الاستيلاء على الخرطوم أخذ عامين قبلها وهذا تخطيط يتجاوز المليشيا
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
هنالك قدر جغرافي، بني عليه خطأ سياسي واقتصادي وأمني، ألا وهو موقع (العاصمة المثلثة) .. هذا الموقع المتميز العنيد أسس للقاعدة أن من يسيطر على الخرطوم يسيطر على السودان، حتى الثورات تنطلق شرارتها في مدينة أخرى ولكن لا بد أن تسرق نخب الخرطوم شعلتها وتجعلها ثورة مغشوشة ثم ترسل للمدينة ذاتها لاحقا والية مجنونة تتحدث عن هدم السد ورفت الشريف الرضي .
هذه الحرب اعتمدت فيها المليشيا على هذا الخطأ، بل التخطيط للاستيلاء على الخرطوم أخذ عامين قبلها وهذا تخطيط يتجاوز المليشيا، بل ويتجاوز الدولة الوطنية، ويتجاوز حتى أجهزة المخابرات العالمية والاقليمية (غير الضالعة في المكر) .. لأنها لو توقعتها لحزمت أمتعتها أو استعدت .. ما حدث غدر يدرس في كتب التاريخ ويستحسن أن نتجاوز التلاوم الداخلي حوله .. لأن القصة كانت حرب احتلال واستيطان وتقسيم وتجريف ديموغرافي .. لا يضاهيه إلا وعد بلفور وسايكس بيكو .. لم يكن اطلاقا حدثا سودانيا في صراع سلطة داخلي .. يستحسن التركيز على الأساس الذي بني عليه نجاح المخطط، وهو (الخرطوم) هي التي سهلت للمليشيا ورعاتها ضربة تؤدي الى صدمة قاسية وشلل مؤقت لدولة تسيطر على 2 مليون كيلومتر مربع فيها 45 مليون مواطن وجيش عمره مئة سنة .. مخطط كاد أن يكشط قيادة جيش بكامله في نصف ساعة، والسذج يتحدثون عن رصاصة “المدينة الرياضية”!
وللمفارقة، الخرطوم أيضا هي من تسببت في دمار المليشيا لأنها انتشرت عسكريا واجراميا ولكنها لم تسيطر لأن السيطرة فيها معنى ال Governance وهي نهبت السفارات في اليوم الثاني وقدمت الدليل تلو الآخر أنها يمكن أن تكون أي شيء إلا دولة أو حتى قوة نظامية، وأن التفاوض مع الدولة الوطنية هو المخرج الوحيد لرعاة المخطط، بمعنى أن (الخرطوم) فضحت المليشيا ومن وراءها.
الآن الحرب ستنتهي بسقوط المليشيا في الخرطوم عسكريا .. ولكن هذه الحرب جائت لصياغة سودان جديد .. يتفادى خطأ (الخرطوم) .. وقد قطعنا نصف الشوط عمليا .. واستطاعت مدن السودان القيام بالأمر على صعوبته .. نعم صحيح صارت بورتسودان عروس السودان كله وليس عروس البحر الأحمر فقط، ولكن كل المدن ساهمت .. أنظروا الى صمود الأبيض حولين كاملين بحليب الشجاعة .. حتى فطمها دخول الصياد وصارت سودانا مصغرا، وصارت الهجانة جيشا مصغرا.
ان ميرم واحدة من ميارم الفاشر ذات وجه صبوح رفعت سكينا في وجه الغاصب، أعادت صولجان علي دينار المفقود الذي سرقه الانجليز.
مدن السودان كلها تساهم الآن في تحرير الخرطوم من عبئها التاريخي.
في هذا السياق .. ركزوا على الخطأ السوداني في التركيز على الخرطوم وكيف قاد هذا الخطأ للحرب وكان هو ذاته سبب فشل المليشيا ونهاية الحرب، فكروا كيف ستقودنا المحنة لنهضة مدن وحواضر السودان كله .. ركزوا على هذا ولا تنشغلوا بالرشوة التي نالها وليم روتو من لئام العرب لفتح قاعة يوقع فيها قائد ثاني المليشيا مع قفطان يدعوه الناس “قائد ثاني زوجته” على دفتر السقوط الذي يشبههم ويشبه حقارتهم ولا يشبه الشعب السوداني .. نعم صحيح .. تليق بكم العلمانية .. فالخبيث يركمه الله على بعضه!
مكي المغربي
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: على الخرطوم
إقرأ أيضاً:
«الأغذية العالمي»: جنوب الخرطوم يعاني الجوع والعوز واليأس
أحمد مراد (جنيف، أبوظبي)
أخبار ذات صلةذكر برنامج الأغذية العالمي، أمس، أن عدة مناطق جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم عُرضة لخطر المجاعة، إذ يفوق حجم الاحتياجات الفعلية الموارد المتاحة في ظل نقص التمويل.
وقال لوران بوكيرا المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في السودان لصحفيين في جنيف عبر رابط فيديو من بورتسودان «مستوى الجوع والعوز واليأس الذي تم رصده شديد ويؤكد خطر المجاعة في تلك المناطق».
وذكر البرنامج التابع للأمم المتحدة أنه وصل إلى مليون شخص في سبعة مواقع بالخرطوم، بعد التمكن من دخول العاصمة السودانية.
وأدى الصراع الدائر في السودان منذ عامين إلى نزوح الملايين وتقسيم البلاد إلى مناطق سيطرة لكل من طرفي الصراع.
وسرد برنامج الأغذية العالمي أمثلة لمناطق يعاني سكانها من جوع شديد، من بينها جبل أولياء، مشيراً إلى تقليص حصص الزيت والبقوليات في توزيعاته الغذائية بسبب مواجهة عجز في التمويل قدره 500 مليون دولار لمساعدات الطوارئ الغذائية والنقدية نتيجة خفض الدول المانحة تمويل العمليات الإنسانية.
وقال بوكيرا: «المكملات الغذائية للأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات بعيدة المنال بسبب نقص الموارد، وبدون دعم عاجل لن نتمكن من إيصال الحزمة الغذائية التي يحتاج إليها السودانيون».
وفي أبريل، أعلن برنامج الأغذية العالمي خفض الحصص الغذائية في المناطق المعرضة لخطر المجاعة إلى 70% من الحصة الغذائية القياسية التي يقدمها البرنامج «أي ما يعادل 2100 سُعر حراري يومياً».
وأضاف البرنامج أنه يقدم المساعدات حالياً لأربعة ملايين شخص في أنحاء السودان.
في غضون ذلك، حذرت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في الخرطوم، ليني كينزلي، من خطورة تدهور الأوضاع الإنسانية بمستويات غير مسبوقة في السودان، مؤكدة أن الواقع الإنساني في بعض الولايات السودانية مؤلم للغاية، في ظل تفاقم معاناة ملايين المدنيين، بسبب تداعيات النزاع المسلح الدائر في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.
وكشفت كينزلي، في تصريح لـ«الاتحاد»، عن أن السودان يواجه أكبر أزمة جوع، لافتة إلى أنه البلد الوحيد عالمياً الذي يُعاني حالة مجاعة، مشددة على أن ملايين السودانيين بحاجة لدعم دولي عاجل.
وأشارت إلى أنه تم تهجير أكثر من 12 مليون سوداني، في العامين الماضيين، من بينهم 4 ملايين فرّوا إلى دول مجاورة، مثل تشاد وجنوب السودان ومصر، موضحة أن الوضع في السودان بات خطيراً للغاية، حيث يضطر ملايين السودانيين، في المناطق الأكثر تضرراً، إلى اتخاذ تدابير يائسة للبقاء على قيد الحياة، لا سيما في الولايات التي تشهد مجاعة.
ونوهت كينزلي بأن برنامج الأغذية العالمي يعمل على مدار الساعة، لتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية والإغاثية للمدنيين، الذين يعانون الجوع بمستويات غير مسبوقة، موضحة أنه في أبريل الماضي، قدم البرنامج الأممي الدعم لأكثر من 4 ملايين شخص، من خلال مساعدات غذائية طارئة، وهي إمدادات حيوية تشكّل طوق نجاة للعائلات المتأثرة بالنزاع.
وقالت المتحدثة باسم برنامج «الأغذية العالمي»، إن الفرق الإنسانية التابعة للبرنامج تمكّنت، خلال الأشهر الماضية، من إيصال الإمدادات الغذائية إلى ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور، بما في ذلك العديد من المناطق التي كانت شبه مغلقة منذ بداية النزاع.
وأضافت أن الجهات المانحة تبذل جهوداً مكثفة لتقديم الدعم للمحتاجين، لكن الاحتياجات الإنسانية هائلة وتتجاوز الموارد الحالية، حيث إن هناك حاجة إلى تمويل عاجل لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، وتحديداً حتى نوفمبر المقبل.