سؤال مزعج في دراما ترامب وبوتين
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
تثير الدراما الجارية بين الرئيس ترامب والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي واحدا من أكثر الأسئلة التي صادفتني إزعاجا على الإطلاق بشأن بلدي: ترى هل الذي يقودنا شخص يخدعه فلاديمير بوتين، شخص مستعد لقبول وجهة نظر الرئيس الروسي المشوهة كاملةً بشأن الطرف الذي بدأ الحرب في أوكرانيا وكيفية إنهائها؟ أو أن الذي يقودنا زعيم عصابة مافيا متلهف على مقاسمة الأرض مع روسيا بمثل ما تعمل عائلات الإجرام؟ فـ«أنا آخذ جرين لاند، وأنت تأخذ القرم، وأنا آخذ بنما وأنت تأخذ نفط القطب الشمالي.
في كلتا الحالتين يا إخوتي في أمريكا ويا أصدقاءنا في الخارج، وعلى مدى السنوات الأربع القادمة، فإن أمريكا التي تعرفونها انتهت. والقيم الأساسية والحلفاء والحقائق التي كان يمكن الوثوق دائما في أن أمريكا سوف تدافع عنها أصبحت الآن موضع شك، أو مطروحة للبيع، وليس الأمر أن تفكير ترامب يأتي من خارج الصندوق، ولكن أنه يفكر دونما صندوق، ودونما أدنى إخلاص للحقيقة أو الأعراف التي كانت تحرك أمريكا في الماضي.
وليس بوسعي أن ألوم أصدقاءنا التقليديين على ارتباكهم. واقرؤوا المقالة الحزينة التي نشرها الأسبوع الماضي المنشق السوفييتي البطل المقاتل من أجل الحرية ناتان شارانسكي:
«حينما سمعت كلمات الرئيس دونالد ترامب وهو على أرض المطار، إذ وجه اللوم للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي على بدء الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا، كانت صدمة هائلة». ومضى شارانسكي يقول فيما كتبه لـ«ذي فري بريس» إن «ترامب في ما يبدو قد تبنى خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وانتهج نهج الكرملين الذي بدا دعائيا على الطريقة السوفييتية، إذ قال إن زيلينسكي ليس قائدا شرعيا. وحينما يصدر هذا عن بوتين، وهو حاكم روسيا الأبدي فيما يبدو، يكون القول مضحكا، ولكن حينما يصدر عن رئيس الولايات المتحدة، يكون نذيرا، ومأساة، وغير موافق للمنطق السليم».
هذا تفسير حميد لترامب ـ إنه مفتون ببوتين، القومي المسيحي الروسي، المناهض لسياسات الصحوة التقدمية، فلا يطبق المنطق السليم الذي وعد به. لكن هناك تفسير آخر أيضا: هو أن ترامب لا يرى القوة الأمريكية بمقام سلاح الفرسان القادم لإنقاذ الضعفاء الساعين إلى التحرر ممن يسعون إلى سحقهم. ولكنه يرى أمريكا قادمة لابتزاز الضعفاء، فهو يدير الحماية بالأجر.
وتأملوا هذه الفقرة المذهلة من مقال في صحيفة وول ستريت جورنال عن الاجتماع الأخير لوزير الخزانة سكوت بيسنت في كييف مع زيلينسكي. قدم بيسنت لزيلينسكي عرضا لا يمكن رفضه: أن يمنح حقوق التعدين لأمريكا في أوكرانيا، لمعادن تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، تعويضا عن المساعدات الأمريكية.
كان ذلك مشهدا مأخوذا مباشرة من فيلم «العراب»: «دفع بيسنت ورقة على الطاولة، مطالبا زيلينسكي بالتوقيع عليها... ألقى زيلينسكي نظرة سريعة على الورقة وقال إنه سيناقشها مع فريقه. فدفع بيسنت الورقة مقربا إياها أكثر من زيلينسكي. وقال وزير الخزانة «بل يجب عليك حقا التوقيع على هذا». وقد قيل لزيلينسكي ـ حسبما قال ـ إن «الجماعة في واشنطن» سوف يستاؤون كثيرا إذا لم يفعل ذلك. وقال الزعيم الأوكراني إنه أخذ الوثيقة لكنه لم يلتزم بالتوقيع عليها.
تبين لكم هذه القصة بأكملها، مرة أخرى، ماذا يمكن أن يحدث عندما لا يكون ترامب محاطا بالمصدات وإنما بمكبرات صوت فقط. من المؤكد أن بيسنت، وهو مستثمر ذكي، كان يعلم أن رئيس أوكرانيا لا يمكن أن يوقع ببساطة على ورقة تمنح مئات المليارات من حقوق التعدين دون مراجعة قانونيه أو برلمانه أو شعبه. لكن وزير الخزانة شعر أن عليه تنفيذ أوامر ترامب، مهما يكن مدى فظاعتها أو عبثيتها. ولو أن الرئيس يريد إفراغ غزة وتحويلها إلى كازينو، فهذا ما عليك أن تبيعه. وابتزاز أوكرانيا في أثناء الحرب؟ هذا ما تفعله.
كان ينبغي لرئيس جاد للولايات المتحدة أن يعرف أن بوتين يلعب بورق ضعيف للغاية علينا أن نستغله، فكما أشارت مجلة إيكونوميست الأسبوع الماضي، فإن معظم «مكاسب» روسيا تحققت في الأسابيع الأولى من الحرب. في أبريل 2022، بعد انسحاب روسيا من شمال أوكرانيا، كانت تسيطر على 19.6% من الأراضي الأوكرانية، وربما كانت خسائرها (من القتلى والجرحى) 20 ألفا. و«اليوم تحتل روسيا 19.2% من الأراضي، وخسائرها ثمانمائة ألف قتيل، بحسب مصادر بريطانية...وأكثر من نصف الدبابات التي كانت روسيا تحتفظ بها في المخازن وبلغ عددها 7300 دبابة قد اختفت. ومن البقية الباقية، لا يمكن إصلاح إلا 500 دبابة بسرعة. وبحلول أبريل، قد تنفد من روسيا دبابات تي-80. وفي العام الماضي، خسرت روسيا ضعف عدد أنظمة المدفعية التي خسرتها في العامين السابقين...وقد أدت إعادة تخصيص الموارد من القطاعات الإنتاجية إلى المجمع العسكري إلى زيادة التضخم إلى رقمين، وأسعار الفائدة بلغت 21%». لو كان هذا في لعبة بوكر، فإن بوتين يحمل اثنتين من بطاقات الاثنين ويخدع مراهنا بكل شيء. وبدلا من أن يفضح ترامب خدعة بوتين، فإنه يقول: «أعتقد أنني سأستسلم».
وبدلا من حشد كل حلفائنا الأوروبيين، ومضاعفة الضغوط العسكرية على بوتين وتقديم عرض للزعيم الروسي «لا يستطيع رفضه»، فعل ترامب النقيض بالضبط. ففرق بيننا وبين حلفائنا في الأمم المتحدة برفضه الانضمام إليهم في قرار يدين العدوان الروسي في أوكرانيا ـ مصوتا مع أمثال كوريا الشمالية - وبدأ حملة مليئة بالأكاذيب لنزع الشرعية عن زيلينسكي، وليس بوتين.
وفضلا عن الزعم الزائف بأن أوكرانيا هي التي بدأت الحرب، أعلن ترامب أن شعبية زيلينسكي تبلغ 4٪ (في حين أن تصنيف شعبيته يبلغ 57٪، أي أنه أعلى من ترامب بـ 13 نقطة) وأن زيلينسكي «دكتاتور» ويجب أن يخضع للانتخابات. وفي الوقت نفسه، أعطى إجازة كاملة لبوتين - الذي حكم على أكبر منافس له على الرئاسة، أليكسي نافالني، بإجمالي ثمانية وعشرين عاما في جحيم بالقطب الشمالي مات فيه ميتة غامضة.
يبدو أن زيلينسكي يشعر بأنه لا خيار لديه إلا التوقيع على صفقة المعادن السخيفة، برغم أن ترامب يطالب بثلاثة أو أربعة أمثال قرابة الـ120 مليار دولار التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا في شكل مساعدات عسكرية وإنسانية وغيرها من المساعدات المالية، فاستخدمها الأوكرانيون للقتال حماية للغرب من المعتدي الروسي.
ببساطة، الأمر برمته مخزٍ. فالواقع هو أن ترامب يسعى إلى تحقيق ربح من الأوكرانيين من وراء غزو بوتين لأوكرانيا، ولا يطالب بوتين بتعويضات أو يعد بأي حماية أمريكية مستقبلية لكييف. وكما أوضح البيت الأبيض، «لن تكون هذه الاتفاقية الاقتصادية مع أوكرانيا ضمانة لمساعدات مستقبلية للحرب، ولن تشمل أي التزام من جانب أفراد الولايات المتحدة في المنطقة».
ولا أجد أي غضاضة في أن تطلب أمريكا لشركاتنا استثمارات في الموارد الطبيعية في أوكرانيا «بعد الحرب»، على سبيل الشكر على مساعدتنا. ولكن القيام بذلك الآن، وبلا ضمانات أمنية في المقابل؟ كان «دون كورليوني» ليشعر بالحرج إذا طلب ذلك، خلافا لـ«ترامب».يخطئ ترامب تماما في فهم بوتين. فهو يعتقد أن بوتين لا يحتاج إلا إلى القليل من الاهتمام الإيجابي، والقليل من التفهم، والقليل من الاهتمام باحتياجاته الأمنية ـ وعناق! ـ وسوف يوقع على السلام الذي يرغب فيه ترامب بشدة. وهذا هراء. وكما قال لي ليون آرون، المتخصص في الشؤون الروسية، مؤلف كتاب «امتطاء النمر: روسيا فلاديمير بوتين واستخدامات الحرب» الشهير: بوتين لا يبحث عن «السلام في أوكرانيا. إنما يبحث عن النصر في أوكرانيا» ـ لأنه بدون تحقيق نصر، «يصبح عرضة للخطر في الداخل. وسوف تفعل الديمقراطيات الرأسمالية أي شيء من أجل السلام، وسوف يفعل بوتين أي شيء من أجل النصر، ونحن بحاجة إلى تغيير هذا».
وطريقة تحقيق ذلك، كما أضاف آرون، هي إشارة إلى بوتين بأن الحلفاء الغربيين سوف يرون رهانه ويزيدون عليه، بدلا من «تشويه سمعة أمة بطولية» تقاتل من أجل الحفاظ على أوروبا موحدة وحرة.
علينا أن ندعم الأوكرانيين للحصول على أفضل صفقة ممكنة. وأرجح الاحتمالات أن تتضمن هذه الصفقة وقف إطلاق النار، في مقابل الاعتراف بسيطرة بوتين الفعلية على أجزاء من شرق أوكرانيا، وتعطيل مسألة عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، ورفع العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، ولكن فور تسريح روسيا جيشها الهجومي من الأراضي الأوكرانية. وفي المقابل، على بوتين أن يقبل بقوات حفظ سلام أوروبية، ومنطقة حظر جوي فوق أوكرانيا حرة وذات سيادة، بدعم من الولايات المتحدة لضمان عدم قدرة جيش بوتين على العودة، فضلا عن عدم تدخل روسيا في عملية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
ومن المهم للغاية أن تصر الولايات المتحدة على السماح لأوكرانيا بدخول الاتحاد الأوروبي ـ وهي عملية تفاوض تجريها كييف الآن. فأنا أريد أن ينظر الروس إلى أوكرانيا كل يوم فيروا بلدا ديمقراطيا سلافيا مزدهرا قائما على السوق الحرة فيسألوا أنفسهم لماذا يعيشون في ظل حكم بوتين السلافي. ففي رأيي أن هذه الحرب كلها لم تكن تدور حول إبعاد بوتين لأوكرانيا عن حلف شمال الأطلسي. فأوكرانيا المنتمية إلى الاتحاد الأوروبي هي التي يخشاها بوتين حقا.
وقد أشار لي أحد علماء الشؤون الدولية الروس من موسكو ـ بشرط عدم الإفصاح عن هويته ـ إلى أن فريق بوتين ينظر إلى فريق ترامب باعتباره عربة مهرجين مليئة بالهواة وأنهم صيد سهل للهدف النهائي الذي يسعى إليه بوتين الذكي الساخر وهو: «إعادة روسيا إلى عظمتها والنيل مرة أخرة من عظمة أمريكا». وأضاف أن هدف بوتين بعيد المدى هو إدارة تراجع الهيمنة الأمريكية بحيث تصبح أمريكا «محض واحد من قوى عظمى متماثلة»، تركز على نصف الكرة الغربي وتنسحب عسكريا من أوروبا وآسيا. ويرى بوتين أن ترامب هو أداته الصريحة «لإدارة هذا التراجع الحتمي».
فهل يستيقظ ترامب وأعضاء الحزب الجمهوري الذي يتلاعب به وينتبهوا إلى هذا؟ ربما، بعد فوات الأوان.
توماس فريدمان كتاب عمود رأي في نيويورك تايمز ومؤلف كتاب «من بيروت إلى القدس».
خدمة نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی أوکرانیا أن ترامب من أجل
إقرأ أيضاً:
تركيا تقترح استضافة قمة بين ترامب وبوتين وزيلينسكي .. والكرملين يرفض
كييف موسكو "ةكالات": اقترحت تركيا الجمعة استضافة قمة تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيريه الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأمريكي دونالد ترامب، في إطار سعيها للتوسط في اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير أن الكرملين سارع إلى رفض هذه الدعوة.
وجاء ذلك فيما أعلنت موسكو أنّها سترسل مفاوضين إلى اسطنبول لإجراء جولة ثانية من المحادثات المباشرة مع أوكرانيا الإثنين، على رغم أن كييف لم تؤكد حضورها بعد.
ويعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي حافظ على علاقات جيدة مع كل من كييف وموسكو، وسيطا رئيسيا في الجهود التفاوضية في ظل سعي ترامب للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب التي بدأت بالغزو الروسي قبل أكثر من ثلاث سنوات.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال زيارة كييف الجمعة "نعتقد بصدق أنّه من الممكن أن تتوّج محادثات اسطنبول الأولى والثانية باجتماع بين ترامب وبوتين وزيلينسكي، بقيادة إردوغان".
لكن موسكو رفضت عقد لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي ما لم يسبقه تحقيق "نتائج" في المباحثات، بحسب المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف.
والتقى فيدان نظيره الأوكراني أندريه سيبيغا في كييف، كما من المتوقع أن يلتقي زيلينسكي في وقت لاحق.
وكان قد أجرى محادثات مع بوتين في موسكو في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وأعلنت أوكرانيا أنها منفتحة على إجراء المزيد من المفاوضات، ولكنها لم تؤكد كييف بعد ما إذا كانت سترسل وفدا إلى اسطنبول للمشاركة في المحادثات الإثنين.
وتطلب أوكرانيا من روسيا إطلاعها مسبقا على شروطها للسلام التي ضمّنتها في "مذكرة" قالت موسكو إنّها لن تسلّمها للوفد الأوكراني إلا خلال المحادثات المقبلة.
"تجاهل الدبلوماسية"
ومنذ أكثر من شهرين، تدعو أوكرانيا روسيا إلى الموافقة على وقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار لمدة ثلاثين يوما، الأمر الذي اقترحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البداية.
غير أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض مرارا هذه الدعوات، رغم الضغوط التي مارستها واشنطن وأوروبا، في وقت كثّف الجيش الروسي هجماته وأحرز تقدّما في شرق أوكرانيا.
وقال بوتين إنّ وقف إطلاق النار ممكن نتيجة للمفاوضات، مشددا على أنّ المحادثات يجب أن تركّز على "الأسباب الجذرية" للحرب.
وتطالب روسيا أوكرانيا بالتخلّي عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والتنازل لها عن المناطق الخمس التي تقول إنّها ضمّتها.
غير أنّ أوكرانيا تؤكد أنّ هذه الشروط غير مقبولة، معتبرة أنّ الكرملين لا يريد السلام ولا الهدنة، ويحاول فقط كسب الوقت لمواصلة هجومه بينما تستمرّ قواته في إحراز تقدّم على الجبهة في أوكرانيا.
وقتل عشرات آلاف الأشخاص وتعرّض الجزء الأكبر من شرق أوكرانيا وجنوبها لدمار كبير فيما بات الجيش الروسي يسيطر على نحو خُمس الأراضي الأوكراني، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.
من جهته، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ يشعر باستياء متزايد بسبب عدم توصّل زيلينسكي وبوتين إلى اتفاق حتى الآن.
وفي اجتماع لمجلس الأمن الدولي عُقد الخميس، كرّر دبلوماسي أميركي التأكيد أنّ واشنطن قد تنسحب من جهود السلام.
وقال جون كيلي خلال الاجتماع الذي ضمّ مبعوثين روس وأوكرانيين "إذا اتخذت روسيا القرار الخاطئ بمواصلة هذه الحرب الكارثية، ستضطر الولايات المتحدة إلى التفكير في الانسحاب من جهودنا التفاوضية لإنهاء هذا الصراع".
ورغم أنّ الجانبين عقدا أول محادثات سلام بينهما منذ أكثر من ثلاث سنوات، لا يبدو أنهما قريبان من التوصل إلى اتفاق يضع حدا للحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات والتي بدأت في فبراير 2022.
وفي المفاوضات التي جرت في 16 مايو في اسطنبول، قالت أوكرانيا إنّ روسيا هدّدت بتسريع هجومها البري على مناطق جديدة، كما قدّمت مجموعة من المطالب المتشدّدة، من بينها تنازل كييف عن الأراضي التي استحوذت عليها موسكو.
من جهتها، طالبت كييف أولا بالموافقة على وقف القتال للسماح بإجراء محادثات بشأن تسوية طويلة الأمد.
وتطالب أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون، ترامب بفرض عقوبات جديدة على موسكو، وهي خطوة لم يتخذها الرئيس الأمريكي حتى الآن.
وقال زيلينسكي على وسائل التواصل الاجتماعي الجمعة "يُنظر في موسكو إلى المحادثات بشأن خفض الضغوط أو تخفيف العقوبات، على أنها انتصار سياسي، ولا تؤدي إلا إلى تشجيع المزيد من الهجمات والاستمرار في تجاهل الدبلوماسية".
السيطرة على 3 بلدات
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم سيطرة قواتها على ثلاث بلدات جديدة في شرق أوكرانيا. وأكدت الوزارة، في بيان، بأن وحدات من قواتها العسكرية تمكنت من السيطرة على بلدتي "شيفتشينكو بيرفوي" و"غناتوفكا" بمقاطعة دونيتسك، وبلدة "ستروييفكا" في مقاطعة خاركوف. وأشارت إلى أنها كبدت القوات الأوكرانية خسائر كبيرة بلغت 240 عسكريًّا بين جريح وقتيل، وأربع مركبات، وثلاثة مدافع، مضيفة أنه جرى تدمير محطتين للحرب الإلكترونية ومحطة استطلاع إلكترونية. تجدر الإشارة إلى أن الأنباء الصادرة عن البلدين تتضارب حول المعطيات الميدانية، دون إمكانية التحقق من تلك المعطيات من مصدر مستقل، نظرًا لظروف الحرب والمعارك المستمرة منذ فبراير 2022.
وقال مسؤولون أوكرانيون اليوم إن القوات الروسية شنت هجوما بطائرات مسيرة خلال الليل استهدف بلدة أوكرانية على الحدود مع رومانيا العضو في حلف شمال الأطلسي.
واستهدف الهجوم بلدة إسماعيل، أكبر موانئ أوكرانيا على نهر الدانوب، وهو ميناء مهم للواردات الحيوية ويقع على الجانب الآخر من النهر من رومانيا.
وقال الحاكم الإقليمي أوليه كيبر إن فرعا لمكتب البريد دُمر في هجوم الطائرات المسيرة. ولم يذكر وقوع إصابات.
ولم تتمكن رويترز من التحقق من التقرير بشكل مستقل. ولم يصدر تعليق بعد من روسيا.
قلق روسيا مشروع
قال كيث كيلوج مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أوكرانيا إن قلق روسيا بشأن توسع حلف شمال الأطلسي شرقا مشروع، وإن الولايات المتحدة لا تريد أوكرانيا في التحالف العسكري الذي تقوده.
وردا على سؤال لشبكة (إيه.بي.سي نيوز) الأمريكية حول تقرير نشرته رويترز عن أن روسيا تريد تعهدا مكتوبا بشأن عدم توسع حلف شمال الأطلسي شرقا ليشمل أوكرانيا وغيرها من الجمهوريات السوفيتية السابقة، قال كيلوج "هذا قلق مشروع".
وأضاف في تصريح للشبكة الإخبارية ذاتها في وقت متأخر من الخميس "قلنا إنه بالنسبة لنا، فإن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي ليس مطروحا على الطاولة، ولسنا الدولة الوحيدة التي تقول ذلك، كما تعلمون يمكنني أن أذكر أربع دول أخرى في حلف شمال الأطلسي ويحتاج الأمر لموافقة 32 دولة من أصل 32 للسماح بالانضمام إلى الحلف.. هذه واحدة من القضايا التي ستثيرها روسيا".
وأوضح "إنهم لا يتحدثون فقط عن أوكرانيا، إنهم يتحدثون عن دولة جورجيا، إنهم يتحدثون عن مولدوفا"، مضيفا أن القرار بشأن وجهة نظر الولايات المتحدة حول توسع حلف شمال الأطلسي يعود إلى ترامب.
وقال كيلوج إن تسلسل محادثات السلام سيشمل محاولة دمج المذكرتين اللتين صاغتهما أوكرانيا وروسيا في وثيقة واحدة خلال المحادثات في تركيا الاثنين.
وتابع "عندما نصل إلى إسطنبول الأسبوع المقبل سنجلس ونتحدث"، مضيفا أن مستشاري الأمن القومي من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا سينضمون إلى المحادثات حول الوثيقة مع الولايات المتحدة.
وقال كيلوج إن ترامب "محبط" من روسيا لأنه رأى "مستوى من اللاعقلانية" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووبخ روسيا لضربها المدن الأوكرانية وقال إنه طلب من أوكرانيا أن تحضر المحادثات.
وقال كيلوج إن التقديرات غير النهائية لعدد القتلى والجرحى في الحرب الأوكرانية، من كلا الجانبين مجتمعين، تبلغ 1.2 مليون شخص.
وأضاف لشبكة (إيه.بي.سي) "هذا رقم مهول".
إعتراض مركبة تجنيد
اعترض نحو 100 شخص مركبة تجنيد وثقبوا إطاراتها بمدينة كاميانيتس بوديلسكيي غربي أوكرانيا، وفقا لتقارير رسمية صدرت في ساعة متأخرة الخميس.
وقال مكتب التسجيل والتجنيد العسكري في منطقة خميلنيتسكي إن "أفعال المواطنين أبدت علامات على المقاومة المنظمة".
وأضاف أنه لم تتم السيطرة على الموقف إلا بمساعدة الشرطة والجيش.
وهددت السلطات المتورطين بمحاكتهم بتهمة الخيانة العظمى، من بين تهم أخرى، على خلفية مهاجمة أفراد بالجيش في ظل الأحكام العرفية.
وأظهرت مقاطع مصورة حشدا غاضبا في منطقة سكنية، كان بعضهم يضرب المركبة. وقبل ذلك أشارت تقارير إلى أن أفراد الجيش سحبوا شابا على الأرض في الشارع واقتادوه إلى السيارة. وهرع عدة مارة لمساعدة الرجل، مما تسبب في تصعيد الموقف.
وتزايدت تقارير في الأسابيع القليلة الماضية بشأن الهجمات، التي أحيانا ما تكون عنيفة، ضد موظفي مكاتب التجنيد.
يشار إلى أن حرس الحدود الأوكراني تمكن من منع أكثر من 20 ألف مجند من الفرار، منذ بدء الحرب في شهر فبراير عام 2022.
وقررت أوكرانيا السماح لبعض السجناء بالتطوع في الخدمة العسكرية، في ظل النقص في عدد الجنود الواجب توفرهم للتصدي للغزو.
)