هينريتا لاكس المرأة الأميركية ذات الخلايا الخالدة
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
هينريتا لاكس أميركية من أصل أفريقي ولدت عام 1920، أصيبت بسرطان في عنق الرحم عام 1951 وأُخذت منها خلايا من دون إذنها أثناء فترة علاجها. توفيت بعد عدة أشهر بسبب انتشار السرطان في جسدها. تميزت خلاياها بأنها تعيش فترة طويلة، وهو ما أسهم في استخدامها في كثير من البحوث العلمية، وتطوير كثير من اللقاحات والعلاجات وحماية ملايين الناس حول العالم.
سميت خلاياها باسم "خلايا هيلا الخالدة".
ولدت هينريتا لاكس عام 1920 في مدينة رونوك في ولاية فيرجينيا الأميركية، وتوفيت والدتها بينما كانت تضع طفلها العاشر. وكان عمر هينريتا 4 سنوات.
لم يكن والد هينريتا قادرا على إعالة 10 أطفال بمفرده فنقل العائلة إلى منطقة ريفية تسمى كلوفر، ووزع أطفاله على الأقارب، فانتهى المطاف بهينريتا في منزل جدها لأمها.
هناك عملت هينريتا في مزارع التبغ كسائر أفراد عائلتها، واضطرت إلى ترك المدرسة عندما كانت في الصف السادس لتساعد في إعالة الأسرة.
تزوجت هينريتا وأنجبت طفلها الأول عندما كان عمرها 14 عاما، ثم أنجبت بعد ذلك 4 أطفال آخرين، وقد وصفت ولادة آخرهم بأنها "معجزة" لأنه كان يحارب الخلايا السرطانية التي تنمو حوله.
في عام 1951 شعرت هينريتا بـ"عقدة" في رحمها فتوجهت إلى مشفى جونز هوبكنز، وقد كان المستشفى الوحيد في المنطقة الذي يقبل علاج المرضى السود، هناك أخذ طبيبها هوارد دبليو جونز خزعة من الكتلة الموجودة في عنق الرحم لفحصها في المختبر، وبعد فترة وجيزة تم تشخيصها بأنها مصابة بالسرطان في عنق الرحم.
الوفاةانتشر السرطان بسرعة في جسد هينريتا لاكس مما أدى إلى وفاتها في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1951 عن عمر يناهز 31 عاما.
خلايا "هيلا" الخالدةلم تكن هينريتا ولا عائلتها تعرف أنه قد تم أخذ عينتين من عنق رحمها في فترة العلاج القصيرة من دون إذنها أو علمها، وكانت إحدى العينات من الأنسجة السليمة والأخرى من الأنسجة السرطانية.
أعطيت هذه العينات للطبيب وباحث السرطان جورج أوتو جي، الذي لاحظ أن هذه الخلايا استثنائية ولا تشبه الخلايا التي تمت دراستها مسبقا، فهي تتكاثر بمعدل مرتفع للغاية ويمكن أن تظل حية لفترة كافية تسمح بإجراء دراسات معمقة عليها.
وعادة ما تبقى الخلايا المزروعة للدراسات المخبرية على قيد الحياة لبضعة أيام فقط، وهي فترة لم تكن طويلة بما يكفي لإجراء مجموعة متنوعة من الاختبارات المختلفة على عينة واحدة.
في حين كانت خلايا هيلا لاكس هي أول خلايا لاحظ العلماء أنها من الممكن أن تنقسم وتتكاثر عدة مرات من دون أن تموت، لهذا السبب أطلق عليها اسم خلايا "هيلا الخالدة"، وقد سميت "هيلا" لأن الطبيب جورج أوتو جي كان يسمي العينات عادة باستخدام أول حرفين من اسم المريض مع أول حرفين من كنيته، ومن ثم فإن "هيلا" هي اختصار لـ"هينريتا لاكس".
أدت القدرة على إعادة إنتاج خلايا هيلا بسرعة في بيئة مخبرية إلى عدد من الإنجازات المهمة في مجال البحوث الطبية الحيوية.
على سبيل المثال بحلول عام 1954 كان الطبيب الأميركي جوناس سالك يستخدم خلايا "هيلا" في بحثه لتطوير لقاح شلل الأطفال. ولاختبار لقاحه الجديد تم إنتاج الخلايا بكميات كبيرة في أول مصنع لإنتاج الخلايا، وهي التي كان لها الفضل في تطوير لقاح أنقذ حياة ملايين الأطفال في شتى بقاع العالم.
بعد ذلك أصبح الطلب على خلايا "هيلا" مرتفعا، وباتت تنتج بشكل ضخم في المختبرات، إذ تم إرسالها بالبريد إلى العلماء في جميع أنحاء العالم من أجل إجراء بحوث في السرطان والإيدز وآثار الإشعاع والمواد السامة ورسم خرائط الجينات ومساعٍ علمية أخرى تُعَدُّ ولا تحصى.
حتى إنها قد استُخدمت كذلك لاختبار حساسية الإنسان للشريط اللاصق والغراء ومستحضرات التجميل وعدة منتجات أخرى.
وبذلك كانت خلايا "هيلا" هي أول خلايا بشرية يتم استنساخها بنجاح في عام 1955، وبات هناك ما يقرب من 11 ألف براءة اختراع تتعلق بدراسات علمية استخدمت خلايا "هيلا".
في أوائل السبعينيات أصبح هناك خلط كبير في مزارع الخلايا بين خلايا "هيلا" والخلايا الأخرى، لذلك قرر الباحثون التواصل مع أفراد أسرة هينريتا لاكس على أمل الحصول على عينات دم للتعرف على جينات العائلة للتمييز بين خلايا "هيلا" وخطوط الخلايا الأخرى.
هنا بدأ عدد من أفراد الأسرة المذعورين والمرتبكين في التساؤل عن سبب تلقيهم كثيرا من المكالمات الهاتفية لطلب عينات الدم.
وفي عام 1975 علمت العائلة من خلال محادثة عابرة عن طريق الصدفة في حفل عشاء أن الخلايا التي أخذت من هينريتا لاكس لا تزال تستخدم حتى اليوم في الأبحاث الطبية.
من الجدير بالذكر أن الإذن في استخدام الخلايا لم يكن مطلوبا عندما تم أخذ خلايا هينريتا من دون علمها، بالإضافة إلى ذلك لم تستخدم الخلايا آنذاك سوى في الأبحاث الطبية ولم يتربح منها الطبيب الذي أخذ منها العينة، لأن ذلك لم يكن أخلاقيا في مجال البحث العلمي.
مع ذلك فقد استخدمت خلايا "هيلا" في وقت لاحق للأغراض الطبية والتجارية كذلك، كما تم نشر السجلات الطبية للعائلة من دون موافقتها في الثمانينيات.
آنذاك لم تتخذ الأسرة أي إجراءات قانونية، لكن رفع شخص يدعى جون مور قضية مشابهة في المحكمة العليا في كاليفورنيا، حيث اعترض على استخدام خلاياه في الأبحاث العلمية، لكن قضت المحكمة عام 1990 بأن نسيج وخلايا الشخص المهملة ليست ملكًا له ويمكن تسويقها.
اعترضت عائلة لاكس عام 2013 عندما نشر الباحثون تسلسل الحمض النووي لجينوم سلالة من خلايا "هيلا"، إذ لم ترغب العائلة أن تكون معلوماتها الجينية متاحة للجمهور.
لكن في العام ذاته تم الإعلان عن اتفاقية بين الأسرة والمعاهد الوطنية للصحة، منحت أفراد الأسرة من خلالها بعض التحكم في الوصول إلى تسلسل الحمض النووي للخلايا الخاصة بجدتهم.
وفي أكتوبر 2021 رفعت عائلة لاكس دعوى قضائية ضد شركة "ثيرمو فيشر ساينتيفيك"، التي استفادت من خط خلية "هيلا" من دون موافقة العائلة، وطالبت العائلة بكامل الأرباح التي حصلت عليها الشركة، وقد توصل الطرفان أيضا إلى اتفاق في وقت لاحق.
إرث هينريتا لاكسينظر إلى قصة هينريتا لاكس على أنها انعكاس لعدم المساواة العرقية المتأصلة في أنظمة البحث والرعاية الصحية في الولايات المتحدة، فقد كانت لاكس امرأة سوداء وتم أخذ خلاياها من دون موافقتها أو علمها في واحد من المستشفيات القليلة التي قدمت الرعاية الطبية للسود، ويرى كثيرون أنه بالرغم من أن ذلك كان قانونيا في ذلك الوقت فإنه يعد غير أخلاقي.
حتى إن بعضهم يدعو إلى الحد من استخدام خلايا "هيلا" في البحث أو حتى إنهاء استخدامها تماما. أما أحفاد هينريتا لاكس فلهم وجهة نظر أخرى، فهم لا يدعون إلى عدم استخدام خلايا جدتهم بل يرغبون فقط بالاحتفال بحياتها وإرثها.
فعلى سبيل المثال تقول جيري لاكس، حفيدة هينريتا "أريد من العلماء أن يعترفوا أن خلايا هيلا جاءت من امرأة أميركية من أصل أفريقي كانت من لحم ودم ولديها عائلة ولديها قصة".
ويضيف حفيد آخر "على الرغم من أن خلايا لاكس أخذت بطريقة سيئة فإنها كُرّست لتقديم الخير لجميع الأعراق".
اعتراف بالفضلتم الاعتراف بفضل هينريتا لاكس من قبل جهات عديدة وكرمت بعد وفاتها لمساهمتها في إحداث ثورة في عالم الطب الحديث من بينها:
عام 1996 عقدت كلية مورهاوس للطب أول مؤتمر سنوي لصحة المرأة وكرمت فيه هينريتا لاكس وتم الاعتراف بالمساهمة القيمة التي قدمها الأميركيون من أصل أفريقي في البحوث الطبية. كذلك أعلن رئيس بلدية أتلانتا تخصيص يوم انعقاد المؤتمر ليكون "يوم هينريتا لاكس". اعترف الكونغرس الأميركي بمساهمات هينريتا لاكس عام 1997. منحت هينريتا الدكتوراه الفخرية من جامعة ولاية مورغان في بالتيمور عام 2011. عام 2017 أطلق على كوكب صغير في حزام الكويكبات الرئيسي اسم "359426 Lacks" تكريما لهينريتا. عام 2021 كشفت جامعة بريستول الستار عن تمثال لهينريتا لاكس في رويال فورت هاوس في المدينة. وكان أول تمثال لامرأة سوداء تصنعه امرأة سوداء في مكان عام في المملكة المتحدة. عام 2021 أيضا قدمت منظمة الصحة العالمية جائزة إلى "لورانس لاكس" نجل هينريتا لاكس، تقديرا لمساهمتها في العلوم والطب. كما حملت عدة مدارس وشوارع ومراكز بحوث اسم هينريتا لاكس تقديرا لـ"خلاياها الخالدة" التي أسهمت في إنقاذ حياة الملايين في مختلِف أرجاء العالم.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من دون
إقرأ أيضاً:
منصور بن محمد يشهد تخريج الدفعة الـ 28 من طلبة الجامعة الأميركية في دبي
شهد سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية مساء اليوم، حفل تخريج الدفعة الثامنة والعشرين من طلبة الجامعة الأميركية في دبي، الذي أقيم في مركز دبي التجاري العالمي.
وقام سموه بتسليم الشهادات للخريجين والبالغ عددهم 375 طالباً وطالبة من 52 جنسية، الذين تخرجوا في كليات الهندسة، إدارة الأعمال، كلية محمد بن راشد للإعلام، الهندسة المعمارية والفنون والتصميم، الآداب والعلوم، والتربية، وذلك بحضور الدكتور كايل لونغ رئيس الجامعة، وإلياس بوصعب، نائب الرئيس التنفيذي للجامعة، وعدد من كبار المسؤولين والقيادات التربوية والتعليمية، وأولياء أمور الطلبة الخريجين.
وخلال الحفل، ألقى الياس بوصعب، نائب الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية في دبي، كلمة رحب في مستهلها بسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، والحضور، وخاطب فيها خريجي دفعة العام 2025، مشيداً بقدرة الشباب على التعامل الإيجابي مع المتغيرات المحيطة، والقدرة على تخطي التحديات بعزيمة وإصرار، داعياً إياهم للاحتفاء بإنجازهم وتفوقهم.
وأضاف: «في الجامعة الأميركية في دبي، كنا دائماً ننظر إلى المستقبل، مع حرصنا على دعم الرؤى السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وتوجيهات سموهما الدائمة نحو دفع مسيرة الابتكار والتقدم، وتحقيق أعلى مستويات جودة الحياة».
وأوضح أنه انطلاقاً من هذا الالتزام، أطلقت الجامعة الأمريكية في دبي برامج أكاديمية رائدة وفريدة من نوعها في المنطقة، من بينها برنامج متعدد التخصصات يجمع بين الذكاء الاصطناعي وإدارة الأعمال، استجابة للحاجة المتزايدة إلى الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، سواء من الناحية التقنية أو التطبيقية كما أطلقت الجامعة برنامجاً متطوراً في تصميم وتطوير الألعاب الإلكترونية، بهدف دعم النمو المتوقع في قطاع الألعاب في دولة الإمارات، من خلال إعداد أجيال جديدة من خبراء هذا المجال وتوفير الكفاءات الوطنية التي يحتاج إليها السوق وبالإضافة إلى هذين البرنامجين، وبالتعاون مع كلية بيرلمان للطب في جامعة بنسلفانيا، نفتخر أيضاً بتطوير كلية طب جديدة تدعم رؤية الدولة في القطاع الصحي وتعزز بنيتها التحتية وجميع هذه المبادرات تشكّل قفزة نوعية نحو دعم رؤية دولة الإمارات والعالم في مجالات الذكاء الاصطناعي والابتكار والرعاية الصحية، ببناء اقتصاد معرفي ومجتمعات أكثر صحة.
وألقت المتحدثة الرئيسية للحفل، سعادة الدكتورة مريم مطر، مؤسسة ورئيسة جمعية الإمارات للأمراض الجينية، والمتخصصة في مجال البحوث الجينية والصحة العامة، كلمة هنأت فيها الخريجين والخريجات، أعربت فيها عن تقديرها لجهود الطلبة والطالبات خلال مرحلة التحصيل العلمي في الجامعة، مؤكدة أنهم يمثلون الأمل في غد مشرق حافل بالفرص، ووجهت لهم مجموعة من النصائح في مقتبل حياتهم العملية، من أهمها الحفاظ على الانتماء والتمسك بالثقافة، والاستعداد لمواجهة تحديات الحياة بكل عزيمة وإصرار على التغلب عليها، مشيرةً إلى أن قصة نجاح دولة الإمارات تبقى دائما مصدر إلهام لكل طالب للنجاح، وبكل ما أثمرته من إنجازات كانت نتاج جهود جماعية ضمن مسيرة نماء شارك فيها الجميع بعمل اجتمعوا فيه على قلب رجل واحد بكل الإخلاص والتفاني.
من جانبه، ألقى الدكتور كايل لونغ، رئيس الجامعة الأميركية في دبي، كلمة رحب فيها بالحضور، وأعرب عن خالص التهنئة للخريجين والخريجات، وأكد تقديره لما أبدوه من التزام وعمل جاد ومشاركة مجتمعية نموذجية، وصولاً إلى تحقيق إنجازات مشهود لها بالتميز، بأفكار طموحة، تمثل الأساس للغد المنشود. وقال مخاطباً الخريجين والخريجات: «خلال سنوات الدراسة في الجامعة، تطورتم، وأصبحتم تفكرون بشكل أسرع، وتملكون رؤى مستقبلية، وهذه قدرات ضرورية لأن العالم من حولكم يزداد تعقيداً في ظل النزاعات والتغيّرات المناخية والتضخم الاقتصادي والتسارع التكنولوجي لكن ما يُطمئن هو أن شهاداتكم لا تعكس فقط ما تعلمتموه، بل تؤكد أيضاً أنكم اكتسبتم القدرة على التعلّم المستمر».
وكرّم سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم الطالبة مايا مقلد، الأولى على دفعة 2025 خريجة كلية إدارة الأعمال لحصولها على المركز الأول في هذه الدفعة. وألقت الطالبة مايا مقلد كلمة وجهت فيها الشكر والتقدير للجامعة وأساتذتها والعاملين فيها وإلى زملائها دفعة عام 2025 وقالت: «نحتفل اليوم بمناسبةٍ تاريخيةٍ تغمرنا بمشاعر السعادة والامتنان... إذا نظرتم إلى الوراء، سترون السنوات الأربع الرائعة التي قضيناها هنا في الجامعة الأمريكية بدبي مليئةً بذكرياتٍ متميزة، وإذا نظرتم إلى الأمام، سترون مستقبلاً مليئاً بالتحديات ولكنه أيضاً حافلاً بالفرص التي يمكننا من خلالها تحقيق كامل إمكاناتنا».
وفي الختام، التقطت لسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم الصور التذكارية مع الطلبة الخريجين، متمنياً لهم التوفيق في حياتهم العملية، وأن يكونوا نموذجاً للتميز في السعي لكسب المزيد من المعرفة التي يمكن بها تطوير أنفسهم.