زيادة تعرفة الكهرباء في السودان تزيد معاناة المواطنين
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
العربي الجديد/ دفعت الزيادات على الفواتير التي أعلنتها شركة الكهرباء السودانية إلى استنكار واسع في القطاعات المختلفة، وحذّر اقتصاديون ومراقبون من تداعيات هذه الزيادة الأخيرة، وقالوا إن توقيتها غير مناسب، في وقت يستعد فيه بعض المواطنين للعودة إلى مناطقهم، مع تدهور البنية التحتية، وتوقف الأعمال، وانتشار الفقر.
وشملت الزيادات الجديدة جميع القطاعات السكنية والزراعية والصناعية والصحية والتعليمية، ما ينذر بتوقف ما تبقى من منشآت صناعية، وبتأثير مباشر في القطاع الزراعي والصحي المنهار بسبب الدمار الذي لحق بهما في أثناء الحرب، حسب خبراء.
وتتفاوت الزيادات على القطاعات المختلفة بين 70% إلى 100%. واستنكر مواطنون تلك الزيادات، وطالبوا بعدم الاعتماد على التوليد الحراري والمائي فقط، خصوصاً أنه لا يغطي سوى 60% من السكان. وقال المواطن محمد آدم لـ"العربي الجديد": "لم تراعِ الجهات المختصة الأوضاع الاقتصادية والنفسية التي يمر بها المواطن، في ظل عدم استقرار التيار الكهربائي في البلاد، حيث شهدت الفترة الأخيرة إظلامًا تامًا لمدة أسبوع في أم درمان".
وأضاف محمد: "الأمر الثاني أن الحرب دمرت كل المنشآت الصناعية والخدمية التي تحتاج إلى إعمار، الذي بدوره يحتاج إلى طاقة، ولذلك الحكومة تقف أمام هذا الإعمار بمثل هذه القرارات". أما الموظفة ياسمين الباقر من ولاية القضارف، فتقول إن القرار غير مدروس، فهناك مصانع تعمل في القضارف ستتوقف عن العمل لأن الزيادة تقارب 100%، وهي تكلفة كبيرة لن يستطيع صاحب المصنع تحملها، كذلك فإنها تفوق أيضًا قدرات المواطن الشرائية.
من جهته، قال المزارع إسماعيل التوم لـ"العربي الجديد": "نحن الآن في الموسم الشتوي، وبالتأكيد سيؤثر هذا القرار في المشاريع الزراعية التي تعتمد بصورة كبيرة على الكهرباء، وستكون التكلفة أعلى". وأضاف: "التأثير سيكون على المواطن المغلوب وعلى الدولة، وسيُفضَّل المنتج المستورد على المحلي، وإذا استمر الحال بهذه الطريقة، ستتوقف العمليات الزراعية والصناعية في ظل البحث عن إعادة الإعمار، وهذا يبدو مستحيلًا".
الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان قال لـ"العربي الجديد": "إن إمداد الكهرباء لن يستقر وتصل خدمتها إلى كل السودانيين إلا عبر تحرير الكهرباء، ويشمل ذلك تحرير السعر وتحرير الإنتاج وتحرير الوظيفة.
ومن الصعب جدًا على دولة فقيرة أن تواصل تقديم خدمة الكهرباء بعُشر التكلفة بعد التضخم الذي حدث بسبب الحرب، حيث هبطت قيمة الجنيه السوداني إلى حوالى خمس قيمته تقريبًا، وهذا يتطلب زيادة في سعر الكهرباء بالجنيه تعادل انخفاض سعر الصرف".
أما المحلل الاقتصادي هيثم فتحي، فرأى أن أزمة الكهرباء لا تقتصر على نقص الإنتاج، بل تمتد إلى تدهور البنية التحتية والمحطات الوسيطة، التي تحتاج إلى الاستبدال وتركيب شبكات ناقلة تقلل من الفاقد الكهربائي.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العربی الجدید
إقرأ أيضاً:
سودان 56 وقضايا التحرر الأفريقي ومناهضة الإستعمار الجديد
سودان 56 وقضايا التحرر الأفريقي ومناهضة الإستعمار الجديد …
نموذج باتريس لوممبا في الكونغو 1960م ومقارنة بين موقف السودان وحركة تمرد أنيانيا في جنوب السودان …
في 30 يونيو 1960م تم الاعلان عن استقلال الكونغو كينشاسا بحضور ملك بلجيكا وفيه ألقى رئيس الوزراء الشاب 34 سنة المنتخب ديموقراطيا والقليل الخبرة باتريس لوممبا خطابا أدان فيه بشدة فترة الإستعمار البلجيكي وبعدها بأيام قليلة بدأت الإضطرابات وأنقلبت الكونغو رأسا على عقب.
ظهر للدول الكبرى أن رئيس الوزراء الشاب سيكون خطرا على مصالحهم خاصة شركات المعادن وتتالت الوقائع بسرعة وانتهت بمقتل باتريس لوممبا مع إثنين من مرافقيه في 17 يناير 1961م.
وخلال الفترة من يوم الاستقلال حتى مقتل لوممبا كانت الأمم المتحدة قد أرسلت قوات حفظ سلام بمشاركة قوة من الجيش السوداني.
تفيد الوقائع أن أقوى الدول الأفريقية التي عارضت الإطاحة بلوممبا ثم قتله هي جزائر بن بيللا ومصر عبد الناصر وسودان عبود.
قامت السفارة المصرية في كينشاسا بتهريب أطفال لوممبا وزوجته إلى القاهرة حيث عاشوا فيها لثلاثين عاما وكتب شقيق لوممبا لعبد الناصر قائلا أن البلجيكيين إجتهدوا لتعليمنا أن العرب تجار رقيق وفي محنتنا اليوم لم نجد أقوى من العرب وقوفا وحماية لنا.
مصر يومها كان إسمها الرسمي الجمهورية العربية المتحدة UAR.
أما في السودان فقد وجه الفريق إبراهيم عبود رسالة للأمين العام للأمم المتحدة داج همرشولد يخطره فيها بسحب القوة السودانية من بعثة حفظ السلام احتجاجا على الطريقة المهينة التي عومل بها لوممبا وقتله البشع الذي تم على مرأى من الجميع.
وأندلعت في الكونغو ثورة سمبا Simba Revoultion من مؤيدي لوممبا واستمرت حتى تم سحقها في أواخر 1965م بدعم عسكري من كل الدول الكبرى لنظام موبوتو سيسي سيكو.
إحتضنت الكونغو كينشاسا أو كونغو موبوتو ثوار أنيانيا ودعمتهم بالسلاح لتستفيد منهم في محاصرة تحركات ثوار سيمبا عبر حدود السودان والكونغو ولقطع إمدادات السلاح وكان جوزيف لاقو حلقة الوصل بين الأنيانيا وجهاز المخابرات الكونغولي عبر باولو Paulo الضابط المرتزق من هاييتي.
وكانت إمدادات السلاح لثوار سيمبا تأتي من الجزائر عبر سودان مابعد أكتوبر 1964م ، سودان سر الختم الخليفة.
ظلت ذكرى باتريس لوممبا وفترة حكمه القصيرة ومقتله البشع نموذجا لكيفية قمع ووأد أية محاولة أفريقية لتحرر حقيقي يسيطر فيه الأفريقي على موارد أرضه وثرواتها ، ووقفت أنيانيا وجوزيف لاقو في خدمة الإستعمار التقليدي والحديث.
واضح جدا أن القوى الدولية أدركت أن سودان 56 سواء كان في نسخة العسكري عبود أو المدني سر الختم الخليفة يمثل فهما متقدما للتحرر الحقيقي في أفريقيا.
ستمر سنوات قليلة ويتم توقيع اتفاقية سلام أديس أبابا 1972م بين جوزيف لاقو ونميري ، ولكن ثبت أن كل إتفاقيات السلام كانت مجرد هدن مؤقتة ، وسيعود التمرد مجددا في 1983م بأجندة جديدة تتعلق بالهوية والفصل الكذوب بين الأفريقانية والعروبة وليخلق معركة وهمية تمتص العقول والطاقات ولا علاقة لها بالتحرر الحقيقي ولتكون المعارك الجديدة في خدمة القوى التي إغتالت باتريس لوممبا وسانكارا وكل زعيم أفريقي حاول أن يحصل لبلده على إستقلال حقيقي.
سودان 56 والجزائر ومصر كانوا وسيظلوا أفارقة حقيقيين وليس حركات الأفريقانية المزيفة التي زيفت الوعي وحولت النضال من أجل التحرر واستعادة السيطرة على الموارد والثروات لصراع وهمي مرتبط بلون البشرة والقبيلة والأصلي والوافد وهلمجرا من الخزعبلات.
#كمال_حامد ????