثر فاعلية.

ما لفت انتباهي خلال الملتقى هو الإلمام العميق لسموه بأدق تفاصيل وزارته، رغم مسؤولياته الأخرى. لم يكن يكتفي بالاستماع، بل قدّم حلولًا وتوجيهاتٍ فورية، حتى للقضايا التي لم تكن ضمن اختصاص وزارته، ووعد بالسعي لحلّها أو تسهيل الأمور المتعلقة بها، كما كان يُعطي أركانه المساحة الكاملة للرد كونهما قريبين جدا من القطاعات وما تحتاجه.

النقطة الجوهرية التي ظهرت في النقاش أن الوزارة لا تزال بانتظار إقرار التحديثات المقترحة في استراتيجية تطوير قطاعات الثقافة والرياضة والشباب، وخاصةً الرياضية منها؛ فبمجرد اعتمادها، ستبدأ مرحلة التنفيذ بالتعاون مع مختلف المؤسسات الرياضية، من اتحاداتٍ ولجانٍ وأنديةٍ، مما سيمنح القطاع الرياضي دفعًا قويًا نحو آفاقٍ جديدة.

الملفت في الحوار أن كثيرًا من المشاريع والمبادرات التي طرحها الشباب كانت قد أُنجزت بالفعل أو في مراحلها الأخيرة، لكن ضعف التغطية الإعلامية حال دون وصولها إلى الجمهور. وهنا يظهر بعض القصور في إعلام الوزارة والإعلام الرياضي بشكلٍ عام، الذي لا يزال يعتمد على نمطية النشر التقليدية.

رغم الأجواء الإيجابية، فإنَّ التحديات المالية لا تزال تُلقي بظلالها على الأندية، التي تواجه صعوباتٍ كبيرةً في تأمين مواردها؛ فالتكلفة تضاعفت، وما كان يُنجز بالأمس بريال، يحتاج اليوم إلى عشرة، بينما الدعم المقدم للأندية لا يعكس هذه المتغيرات، مما يجعل كثيرًا منها يئن ويتداعى تحت وطأة الأعباء المالية.

الأندية باتت في معظمها فرق كرة قدم فقط، بينما جُمدت العديد من الرياضات الأخرى، وحتى بعض فرق كرة القدم اختفت تمامًا، مما يطرح تساؤلًا حول سبب منح جميع الأندية دعمًا سنويًا موحّدًا، في حين أن بعض الأندية تفعل 11 رياضةً مختلفة، إضافةً إلى الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية، بينما أندية أخرى لا تقدم سوى الحد الأدنى من الأنشطة.

الحوكمة كانت كذلك ضمن النقاشات، حيث تُعدّ خطوةً إيجابيةً في ضبط المسار الإداري، لكنها تصبح بلا جدوى ما لم تتوافر للأندية الموارد المالية الكافية التي تساعدها على تنفيذ خططها وتحقيق أهدافها، خاصةً في ظل الدعم الحالي الذي لا يغطي سوى جزءٍ بسيطٍ مما تحتاجه الأندية سنويًا.

ما خرجتُ به من هذا الملتقى أن هناك إرادةً حقيقيةً لإحداث تغييرٍ إيجابي؛ سواء من خلال الحوار المفتوح، أو القرارات التي بدأ العمل بها، أو الاستعداد لمواجهة التحديات. سمو السيد ذي يزن لم يكن مجرد مُستمع، بل كان حاضرًا بكل وعيه، متفاعلًا مع كل صغيرةٍ وكبيرة، مما أعطى انطباعًا قويًا بأننا قد نكون بالفعل على أعتاب مرحلةٍ جديدة في قطاع الثقافة والرياضة والشباب، مرحلةٍ يُبنى فيها القرار على الحوار والتفاعل المباشر، لا على التقارير والاجتماعات المغلقة.

إن كان لكل لقاءٍ عنوانٌ، فإن عنوان هذا اللقاء كان بلا شك: "أبشر"، ونحن نقول "الله يبشرك بالسعد في الدنيا والآخرة".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير الشباب والرياضة في ملتقى حواري مع الكيانات الشبابية - صور

التقى الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والمهندس أيمن عطية محافظ القليوبية، بمجموعة من شباب الكيانات الشبابية بالمحافظة، في لقاء حواري موسّع أقيم على مسرح المحافظة، بحضور عدد من قيادات الوزارة والمحافظة، وعدد من ممثلي الكيانات الشبابية المختلفة.

جاء اللقاء في إطار سياسة وزارة الشباب والرياضة لتعزيز التواصل المباشر مع الشباب، وفتح قنوات الحوار الفعّال معهم، والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم حول القضايا المختلفة التي تمس واقعهم وطموحاتهم.

وتضمن اللقاء مناقشات حوارية مثمرة تناولت عددًا من الموضوعات، من بينها تطوير المنشآت الشبابية والرياضية، وتوسيع قاعدة المشاركة في الأنشطة والمبادرات، ودور الكيانات الشبابية في بناء الوعي الوطني، بالإضافة إلى مناقشة فرص التدريب والتأهيل لسوق العمل، وتفعيل العمل التطوعي والمجتمعي.

وخلال كلمته، أكد الدكتور أشرف صبحي أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بشباب الكيانات والمبادرات الشبابية، لما لهم من دور محوري في صياغة مستقبل الوطن، مشيرًا إلى أن اللقاءات المباشرة مع الشباب في المحافظات تمثل أداة رئيسية في تقييم الأداء وتطوير الخطط بما يتماشى مع احتياجات الشباب على أرض الواقع.

كما شدد الوزير على أهمية استغلال الطاقات الإبداعية لشباب مصر في خدمة المجتمع، وتعزيز مفهوم ريادة الأعمال والعمل الحر، مشيرًا إلى أن الوزارة توفر مجموعة واسعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب على جميع المستويات.

ومن جانبه، أعرب المهندس ايمن عطية عن سعادته باللقاء الذي يعكس روح التعاون بين الدولة وشبابها، مؤكدًا أن المحافظة على استعداد دائم لدعم كافة المبادرات الشبابية، وتوفير المناخ الملائم لنموها ونجاحها، مشيرًا إلى أن شباب القليوبية يتمتعون بقدرات واعدة يجب الاستثمار فيها.

واختُتم اللقاء بمجموعة من التوصيات التي تم تسجيلها من قبل فريق عمل الوزارة والمحافظة، تمهيدًا لدراستها وتطبيق الممكن منها على أرض الواقع، وذلك في إطار سعي الدولة لتعزيز مشاركة الشباب في التنمية الشاملة وبناء الجمهورية الجديدة.

وزير الشباب IMG-20250515-WA0022 IMG-20250515-WA0016 IMG-20250515-WA0021 IMG-20250515-WA0017 IMG-20250515-WA0009 IMG-20250515-WA0008

مقالات مشابهة

  • «الموارد البشرية» توقّع عددًا من الشراكات الاستراتيجية خلال ملتقى التحوّل الرقمي في الشرقية
  • نائب محافظ بورسعيد يشهد إنطلاق الملتقى الثاني لمؤتمر مكافحة الهجرة غير الشرعية
  • بعد انقضاء المهلة التي منحتها.. وزارة الاتصالات تنفذ حملة ميدانية لمصادرة معدات “ستارلينك” المحظورة
  • القليوبية تفتح أبواب الأمل لشبابها بملتقى «توظيف مصر» برعاية وزير الرياضة والمحافظ
  • وزير الشباب والرياضة في ملتقى حواري مع الكيانات الشبابية - صور
  • وزارة الرياضة و الشباب: رفع العقوبات سيمهد لمرحلة جديدة من التعاون المثمر ويعجل في حركة التطور الرياضي
  • بورسعيد تستضيف ملتقى لمواجهة الهجرة غير الشرعية وتأهيل الشباب لسوق العمل
  • وزير الرياضة: الحوار مع الشباب يساعد على صياغة السياسات وتنمية المواهب
  • وزارة ثقافة الدبيبة: على الأطفال والشباب عدم الاقتراب من أماكن المخلفات أو لمسها  
  • وفاة السيّدة نهاد الشامي