مصر ترحب بـ تراجع ترامب عن خطته بشأن غزة
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
بغداد اليوم - متابعة
بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن عدم مطالبة سكان قطاع غزة بمغادرته، علقت مصر لأول مرة في بيان لوزارة الخارجية.
وثمنت الخارجية المصرية في بيان لها، موقف ترامب، موضحة أن "هذا الموقف يعكس تفهماً لأهمية تجنب تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، وضرورة العمل على إيجاد حلول عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية".
وشددت على "أهمية البناء على هذا التوجه الإيجابي لدفع جهود إحلال السلام في الشرق الأوسط، وذلك من خلال تبني مسار شامل يستند إلى رؤية واضحة تحقق الاستقرار والأمن لكافة الأطراف".
واكد البيان، ضرورة "دعم جميع المبادرات الجادة التي تهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، فإنها تدعو كافة الأطراف الدولية والإقليمية إلى تكثيف الجهود لدفع عملية التسوية السلمية، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة".
ويعد هذا أول رد رسمي من القاهرة بعدما تراجع ترامب عن خطته السابقة حول غزة وتهجير سكانها إلى دول مجاورة.
وبلورت مصر خطة عربية شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين خشية تصفية القضية الفلسطينية، وتعتزم القاهرة عرض خطتها في أعمال القمة على القادة والزعماء العرب.
وتشمل الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، تشكيل لجنة إدارة غزة لتتولى إدارة شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون اللجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية (تكنوقراط) تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، والتي يجري تشكيلها خلال المرحلة الحالية تمهيدًا لتمكينها من العودة بشكل كامل للقطاع وإدارة المرحلة المقبلة بقرار فلسطيني.
وأكدت المصرية على ضرورة مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني وبقائه على أرضه دون تهجير، وضرورة تكاتف المجتمع الدولي من منطلق إنساني قبل كل شيء لمعالجة الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب، مركزة على أن محاولة نزع الأمل في إقامة الدولة من الشعب الفلسطيني أو انتزاع أرضه منه لن تؤتي إلا بمزيد من الصراعات وعدم الاستقرار.
المصدر: وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
من التصعيد إلى التهدئة.. ماذا وراء الانسحاب الأمريكي من اليمن؟
في تحول لافت بمسار الحرب الدائرة في اليمن، أعلنت الولايات المتحدة مساء الثلاثاء 6 مايو وقفًا لإطلاق النار مع جماعة الحوثيين، في خطوة وُصفت بأنها تعكس تراجعًا تكتيكيًا أكثر من كونها إنجازًا سياسيًا أو عسكريًا. وجاء الإعلان المفاجئ، الذي تم بوساطة عُمانية، بعد أسابيع من تصعيد غير مسبوق بين القوات الأمريكية والحوثيين، لا سيما في البحر الأحمر.
ذا هيل: ترامب حاول تسويق وقف إطلاق النار بوصفه “انتصارًا أمريكيًا” ونتيجة للقوة، بينما يُظهر الواقع أن هذا التفاهم ما هو إلا تراجع مغلف بالتهويل السياسي
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد فجّر مفاجأة حين أشاد بصمود مقاتلي الحوثيين و”قدرتهم الكبيرة على تحمّل العقاب”، رغم أن إدارته أشرفت على حملة عسكرية ضارية ضدهم، عُرفت باسم “الراكب الخشن”، وبدأت منتصف مارس/ آذار الماضي بهدف ردع الجماعة المدعومة من إيران عن استهداف الشحن الدولي والأصول البحرية الأمريكية.
لكن نتائج الحملة جاءت دون المأمول، إذ أسقط الحوثيون سبع طائرات مسيّرة أمريكية، وفُقدت طائرتان مقاتلتان، وخسرت واشنطن ما يزيد عن مليار دولار، دون تحقيق مكاسب استراتيجية تُذكر.
الكاتب والمحلل السياسي د. عمران خالد، وهو طبيب حاصل على ماجستير في العلاقات الدولية، تناول في مقال نشرته صحيفة ذا هيل الأمريكية هذا التراجع الأمريكي، واعتبره مؤشرًا على فشل نهج القوة في التعاطي مع واقع سياسي وأمني معقد، يتجاوز حدود اليمن ليطال عمق التحالفات الأمريكية في المنطقة.
تهدئة هشة وتصدع في التحالفات
الهدنة التي أعلن عنها ترامب استُثنيت منها إسرائيل بشكل لافت، الأمر الذي أثار استياءً في تل أبيب وكشف، بحسب المراقبين، عن تصدّع في المحور الأمريكي–الإسرائيلي. فالهجمات الحوثية على إسرائيل لم تتوقف، بل وصلت إلى مشارف مطار بن غوريون قبل إعلان الهدنة بأيام، وهو ما ردّت عليه إسرائيل بقصف مطار صنعاء الدولي، دون أن يردع ذلك الحوثيين عن مواصلة استهدافهم للمصالح الإسرائيلية “تضامنًا مع فلسطين”.
ويضيف د. عمران خالد في مقاله أن الحوثيين اعتبروا ما حدث نصرًا رمزيًا واستراتيجيًا في آن، إذ تمكنوا من فرض معادلة ردع غير مسبوقة، أجبرت واشنطن على التفاوض دون تحقيق أهدافها العسكرية، والأهم دون أن يدفع الحوثيون أثمانًا سياسية تجاه إسرائيل.
في المقابل، ظهرت ملامح ارتباك في مواقف بعض الدول العربية الحليفة لواشنطن، خصوصًا تلك التي راهنت على تحجيم الحوثيين عسكريًا وسياسيًا خلال السنوات الماضية. وتشير التقارير إلى أن الإمارات العربية المتحدة – رغم خصومتها العميقة مع الحوثيين – كانت مترددة في دعم التصعيد الأمريكي الأخير، في ما قد يُفهم على أنه بداية لإعادة تقييم أوسع لجدوى التعويل على الولايات المتحدة في الملفات الأمنية الحساسة.
إيران في الخلفية
رغم أنها لم تكن طرفًا مباشرًا في المفاوضات، تُتهم إيران بأنها المحرّك الأساسي للحوثيين. غير أن تقارير متقاطعة تُفيد بأن طهران ربما شجعت الجماعة على الدخول في التهدئة، ضمن حسابات إقليمية أوسع تتعلق بمحادثاتها النووية وسعيها لتخفيف حدة التوتر مع واشنطن.
ذا هيل: منطقة الشرق الأوسط تدخل اليوم مرحلة جديدة من الضبابية، حيث تتقلص موثوقية الولايات المتحدة كضامن أمني، وتتزايد التساؤلات في العواصم العربية حول جدوى التحالف مع واشنطن
ويطرح د. عمران خالد في مقاله تساؤلًا محوريًا: هل وقف إطلاق النار مجرد ترتيب مؤقت فرضه الإنهاك العسكري الأمريكي، أم أنه جزء من تفاهمات غير معلنة بين واشنطن وطهران؟ وفي كلتا الحالتين، تبقى إيران المستفيد الأكبر من استمرار الحوثيين كلاعب فاعل في معادلات الإقليم، خاصة في الضغط على إسرائيل والممرات التجارية الدولية.
تراجع أمريكي مغلف بالتهويل السياسي
وبحسب المقال المنشور في ذا هيل، فإن ترامب حاول تسويق وقف إطلاق النار بوصفه “انتصارًا أمريكيًا” ونتيجة للقوة، بينما يُظهر الواقع أن هذا التفاهم ما هو إلا تراجع مغلف بالتهويل السياسي. ويرى الكاتب أن ما جرى هو “ترتيب تكتيكي” لا أكثر، قابل للانهيار في أي لحظة، خصوصًا مع تأكيد الحوثيين احتفاظهم بحق استئناف الهجمات في أي وقت.
يشير المقال إلى أن منطقة الشرق الأوسط تدخل اليوم مرحلة جديدة من الضبابية، حيث تتقلص موثوقية الولايات المتحدة كضامن أمني، وتتزايد التساؤلات في العواصم العربية حول جدوى التحالف مع واشنطن في ظل هذه التراجعات. أما إسرائيل، التي باتت أكثر عزلة، فمصداقية ردعها أصبحت على المحك، في وقت لا يزال فيه الحوثيون يجنون ثمار سرديتهم كقوة مقاومة تتحدى الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
وختم د. عمران خالد مقاله بالقول إن قرار ترامب لا يعكس استراتيجية للسلام، بل محاولة للهروب من كلفة صراع لم يُحسم. فكما هي الحال في كثير من قرارات السياسة الخارجية الأمريكية، يبدو أن الشكل غلب المضمون، وأن “الاستراحة” الحالية قد لا تطول في ظل ديناميكيات الشرق الأوسط المتغيرة.