لجريدة عمان:
2025-05-11@12:52:26 GMT

العيش أولى من المعرفة!

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

تعددت المذاهب والمدارس الفلسفية والفكرية في تعريف المثقف، من هو المثقف؟ ما هي صفاته؟ وكيف نميز المثقف من غير المثقف؟. وبينما كانت بعض هذه المدارس واقعية أرضية، كانت نقيضاتها مثالية سماوية أو عاجية في الأبراج القصية.

يتساءل المرء أكان من المشتغلين بالثقافة أم من المشتغلين بالحياة اليومية عن هذه الأسئلة على فترات؟ ويرى المعاملة الخاصة التي يتلقاها المثقف في المجتمعات -أعني هنا من يصنفهم الناس على أنهم مثقفون- المختلفة، فمنهم من يرفعه منزلة عالية، ومنهم من يساويه بالشِّرَّةِ من الناس.

وأسباب ذلك كثيرة متشابكة، فالإعلام في المقام الأول هو الأداة الأولى لأي تصنيف بشري حديث، فهو صاحب الوسام والشهادة التي يمنحها للناس، فهذا إنسان خيِّر إنْ صوّره الإعلام كذلك، وهذا إنسان شرير إن وسمه الإعلام بتلك السمة. ثم إن تعامل المثقفين مع الناس ومخالطتهم إياهم، تسهم في تشكيل الصورة المرسومة عنهم، بالإيجاب أو السلب. وبين متشدد في الرأي ومتحرر؛ نجد المثقف نفسه تائها في تصنيفاته الكثيرة، في الكتب وعند الناس.

تعمدت عدم ذكر المذاهب الفكرية التي تتناول المثقف دراسة وتعريفا لأسباب عدة أقلُّها المقام الذي لا يتسع لهذا الحديث المتشعب والطويل، ولكننا نتفق على أن المثقف ببساطة شديدة هو المرتبط بالثقافة وما يتعلق بها تناولا وتفاعلا. أتذكر هنا لقاء قديما جدا ومصورا بالأبيض والأسود مع الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار. كان المحاور يسأل باشلار عن حياته، ويناديه بالبروفيسور عند كل سؤال، لكن الفيلسوف الفرنسي رفض بشدة أن يُنادى بهذا وقد ترك عمله الأكاديمي كمحاضر في جامعة السوربورن التي كان يشغل كرسي تاريخ الفلسفة والعلوم فيها. وفي خضم حديثه، قال للمحاور -وهنا أعتمد على ذاكرتي لأنني لم أجد الحوار الذي كان في منصة اليوتيوب- "بنظرة واحدة أعرف اللحم الجيد من الرديء". يقول فيلسوفنا هذا الأمر لأنه ممن يرى بأن الثقافة لا تعني الانزواء بمعزل عن الناس وحياتهم الاجتماعية المُعاشة، فهو لا يحبس نفسه في مكتبته بين الكتب لا يعرف شيئا عن الواقع الذي يمارسه الآخرون، من مأكل ومشرب وملبس.

في ليلة بهية قبل عدة سنوات، وفي الفترة الأولى بعد مفارقة الحياة الجامعية، كنت وصديقي الذي يكبرني بأعوام عدة نتبادل أطراف الحديث في شتى المجالات، وكنت مأخوذا بالكتب والمعرفة مُقصِّرا في تحصيل العيش، وككل شاب باحث عن العمل، كنت ساخطا. وكيفما أخذتنا مراكب الحديث، كنت أسأله: "ماذا عن القراءة؟ هل يمكن للإنسان أن يقرأ بشكل جيد بعد العمل؟ هل سيقرأ بشكل جيد بعد الزواج؟" وعشرات من هذه الأسئلة ومثيلاتها. قال لي ذات مرة عبارة ظلت عالقة في ذهني ووجداني: "العيش أولى من المعرفة". وهي فلسفة عالية نبيلة، فنحن نتثقف لنعيش بشكل أفضل، لا نتثقف كي نُحصِّل أكبر قدر من المعلومات والمعرفة. فالمثقف العماني -على سبيل المثال- لا بد له من أن يعرف ولو شيئا يسيرا عن الرطب والتمر والنخيل والعناية بها، وأنواع السمك التي يأكلها الناس في مجتمعنا، والعادات النبيلة الحسنة التي يصطلح الناس على تسميتها بـ"عْلوم العرب" أو "عْلوم الرجال". وتكمن أهمية ذلك في الرسالة التي يحملها المثقف لمجتمعه الصغير وللعالم أجمع. فلا يمكن لأي إنسان يريد أن يكون له تأثيره الجيد ويحمل رسالة إصلاحية لمجتمعه وأمته، ويكون دافعه لهذا كله همُّه النبيل في رفعة وطنه؛ لا يمكن له أن يكون بمعزل عن حياة الناس، وهموم الناس، وطرائق الناس. فكما قال صديقي "العيش أولى من المعرفة".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

دراسة: العيش بجانب الملاعب يزيد خطر الإصابة بمرض شائع

توصلت دراسة حديثة، إلى وجود علاقة بين التعرض للمبيدات في المناطق المجاورة للملاعب الرياضية وزيادة خطر الإصابة بمرض باركنسون.

وأظهرت الدراسة التي أجراها باحثون في علم الأعصاب، أن العيش بالقرب من الملاعب قد يزيد من خطر الإصابة بمرض باركنسون الذي لا علاج له بنسبة تصل إلى 126بالمئة.

ووفقا للخبراء الأميركيين، فإن الأشخاص الذين يعيشون على بعد 1.6 كلم، من ملعب  هم أكثر عرضة للتشخيص بالمرض مقارنة بمن يعيشون على بعد 9.7 كلم على الأقل.

المبيدات الحشرية وراء زيادة المخاطر

وأشارت الدراسة إلى أن زيادة معدلات الإصابة بالمرض قد تكون مرتبطة بالتعرض للمبيدات الحشرية المستخدمة للحفاظ على الملاعب.

ووفقا للباحثين، فإن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المجاورة لتلك الملاعب قد يتعرضون لهذه المبيدات عبر المياه الملوثة أو حتى عن طريق الهواء.

وأظهرت تحليلات إضافية أن الأشخاص الذين تأتي مياه منازلهم من مناطق تحتوي على ملاعب رياضية كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض باركنسون بنسبة الضعف مقارنة بمن لا يعيشون في هذه المناطق.

كما كشف تحليل آخر استند إلى بيانات من 6000 شخص، أن الأشخاص الذين يعيشون على بعد ميل إلى 3 أميال من الملاعب كانوا أكثر عرضة للخطر.

تحذيرات العلماء 

وقد حذر العلماء المستقلين الذين لم يشاركوا في الدراسة من تفسير النتائج.

واعتبروا أن الدراسة لم تأخذ في الحسبان أن مرض باركنسون قد يبدأ في الدماغ قبل 10-15 عاما من التشخيص، مما يعني أن الإصابة قد تكون بدأت قبل الانتقال إلى مناطق تحتوي على ملاعب. كما أشاروا إلى أن الدراسة لم تختبر بشكل مباشر المياه الملوثة للمبيدات.

من جهته، قال مدير الأبحاث في جمعية "باركنسون المملكة المتحدة"، البروفيسور ديفيد ديكستر، إن أحد القيود الكبرى في الدراسة هو أنها لم تقتصر على الأشخاص الذين عاشوا لفترات طويلة في المناطق المجاورة للملاعب.

وقالت الباحثة الرئيسية في الجمعية، الدكتورة كاثرين فليتشر، إن الدراسة تدعم العلاقة بين المبيدات ومرض باركنسون، لكنها لا تأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى مثل تعرض الأشخاص للمبيدات في أماكن عملهم أو وجود ارتباطات جينية بالمرض.

مقالات مشابهة

  • حقوق إنسان النواب: مشروع قانون الفتوى ينظم فوضى الإفتاء المنتشرة في المجتمع
  • روائية نمساوية حائزة نوبل للآداب تدافع عن حق الفلسطينيين في العيش
  • صيادو أسماك القرش في الحديدة.. يتحدّون خطر البحر من أجل لقمة العيش
  • دراسة: العيش بجانب الملاعب تزيد خطر الإصابة بمرض شائع
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • الري: تعزيز البحث العلمي وتبادل المعرفة فى تحلية المياه بالطاقة الشمسية
  • هل يصح لأي إنسان أن يفتي قلبه؟.. يسري جبر يجيب
  • دراسة: العيش بجانب الملاعب يزيد خطر الإصابة بمرض شائع
  • نانسي عجاج حوّلت الأنظار من جرم عقوق والدها إلى اتهام أشد وطأة (المثلية) وتقديمه بصورة إنسان غير سوي أخلاقيًا
  • المثقف والسياسي في ملحمة غزة