اكتمال منظومة تشريعات القطاع المصرفي لتعزيز مكانة سلطنة عُمان كمركز مالي جاذب للاستثمارات
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
◄ تحديث الأطر القانونية والرقابية للقطاع المصرفي يُعزز الشفافية المالية وجذب الاستثمارات
◄ إفراد باب في القانون المصرفي لتنظيم العمل المصرفي الإسلامي وتعزيز جاذبيته
◄ المصارف الرقمية والتكنولوجيا المالية ضمن مستجدات القانون
مسقط- العُمانية
يُمثِّل صدور المرسوم السلطاني رقم (2/2025) بشأن القانون المصرفي، والمرسوم السلطاني رقم (3/2025) حول نظام البنك المركزي العُماني تزامنًا مع المراسيم المتعلقة بتشكيل مجلس إدارة جديد للبنك المركزي وتعيين محافظ له، خطوةً تهدف إلى تعزيز الإطار القانوني والرقابي الذي يضمن الاستجابة الفعالة لمتطلبات النظام المالي الحديث.
وشهد القطاع المصرفي في سلطنة عُمان تطورًا كبيرًا على مدار العقدين الماضيين، وهو ما استدعى مراجعة شاملة للمنظومة التشريعية لتتماشى مع التحولات المتسارعة في الأعمال المصرفية والمالية للسماح بالاستفادة من منجزات الابتكار الرقمي والتكنولوجيا في تقديم الخدمات المصرفية والمالية.
وقد انعكست هذه التطورات في القانون المصرفي الجديد؛ حيث تم تنظيم العمل المصرفي والبنك المركزي العُماني في تشريعين؛ الأول يتعلق بتنظيم وحوكمة البنك المركزي كوحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة، والثاني يُنظِّم العمل المصرفي والأنشطة المالية غير المصرفية.
ويتضمن القانون المصرفي الجديد (241) مادة، مُصاغة وفق أحدث الأساليب التشريعية التي تعتمد على الوضوح في اللغة القانونية، مما يسهل على المتخصصين والجمهور العام فهم النصوص وتطبيقها، كما تمت مراعاة تقسيم القانون بشكل واضح ومتسلسل. ويتعلق الباب الأول بالتعريفات والأحكام العامة، بينما نظم الباب الثاني البنك المركزي العُماني، متناولاً مسؤولياته وماليته وآليات عمله بما في ذلك تنفيذ السياسة النقدية وإدارة السيولة، فيما احتوى الباب الثالث على تنظيم إصدار العملة الوطنية بواسطة البنك المركزي فقط، وقد راعى ضمان توافق الإجراءات مع التطورات العالمية وإتاحة المجال للبنك المركزي لتحديث أشكال العملة وتقنياتها.
وتناولت باقي أبواب القانون أحكامًا تشجع على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاع المصرفي، حيث يُتيح المجال للمصارف الأجنبية العمل في سلطنة عُمان مع تعزيز المرونة في مجالات قيام المصارف بصلاحيات الاستثمار والائتمان، مما يشكل ذلك أساسًا تشريعيًّا لقيام المصارف بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتمويل الأعمال والمشروعات.
وقد أُفرد باب لتنظيم العمل المصرفي الإسلامي؛ حيث شُرِّعَت فيه أحكام تُعزِّز من جاذبيته، مثل عدم تعدد الرسوم والضرائب على الأصول العقارية والمنقولات؛ بما يتماشى مع أسس العمل المصرفي الإسلامي.
وقد أدخل القانون المصرفي أيضًا مفاهيم جديدة مثل المصارف الرقمية والتكنولوجيا المالية، كما يفتح الباب أمام إطلاق منصات التمويل الجماعي الرقمية وتطبيقات الصيرفة المفتوحة وغيرها من الخدمات المالية القائمة على التكنولوجيا، مع تخفيف المتطلبات الرقابية لتشجيع هذه الأنشطة ودعم الشمول المالي.
وأكد القانون على أهمية حماية حقوق العملاء ومستهلكي الخدمات المالية في القطاع المصرفي والأنشطة المالية الأخرى، من خلال تعزيز مبادئ الشفافية والعدالة والإفصاح عن الخدمات والأسعار، بالإضافة إلى حماية خصوصية البيانات.
أما نظام البنك المركزي العُماني الذي صدر بموجب المرسوم السلطاني رقم (3/2025)، فقد جاء في (21) مادة تشكل الإطار الأساسي لتنظيم عمل البنك المركزي العُماني وحوكمته. وقد أوضحت المواد أهداف البنك المتمثلة في تحقيق الاستقرار النقدي، والمساهمة في الاستقرار المالي، وضمان سلامة المصارف والمؤسسات المالية، إضافة إلى تعزيز دوره في تحقيق رؤية سلطنة عُمان للتنمية الاقتصادية المستدامة.
وتضمنت مواد القانون المصرفي أيضًا تحديدًا واضحًا لوظائف البنك المركزي، مثل إصدار العملة الوطنية، والمحافظة على قيمتها، ووضع وتنفيذ السياسات النقدية، والإشراف على الأنشطة المالية والمصرفية المرخصة.
وسبق صدور هذه التشريعات إصدار قانون حماية الودائع المصرفية بالمرسوم السلطاني رقم (47/2024)؛ مما يعني اكتمال منظومة التشريعات التي تنظم عمل البنك المركزي والقطاع المصرفي، وتؤسس لإطار قانوني يعزز من مكانة سلطنة عُمان كمركز مالي مستقر وجاذب للاستثمارات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القطاع المصرفي السعودي: البنوك تحقق ربحية عالية والقروض المتعثرة في أدنى مستوياتها
لا يزال القطاع المصرفي السعودي محتفظا بقدرته على الصمود، وهو ما يبرهن قوة رسملته وربحيته رغم ارتفاع تكاليف التمويل. وحسب الوضع في نهاية عام 2024، بلغت نسبة ملاءة القطاع 19.6%.
وبرغم ارتفاع تكاليف التمويل – بسبب الحصة المتزايدة من الودائع محددة الأجل والودائع الادخارية – تحقق البنوك ربحية عالية، حيث بلغ متوسط العائد على الأصول 2.2% في عام 2024.
ووصلت القروض المتعثرة إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2016، ما يعزز الاستقرار المالي الكلي. وتتسم مؤشرات السيولة بكفايتها وأنها ضمن الحدود التنظيمية، رغم تراجع نسبة الأصول السائلة إلى الخصوم قصيرة الأجل، وظلت نسبة القروض إلى الودائع التنظيمية في اتجاه تصاعدي.
ويؤدي نمو الائتمان بقوة إلى ضغوط تمويلية وتغير مكونات مصادر التمويل لدى البنوك السعودية. ومع تجاوز نمو الائتمان – الذي يُمنح معظمه للشركات وللقروض العقارية – لنمو الودائع، تعمل البنوك على تنويع التزاماتها عن طريق زيادة الاعتماد على أشكال أخرى من التمويل، ولا سيما الاقتراض الخارجي في شكل سندات، والقروض الثنائية أو المشتركة، وشهادات الإيداع.
ومن شأن معالجة النمو الائتماني القوي وضغوط التمويل المصاحبة أن تساعد في الحد من المخاطر على الاستقرار المالي النظامي.
وترحب بعثة صندوق النقد الدولي بجهود البنك المركزي السعودي الجارية لمراجعة مجموعة أدواته الاحترازية الحالية في مواجهة المخاطر التي تنشأ من استمرار نمو الائتمان ثنائي الرقم في ظل الفجوة المتزايدة بين نمو الائتمان ونمو الودائع، والاعتماد المتنامي على تمويل خارجي قصير الأجل.
وفي ظل التوقعات باستمرار ارتفاع الطلب على القروض مقارنة بالتمويل القائم على الودائع، من الضروري وضع شروط احترازية تتناسب مع المخاطر المتطورة.
وفي هذا الصدد، ترحب البعثة بالخطوة التي اتُخِذَت في مايو 2025 لتحديد هامش الأمان الرأسمالي لمواجهة التقلبات الدورية بمقدار 100 نقطة أساس، والذي سيبدأ تفعيله خلال عام. ويمكن مواصلة تخفيف مواطن التعرض للمخاطر من خلال: (1) تقليص نسب القروض إلى القيمة وأعباء الديون، التي لا تزال مرتفعة مقارنة بالمعايير الدولية؛ و(2) تشديد نسبة القروض إلى الودائع لمحاولة الحد من الاعتماد المفرط على التمويل قصير الأجل بالنقد الأجنبي.
وترحب البعثة بمنهج البنك المركزي السعودي الاستباقي في مراقبة نسبة تغطية السيولة وصافي نسبة التمويل المستقر بالنقد الأجنبي وتحثه على النظر في تحديد هذه النسب بوصفها شروطا تنظيمية، إذا سمحت الظروف.
ويبذل البنك المركزي السعودي جهودًا متواصلة لتعزيز الأطر التنظيمية والرقابية . فقد رُفِع النظام المصرفي الجديد لموافقة السلطة التشريعية، ويجري العمل حاليا على تنقيح إطار إشرافي يقوم على المخاطر، ووُضِعَ نظام للرقابة على مشروعات الإنشاءات والبنية التحتية الكبرى.
وإضافة إلى ذلك، يجري حاليا تفعيل وظيفة تسوية أوضاع البنوك في البنك المركزي السعودي. وحقق البنك المركزي تقدما جيدا كذلك نحو إنشاء إطار لإدارة الأزمات يتضمن إطارا لمساعدات السيولة الطارئة، والذي ينبغي استكماله دون تأخير لا مبرر له. وإضافة إلى ذلك، يجدر الترحيب بأوجه التحسن في تعزيز فعالية الرقابة على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بوسائل منها عمليات التفتيش المتخصصة حسب الموضوع.
تمثل عملية تعميق السوق المالية خطوة جوهرية للمساعدة على تنويع مصادر التمويل والحد من الاعتماد على التمويل المصرفي. ورغم أن السوق المالية لا تزال خاضعة لهيمنة جهات الإصدار الكبيرة المرتبطة بالحكومة وأحجام التداول منخفضة، فإن المبادرات الأخيرة والجارية، مثل نظام الاستثمار الذي أصبح ساريا في فبراير 2025، والإصلاحات الجارية بشأن معاشات التقاعد والمدخرات، ينبغي أن تحسن سيولة السوق وتزيد المشاركة الأجنبية في السوق المالية السعودية.
ويؤدي التوسع في استخدام الأوراق المالية المضمونة بأصول إلى إيجاد فئة أصول جديدة ويساهم في توسع التمويل في النظام المصرفي. ومن شأن تعميق الأسواق المالية المحلية أن يساعد كذلك على تحسين آلية انتقال السياسة النقدية.
البنوكالقطاع المصرفي السعوديقد يعجبك أيضاًNo stories found.