تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تمتلئ الكنائس الأرثوذكسية، اليوم الأحد، بالزغاريد،  في "أحد التناصير"، حيث تُفتح أبواب المعمودية لاستقبال نفوس جديدة في أحضان الكنيسة.

وشاركت “البوابة” أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فرحتهم بمعمودية أطفالهم في يوم أحد التناصير، في أجواء مملوءة بالروحانية والبهجة، ووسط لحظات إنسانية مؤثرة عايشناها وسط العائلات، وهم يشهدون أولادهم يولدون من جديد في حضن الكنيسة.

المعمودية ليست مجرد طقس ديني، بل هي أحد الأسرار السبعة المقدسة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتي تُعد "باب الأسرار"، فلا يمكن للمسيحي أن ينال أيًا من الأسرار الأخرى (الميرون، التناول، الاعتراف، الزواج، الكهنوت، ومسحة المرضى) ،إلا بعد أن يُولد روحيًا في مياه المعمودية

من قلب الحدث، رصدت “البوابة” مشاعر الآباء والأمهات، فرحة الأجداد، وزغاريد الأمهات، ودموع الامتنان التي سالت في عيون الجميع، لتُخلّد لحظات لا تُنسى في حياة كل أسرة مسيحية.

في أحد أركان الكنيسة، جلست أسرة أبانوب صفوت تحتضن طفلها الصغير، وعيونهم تفيض بمشاعر ممزوجة بين الفرح والترقب. يحيط بهم أفراد العائلة، . ينتظرون اللحظة التي سيُحمل فيها إلى جرن المعمودية ليصبح عضوًا في الكنيسة،  بينما وقف الكاهن بثوبه الأبيض، مستعدًا لإتمام السر المقدس. ومع تصاعد الألحان والترانيم، تقدمت الأم بحنان، تحمل طفلها "جوناثان "نحو جرن المعمودية، ليبدأ الكاهن صلاة التقديس، قبل أن يُغمر جسد الطفل في الماء المقدس ثلاث مرات، رمزًا لدفنه مع المسيح وقيامته معه، ليخرج إلى الحياة الجديدة ،وبعدها دهنه بزيت الميرون 36 مرة ، الذي يُمثل حلول الروح القدس عليه. ثم ارتدى جوناثان  ثوبًا أبيض رمزًا للنقاء والبراءة.

"اليوم أصبح ابننا مسيحيًا "، بهذه الكلمات بدأت ، والدة الطفل  جوناثان ، حديثها معنا وهي تحمله بفرح تضيف: "لطالما انتظرنا هذا اليوم بفارغ الصبر بعد أكثر من 40 يوما، فالمعمودية ليست مجرد طقس ديني، بل هي ميلادٌ جديد في المسيح

كان أبانوب ممسكًا بيد زوجته، يدرك أنها متأثرة بشدة، وقال "عندما وقفت أشاهد الكاهن وهو يرفع صلواته فوق الماء، كنت أشعر وكأنني أضع ابني بين يديّ الله، أسلمه له ليباركه ويحفظه. إنه إحساس غريب، بين الفرح والخشوع .".

"واختتم أبانوب وسأحكي له عن هذا اليوم عندما يكبر، سأخبره كيف ولد من جديد هنا، في بيت الله، أتمنى أن يظل هذا اليوم محفورًا في قلبه، كما سيظل محفورًا في ذاكرتنا إلى الأبد."

 

قال الشماس ريمون رفعت، إن أحد المولود أعمى هو الأحد الخامس من الصوم الكبير. يتميز هذا اليوم بإقامة معموديات فردية او جماعية، خاصة للأطفال الذين لم تتم معموديتهم بعد، استعدادًا لعيد القيامة المجيد. يُطلق عليه "أحد التناصير" نسبة إلى كلمة "التناصير"، التي تعني المعمودية أو "التغطيس

وأوضح أن الكنيسة اختارت لهذا اليوم فصلا من إنجيل معلمنا يوحنا البشير وهو الإصحاح التاسع بأكمله الذي  يروي معجزة شفاء السيد المسيح للمولود أعمى والسبب في اختيار هذا الفصل أنه يصف حالة المعتمد قبل نوال سر المعمودية وبعده.

فمن يتقدم للمعمودية يعتبر مولودا أعمى بالخطية الأصلية ومن خلال المعمودية واغتساله بالماء يطهر من خطاياه وانفتحت عيون قلبه ونال بصير،  والمعمودية في إشارتها للميلاد الثاني كما في تفيح عيني المولود أعمى استخدم السيد المسيح تراب الأرض بأن تفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى وقال له اذهب اغتسل في بركة سلوام فمضى واغتسل واتى بصيرا.

وأكمل أن المعمودية تعد في الإيمان المسيحي "ميلادًا ثانيًا"، حيث يؤمن الأقباط أن الإنسان يولد بالخطيئة الأصلية، التي ورثها عن آدم، ولا يتمكن من الانضمام إلى الكنيسة إلا بعد المعمودية، التي تُطهره وتمنحه نعمة بنوة لله.

وأضاف ولهذا، تُجرى المعمودية للأطفال في أيامهم الأولى للذكر بعد 40 يوما وللأنثى بعد 80 يوماً

الشماس ريمون رفعت 

 

وكان لنا أيضًا لقاء مع أسرة ثانية نالت بركة معمودية ابنها البكري في هذا اليوم المقدس. التقينا بهم عقب انتهاء القداس، وبدت على وجوههم ملامح الفرح والامتنان. في حديثهم معنا، شاركونا مشاعرهم التي امتزجت بين التأثر والفرحة، مؤكدين أن لحظة نزول طفلهم إلى جرن المعمودية كانت بالنسبة لهم بمثابة ميلاد روحي جديد، لا يقل أهمية عن ميلاده الجسدي

وقالت يوستينا “كنت حاسة إن قلبي بيترجف من الفرحة والخوف في نفس الوقت.. كأنّي بسلمه لربنا علشان يباركه ويحفظهفي كل أيام حياته. اللحظة كانت مهيبة بجد، كأنها ولادة تانية، بس ولادة روحية مش جسدية.”

تصف يوستينا لحظة نزول ابنها في الماء المقدس بعيون ممتلئة بالدموع قائلة: “لما الكاهن أخده بين إيديه بعد المعمودية،حسيت إن نور جديد بيشع من وشه.. كأنه ابتدى صفحة جديدة بيضا مع ربنا.”

أما الأب، يوسف، فوقف إلى جوار زوجته، صامتًا للحظات قبل أن يبدأ الحديث. كان صوته مزيجًا من الرهبة والدهشة:

“أنا شوفت طقس معمودية الأطفال كتير طول حياتي، وكنت بشوفه حاجة جميلة وبس، لكن لما جيه الدور على يوناثان،حسيت إن اللي بيتعمد مش هو لوحده.. أنا كمان كنت باتعمد معاه، كنت باتطهر من جوّا.”

يتوقف قليلًا ويسترجع اللحظة قائلاً: “لما غمروه في الماء، لقيت دموع في عنيّ يوستينا، ودموعي أنا كمان نزلت من غير ماأخد بالي. ماكنتش بعيط حزن، دي كانت رهبة وفرحة في نفس الوقت. حسيت إن ربنا حط إيده على ابني، وبيرحب بيه في كنيسته.”

“كنت حاسس كأني أنا اللي اتولدت من جديد، كأني أنا اللي أخدت سر المعمودية.”

وعن الأب لم يكن يتوقع أن يعيش هذه اللحظة بهذه المشاعر الجارفة. كأب، كان يتوقع أن يكون موقفه أكثر اتزانًا، لكنه اكتشف أن اللحظة أقوى من كل توقعاته.

وقال يوسف الأب: " كنت أرى معمودية الأطفال في الكنيسة طوال حياتي، وأعتبرها طقسًا دينيًا جميلًا، لكنه لم يكن يعني لي الكثير على المستوى الشخصي، حتى جاء اليوم الذي عُمدت فيه "يوناثان". فجأة، شعرت أن الأمر مختلف تمامًا. رأيت طفلي الصغير يحمل إلى جرن المعمودية ويغمر داخل الماء المقدس، وفجأة، شعرت أنني أنا من يُغمر في الماء، وكأنني أعيش لحظة تطهير روحي."

يسترجع المشهد ويتوقف للحظة قبل أن يكمل: "عندما غُمر طفلي في الماء، رأيت الدموع في عيون والدتها، ووجدت دموعي أنا أيضًا تنهمر دون أن أدرك، لم يكن بكاءً حزينًا، بل كان رهبة وفرحًا في آن واحد. شعرت أن الله يضع يده على ابنتي، يمنحها بركته، ويؤكد لها أنها أصبحت جزءًا من كنيسته."

بعد انتهاء الطقس يقول يوسف "لقد اصبحت صامتًا لعدة دقائق، لأستوعب ما حدث. كنت أشعر وكأنني عدت طفلًا مرة أخرى، وكأنني أنا من نلت سر المعمودية.

واختتمت يوستينا: “رأيت والديّ ينظران إلى ابني بحب وفخر، وكأنهما يسترجعان ذكريات معموديتي منذ سنوات، كانت السعادة تملأ قلوب الجميع، والتفّ أفراد العائلة حولنا ووقفنا جميعًا لالتقاط صور تذكارية، بينما كان يوناثان يرتدي ثوبه الأبيض الناصع، ويبدو كأنه ملاك صغير هذا اليوم لن أنساه طوال حياتي”.

 

أما مارينا يوسف، فقد عاشت تجربة مختلفة تمامًا عند تعميد ابنها بيتر. كانت تسمع دائمًا أن الأطفال قد يبكون أثناء المعمودية بسبب الماء أو إحساسهم بالغربة في هذه اللحظة، لكنها فوجئت بردة فعل غير متوقعة تمامًا من صغيرها.

"كنت متوترة قليلًا قبل الطقس، وكنت خائفة أن يبكي بيتر أو يشعر بالخوف. لكن المفاجأة أن ابني لم يتوقف عن الضحك طوال الوقت! حتى عندما غمره الكاهن في الماء ثلاث مرات، لم يبكِ، بل ابتسم وكأنه يشعر بالأمان التام."

تضحك مارينا وهي تسترجع المشهد: "حتى الكاهن نفسه ابتسم وقال لي: 'هذا الطفل سعيد بعماده أكثر من أي طفل رأيته'، كان الجميع يضحكون معنا، وكأن روحًا من الفرح قد ملأت الكنيسة."

بالنسبة لها، كان هذا اليوم مميزًا بكل تفاصيله. "أشعر أن ابني بدأ كنت أخشى أن يظل هذا اليوم عالقًا في ذاكرتي بمشاعر توتر، لكنه تحول إلى أحد أجمل الذكريات في حياتي."

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حلول الروح القدس ميلاد جديد أحد المولود اعمى التناصير هذا الیوم فی الماء

إقرأ أيضاً:

لحظات رعب على شاطئ غوا… انفجار غاز يحول سهرة سياحية إلى كارثة جماعية

-مأساة ليلية في غوا: حريق مدمر داخل نادٍ شهير يقتل 25 شخصاً ويصدم الهند- لحظات رعب على شاطئ غوا… انفجار غاز يحوّل سهرة سياحية إلى كارثة جماعية-انفجار أسطوانة غاز يشعل جحيم “بيرتش”… عائلات مدمرة وموظفون محترقون في أسوأ حادث ترفيهي منذ سنوات


في واحدة من أسوأ الكوارث التي شهدها قطاع الترفيه في الهند خلال السنوات الأخيرة، اندلع حريق هائل في أحد أشهر نوادي السهر بولاية غوا، ما أدى إلى مقتل 25 شخصاً من العاملين والسياح، فيما لا تزال عمليات البحث والتمشيط مستمرة وسط الركام المحترق.

الواقعة التي هزت الولاية الساحلية المعروفة بحيويتها وشواطئها وسياحها الأجانب، جاءت بعد انفجار أسطوانة غاز داخل مطبخ نادي “بيرتش” الذي كان يحظى بليلة مكتظة بجمهور جاء للاستماع إلى أحد أشهر منسقي موسيقى بوليوود.

# كارثة على خط الساحل

وبحسب الشرطة، فإن معظم الضحايا لقوا حتفهم نتيجة الاختناق بالدخان الكثيف الذي اجتاح الطابق الأرضي خلال ثوانٍ، فيما توفي ثلاثة أشخاص فقط بسبب الحروق المباشرة.

وكان بين الضحايا أربعة سياح من عائلة واحدة قدموا من دلهي، إضافة إلى 21 عاملاً من سبع ولايات هندية مختلفة، إلى جانب عامل من نيبال.

وأفاد شهود عيان بأن لحظات الذعر بدأت بـ “صرخات متقطعة”، قبل أن يتضح أن النيران اشتعلت بقوة غير مسبوقة. 

فيما قال أحد الشهود: “سمعنا صراخاً ولم نفهم ما يحدث. ثم رأينا كتلة لهب تتصاعد من المبنى… كانت لحظات مرعبة”.

# تحقيقات عاجلة ومتهمون فارّون

قائد شرطة غوا ألوك كومار أكد أن مركز الحريق كان المطبخ، وأن التحقيقات الأولية تشير إلى خلل في أسطوانة الغاز، فيما أعلنت السلطات توقيف مدير النادي وإصدار مذكرة اعتقال بحق مالكه الذي لاذ بالفرار.

كما أعلن رئيس حكومة الولاية برامود ساوانت فتح تحقيق شامل في ملابسات الحادث، مع التحذير بأن أي تقصير أو إهمال “سيتم التعامل معه بأقصى قوة قانونية”.

# انهيار عائلات وضحايا من سبع ولايات

على أبواب النادي المحترق، وقف العشرات من ذوي العمال، بعضهم أنهار بالبكاء فور التعرف على الجثامين التي تفحمت جزئياً.

وقال طاهٍ يعمل في نادٍ قريب إنه يعرف عدداً من الضحايا: “معظم العاملين في نوادي غوا يأتون من ولايات فقيرة… جئنا للعمل وإعالة أسرنا، والكارثة دمرت عائلات كاملة.”

وبالتوازي مع جهود الإطفاء، تواصلت عمليات البحث داخل الهيكل المتفحم، حيث شوهدت بقايا مقاعد وأثاث ذاب بفعل حرارة اللهيب.

# غضب سياسي ودعوات لرقابة صارمة

ومع ارتفاع عدد الضحايا، علت أصوات معارضة تطالب الحكومة بفرض اشتراطات سلامة أكثر صرامة على الملاهي الليلية، متهمين السلطات بغضّ الطرف عن الافتتاح المتسارع لنوادٍ جديدة بدون فحص كافٍ لمعايير السلامة.

وقال مسؤول في المعارضة إن “القطاع ينمو بسرعة، لكن الرقابة لا تنمو معه. والنتيجة هي كوارث يمكن تجنبها”.

من جانبه، قدم رئيس الوزراء ناريندرا مودي تعازيه، واصفًا الحادث بأنه “مؤلم ومفجع”.

# سجل قاتم لحرائق الترفيه في الهند

وتعيد هذه المأساة للأذهان سلسلة حرائق دامية شهدها القطاع خلال العامين الماضيين، بينها حريق arcade في ولاية غوجارات الذي قتل 24 شخصاً العام الماضي، وحريقان قاتلان في حيدر آباد وكولكاتا خلّفا أكثر من 30 ضحية.

هذه الحوادث المتكررة باتت تطرح تساؤلات جادة حول جاهزية البنى التحتية في المنشآت الترفيهية، وضرورة إعادة تقييم معايير الأمان لمنع تكرار السيناريوهات المروعة.

وبينما تستمر التحقيقات والبحث في الأنقاض، تبقى صور النادي المحترق شاهداً على ليلة تحوّلت من صخب موسيقي إلى فاجعة وطنية، وأحد أكثر الحوادث فتكًا في تاريخ السياحة الساحلية لغوا.


 

طباعة شارك حريق غوا الهند ضحايا الحريق رينال عويضة مآساه غوا

مقالات مشابهة

  • أمانة العاصمة المقدسة: تفعيل خطط الطوارئ للتعامل مع الحالة المطرية المتوقعة
  • أمانة العاصمة المقدسة تفعّل خطط الطوارئ ورفع الجاهزية
  • فى اليوم العالمى لمكافحة الفساد.. 5 طرق لتقديم شكوى للرقابة الإدارية
  • محافظ كفر الشيخ: رفع كفاءة طريق سخا ومنطقة مسار العائلة المقدسة.. صور
  • أسعار الدواجن والبيض في أسوان اليومً الثلاثاء 9 ديسمبر 2025
  • لحظات حصار الطفلة هند رجب في افتتاح مهرجان كرامة – بنك الحقوق
  • مطران الكنيسة اللاتينية يترأس احتفال عيد الحبل بلا دنس برعية القلب الأقدس
  • مشاركة الكنيسة القبطية في قبرص في احتفال الكنيسة الأرمنية بمرور 38 سنة على حبرية قداسة الكاثوليكوس
  • لحظات رعب على شاطئ غوا… انفجار غاز يحول سهرة سياحية إلى كارثة جماعية
  • دولة التلاوة في الحلقة الثامنة.. لحظات مؤثرة بين المتسابقين ومشايخ لجنة التحكيم