خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
تاريخ النشر: 4th, April 2025 GMT
المناطق_واس
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة المسلمين بتقوَى اللهِ، لابتغاء رحمته.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “إنَّ مواسمَ الخيرِ لَا تنقَضِي، وأزمِنَةَ القُرَبِ لا تنتهِي، وإِن كُنَّا قدْ ودَّعْنا قبلَ أيَّامٍ قلائِلَ ضَيفًا مِن أكرَمِ الضِّيفانِ، وشهْرًا هو أَجوَدُ أشهُرِ العامِ، غيرَ أنَّ الفُرَصَ تَتَتابَعُ، والسَّوانِحَ تَتَوالَى، وأعمالُ البرِّ لا تنقطِعُ”، مبينًا أن رمضانُ محطَّةٌ للتزوُّدِ، ومدرسَةٌ للتَّغْيِيرِ، وبوّابةٌ للانطلاق .
وأوضح أن ميادِينُ الخيْرِ مُشْرَعَةٌ، وجميعُ العباداتِ الَّتِي كانَت مِضمارًا للسِّباقِ فِي رمضانَ، باقِيَةٌ لِلتَّنافُسِ فِي غيرِهِ مِنَ الأزمانِ، وأنَّ المداومَةَ علَى الطاعةِ، والاستمرارَ في العبادَةِ، مِمَّا حثَّ عليهِ الإسلامُ، وأشارَ إليهِ القرآنُ، والتزمَهُ خيرُ الأنامِ، وفِي الصَّحيحينِ مِن حَديثِ عائشةَ أنَّها سُئلت: (يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ يَسْتَطِيعُ).
وأكّد فضيلته أن أفضَل ما يستأنِفُ بهِ الإنسانُ أعمالَ البِرِّ بعدَ رمضانَ، صيامُ السِّتِ مِن شوَّالٍ، مُتتالِيَةً أو مُفرَّقةً علَى الأيَّامِ، فِي صَحيحِ مُسلمٍ مِن حَديثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ).
وقال: إذَا أرادَ اللهُ بعبدِهِ خيرًا، ثبَّتَهُ علَى طريقِ الطَّاعةِ، وألزمَهُ غرْسَ الاستقامَةِ، وفتَحَ لَهُ أبوابَ الخيْرِ، ويسَّرَ لَهُ سُبُلَ العبادَةِ، قال الإمامُ ابنُ القَيِّم -رحمه اللهُ-: (وَفِي هَذِهِ الفَتَرَاتِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلسَّالِكِينَ: يَتَبَيَّنُ الصَّادِقُ مِنَ الكَاذِبِ؛ فَالكَاذِبُ: يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَيَعُودُ إِلَى طَبِيعَتِهِ وَهَوَاهُ! وَالصَّادِقُ: يَنْتَظِرُ الفَرَجَ، وَلَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ، وَيُلْقِي نَفْسَهُ بِالبابِ طَرِيحًا ذَلِيلًا: كَالإِنَاءِ الفَارِغِ؛ فَإِذَا رَأَيتَ اللهَ أَقَامَكَ في هذا المَقَامِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَرْحَمَكَ وَيَمْلَأَ إِنَاءَكَ! ) .
وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أنَّ مِن أعظَمِ مَا يُعينُ العبدَ علَى ذلِكَ استعانَتَهُ بِدُعاءِ اللهِ جلَّ وعلَا، فقدْ وعدَ سبحانَهُ عبادَهُ بِالاستجابَةِ، وَممَّا كانَ يدعُو بِه النبيُّ الثباتُ علَى الدِّينِ، فِي مسندِ الإمامِ أحمدَ وجامِعِ التِرمذِيِّ وحسَّنَهُ عَن أَنَسٍ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: (يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكْ)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ).
و تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم عن أهمية المداومة على فعل الأعمال الصالحة من صلاة، وذكر، وصيام، وتلاوة القرآن الكريم، وصدقة، ودعاء، مبينًا أن العبد المؤمن لا ينقطع عن أداء الطاعات والعبادات على مرّ الأزمان.
وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي أن صفحاتُ اللَّيالي تُطْوَى، وساعات العُمُرِ تنقضي، مشيرًا إلى مُضي أيَّامٌ مباركات من شهر رمضان المبارك، قَطَعَتْ بنا مرحلةً من مراحل العُمُرِ لن تعود، مَنْ أحسن فيها فَلْيَحمدِ اللَّه وَلْيُواصلِ الإحسان، وأن الطَّاعة ليس لها زمنٌ محدود، بل هي حَقٌّ للَّه على العباد، إذ قال الله تعالى: “وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِين”.
وبيّن الشيخ القاسم أن مَن قَصَد الهدايةَ يَهْدِهِ الله إليها، ويثبِّته عليها، ويزدْه منها، فقال سبحانه: “وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ”، مضيفًا، أن مَن عمل صالحًا، فَلْيَسألِ اللَّهَ قَبولَه، وإذا صاحَبَ العملَ الصالحَ الدَّعاءُ والخوفُ من اللَّه رغَبًا ورهبًا، كان مَحَلَّ ثناءٍ من اللَّه، والمؤمن يجمع بين إحسانٍ ومخافة، فإذا أتمَّ عملًا صالحًا فَلْيَخْشَ من عَدَمِ قَبولِه، حَالُه كما قال سبحانه: “وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ”.
وأفاد أن الأعمالُ الصَّالحةُ إذا لم تكن خالصةً عن الشَّوائب لم تكن عند اللَّه نافعة، فَلْيَحْذَرِ العبدُ بعد رجاءِ قَبولِ عَمَلِه من إحباطِه وإفسادِه، إذ أنَّ السَّيِّئاتِ قد يُحْبِطْنَ الأعمالَ الصَّالحاتِ، كما أن من مفسدات العمل الصَّالح العُجْبُ به، لما يورثه من التقصير في العَمَل، والاستهانةِ بالذُّنوب، والأَمنِ مِنْ مَكْرِ اللَّه.
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي: “إن العبدُ مأمور بالتَّقوى في السِّرِّ والعلن، ولا بُدَّ أن يقع منه أحيانًا تفريطٌ في التَّقوى، فأُمِر أن يفعل ما يمحو به هذه السَّيِّئة وهو إتباعها بالحسنة، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: “اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ”. (رواه أحمد).
وتابع بقوله: “إذا تقبل الله عملَ عبدٍ وفقه لعمل صالح بعده، والاستقامةُ على طاعة اللَّه في كلِّ حين من صفات الموعودين بالجَنَّة، فأَرُوا اللَّهَ مِنْ أنفسِكم خيرًا بعد كلِّ موسمٍ من مواسم العبادة، واسألوه مع الهداية الثَّباتَ عليها، وسَلُوه سبحانه الإعانةَ على دوام العَمَلِ الصَّالح، فقد أَوْصَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذًا أن يقول في دُبُرِ كلِّ صلاة: “اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ” (رواه أحمد).
وحذّر الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم من الانقطاعَ والإعراضَ عن الطاعات، موضحًا أن خير العمل وأحبّه إلى اللَّه ما داوم عليه العبدُ ولو كان قليلًا، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:” أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَدْوَمُهَا، وَإِنْ قَلَّ” (متفق عليه).
وزاد مذكرًا، أن كلُّ وقتٍ يُخْلِيه العبدُ من طاعةِ مولاه فقد خَسِرَه، وكلُّ ساعةٍ يَغْفَلُ فيها عن ذِكْرِ اللَّه تكونُ عليه يوم القيامة ندامةً وحسرة، ومَنْ كان مُقَصِّرًا أو مُفَرِّطًا فلا شيءَ يَحُولُ بينه وبين التَّوبة ما لم يُعايِنِ الموت، فاللَّيالي والأيَّام خزائنُ للأعمال يجدها العِباد يومَ القيامة. مبينًا أن الأزمنةُ والأمكنةُ الفاضلةُ لا تُقَدِّسُ أحدًا ما لم يعمل العبدُ صالحًا، ويَسْتَقِمْ ظاهرًا وباطنًا.
وختم فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة موضحًا أنه إذا انقضى موسمُ رمضان؛ فإنَّ الصِّيامَ لا يَزالُ مشروعًا في غيرِه من الشُّهور، ومن ضمن الأعمال الصالحة والطاعات أن يُتبع صيامَ رمضان بصيامِ سِتٍّ من شوَّال، وإن انقضى قيامُ رمضان، فإنَّ قيامَ اللَّيلِ مشروعٌ في كلِّ ليلةٍ من ليالِ السَّنَة، كما أن القرآن الكريم كثير الخير، دائم النفع، وكذلك الدُّعاءُ لا غِنَى عنه في كلِّ حين، والذِّكْرُ لا حياةَ للقلوبِ إلَّا به، والصَّدَقةُ تزكّي الأموالَ والنفوسَ في جميع الأزمان، داعيًا إلى المبادرة إلى الخيرات إذا فتحت أبوابها، فالمَغْبُونُ مَنِ انصرفَ عن طاعة اللَّه، والمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ رحمة اللَّه.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: المسجد الحرام صلى الله علیه وسلم إمام وخطیب المسجد المسجد الحرام المسجد النبوی
إقرأ أيضاً:
في "خراب الهيكل" غدًا.. اقتحامات غير مسبوقة ومحاولات إسرائيلية لفرض "السيادة" عليه
القدس المحتلة - خاص صفا في إطار مساعيها المتواصلة لتغيير الواقع الديني والتاريخي في المسجد الأقصى المبارك وفرض "سيادتها" الكاملة عليه، مستغلة الأعياد والمناسبات اليهودية، تبدأ "منظمات الهيكل" المزعوم تحضيراتها الممنهجة لتكثيف اعتداءاتها على المسجد خلال ما يسمى ذكرى "خراب الهيكل". وتُحضر المنظمات المتطرفة لاقتحامٍ واسع للمسجد الأقصى يوم غد الأحد، في الذكرى التوراتية المسماة "ذكرى خراب الهيكل"، مع تحضير مظلات في الساحة السفلية أمام مدخل جسر المقتحمين، تمهيدًا لاستقبال حشود المستوطنين خلال انتظارهم للاقتحام. وترى في هذه الذكرى "يومًا لتجديد العهد مع إزالة الأقصى من الوجود، وتأسيس الهيكل المزعوم، ولتحقيق قفزات عملية في سبيل ذلك، وتسعى خلاله إلى فرض أكبر عدد من المقتحمين في كل عام". وأطلقت منظمة "جبل الهيكل في أيدينا" دعوتها التحريضية برسم "للهيكل" وقد أقيم في مكان المسجد الأقصى بكامل مساحته، ومن حوله رسم لجنود الاحتلال مع عبارة تقول "النصر الكامل في جبل الهيكل لم يتحقق"، في تعبير واضح يعكس رؤية تلك المنظمات التي ترى في المسجد الأقصى جبهة مركزية من جبهات الحرب لا بد من تحقيق حسم كامل فيها أسوة بالاستراتيجية الصهيونية على كل الجبهات. وفي كل عام، تسعى" منظمات الهيكل" إلى كسر الرقم القياسي للمقتحمين في هذه المناسبة، وتحاول تكريسها كمناسبة عهد وتأكيد على إقامة "الهيكل" المزعوم، من خلال حشد أكبر رقمٍ من المقتحمين. وبمناسبة هذه الذكرى، تتصاعد اقتحامات واعتداءات المستوطنين المتطرفين بحق المسجد الأقصى، بما تتخلله من زيادة في أعداد المقتحمين وأداء طقوس وصلوات تلمودية علنية داخله، بحيث يرتدي المستوطنون "لباس الكهنة" أثناء الاقتحام، فضلًا عن "الانبطاح أرضًا، والسجود الملحمي". الأشد على الأقصى الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن "خراب الهيكل" يعد من أشد الأيام وأقساها على المسجد الأقصى، لما يتخلله من اقتحامات بأعداد غير مسبوقة، وانتهاكات واستفزازات متطرفة، تنتهك حرمة المسجد. ويوضح أبو دياب في حديث لوكالة "صفا"، أن الجماعات المتطرفة تستغل هذه الذكرى من أجل تغيير الواقع القائم في الأقصى وفرض وقائع تهويدية جديدة عليه. ويشير إلى أن كبار الحاخامات اليهود وغلاة المتطرفين وعرابي الاقتحامات عقدوا قبل يومين، مؤتمرًا للحشد والتحضير لاقتحامات الأقصى غدًا، معتبرين أنه "يجب حسم قضية الأقصى". وتشكل هذه الذكرى_ وفقًا لأبو دياب_ كابوسًا وخطرًا على الأقصى، وقد تكون نقطة تحول في التعامل معه، في ظل دعم حكومة الاحتلال ووزير الأمن المتطرف ايتمار بن غفير للجماعات المتطرفة وتبني أفكارها في فرض السيطرة على المسجد، واعتباره "معبدًا وليس مسجدًا". ويبين أن هذه الذكرى ستشهد أداء المستوطنين طقوس تلمودية وصلوات جماعية، وانتهاكات لحرمة الأقصى، فضلًا عن فرض إغلاقات وتشديدات على دخول الفلسطينيين للمسجد، ونصب الحواجز العسكرية في البلدة القديمة ومحيط الأقصى. واقع جديد ويلفت إلى أن شرطة الاحتلال مددت فترة الاقتحامات غدًا لغاية الساعة الثالثة عصرًا، لإعطاء المتطرفين مزيدًا من الوقت لاستباحة الأقصى وأداء طقوسهم التلمودية. ووفقًا للباحث المقدسي، فإن "المسجد الأقصى سيكون الطُعم الذي سيقدمه نتنياهو لغلاة المتطرفين من أجل بقاء ائتلافه الحكومي، ولكسب تعاطف اليمين الإسرائيلي في استمرار عدوانه على غزة وبقائه في الحكم". ويؤكد أن الفرصة اليوم باتت مواتية لتغيير الواقع في الأقصى، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتراخي العربي في نصرة القضية الفلسطينية، ولا سيما الأقصى. بدوره، قال المختص في شؤون القدس زياد إبحيص إن "منظمات الهيكل" ونشطاء "الصهيونية الدينية" يتطلعون اليوم، بعد أن بات المسجد الأقصى جبهة مركزية للحرب موازية للإبادة في غزة، وبعد تطور مسار تغيير هويته إلى حد فرض هوية يهودية موازية للهوية الإسلامية في الأقصى، وتجسيد هذه الهوية بوجودٍ دائم". وأكد أن الأقصى لم يعد يقف على أعتاب التهويد فحسب، بل بات ينتقل بين مراحله بكل أسف. وأضاف "أمام المنهجية التي ترى في الأعياد التوراتية مناسبات لتصعيد هذا العدوان والانتقال بين سقوفه، وأمام المكانة المركزية للأعياد القادمة، باعتبارها الأطول والأخيرة، فالمتوقع اليوم أن ترفع منظمات الهيكل سقوف الاعتداءات وفرض الوقائع الجديدة بدءًا من (ذكرى خراب الهيكل)، التي توافق يوم الأحد القادم، وصولًا إلى موسم الأعياد الأطول والأعتى والأكثر قسوة على الأقصى ما بين 23-9 وحتى 14-10-2025، وهو موسم العدوان الذي انطلق (طوفان الأقصى) في ختامه وكان ردًا مباشرًا عليه في 2023". ومنذ سنوات، تعمل "منظمات الهيكل" على تكريس مناسبة "خراب الهيكل" لكسر الرقم القياسي للمقتحمين، حيث وصل في عام 2022 إلى 2,200 مقتحم، وتكرر الرقم ذاته في عام 2023، قبل أن يصل العام الماضي، في ظل حرب الإبادة إلى نحو 3,000 مقتحم، وهو الاقتحام الأكبر في تاريخ المسجد الأقصى. ويرى أن هذا الحشد العددي مهمته استعراض ما وصل إليه الصهاينة من هيمنة على المسجد الأقصى ومن تغيير لهويته برفع الأعلام والغناء والرقص الجماعي، وبممارسة الطقوس وأبرزها الانبطاح أو "السجود الملحمي" الجماعي، علاوة على استعراض ملابس الكهنة والأدوات التوراتية في الأقصى. في المقابل، دعت هيئات ومؤسسات مقدسية، أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والداخل المحتل وسائر مناطق الضفة الغربية، إلى شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى غدًا، للتصدي لاقتحامات المستوطنين. والخميس، حذّرت محافظة القدس من مخطط تصعيدي خطير دعت إليه ما تسمى "منظمات الهيكل" المتطرفة لاقتحام واسع النطاق للمسجد الأقصى يوم غد، بالتزامن مع ما يُسمى في الرواية التوراتية بـ "ذكرى خراب الهيكل". وقالت المحافظة في بيان: إن "هذه الدعوات ليست مجرد تحرك ديني معزول، بل هي جزء من مشروع استيطاني استعماري مدروس يهدف إلى تقويض الوضع القانوني والتاريخي للمسجد الأقصى، وفرض السيادة الاحتلالية عليه بالقوة". وشددت على أن "جماعات الهيكل" تصرّ سنويًا على تنفيذ اقتحاماتها داخل المسجد، في تحدٍ مباشر لقدسية المكان. وأكدت أن الذكرى هذا العام تُعد من أخطر الأيام على المسجد الأقصى، إذ تخطط جماعات "الهيكل" لجعل يوم الثالث من آب/ أغسطس هو "يوم الاقتحام الأكبر"، في محاولة نوعية لكسر الخطوط الحمراء الدينية والقانونية، مستفيدة من الاصطفاف الحكومي الكامل خلف أجندتها المتطرفة.