لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا سلطت خلاله الضوء عن مدى استفادة النظام المصري من إطالة أمد الصراع في غزة، العامل الذي يجعله يتراخى في البحث عن سبل حله.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الطبيعة العسكرية العميقة للنظام المصري ظلت قائمة منذ سنة 1952، عند إطاحة جمال عبد الناصر والضباط الأحرار بالملكية البرلمانية.
وأضافت الصحيفة أن هذه الهيمنة العسكرية استمرت في عهد خلفاء ناصر، أنور السادات ثم حسني مبارك، قبل أن تهتز خلال الاضطرابات الثورية بين سنتي 2011 و2013.
وأنهى الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح السيسي الفترة الانتقالية وأعاد ترسيخ أسس النظام العسكري الذي تقوم خلاله الدائرة الرئاسية بتوزيع الامتيازات بين الجنرالات، سواء كانوا في الخدمة الفعلية أو "متقاعدين" يشغلون مناصب في القطاع الخاص. في المقابل، تتولى أجهزة المخابرات فرض رقابة شديدة على البلاد والشعب، مع هيمنة جهاز المخابرات العامة، الكيان العسكري المكلف بتنفيذ عمليات داخل مصر وخارجها.
"إيجار" غزة
وأوضحت الصحيفة أنه بمجرد عودته إلى البيت الأبيض؛ قرر دونالد ترامب تعليق جميع أشكال المساعدات الخارجية، باستثناء الدعم المقدم لإسرائيل وكذلك لمصر. ويعود الفضل في استثناء نظام السيسي من القرار إلى بند في معاهدة السلام الموقعة سنة 1979 بين إسرائيل ومصر تحت إشراف الولايات المتحدة يقضي بمنح دعم عسكري سنوي لإسرائيل يناهز حجمه ملياري دولار وثلثي هذا المبلغ لمصر.
وطيلة أكثر من أربعة عقود من الزمن، ظل الجنرالات المصريون يعتبرون أن هذا المبلغ حق مكتسب لهم رافضين تخصيص حتى جزء منه إلى تنمية البلاد. وغالبًا ما يُعاد استثمار هذا المبلغ في شراء المعدات الأمريكية، مما يتيح للقاهرة الحصول على دعم الصناعيين المعنيين في واشنطن الذي يشكلون "مجموعة ضغط".
وتشيد مجموعة الضغط هذه بمساهمة نظام السيسي في الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ سيطرة حماس عليه في حزيران/ يونيو بعد فوزها في الانتخابات2007. مع استمرار تراجع نفوذ بلاده في الأزمات الإقليمية، من ليبيا والسودان إلى اليمن تزداد العائدات التي يجنيها السيسي من استمرار الحرب في غزة.
ولهذا السبب يبالغ نظام السيسي بشأن أهمية المفاوضات المفترض تنظيمها في القاهرة، سواء بين إسرائيل وحماس أو بين الفصائل الفلسطينية. إن الحوار الفلسطيني الداخلي بشأن تسليم السلطة التي تتقلدها حماس إلى غزة متوقف منذ ستة عشر شهراً، دون الوصول إلى أي صيغة قابلة للتطبيق. في المقابل، المحادثات الجادة الوحيدة بشأن الهدنة في غزة، والتي ترتب عنها إعلان الهدنة الحالية، كانت تحت إشراف قطر.
أرباح كبيرة
وذكرت الصحيفة أن عدم فاعلية أجهزة الدولة المصرية على الرغم من الكفاءات والخبرات التي تمتلكها هو نتيجة تطبيق قرارات سياسية على أعلى مستوى. في الواقع، تسمح الأزمة الفلسطينية بإحياء المشهد الدبلوماسي والإعلامي في القاهرة، التي تراجع دورها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر الحصار المفروض على غزة فرصًا متعددة للمخابرات العسكرية وعميلها إبراهيم العرجاني، الزعيم البدوي الذي لم يكتفِ فقط بتجنيد ميليشيا كبيرة لدعم الجيش المصري في سيناء، بل يسيطر فعليًا على عمليات الدخول والخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح.
وبينت الصحيفة أنه حتى حدوث الهجوم الإسرائيلي على رفح في آيار/مايو 2024، والذي نتج عنه غلق المعبر المصري؛ تمت مطالبة كل فلسطيني يرغب في الفرار من الحرب بدفع مبالغ تصل إلى آلاف الدولارات. بالإضافة إلى ذلك، فرض العرجاني ومجموعته على الشاحنات المتجهة نحو غزة، دفع ضرائب تناهز عشرات الملايين من الدولارات شهريًا. إلى جانب ذلك، تم إنشاء شركة أمنية باسم "الأقصى"، مكلفة بحماية الشاحنات داخل قطاع غزة، بتكلفة باهظة.
وأوردت الصحيفة أن الهدنة السارية في غزة منذ 19 كانون الثاني/ يناير أدت إلى إعادة الفتح الجزئي لمعبر رفح، مما أعاد تنشيط شبكات التهريب التابعة لإبراهيم العرجاني، حيث تم فرض رسوم تصل إلى عشرين ألف دولار على كل شاحنة تجارية.
وبفضل العلاقة التي تجمعه مع محمود السيسي، نجل الرئيس ونائب رئيس جهاز المخابرات العسكرية أصبح العرجاني شخصية فوق القانون. بالإضافة إلى ذلك، تتكفل شركته "الأقصى" بتوفير المرتزقة المكلّفين بمراقبة عمليات العبور بين شمال وجنوب قطاع غزة.
وتحرص المخابرات المصرية على عدم التواجد فعليًا داخل قطاع غزة خدمة لمصالحها، بحيث يستفيد نظام السيسي من استمرار تدهور الوضع في غزة، عن طريق مواصلة ابتزاز المدنيين الذين يحاولون المغادرة وفرض الرسوم على الشاحنات التي تدخل القطاع.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن فهم الدوافع العميقة لسياسة النظام المصري في غزة أمر ضروري لتقييم مدى قدرته على التصدي لـ"رؤية" دونالد ترامب، التي تقوم على تهجير سكان قطاع غزة وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية المصري غزة العسكرية السيسي العرجاني مصر السيسي غزة العسكر العرجاني صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام السیسی الصحیفة أن قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
مدبولي: تعاون مصري أردني لمواجهة تحديات القضية الفلسطينية
قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، إن هناك تعاونا مصريا أردنيا لمواجهة تحديات القضية الفلسطينية.
وأضاف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أن جهود مصرية قطرية أمريكية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة، وندعم جهود القيادة السياسية الأردنية لحفظ الأمن والاستقرار.
وترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور جعفر حسَّان، رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية، جلسة مباحثات موسّعة ضمن أعمال الدورة الثالثة والثلاثين للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة؛ حيث تم التباحث حول آليات تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات الاقتصادية، كما تم تبادل وجهات النظر إزاء القضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك.
وحضر المباحثات من الجانب المصري كلٌ من: الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، القائم بأعمال وزير البيئة، وأحمد كجوك، وزير المالية، ومحمد جبران، وزير العمل، والسفير ايهاب فهمي، مساعد وزير الخارجية للشئون العربية، والسفير محمد سمير، سفير مصر فى الأردن، وإبراهيم السجيني، رئيس مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك، وبحضور عدد من الوزراء والمسئولين من الجانب الاردنى.
وفي بداية المباحثات، رحّب رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية بالدكتور مصطفى مدبولي والوفد المرافق له، مشيرًا إلى أن اللجنة المصرية الأردنية المشتركة تُعد أكثر اللجان المشتركة انتظامًا من حيث دورية انعقادها، وهو ما يعكس حكمة ورؤية القيادة السياسية بالبلدين الشقيقين وسعيهما الدائم لتعزيز التعاون المشترك، مُعتبرًا أن اللجنة المشتركة بين البلدين تُعد بمثابة نموذج يُحتذى به للدول العربية.
وأعرب الدكتور/ جعفر حسّان عن تقديره للدور المصري البارز في دعم القضية الفلسطينية وما تقدمه الدولة المصرية لسكان قطاع غزة من دعم على مختلف الأصعدة سياسيًا وإنسانيًا، مُعربًا عن تقديره أيضًا للجهود الحثيثة التي تبذلها مصر من أجل التوصل لوقف شامل لإطلاق النار في غزة.
وتطرق الدكتور/ جعفر حسّان إلى أنه يوجد العديد من مجالات التعاون المشتركة بين مصر والأردن مثل التجارة والنقل والسياحة وتجارة الترانزيت، فضلًا عن مجالات التعاون بين مصر والأردن والعراق ضمن آلية التعاون الثلاثي مشيرًا إلى أن هذه الآلية تحتاج إلى تفعيلها بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة.
وتطرق رئيس الوزراء الأردني إلى الاجراءات التى تقوم بها الحكومة الأردنية التي تهدف إلى تقنين وتصويب أوضاع العمالة، مؤكدًا أن هذه الإجراءات ليس هدفها تقليل العمالة المصرية.
وخلال الاجتماع، اكد رئيس وزراء الأردن، تطلع بلاده لإنشاء مدينة إدارية تضم المؤسسات الحكومية، معربا عن تطلعه للاستفادة من خبرة الشركات المصرية في ضوء خبرة مصر في انشاء العاصمة الإدارية. وفي هذا الصدد أكد الدكتور/ مصطفى مدبولي تطلعه للتعاون مع الاردن في هذا الشأن.
ووجّه الدكتور مصطفى مدبولي التهنئة مجددًا لرئيس الوزراء الأردني على توليه مهام منصبه، وطلب نقل تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إلى الملك عبدالله الثاني، العاهل الأردني، مؤكدًا عمق العلاقات الثنائية على مستوى القيادة السياسية والشعبين الشقيقين.
وأكد رئيس الوزراء المصري، خلال كلمته بجلسة المباحثات الموسعة، استمرار جهود التعاون والتنسيق بين القيادة السياسية فى القاهرة وعمّان والتكاتف من أجل مواجهة التحديات التى تواجه القضية الفلسطينية، مشيراً في هذا السياق إلى جهود التنسيق بين مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية؛ للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بجانب العمل على استضافة مؤتمر للتعافي المبكر وإعادة الإعمار بمجرد التوصل إلى هذا الاتفاق.
وفي سياق متصل، تناول الدكتور مصطفى مدبولي التحديات الإقليمية خاصة فيما يتعلق بمحاولات إسرائيل تصفية القضية الفلسطينية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.