الدكتور فضل مراد يوضح سبل النجاة من شرك النفس والهوى
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
وتناولت حلقة 2025/3/17 من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" الذي يبث على منصة "الجزيرة 360" موضوع فقه القدوم على الله.
وأوضح أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة في كلية الشريعة بجامعة قطر الدكتور فضل عبد الله مراد أن فقه القدوم على الله هو علم يُعنى بتزكية النفس وتطهير القلب للإقبال على الله، مشيرًا إلى أنه جزء من مشروع تجديدي أكبر يسمى "فقه العصر" يتناول الحياة بكل جوانبها وأطيافها.
وأضاف "هناك فقه مفقود أو حلقة مفقودة من أنواع الفقه، وهي ربع من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الله: يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة".
وعرض الدكتور مراد الأصول الثمانية لفقه القدوم على الله، وهي: العناية بالقلب وتطهيره، تجنب الموبقات، الورع عن الشبهات، الموجبات والمرجحات، العناية بالصلاة، الصبر، العدل والإحسان، الربانية في علوم الشريعة.
وركز الضيف على مركزية القلب في الإسلام، موضحًا أنه ذُكر 132 مرة في القرآن الكريم، وأن مرض القلب يؤثر سلبًا على سلوك الإنسان وعلاقته بربه وبالآخرين.
وأشار إلى أن أخطر أمراض القلب في عصرنا هي الشهوات والشبهات، إضافة إلى الكبر والحسد والإغراق في الملذات.
إعلان
أهمية الورع
فأما الموبقات والكبائر، فنبه الدكتور مراد إلى ضرورة اجتنابها، مستشهدًا بقوله تعالى "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم".
وشدد على أن الإنسان لا يصرّ على الذنوب مهما صغرت، لأن الإصرار يحولها إلى كبائر.
وتطرق الضيف إلى أهمية الورع وترك الشبهات، مشيرًا إلى اتفاق العلماء على أن "الخروج من الخلاف مستحب" وأن "الاستبراء للدين والأخذ بالأحوط أمر مجمع عليه".
وانتقد بعض الفتاوى المعاصرة التي وصفها بالتمييعية، معتبرًا أنها تخالف أصول الفقه الصحيح.
كما شدد الدكتور مراد على مكانة الصلاة في الإسلام، ووصفها بأنها "رحلة إلى الله" و"موعد خمس مرات مع الله"، مقدمًا نصائح عملية لتحقيق الخشوع فيها، أهمها: تذكر قوله تعالى "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون"، والاقتداء بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، والصبر والمداومة على تحسينها.
وفي ختام الحلقة، قدم الدكتور مراد مجموعة نصائح للمسلمين في شهر رمضان، منها: عدم ترك الوتر وقيام الليل، والاستغفار اليومي، وإدامة ذكر الله، وإحسان الصلاة، واجتناب الموبقات، والإكثار من الدعاء، وحمد الله على نعمه.
كما حذر من إدمان الهواتف المحمولة والملهيات التي تصرف المسلم عن عبادة ربه.
17/3/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الدکتور مراد على الله
إقرأ أيضاً:
خلال ملتقى المرأة.. الجامع الأزهر يضع روشتة علاجية لجهاد النفس بعد الحج
قالت الدكتورة منال مصباح، أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر، إن الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، فمن أنعم الله عليه بهذه الفريضة فقد استكمل أركان الإسلام، ومن وفقه الله لأداء هذه الفريضة فقد أتى من العمل أفضله، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور".
وتابعت أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر، خلال اللقاء الأسبوعي من البرامج الموجهة للمرأة بالجامع الأزهر: فحري لمن وُفق إلى هذه الشعيرة أن يضطلع بآثارها الروحية وفيوضاتها الإيمانية، وحتى يكون للحج أثره في نفس صاحبه وسلوكه وإيمانه بعد الرجوع إلى بلده ،فعليه بمجموعة من الآداب، منها: شكر الله على توفيقه على أداء هذه الشعيرة، والمحافظة على نقاء صحيفته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"، فمن رجع من الحج فليحافظ على ما عاهد الله عليه عند استلام الحجر، وليعلم المرء أن أعدى أعداء المرء نفسه التي بين جنبيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب"، فجهاد النفس من أفضل أنواع الجهاد، والمسلم وهو يجاهد نفسه لابد له من عُدَّة يتسلح بها، وأقوى الأسلحة التي يستخدمها المسلم في مجاهدة نفسه، سلاح الصبر؛ فمن صبر على جهاد نفسه وهواه وشيطانه غلبهم وكُتب له النصر والغلبة، وملك نفسه فصار ملكًا عزيزاً، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذيِنَ جَاهَدُوا فينَا لَنَهْدينَّهُمْ سُبُلَنَا وَإنِّ اللهَ لَمَعَ المُحْسنينَ﴾، وليعلم العبد أن الجنة حُفت بالمكاره وأن النار حُفت بالشهوات.
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما خلق اللهُ الجنةَ ؛ قال : يا جبريلُ ! اذهبْ فانظر إليها، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعدَّ اللهُ لأهلها فيها، ثم جاء فقال : أي ربِّ ! وعزتِك لا يسمع بها أحدٌ إلا دخلها، ثم حفَّها بالمكاره، ثم قال : يا جبريلُ ! اذهبْ فانظرْ إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال : أي ربِّ ! وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحدٌ، قال : فلما خلق اللهُ النارَ ؛ قال : يا جبريلُ ! اذهب إليها، قال : فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال : أي ربِّ ! وعزتِك لا يسمع بها أحدٌ فيدخلها، فحفَّها بالشهوات، ثم قال : يا جبريلُ ! اذهب فانظرْ إليها، فذهب فنظر إليها، فقال : أي ربِّ ! وعزتِك لقد خشيتُ أن لا يبقى أحدٌ إلا دخلها"، فمَن أرادَ دخول الجنة عليه أن يَجتازَ تلكَ المكارِهَ بالامتِثالِ لتلكَ الأوامرِ والنواهي.
وتابعت: مما يعين على تهذيب النفس ومجاهدتها سوء الظن بها، فإن الإنسان إذا ما عرف حقيقة نفسه لم يركن إليها، ولم ينقد لها، بل أساء بها الظن: قال تعالى : ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾، وقد كان من وصايا الصديق رَضي الله عنه للفاروق حين استخلفه: إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك، وكان ابن القيم رحمه الله يقول: لا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها، ومن أحسن الظن بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه، كما أن من أعظم أسباب الإعانة على المجاهدة: الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، والاستعانة بالصلاة.
من جانبها ذكرت الدكتورة غادة البغدادي، أن هناك طرق كثيرة لمجاهدة النفس، منها معرفة الله عز وجل ومعرفة صفاته وأسمائه، مما يترتب عليه محبته - عز وجل - وتقديره حق قدره وهذا ييسر طاعته تبارك وتعالى- ويحفز على السعي لعمل كل ما يرضي الله وتجنب ما يسخطه، واستشعار نعمة الإسلام، والاستعانة بالله عز وجل، فنحن بشرٌ ضعاف لا حول لنا ولا قوة إلا أن يعيننا الله عز وجل، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: " يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليلِ والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم" رواه مسلم في صحيحه، ولقد طلب سيدنا يوسف العون من الله وهو نبي ابن نبي، قال الله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴾
وأشارت مدرس الفقه بجامعة الأزهر الشريف، إلى أن معرفة ما عند الله من ثواب يكون له كبير الأثر في تيسير الطاعات وتجنب المحرمات، فتهون المشقة حين نعلم أن الله تعالى أعد لعباده المؤمنين من النعيم المقيم الأبدي في دار كرامته، ما لم ترعين قط مثله، ولم تسمع أذن بوصفه، ولم يخطر على القلب تصوره، وأنه لا يعلم عظمته إلا الله تعالى، ففي الحديث القدسي : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. رواه البخاري ومسلم.
من جهتها بينت الدكتورة حياة العيسوي، أن من أهم طرق جهاد النفس، الاستقامة فيجب على العبد أن يستقيم على طاعة الله وألا ينقطع عنها فيعتصم بالسير على الطريق ولا يحيد عنه، قال تعالى: " إِنَّ الَّذين قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تتَنَزلُ عَلَيهِمُ المَلاَئِكَةُ أَلاّ تَخَافُوا وَلاَتَحزَنُوا"، كما أن المداومة على الطاعة من علامات قبولها، فيجب مواصلة الطاعات حتى يشعر المرءبلذة العبادة، فلقد حذرنا الله تعالى أن نكون مثل الذي أذاقة الله حلاوة الإيمان وآتاه أياته، ثم انقلب على عقبيه واشترى الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة، وانسلخ من آيات الله كما تنسلخ الحية من جلدها: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ﴾.
كما حذَّرنا ربنا سبحانه، أن نكون مثل التي كانت تغزل طول يومها غزلاً قويًا محكما ثم آخر النهار تنقضه أنكاثا وتفسده بعد إحكامه، فقال تعالى: ﴿ وَلاتَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً﴾، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من ترك الطاعة بعد التعود عليها فقال لعبد الله بن عمرو: "يا عبْد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل"، وسئلت عائشة رضي الله عنها عن عمله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان عمله ديمة"، وقد قال أهل العلم إن من أعظم علامات الرد وعدم القبول، عودة المرء إلى قبيح الأعمال بمجرد انتهاء زمان الطاعة.