ما زال الظهور الأخير لرئيس الوزراء العراقي الأسبق، عادل عبد المهدي، في اليمن رفقة بعض القيادات الحوثية، يثير مزيداً من التكهنات والجدل بشأن طبيعة الزيارة وأهدافها ومضامين الرسائل التي نقلها، خصوصاً في ظل تزامنها مع الهجمات الجوية الأميركية التي يتعرض لها الحوثيون، وتقارير صحافية غربية تتحدث عن «توفير العراق معسكرات خاصة لتدريب العناصر الحوثية».

العنوان الرئيسي لزيارة عبد المهدي كان المشاركة في أعمال «المؤتمر الدولي الثالث - فلسطين قضية الأمة» الذي ينظمه الحوثيون في صنعاء. لكن تفاصيل كثيرة ارتبطت بالزيارة وكانت مدار نقاشات عراقية عريضة.

أول تلك النقاشات التي ارتبطت بالزيارة، عبر عنه إبراهيم الصميدعي، مستشار رئيس الوزراء السابق، فقد استنتج أن واشنطن «اختارت» عبد المهدي ليكون «رسولها إلى اليمن بهدف التفاوض مع الحوثيين».

ويخلص الصميدعي من هذا الاحتمال إلى أن «العمق المحافظ الشيعي العراقي قد حسم خلافاته مع أميركا، والأمور تسير باتجاه التطبيع واستقرار الدولة، وإيران قد نقلت ملف الحوثي إلى العراقيين للوصول إلى تسوية مع (الصديق) الأميركي، ولضمان بقاء وجود سياسي لها في اليمن، ولكي تخفف العبء عن نفسها في مفاوضاتها المزمعة مع ترمب».لكن ضابط المخابرات العراقي السابق، سالم الجميلي، رأى في تدوينة عبر منصة «إكس» أن «سلطنة عُمان تتمتع بعلاقات وثيقة بالحوثيين، كما أنها محل ثقة من طرف أميركا، وهي وسيط ضالع في هذه الأزمة منذ بدايتها».

وأضاف أن «أميركا لو أرادت إيصال رسالة للحوثيين، لطلبت من السلطنة القيام بالمهمة، ولا يكلفون رئيس وزراء فاشلاً وشخصية ولائية فجة بهذه المهمة».

ويقول الجميلي: «احتمال واحد؛ هو أن الفرنسيين أرسلوه بصفته (يحمل الجنسية الفرنسية) لاستطلاع وجهة نظر الحوثيين، أو الدعوة إلى وقف نشاطاتهم، وفرنسا ماكرون تبحث عن أدوار وتتحرك بهذه الزوايا».

وكتب ليث شبّر، الناشط السياسي والمقرب سابقاً من عادل عبد المهدي، أن «البريطانيين اتصلوا بعادل عبد المهدي لغرض نقل رسالة إلى الحوثيين مفادها: (لكم البر ولنا البحر، الملاحة مقابل السلطة). الإيرانيون أعطوا الضوء الأخضر للوساطة».

وتتشابك هذه الأحاديث مع «رسائل» يقال إن قائد «فيلق القدس» الإيراني، إسماعيل قاآني، قد حملها إلى بغداد خلال زيارته الأخيرة، وطلب فيها إيصال رسالة للحوثيين بـ«ضرورة التهدئة وإيجاد نافذة للتفاوض مع واشنطن وإيقاف التصعيد العسكري في البحر الأحمر وباب المندب».

وجهة النظر الأخيرة، كانت هي الأخرى محل تشكيك المراقبين، بالنظر إلى اللهجة المتشددة ضد إسرائيل والغرب عموماً، التي استخدمها عادل عبد المهدي خلال كلمته في أعمال «المؤتمر الثالث» باليمن، إلى جانب إشادته الشديدة بجماعات «محور المقاومة»... هذه اللهجة لا تصدر عن «طرف وسيط يحمل رسائل سلام» إلى الجانب الحوثي.

ومن بين ما قاله عبد المهدي في كلمته «الحماسية» خلال المؤتمر المشار إليه: «وحدة الساحات غيّرت المعادلة، وجبهات لبنان والعراق واليمن وإيران فرضت نفسها»؛ الأمر الذي أثار استغراب كثير من المراقبين، خصوصاً مع الخسائر المتلاحقة التي تعرضت لها «وحدة الساحات» أو «محور المقاومة» خلال الأشهر الأخيرة بعد تدمير «حزب الله» اللبناني، وإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، وإيقاف هجمات الفصائل العراقية ضد إسرائيل والقوات الأميركية في العراق.

ثمة وجهة نظر أخرى تتعلق بأهداف الزيارة، يروج لها خصوم عبد المهدي، الذين يحمّلونه مسؤولية قتل أكثر من 800 متظاهر وجرح الآلاف في «حراك تشرين الأول (أكتوبر)» الاحتجاجي عام 2019، حين كان رئيساً للوزراء، ويرون أن عبد المهدي «يسعى جاهداً للانخراط في (محور المقاومة) لحماية نفسه من أي مساءلة قانونية محتملة جراء ضلوع حكومته في (أحداث تشرين)».

لفت الانتباه في معظم التكهنات والأحاديث التي دارت بشأن الزيارة غيابُ البعد العراقي فيها؛ إذ لم يشر أحد إلى أنه يمكن أن يكون مبعوثاً خاصاً من الحكومة العراقية، أو من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية التي ترتبط بعلاقات وثيقة بالجماعة الحوثية، وهي العلاقة التي تضع العراق في دائرة الاتهام بأنه يوفر معسكرات تدريب ودعم للجماعة الحوثية داخل أراضيه، وهو الأمر الذي نفته السلطات العراقية.

ورداً على تقرير من صحيفة «فورين بوليسي» الأميركية، عن أن للحوثيين وجوداً في العراق، نفى المتحدث باسم «خلية الإعلام الأمني» اللواء سعد معن، الخميس الماضي، ذلك، وقال إن «بعض وسائل الإعلام تداول أنباء بشأن استخدام الحوثيين معسكراً للتدريب بمنطقة الخالص في محافظة ديالى... ننفي هذه الأنباء جملة وتفصيلاً

 

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: عادل عبد المهدی

إقرأ أيضاً:

هل يغلق مضيق هرمز باب النفط العراقي؟

في خطوة يتم النظر إليها على أنها رد مباشر على الضربات العسكرية الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية، كشفت الحكومة والسلطات العسكرية الإيرانية، صباح اليوم، عن نيتها تنفيذ قرار بإغلاق مضيق هرمز، حيث وافق البرلمان عليه وبانتظار رأي المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني خلال الساعات القليلة المقبلة.
العراق – سبوتنيك. هذه الخطوة تمثل تصعيدا ينذر بعواقب وخيمة على منطقة الخليج والعالم، حيث أن هذا الإعلان فجر حالة من القلق في الأسواق العالمية، فيما دقت ناقوس الخطر في العراق، الذي قد يكون من أكبر المتضررين إقليميا من هذا الإجراء.
فمع اعتماد العراق بشكل كبير على صادرات النفط عبر الخليج، وغياب بدائل تصديرية فعالة مثل ميناء جيهان التركي أو المنافذ عبر البحر الأحمر، فإن أي إغلاق المضيق يعني شل حركة النفط العراقي، وتعطيل تدفق المواد الغذائية والبضائع الحيوية، ما قد يُدخل البلاد في أزمة اقتصادية خانقة.
وقبل قليل، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني، تصويت البرلمان بالموافقة على قرار يقضي بإغلاق مضيق هرمز، في خطوة تنتظر المصادقة النهائية من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
ويعتبر مضيق هرمز من أبرز الممرات البحرية الحيوية عالمياً، إذ تمر عبره قرابة 20 في المئة من صادرات النفط والغاز في العالم وعلى رأسها العراق، ما يجعل أي تهديد بإغلاقه يثير قلقا واسعا في الأسواق العالمية.
ويفصل المضيق بين الخليج العربي وبحر العرب، وتستخدمه عدة دول في المنطقة كممر رئيسي لتصدير الجزء الأكبر من إنتاجها النفطي، حيث ظل المضيق على مدى العقود الماضية نقطة توتر مزمنة، خاصة خلال فترات التصعيد بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى.
ويقع مضيق هرمز بين سلطنة عمان وإيران وهو طريق التصدير الرئيسي لمنتجي النفط مثل السعودية والإمارات والعراق والكويت.
وتمر عبر مضيق هرمز كميات هائلة من النفط الخام المستخرج من حقول النفط في دول أوبك (OPEC)، وهي الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط، مثل السعودية والإمارات والكويت والعراق لتلبية الطلب العالمي.
وسبق أن لوّحت إيران في عدة مناسبات بإغلاق مضيق هرمز كوسيلة للرد أو الضغط، سواء في حال تعرضها لهجوم عسكري أو فرض قيود على صادراتها النفطية، إلا أن الإقدام الفعلي على هذه الخطوة يمثل تصعيدا بالغ الخطورة، قد يؤدي إلى اندلاع صراع إقليمي واسع النطاق، وفقا للمراقبين للشأن الدولي.
إغلاق مضيق هرمز قد يشكل كارثة اقتصادية عالمية
ويحذّر الباحث في الشأن الاقتصادي العراقي، أحمد عبد ربه، من أن إغلاق مضيق هرمز لا يُعد مجرد حدث اقتصادي عابر، بل قد يتحول إلى كارثة اقتصادية شاملة تؤثر على المنطقة والعالم بأسره، نظرا لأهمية المضيق في حركة تصدير النفط.
ويقول عبد ربه، خلال حديثه لـ “سبوتنيك”، إن “أكثر من 16 مليون برميل من النفط تمر يوميا عبر المضيق، ما يعني أن أي تعطيل فيه سيؤدي إلى توقف شبه كامل لصادرات النفط من العراق، الكويت، الإمارات، وقطر، بما في ذلك صادرات الغاز الطبيعي المسال”.
ويضيف الخبير العراقي أن “إغلاق المضيق سيشل الاقتصاد العالمي، ويؤدي إلى هبوط حاد في البورصات العالمية، وستكون له تداعيات مباشرة على الولايات المتحدة الأمريكية وحتى على إسرائيل”، مشيرا إلى أن “العراق، لم يتمكن حتى الآن من تنويع منافذه التصديرية أو تعزيزها بالشكل الكافي عبر ميناء جيهان التركي أو من خلال موانئ البحر الأحمر والمملكة العربية السعودية، ما يجعله عرضة لتأثير مباشر في حال إغلاق المضيق، ليس فقط في مجال تصدير النفط، بل أيضا في تأمين المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية التي تصل عن طريق البحر”.
ويتابع عبد ربه، قائلا إن “إيران كانت قد هددت بإغلاق المضيق، وقد تستخدم هذا الخيار كورقة ضغط في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف الوصول إلى حلول وتسويات للأزمات المتصاعدة في المنطقة”، مؤكدا أن “تصاعد التوترات في هذه المنطقة الحيوية يستدعي تحركا إقليميا ودوليا لتفادي الأسوأ، وضمان استمرار تدفق الطاقة واستقرار الأسواق العالمية”.
وفق تصريحات نقلتها وسائل إعلام عالمية، يعرب عدد من المستثمرين عن توقعهم بأن الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية فجر الأحد قد ينعكس سريعا على الأسواق العالمية مع إعادة فتحها صباح الاثنين، حيث يُرجّح أن ترتفع أسعار النفط وتتجه رؤوس الأموال نحو الأصول الآمنة، في وقت يسعى فيه المستثمرون إلى تقييم تداعيات هذا التصعيد الجديد على الاقتصاد العالمي.
وتجدر الإشارة إلى أن مضيق هرمز يعد شريانا حيويا لإمدادات الطاقة العالمية، إذ يعبر من خلاله ما يقارب خمس الاستهلاك العالمي من النفط، بما يُعادل بين 18 إلى 19 مليون برميل يوميا من الخام والمكثفات والوقود، كما تمر عبره نحو 11 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي المسال، ما يجعله أحد أبرز الممرات الاستراتيجية في قطاع الطاقة العالمي.
كما تعتمد إيران نفسها على مضيق هرمز لتصدير نفطها واستيراد السلع، فيما أن أي إغلاق سيضر بحلفائها وعلى رأسهم الصين، التي تستورد أكثر من 75 في المئة من صادرات النفط الإيراني.

وفي هذا الصدد، يقول عبد الرسول الأسدي، وهو صحفي ورئيس تحرير إحدى الصحف العراقية الصادرة في بغداد، إن “الضربات العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية داخل الأراضي الإيرانية ليلة أمس تمثل انتهاكاً سافرا للقانون الدولي، وتجاوزا واضحا للمواثيق والأعراف الدولية”.
ووفقاً للأسدي، فإن مثل هذه الاعتداءات قد تدفع القيادة الإيرانية إلى اتخاذ قرار حاسم بإغلاق مضيق هرمز، وهو ما سيكون له تأثير بالغ على جميع دول المنطقة، خصوصا تلك التي تعتمد في صادراتها ووارداتها على هذا الممر الحيوي، بما في ذلك العراق عبر ميناء جيهان التركي وسوريا.
ويتحدث الصحفي العراقي، أيضا قائلا إن “المسؤولية تقع على عاتق اللاعب الأمريكي في الحفاظ على الأمن والسلم في المنطقة، وتجنّب أي إجراءات تصعيدية قد تؤدي إلى تفجير الأوضاع، بدلاً من الاستمرار في شنّ اعتداءات تمثل خرقاً واضحاً للشرعية الدولية”، لافتاً إلى أن “إيران تحتفظ بحقها الكامل في الرد على هذه الانتهاكات، لا سيما بعد الضربات العنيفة التي استهدفت أراضيها، والتي تعد استفزازا مباشرا من قبل الإدارة الأمريكية للدفاع عن إسرائيل”.
ويختم الأسدي، بالقول إن “استمرار هذا النهج التصعيدي سيضع المنطقة على شفير مواجهات خطيرة، ويهدد استقرار الإمدادات النفطية والاقتصادية في العالم أجمع”.

وبحسب بيانات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تنتج إيران نحو 3.3 مليون برميل يوميا في حين تصل صادراتها من الخام الأسود والوقود إلى 2 مليون برميل يوميا، بينما ينتج العراق حاليا نحو 4 ملايين برميل من النفط الخام يوميا.
في المقابل، أشارت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية، إلى أن “أي تعطل في الملاحة عبر مضيق هرمز سيؤثر أيضا بشكل كبير على سوق الغاز الطبيعي المسال (LNG)”.
وتعد قطر، التي تُمثل نحو 20 في المئة من تجارة الغاز المسال العالمية، معتمدة كليا على هذا الطريق التصديري، ما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الغاز الأوروبية إذا أغلق المضيق، وفقا للوكالة.
وعن هذه الأزمة، علق وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في وقت سابق من اليوم الأحد، على احتمالات إغلاق مضيق هرمز، مشيرا في مؤتمر صحفي إلى أن “إيران تمتلك خيارات متعددة”.

وكالة سبوتنيك

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ولي العهد يرحب بوقف إطلاق النار في اتصال مع رئيس الوزراء العراقي
  • سمو ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس مجلس الوزراء في جمهورية العراق
  • ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس مجلس الوزراء العراقي
  • رئيس الوزراء العراقي: طائرات مسيرة استهدفت أراضينا ونجحنا في إسقاط بعضها
  • سمو الأمير يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء العراق
  • التعاون الثنائي على رأس أولويات زيارة رئيس الوزراء اللبناني لقطر
  • هل تحمل زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى المغرب جديداً في قضية الصحراء ؟
  • الجزائر تجدد دعمها للدفع بمسار تسوية الأزمة في اليمن التي طال أمدها
  • رئيس هيئة الأمان النووي السابق: هدف إسرائيل منع إيران من تخصيب اليورانيوم
  • هل يغلق مضيق هرمز باب النفط العراقي؟