في خضم أزمات داخلية متصاعدة تُطوّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من محاكمات فساد واحتجاجات شعبية تطالب باستقالته، يواصل الأخير تصعيد عملياته العسكرية في قطاع غزة، ما يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية في هذا التوقيت الحرج.

وتأتي هذه التساؤلات في ظل استمرار جلسات محاكمة نتنياهو بتهم فساد للمرة العشرين منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث يواجه اتهامات بتلقي رشا واستغلال منصبه، وفي تطور لافت، غادر محامو نتنياهو إحدى الجلسات احتجاجا على اعتقال مقربين منه ما يزيد من الضغط عليه.

وفي هذا السياق، يرى الدكتور مهند مصطفى، الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي، أن نتنياهو لا يهرب من الضغوط الداخلية بالحرب، بل على العكس، هو يستغل حالة الحرب والطوارئ في إسرائيل لتنفيذ مشروع اليمين الأساسي بالسيطرة على مؤسسات الدولة.

ويشير مصطفى إلى أن حكومة نتنياهو تستغل حالة الطوارئ، المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 تحت غطاء الحرب في غزة، لتمرير تشريعات دستورية تهدف إلى إحداث تغييرات جذرية في النظام القضائي الإسرائيلي.

ويضيف مصطفى أن الدليل على ذلك هو نجاح الحكومة، في ظل حالة الحرب، في تمرير قانون تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة، وهو القانون الذي فشلت في تمريره قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، ويرى أن نتنياهو يستغل الحرب لإغلاق ملفات داخلية وليس العكس.

إعلان عدم البقاء بلا حرب

من جهته، يربط الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد استمرار الحرب في غزة برغبة إسرائيلية في عدم البقاء بلا حرب، مؤكدا أن الحكومة اليمينية المتطرفة، وعلى رأسها نتنياهو، تجد في المعركة حبل نجاة.

ويعتقد زياد أن نتنياهو يحاول إقناع الإدارة الأميركية بأن استمرار الضغط العسكري سيجبر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الرضوخ للمقترحات الإسرائيلية، مشيرا إلى أن إسرائيل قد حصلت على ضوء أخضر أميركي لتوسيع العمليات في قطاع غزة.

ويشير زياد إلى أن إسرائيل تسارع في التقاط أي إشارة -حتى لو كانت خطأ- على أنها تصدُّع في موقف حماس، بهدف تبرير استمرار الضغط العسكري، مدللا على ذلك بتصريحات نتنياهو ووزراء في حكومته حول وجود تصدع في جدار المجتمع الغزي بعد خروج مظاهرات محدودة في القطاع.

ويرى زياد أن المقاومة الفلسطينية تعتبر التمسك بالاتفاقات الموقعة والتحصن بها هو أهم أوراقها، مؤكدا أن لديها اتفاقًا وقّع عليه الإسرائيلي والأميركي والوسطاء، ويجب الدفاع عنه وعدم تركه.

ويشير زياد إلى أن إسرائيل تخوض اختبارا جديدا في غزة، وأن الضغط العسكري قد يقود الجيش الإسرائيلي إلى الهلكة، وأن المقاومة قادرة على كسر إرادة القتال لدى إسرائيل.

آراء إسرائيلية

بينما يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، مئير مصري، أن الحديث عن فساد نتنياهو ومحاكمته هو مجرد "ثرثرة إعلامية"، مؤكدا أن القضاء الإسرائيلي يأخذ مجراه، وحتى اللحظة لم توجَّه أي تهمة لنتنياهو.

ويرى مصري أن إسرائيل دولة ديمقراطية وشعبها مدلل، على حد وصفه، معتبرا أن الانتقادات الموجهة لنتنياهو والحكومة هي جزء من حرية التعبير، لكنه يحذر من أن بعض هذه الانتقادات قد تصل إلى حد التشهير وتستوجب المساءلة القانونية.

أما الكاتب والباحث السياسي الإسرائيلي، يؤاف شتيرن، فيرى أن الوضع الحالي غير مسبوق في إسرائيل، حيث يواجه رئيس الحكومة محاكمة بتهم فساد وهو في منصبه.

إعلان

ويؤكد شتيرن أن الشعب في إسرائيل ليس مدللا، بل يعيش في دولة رئيس حكومتها متهم في المحكمة، وينتقد محاولات نتنياهو تصوير نفسه كضحية، مؤكدا أن المشكلة تكمن فيه شخصيا، حيث استولى على حزب الليكود وأبعد كل من يمكن أن ينافسه على الزعامة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان أن إسرائیل مؤکدا أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

مواصلة إسرائيل اغتيال صحفيي غزة محاولة لإسكات صوت الحقيقة

في ظل تصاعد حرب الإبادة في قطاع غزة شهد العالم جريمة جديدة تمثلت في اغتيال الصحفيين أنس الشريف ومحمد قريقع والمصورين المرافقين لهما محمد نوفل وإبراهيم ظاهر في غارة استهدفت خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة.

وقد أثار هذا الاستهداف ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي حيث اعتبر مدونون وصحفيون أن اغتيالهم ليس مجرد حادث عابر بل خطوة متعمدة لإخماد صوت الحقيقة في مواجهة آلة الاحتلال التي ترى في الكلمة الحرة تهديدا أكبر من أي بيان أو احتجاج.

وأكد مدونون أن الاحتلال لا يستهدف فقط أجساد الصحفيين بل يسعى إلى اغتيال الحقيقة ذاتها، تلك الحقيقة التي تكشف الوجه القبيح والوحشي لأطول وأقذر احتلال في التاريخ.

كان #أنس_الشريف أحد ملامح رفض النزوح من شمال غزة طيلة أيام الحرب، واغتياله في هذا التوقيت الذي يتحدث فيه الإحتلال عن خطته لاحتلال مدينة غزة يأتي للتأثير على معنويات الناس وأذهانهم لكسر امكانية بقائهم في غزة ودفعهم للتفكير اللاواعي بالنزوح نحو الجنوب مرة أخرى.. إحتلال مجرم!

— محمد شكري (@mo_shkry) August 11, 2025

واعتبر كثيرون أن استهداف أنس الشريف ومحمد قريقع يشكل بداية لمرحلة جديدة من الإبادة والتطهير العرقي الممنهج ضد شعب غزة في إطار مخطط إسرائيلي يسعى إلى إخماد كل صوت حر وكشف الجريمة المستمرة بحق الفلسطينيين.

إسرائيل تترنح أمام انهيار سرديتها الإعلامية في العالم؛ فالوجه الذي كان يثير شفقة الغرب سقط قناعه، وانكشف كاملاً ليُظهر ملامحه الإجرامية بلا تجميل.

اغتيال أنس ورفاقه ليس حادثًا عابرًا، بل حلقة محورية في مخطط إسرائيلي للمرحلة المقبلة قبل العدوان المخطط لمدينة غزة، في البقعة ذاتها… pic.twitter.com/a8JjgGcfio

— Tamer | تامر (@tamerqdh) August 11, 2025

وشددوا على أن اغتيالهم لم يكن سوى محاولة فاشلة لإسكات الحقيقة التي كانت شاهدة على أكبر جريمة إبادة عرفها العالم المعاصر.

إعلان

وكتب أحد النشطاء: "كانت تغطية تجويع أهل غزة جريمة أنس الشريف التي لم تصبر عليها إسرائيل".

وأضاف آخر: "مات أنس ومحمد كما يموت أهل غزة: جوعى، محاصرون، صامدون… ومخذولون من نظام عالمي لا يطيق أن يرى انعكاس فشله على شاشة الجزيرة. لم يرتح العالم إلا حين صمت صوتان كانا يجلدانه كل يوم بحقيقة لم يحتملها: أن غزة ما زالت تنجب أحرارا رغم الموت رغم الحصار رغم الجوع. وهكذا… قال صناع السياسة: أخرجوهم من عالمكم إنهم أناس يتكلمون وقرر "الضمير العالمي" أن يخمد صفارة الإنذار بدل أن يطفئ الحريق".

كما وصف ناشطون محمد وأنس بأنهما صوتا الحقيقة وشاهدا أعظم جريمة إبادة عرفتها البشرية اليوم يلتحقان بقافلة شهداء الرسالة الصحفية التي لم تزدها الاغتيالات إلا إصرارا على نقل الصورة الحقيقية لهذه الجريمة المستمرة.

أنس الشريف كان يعلم أن الاحتلال سيغتاله قبل بدء العملية، وقال إن استهدافه سيكون إشارة البداية للعملية العسكرية على مدينة غزة..
رحل أنس، وبالفعل بدأ العدوان بشكل لا يمكن وصفه، الاستهدافات لا تتوقف على حي الزيتون والصبرة..

— أحمد حجازي Ahmed Hijazi ???? (@ahmedhijazee) August 10, 2025

وتسائل آخرون: من سيخبر العالم عن التجويع والإبادة بعدك يا أنس؟ من سيقول إن أطفال غزة لا يجدون الحليب والطعام؟

ماذا طلب منا الشهيد أنس في وصيته؟

قال لا تنسوا غزة وهذا عهد الشهيد أن لا ننسى غزة ما حيينا

وقال لا تنسونا من دعائكم

فلا تبخلوا على من جاد بحياته وقدم روحه من أجل الحقيقة بدعوات صالحة.

تقبله الله في عليين وجميع الشهداء الأبرار. https://t.co/HbdwuJmkyI

— Fayed Abushammalah. فايد أبو شمالة (@fayedfa) August 10, 2025

واعتبر مغردون أنس الشريف من أهم الصحفيين في العالم هذه الأيام إذ غطى أخطر بقعة جغرافية وواجه المخاطر لكشف أفظع جريمة تجويع ممنهج في التاريخ الحديث.

أنس الشريف ليس أهم صحفي عربي فقط، ولا أهم صحفي في المنطقة فحسب،

أنس الشريف هو أهم صحفي في العالم هذه الأيام،

إغتالت إسرائيل أهم وأشجع صحفي في العالم،
يغطي أخطر بقعة جغرافية في العالم،
ويغامر بنفسه لكشف أقبح جريمة تجويع ممنهج في العالم والتاريخ الحديث…!

— Ali Abo Rezeg (@ARezeg) August 10, 2025

في المقابل، يشير الكثيرون إلى انهيار سردية الاحتلال الإعلامية بعد أن انكشف وجهه الحقيقي وكشفت العدسات الحرة جرائمه وفضائحه مما جعله منبوذا على المستوى الدولي وفاقدا لأي شرعية شعبية.

ووصف آخرون أنس الشريف بأنه صوت غزة، صوت الحقيقة وصوت المجوعين واليتامى الذين عايشوا ويلات الحرب طيلة 22 شهرا مؤكدين أن اغتياله ليس سوى جزء من جريمة أكبر تهدف إلى إسكات ما تبقى من المدينة قبل بدء الإبادة الكبرى.

أنس لحق أباه ومحمد لحق أمه
يلتحق الشهيد محمد قريقع بوالدته التي أعدمها الاحتلال في مشتشفى الشفاء، ويمضي الشهيد أنس الشريف نحو ذات النهاية التي رحل بها والده شهيدًا في قصف منزله..

محمد وأنس صوتا الحقيقة، وشاهدان على أعظم جريمة إبادة عرفتها البشرية، اليوم يلتحقان بقافلة شهداء… pic.twitter.com/am6ZhBySgY

— Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) August 10, 2025

إعلان

وذكر آخرون أن اغتيال أنس الشريف هو ظاهر الجريمة أما الجريمة الكبرى فهي التمهيد لاغتيال ما تبقى من المدينة بعد تغييب عدسات الحقيقة الصامدة في أزقة مخيماتها وشوارعها واصفين هذه اللحظة بأنها اختبار حقيقي للمواقف الأوروبية التي تبلورت خلال الأيام السابقة ضد التهديدات الإسرائيلية.

اغتيال أنس… لم يكن استهدافاً لشخصه فقط
بل كان رسالة واضحة…

طمس الحقيقة، تغييب الشهود، وإسكات صوت غزة

— أحمد فرحان|مصمم جرافيك (@ahmaddesigner21) August 11, 2025

وأكد مدونون أن اغتيال الشريف وقريقع وباقي الصحفيين جريمة إسرائيلية تمثل خروجا سافرا عن القانون وأعراف وتقاليد العالم الحر وامتدادا لسياسة ممنهجة اتهمت فيها تل أبيب بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإبادة بحق الفلسطينيين.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: إسرائيل تتحدث مع عدة دول بشأن النازحين الفلسطينيين
  • خبير: اليمين المتطرف لم يعترف بالدولة الفلسطينية.. ومصر تعرقل تحقيق أهدافه
  • أحمد موسى: نتنياهو يرفض وقف الحرب خشية المحاكمة ويضحي بمستقبل إسرائيل
  • نجاة من فخ الخطف.. «أية» تكشف لـ الأسبوع لحظات الرعب التي عاشتها قبل نجاتها من محاولة تخدير علي يد سيدة بالإسكندرية
  • عاجل. إسرائيل تبحث التوجّه إلى الدوحة ووفد حماس يصل القاهرة.. نتنياهو: الصفقة الجزئية أصبحت خلفنا
  • نتنياهو: إسرائيل ستسمح لسكان غزة الفارين من الحرب بالهجرة إلى الخارج
  • الاتحاد الأوروبي: سنقدم المزيد من المساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا
  • مواصلة إسرائيل اغتيال صحفيي غزة محاولة لإسكات صوت الحقيقة
  • إسرائيل تكثف قصف غزة بعد تهديد نتنياهو بتوسيع الهجوم
  • إسرائيل تكثف قصفها على مدينة غزة بعد توعد نتنياهو بتوسيع الهجوم