هل يشعل توقيف إمام أوغلو حربا أهلية في إسطنبول؟!
تاريخ النشر: 29th, March 2025 GMT
تظهر حالة الانفصال عن الواقع التي يعيشها الكثير من أنصار حزب الشعب الجمهوري في موقفين؛ أحدهما يمثل خطرا كبيرا على الأمن المجتمعي لتركيا عامة ولإسطنبول خاصة، ولا تعفي قيادة الحزب من المسؤولية عن تفشي هذه الظاهرة، فيما بعد توقيف رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، وهم في ذلك يستثمرون في الحدث من أجل مكاسب انتخابية، أكثر من سيستفيد منها هما رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس الحزب أوزغور أوزيل، ومن بعيد، يستفيد رئيس الحزب السابق، العجوز الماكر، كمال كليتشدار أوغلو، الذي يسعى للعودة إلى المشهد، بعد أن استطاع من الانتقام لنفسه، بإبعاد أكرم إمام أوغلو، بعد أن انقلب التلميذ على أستاذه.
الموقف الأول الذي يظهر حالة الانفصال عن الواقع، وعدم رغبة أنصار حزب الشعب الجمهوري تصديق الواقع، هي نتائج الانتخابات الداخلية في الحزب، والتي حصل فيها أكرم إمام أوغلو على نحو 15 مليون صوت في الانتخابات التمهيدية، والتي لم يكن فيها سوى مرشح واحد، ليصبح المرشح الرسمي لحزب الشعب الجمهوري بالانتخابات الرئاسية المقبلة، في خطوة يعرف جيدا من اتخذها في قيادة الحزب العليا أنها مردودة، وأنها نفسية لتحريك الأنصار، وأنها سياسية لإبعاد القيل والقال، الذي يمكن أن يلاحق المستفيدين الحقيقيين من الإطاحة بـ"ابن الإمام".
يحدث اضطراب الشخصية أو الانفصال عن الواقع عندما يشعر الإنسان أن الأشياء من حوله غير حقيقية، وأنه يعيش في حلم، وهو ما كان يعيش فيه أكرم إمام أوغلو خلال السنتين الأخيرتين، حيث كان لا يقتنع بأنه يمكن أن يحاسَب، ومن هنا جاءت دعوى إهانة القضاء. ظن الرجل أنه فوق المحاسبة، ومن ثم نقل هذا الشعور للأنصار، وللتغطية على هذا الشعور حاول وتحاول معه قيادات الحزب تحويل التهم إلى سياسية وليست جنائية
الموقف الثاني، هي تلك التظاهرات التي تخرج ليلا منذ القبض على رئيس بلدية إسطنبول، رغم قرار وزارة الداخلية بمنع التظاهر حتى شهر نيسان/ أبريل القادم، وعلى الرغم من أن هذه التظاهرات ليست حاشدة كما تحاول المعارضة، أو على الأقل حزب الشعب الجمهوري، إظهارها، إلا أنها مؤثرة إلى حد بعيد، لما تحمله من معان وإشارات ورسائل. فتكسير شواهد القبور الأثرية، والتبول داخل باحات المساجد، وشرب الخمور داخلها، بالإضافة إلى الهتافات والسباب الذي يتضمنها للرموز والأشخاص المحافظة، يجعل من هذه التظاهرات تحمل مخاطر، لا في الأطر السياسية، بل تتعدى إلى الأطر المجتمعية، التي حاولت حكومة العدالة والتنمية خلال الخمسة وعشرين عاما الماضية ترسيخها، وهي القيم الحقيقية للبرالية والديمقراطية، وبالتالي التعايش السلمي بين أفراد المجتمع.
يحدث اضطراب الشخصية أو الانفصال عن الواقع عندما يشعر الإنسان أن الأشياء من حوله غير حقيقية، وأنه يعيش في حلم، وهو ما كان يعيش فيه أكرم إمام أوغلو خلال السنتين الأخيرتين، حيث كان لا يقتنع بأنه يمكن أن يحاسَب، ومن هنا جاءت دعوى إهانة القضاء. ظن الرجل أنه فوق المحاسبة، ومن ثم نقل هذا الشعور للأنصار، وللتغطية على هذا الشعور حاول وتحاول معه قيادات الحزب تحويل التهم إلى سياسية وليست جنائية، وهو ما فندناه في مقال "أكرم إمام أوغلو بين إنفاذ القانون ولعبة السياسة".
والآن يلعب إمام أغلو بالنار، فالرسالة التي أرسلها إمام أوغلو من السجن تحمل عبارات النضال، رغم تهم الفساد وتعريض الأمن القومي للبلاد للخطر. يقول أكرم في رسالته: "يا شعبنا العزيز، لا تحزنوا، لا تيأسوا، لا تفقدوا الأمل، ما حدث من عبث بالديمقراطية، وما لحق بها من إساءة، سنجتثه معا، ونمحو هذه البقعة السوداء من تاريخنا المشترك، أيام الحساب قادمة، وسيسأل من تلاعب بإرادة الناس أمام العدالة".
هذه الكلمات التي أتمها بقوله: "أدعو كل فرد من أبناء هذا الوطن الـ86 مليونا، إلى أن يملأوا صناديق الاقتراع، ويُسمعوا صوتهم العالي في وجه الظلم، لنُخبر العالم أننا ما زلنا نؤمن بالديمقراطية، ونقاتل من أجل العدالة"؛ تحمل حالة من المظلومية باللعب بمشاعر الناس، وهو ما يحمله المحللون والصحفيون الموالون لحزب الشعب الجمهوري وحلفائه من المعارضة، إلى الجماهير على شاشات القنوات التلفزيونية التي أصبح كل همها في الفترة المسائية هو هذا الموضوع، ومع استدعاء المظلومية، وتصوير الأمر على أنه حرب من أجل الديمقراطية، لترسيخ فكرة أن ما قام بها أكرم إمام أوغلو وشراءه المتهمين في القضايا المختلفة، ومنهم أعضاء ومسؤولون في الحزب الحاكم، على أنه جهاد، من يتخلف عنه آثم قلبه.
إذا وضعنا جنبا إلى جنب هذا الخطاب الإعلامي والتعبوي، الذي كانت نتائجه إقرار هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية عقوبة توقيف البث لمدة 10 أيام لقناة " Sözcü TV" بتهمة "تحريض الجمهور على الكراهية والعداوة"، مع فرية أن المستفيد الأول من الإطاحة بأكرم إمام أوغلو هو الرئيس أردوغان، وحديث البعض عن نية الرجل حل البرلمان، من أجل إيجاد فرصة دستورية لنفسه بالعودة إلى استحقاق جديد، هو كلام يحمل الفرى والبهتان، ولدينا تحليلنا الخاص، وهو تحليل تحمله الشواهد واستطلاعات الرأي، فالأزمة الاقتصادية، والخلافات التي شهدها حزب العدالة والتنمية خلال السنوات القليلة الماضية،المستفيد من المشهد حتى الآن هو من له مصلحة في إبعاد أكرم إمام أوغلو، ومن يلعب بمشاعر أنصار حزب الشعب الجمهوري هو نفسه من يؤجج مشاعر الناس، ومن ثم هو نفسه من أفسح الطريق لانتخابات داخلية من مرشح واحد في الحزب، وهو يعلم أن الترشح والتصويت هما لعبة سياسية، تبتعد كثيرا عن حقيقة إمكانية تنفيذها والسياسات التي أبعدت شريحة ليست بالقليلة من المحافظين والإسلاميين، الظهير الشعبي الحقيقي للحزب الحاكم، والتغييرات الدولية والإقليمية، غير المساندة للحزب ورئيسه، تجعل من الحديث عن إقدام الرئيس أردوغان على الترشح مجددا هو درب من دروب الانتحار السياسي، لا سيما بعد نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
الانتهاكات التي شهدتها تظاهرات أنصار حزب الشعب الجمهوري، والتي يؤججها خطاب قادة الحزب ورئيسه، وجهات خارجية من وراء الستار، ومساسها بالحريات والمقدسات، دفعت بعض المصلين للتمترس أمام الجوامع للحفاظ على المقدسات، ومنع المتظاهرين من المساس بها، وإذا كانت وقفات المتدينين اليوم دفاعية، فلا يعلم أحدنا ماذا تحمل الأيام من تطورات، ولا يعلم أحدنا إلى أين يمكن أن يأخذ من يقود مشهد الغاضبين!
المستفيد من المشهد حتى الآن هو من له مصلحة في إبعاد أكرم إمام أوغلو، ومن يلعب بمشاعر أنصار حزب الشعب الجمهوري هو نفسه من يؤجج مشاعر الناس، ومن ثم هو نفسه من أفسح الطريق لانتخابات داخلية من مرشح واحد في الحزب، وهو يعلم أن الترشح والتصويت هما لعبة سياسية، تبتعد كثيرا عن حقيقة إمكانية تنفيذها، ثم يصرح: "إذا لم يكن من الممكن ترشيح إمام أوغلو رسميا، سيظهر شخص آخر كمرشح.. لا يهم من يكون بديل إمام أوغلو، فهو سيفوز بالانتخابات باسم أكرم إمام أوغلو".
هذا اللعب بالمشاعر، والذي يذهب بالمناصرين إلى أبعد مدى، قد ينزلق إلى منزلق لا يمكن إيقافه، لكن الحقيقة أن من يلعب بالنار حتما ستحرقه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء إمام أوغلو الشعب الجمهوري أردوغان تركيا أردوغان الشعب الجمهوري إمام أوغلو قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکرم إمام أوغلو هذا الشعور هو نفسه من فی الحزب یعیش فی یمکن أن ومن ثم وهو ما من أجل
إقرأ أيضاً:
الشعب الجمهوري ينظم مؤتمرا جماهيريا حاشدا لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة
نظم حزب الشعب الجمهوري مؤتمرًا جماهيريًا حاشدًا بمدينة أوسيم في محافظة الجيزة، تحت رعاية النائب طارق الطويل الأمين المساعد لأمانة العمل الجماهيري المركزية، وذلك لدعم مرشحيه في انتخابات مجلس الشيوخ 2025، النائب "أحمد أبو هشيمة" نائب رئيس الحزب، الذي يخوض السباق الانتخابي ضمن القائمة الوطنية من أجل مصر تحت رمز «كليوباترا»، وأحمد الفار، والذي يخوض السباق الانتخابي على المقعد الفردي تحت رمز «الصاروخ».
حضر المؤتمر كل من اللواء محمد صلاح أبوهميلة الأمين العام للحزب ورئيس هيئته البرلمانية بمجلس النواب، وأحمد الألفي الأمين العام المساعد لشؤون التنظيم والعضوية "أمين التنظيم المركزي"، إلى جانب الدكتور زاهر الشقنقيري أمين أمانة التخطيط والتطوير المركزية والمتحدث الرسمي باسم الحزب، المستشار أحمد حبيب الأمين المساعد لأمانة المجالس المحلية المركزية، والمهندس أحمد إسلام أمين مساعد أمانة التخطيط والتطوير المركزية.
افتتح المؤتمر بعزف السلام الجمهوري، تلته كلمات قيادات الحزب وبعض الضيوف.
من جانبه، أكد النائب أحمد أبو هشيمة، أن ترشحه ضمن "القائمة الوطنية"، يجسد التزامه الراسخ بخدمة الوطن وتلبية تطلعات المواطنين تحت قبة مجلس الشيوخ.
كما شدد نائب رئيس الحزب، على أن أي محاولات للمزايدة على الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية هي محاولات باطلة وعديمة الجدوى، مؤكدًا أن الدولة المصرية تواصل دعمها الثابت والمتواصل للشعب الفلسطيني في غزة بكافة الوسائل المتاحة، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو الجهود الدبلوماسية.
بدوره، أعرب اللواء محمد صلاح أبوهميلة عن تقديره العميق للحضور من أبناء أوسيم وقيادات الحزب، مشيدًا بالروح الوطنية التي تجمع الجميع في دعم مرشحي الحزب، ومؤكدًا أن النائب "أحمد أبو هشيمة"، والأستاذ "أحمد الفار" يمثلان صوت المواطن في مجلس الشيوخ، من خلال برامج انتخابية تركز على تعزيز التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
ومن جهته، أكد أحمد الألفي أن حزب الشعب الجمهوري يعمل وفق خطة منظمة تهدف إلى اختيار مرشحين يمتلكون القدرة على تحقيق آمال الشعب المصري، لافتًا إلى أن مرشحي الحزب يحملون رؤية واضحة لدعم الاقتصاد الوطني، تحسين الخدمات العامة، وتمكين الفئات الشابة.
وأضاف أن الحزب يسعى إلى بناء جسور من الثقة بين المواطنين والمؤسسات السياسية.
على الجانب الآخر، أشار أحمد الفار، إلى أن هدفه الأساسي هو تمثيل المواطنين بكل أمانة وشفافية، والعمل على حل المشكلات المحلية من خلال تشريعات تدعم البنية التحتية وتحسن جودة الحياة.
وفي سياق متصل، أكد النائب طارق الطويل أن هذا التجمع يعكس مدى التفاف أبناء الجيزة حول مرشحي الحزب، مشددًا على أن النائب "أحمد أبو هشيمة" و "أحمد الفار" يمتلكان الخبرة والكفاءة لتمثيل الحزب بقوة في مجلس الشيوخ.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر شهد حضور أحمد الجزار عضو هيئة مكتب الأمانة العامة، الدكتورة شذى أحمد عضو أمانة التخطيط والتطوير المركزية، رفعت عطا أمين الحزب بمحافظة الجيزة، النائب أحمد عاشور أمين تنظيم الحزب بمحافظة الجيزة، إلى جانب أعضاء هيئة مكتب الحزب بالمحافظة، وأمناء المراكز والأقسام، بالإضافة إلى مشاركة آلاف المواطنين.